الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2011 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الدستور هو أم القوانين وبموجبه تستقر الأمور أو تسود الاضطرابات. من المعروف أن الدساتير هى التى تفرض الديمقراطية وحرية الرأى أو تكرس الاستبداد وتصنع الحكام الدكتاتوريين وتدعمهم حتى تنزل الكوارث على البلاد. لعل القارئ يعلم أن الدستور الأمريكى المعمول به الآن يتم تطبيقه منذ 17 سبتمبر 1787م وهو الذى أرسى قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان فى بلاد العم سام التى يحكمها الآن الرئيس رقم 44 وبدون هذا الدستور لكانت أمريكا الآن أشبه بأى دولة أخرى فى أفريقيا أو أمريكا اللاتينية. وكذلك الحال بالنسبة لدستورنا الذى وضعه السادات فى عام 1971م ثم أجريت عليه عمليات ترقيع عديدة فى السنوات التالية وبموجبه أصبح لنا رئيسا حكمنا لمدة ثلاثين عاما وهو الرئيس حسنى مبارك الذى يعتبر ثانى أقدم حاكم فى تاريخ مصر بعد محمد على (43 عاما). وبسبب هذا الدستور قامت ثورة 25 يناير والتى تعتبر أكبر ثورة شعبية فى تاريخ العالم.

وفور تنحى الرئيس ورحيله إلى شرم الشيخ فى 11 فبراير تسلمت القوات المسلحة إدارة شئون البلاد ولكى يتسنى لها ذلك قامت بتعطيل الدستور المعمول به. وبعد مرور شهر أى فى 19 مارس المنصرم تم طرح التعديلات الدستورية فى استفتاء عام. وكان هذا الاستفتاء يسعى لاستطلاع رأى الشعب فى تعديل تسع مواد هى المواد 75، 76، 77، 93، 139، 148، 179، 189، 189 مكرر. ومن الواضح أن الشعب، أفرادا وجماعات، اختلفوا حول هذه التعديلات. فهنالك فريق رأى أن يقول نعم وفريق آخر على النقيض رأى أن يقول لا. وفى الواقع فإن الشعب المصرى لأول مرة يقع فى حيرة من أمره، فالشعب اعتاد على أن يقول نعم ولم يحدث فى تاريخ الاستفتاءات المصرية التى أجربت بعد ثورة 52 أن قال الشعب لا.

ولأول مرة نقف حيارى تجاه نتيجة الاستفتاء, والسبب ببساطة أن الدين تم إقحامه بلا مبرر. وقد تلاحظ أن جهات دينية عديدة سعت لدفع بوصلة التصويت تجاه مادة لم تكن فى الأصل مطروحة فى التعديلات الدستورية وهى المادة الثانية الخاصة بدين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، وهى مادة تعاملوا معها كفزاعة لإخافة الناخبين من عواقب نار الآخرة فى حالة التصويت ب لا. وهذه الفزاعة تذكرنا بفزاعة التظرف والإرهاب الدينى التى اعتاد النظام السابق الإشارة إليها فى الدوائر الإعلامية والسياسية الأوروبية والأمريكية. لعل موقف الكنيسة وتخوفها من النتائج المترتبة على التصويت بنعم قد ساهم فى تزايد مشاعر الحيرة لدى الناخبين.

وكما قلنا فإن الناخب لم يكن يملك سوى خيارين لا ثالث لهما تجاه التعديلات الدستورية التسعة: نعم أو لا. لذلك انقسم الشعب إلى جبهتين، جبهة الرفض وجبهة الموافقة. ترى جبهة الموافقة التى رجحت كفتها ومنهم الأخوان المسلمون وبقايا الحزب الوطنى أن هذه التعديلات كافية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وتشتمل على مادة تلزم مجلس الشعب القادم أن يختار جمعية تأسيسية لإعداد دستور جديد خلال سنة من انتخاب البرلمان واختيار أعضاء الجمعية. يرى هذا الفريق أن نتيجة التصويت بنعم سوف تساهم فى الإسراع بعودة الحياة إلى طبيعتها وأن القوات المسلحة ترغب فى العودة إلى مهمتها الأساسية وهى المحافظة على حدودنا الغربية والشرقية والجنوبية. لعل أصحاب هذا الرأى يدركون أن مصلحة بعض العناصر تقتضى الإسراع بعمل انتخابات برلمانية قبل أن تلتقط الأحزاب القديمة المنهكة أنفاسها وقبل أن تتشكل الأحزاب الحديثة وفى هذه الحالة فإن الكيانات ذات التنظيم الجيد كالإخوان وفلول الحزب الوطنى الذى مازال أعضاؤه يرابضون فى كل مكان سوف يقتنصون نصيب الأسد من مقاعد البرلمان. ومن المتوقع أن يتولى البرلمان الاخواطنى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المنوط بهم إعداد الدستور الجديد.

كما أن هنالك فريقا آخر لم ترجح كفته رفض هذه التعديلات ظنا منه أنها تبعث الحياة فى دستور سىء السمعة، دستور فى حاجة إلى إحلال كامل حيث لن تجدى نفعا إجراء عمليات تجميل على وجه منهك جراء الترميمات التى تعرضت له لقرابة أربعين عاما. لقد كان هذا الفريق يعتقد أن الرئيس الجديد سوف يحكم البلاد من خلال الدستور الذى يصنع الدكتاتورية على اعتبار أن به صلاحيات إلهية للرئيس الذى لن يألو جهدا فى سبيل المحافظة على أكبر قدر من هذه الصلاحيات. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس الجديد قد يلعب دورا فى تحديد الشخصيات التى تنضم إلى الجمعية التأسيسية. كما أن مجلس الشعب والشورى القادمين سيتم انتخابهما بموجب هذا الدستور. من المؤكد أن أصحاب هذا الرأى كانوا يرغبون فى السير على الطريقة التونسية أى عمل إعلان دستورى وتشكيل هيئة رئاسية مؤقتة تتولى تسيير أحوال البلاد حتى تنتهى الجمعية التأسيسية من إعداد دستور جديد ثم تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية فى الوقت المناسب مما يعطى الفرصة لكافة القوى السياسية لكى تعد العدة لخوض الانتخابات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا