الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعي العراقي بعد 77 عاما

جمال الخرسان

2011 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الشيوعي العراقي بعد 77 عاما

قد يشك البعض في تأثير تيار عراقي معيّن علمانيا كان او اسلاميا على المجال الفكري الثقافي والادبي في العراق، لكن ذلك الشك لن يطال بكل تأكيد التيار الشيوعي العراقي لان لهذا الاخير لمسة ابداعية من حيث النوع والكم واضافة مهمة جدا لايمكن اغفالها بأي شكل من الاشكال من قبل ايّ متابع للشأن الثقافي والسياسي العراقي بشكل عام.
من النادر جدا ان لاتنحدر الكوادر العراقية المتقدمة غير الاسلامية في القرن الماضي من جذور او ميول شيوعية ويسارية. للحركة الشيوعية الفضل الكبير في الارتقاء بالفنون الادبية عموما والشعر بشكل خاص سواء فيما يتعلق بالشعر الفصيح او الشعر الشعبي، فان الرواد في المجالين ينتمون للبيت الشيوعي! هكذا الموسيقى العراقية فانها وفي أوج تالّقها كانت ذات هوىً شيوعي والكل يعرف ذلك.
على الصعيد السياسي فان الحزب الشيوعي العراقي ومنذ تأسيسه في 31/3/1934 كان يزاول النشاط السياسي في السر والعلن، وساهم في صناعة العديد من المتغيرات السياسية المهمة في الحالة العراقية، خصوصا بالنسبة للفترة الذهبية التي عاشها الحزب ابّان حكم عبد الكريم قاسم حيث وجد متنفسا من الحرية ليمارس حراكا سياسيا ممزوجا بطابعه الاجتماعي النابع من التركيز على الطبقات العاملة والمسحوقة.
قدم الشيوعيون في سبيل الدفاع عن رؤيتهم السياسية والفكرية قائمة طويلة جدا من الضحايا والشهداء، ولازالوا يدفعون حتى هذه اللحظة ضريبة ما يحملون من قناعات. الشيوعي العراقي تيار ثقافي وحزب سياسي تلقى طعنات من الامام والخلف! البعثيون ينصبون له عداءا تأريخيا والاسلاميون وقفوا منه بالضد، ولم تشفع له عند الطرفين عداء احدهما للآخر!

لكن ما يؤاخذ على ذلك الحزب أنه حتى هذه اللحظة يعاني شيئا من الادلجة الفكرية لاسيما على صعيد النشاط السياسي، وضع لنفسه رموزا سياسية مقدسة تضيّق عليه هامش الحركة النقدية في داخل الخندق الشيوعي وهذا ما يختلف بعض الشيء بالنسبة للحراك الشيوعي في المجالات الاخرى فالملاحظ ان المنتج الثقافي والادبي من الشيوعيين يحتوي على نضج كبير جدا بالقياس لما هو عليه الوضع على الصعيد السياسي. قسوة الظروف هي الاخرى كانت احد العوامل الرئيسية المساهمة في تكريس هذا الواقع فمنذ سنوات طويلة والحزب الشيوعي لم يلتقط الانفاس من اجل مراجعة الذات واعادة قراءة نفسه من جديد.
منذ عقود من الاضطهاد الذي تعرّض له الشيوعيون ربما تمثل السنوات الاخيرة استراحة المحارب الوحيدة بالنسبة للكوادر السياسية الشيوعية كي تلم شتاتها وتعيد تسويق نفسها من جديد وفقا لما تقتضيه متطلبات المرحلة، رغم ان الحزب الشيوعي كان له موقف رافض للوجود الامريكي في العراق لكن هذا لم يمنعه من الدخول في العملية السياسية التي تعتبر مؤقتا من حصة الاسلاميين الذين بينهم وبين الحزب الشيوعي ارث من عدم الارتياح المتبادل ما ان يختفي لفترة حتى يطل براسه من جديد.
هناك مسالة اخرى ربما تثير الجدل كثيرا فيما يتعلق بنشاط الحزب الشيوعي وهي التصاقه المستميت بشكل مبالغ فيه احيانا بالحالة الكردية، لدرجة تشعرك بعض مواقفه السياسية بأنه ملكي اكثر من الملك نفسه، الشيوعيون يبررون ذلك بالدفاع عن القضايا الانسانية العادلة ومنها القضية الكردية.. لكن الحزب في نفس الوقت لايجد نفسه معنيا بالقضايا السياسية العادلة الاخرى مثل قضية التركمان وهم القومية الثالثة التي تعرضت للاجحاف من قبل العرب والاكراد.. كذلك لم يسمع ذلك الصوت الشيوعي العالي فيما يتعلق بالدفاع عن سكان الاهوار ومظلوميتهم الكبيرة جدا والتي كان الحزب الشيوعي بالاضافة للاحزاب الاسلامية سببا رئيسيا فيها وذلك من خلال نشاطاتهم العسكرية في سكان الاهوار طيلة النصف الثاني من القرن العشرين حينما كانت الظروف السياسية تقسو على الناشطين السياسيين فوجدوا في وريثة سومر ذلك الملاذ الامن.
الشيوعيون لهم ما لهم وعليم ما عليهم رغم ذلك فانهم ظلوا اوفياء لقناعاتهم المنحازة للطبقة العاملة والطبقات المسحوقة، وبقيت ايديهم نظيفة من داء الفساد الاداري الذي استشرى بين القوى السياسية كما النار في الهشيم!
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حزب الشهداء
مناف الاعسم ( 2011 / 3 / 29 - 11:54 )
تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في حقب كثيرة هو تاريخ العراق والحركة الوطنية,لكن الانحسار السياسي الذي اصابه نتيجة اخطاء مكررة بدات منذ عقود وخصوصا تجربة التحالف مع البعث ولا اقصد التحالف كتكتيك بل الخطا بكشف كل التنظيمات انذاك مما سهل على البعث توجيه الضربة السياسية اولا ضد الحزب والتصفيات الجسدية اخيرا ولم ينل من الحزب بل هو وعصابته الذين ذهبو تلاحقهم اللعنات.
وسيذهب امثالهم اذا ما تجرؤا واستخدمو ذات الاساليب البعثية.
الوطن الان بحاجة ماسة الى حزب مثل الشيوعي العراقي قادر على قيادة النضال الراديكالي للجماهير المكتوية بنار الفساد الاداري والمحاصصة.
عليه ان يكون الرقيب وباسم الشعب على كل تجاوز ولا تاخذه بالدفاع عن مصالح الكادح لومة لائم.

اخر الافلام

.. علاج أكثر من 1000 عضو من حماس في تركيا.. تصريح متعمد من أردو


.. وزير خارجية بريطانيا: هجمات الإسرائيليين على قوافل المساعدات




.. غزة.. صحيفة -وول ستريت جورنال-: مصر تدرس خفض مستوى علاقاتها


.. فيزا واحدة تتجول بها في جميع دول الخليج #بزنس_مع_لبنى




.. إصابات عديدة بانفجار منطاد هوائي في #إندونيسيا #سوشال_سكاي