الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الألسنة المقطوعة وعمليات الرصاص المصبوب

بدرالدين حسن قربي

2011 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


عندما داهمت مجموعة صهيونية عددها بالعشرات في شهر أيار/مايو العام الماضي سفينة مرمرة التركية وفيها قرابة 500 شخص، وقتلت عشرة من ركابها العزل الأبرياء بأعذار مخترعة ومختلقة على طريقة المجرمين والأفاكين مما سمعناه في حينه، ورغم أن الحدث أوقع الصهاينة في ورطة من أمرهم بما ارتكبوه، وحرك العالم جميعاً على كافة الصعد المحلية العربية والإقليمية والدولية استنكاراً وشجباً لما فعلوه، مما أربك العدو وجعله يفكر مراراً ويعيد الحسابات مع مثل هكذا عملية. نستدعي هذا الخبر من العام الفائت، وعمليات النظام السوري للرصاص المصبوب مستمرة منذ أكثر من عشرة أيام في درعا حوران خصوصاً وفي مدنٍ سوريةٍ غيرها، وفيها مافيها من مجازر وعلى الطريقة القذافية شارعاً شارعاً وبيتاً بيتاً وزنقة زنقة، ضحاياها بالمئات من المدنيين العزل والأبرياء، لنلفت عناية كل من كان له قلب أوضمير، وفيه بعض نخوة وشهامة ومروءة من شباب الأمة وأحرارها وصباياها الحرائر، ممن لم يتعلم بعد أن يتاجر بدينه وعروبته وقيمه ومبادئه من التجار، ممن يشار إليهم برموز دينية وعروبية، أن درعا وماحولها من مدن تزيد بعددها عن المليون نسمة، مما يعدل قرابة ألفي سفينة مرمرة سكاناً أبرياء ومُمرمرين، ليسوا أقل في سلامهم ومسالمتهم من ركاب مرمرة الخمسمئة في سفينتهم، وقد جاءت مداهمة القوات الخاصة واقتحامات الحرس الجمهوري لها على نفس الطريقة والأسلوب في ارتكاب مجازر وحشية في حق أبرياء مسالمين في المدن وليس في السفن، واجهوا الرصاص المصبوب من مهاجمين جعلوا من كل مدينة ومن كل حارة فيها سفينة مرمرة وسفن مرمرات، ملؤوها بمرارات اليتم، وأوجاع الثكالى وآهات الآباء والأمهات والأهل والأحباب، وأرَوا أهل حوران والسوريين معهم بقتلهم للمئات خلال أيام معدودات، أنهم مقاومون الضرب عندهم بالمليان، وممانعون القتل يسبق كلامهم في مواجهة مواطنيهم، وأنهم مش مثل تونس أو مصر كما قال الرئيس السوري. وكما كان ركاب سفينة مرمرة وضحاياها متطرفين وإرهابيين في نظر من ارتكب جريمته من الصهاينة، فإن قتلانا وضحايانا في حوران الأحرار والحرائر وفي غيرها من الأماكن هم كذلك في نظر جزّاريهم وسفّاكي دمائهم، عبارة عن مندسيين ومرتبطين بعناصر خارجية تستهدف بمشروعها الطائفي الاستقرار والتعايش والأمن لسوريا باعتبارها الحصن الآمن للمقاومة.
إننا نتفهم أن يُفبرِك القامعون والفاسدون التهم في وجه مطالب شعبية محقة وعادلة تهز كراسيهم وتتهددها، وتكشف لصوصيتهم وسرقاتهم وتفضحها. أما مالا يُتفهّم البتة فهو سكوت الساكتين ممن تكلموا وخطبوا وحاضروا وتظاهروا ونظّروا وتوعدوا وأبرقوا وأرعدوا، واتهموا وخوّنوا وهتفوا، مما هو بعض واجب التأييد والنصرة لأهل كرام مسالمين كانوا في مهمة إنسانية كريمة اعتدِي عليهم بقرصنة في عرض البحر من قبل عدو صهيوني. إننا لم نتفهم سكوت الساكتين عن سفك دماء المئات من ضحايانا في عموم مدن حوران وشوارعها وحاراتها، ويجعلنا نتساءل: هل لأن المجرم على سفينة مرمرة التركية كان صهيونياً، وأن الكلام عنه ورفع الصوت بالاحتجاج والغضب والتهديد والوعيد مسموح ومطلوب وليس له ثمن، وأنه بعض شارات الوطنية والمقاومة والتحدي، ومن ثم فلساننا فيه طويل..!؟ أم هل لأن الجزّار على سفن مرمراتنا في حوران ودرعا وفي عموم سوريا، عروبي مقاوم ممانع، فالكلام عنه ممنوع لأنه يكشف العورات، ويظهر التعفّنات وله ثمن، ومن ثم ينعدم كلامنا ولساننا فيه قصير بل مقطوع...!؟
إننا نستغرب من إسلامي الأردن المسيسين وعروبيها، ومن أمثالهم من المصريين واللبنانيين وغيرهم في بلدان أخرى، ماهم فيه مصابون من داء السكتة عمّا حصل ويحصل من مجازر في مرمرات درعا وغيرها مما يفترض أن يكون لهم فيه رأي فيما يقوم به نظام يناصرونه وينسبون إليه مواجهة أمريكا والصهيونية. فهم يتظاهرون في بلادهم ويحتجون من عشرات السنين وإلى اليوم بالطول والعرض ونغبطهم ويتضجرون، ويوم ثار أهلنا مرة واحدة بعد أن فاض كيل قمعهم وتجويعهم بعد عشرات السنين واجهتنا المجازر، فإذا هم عن الذبح وإراقة الدماء السورية ساكتون. مطالبات التونسيين والمصريين يؤيدونها ويباركونها كما النظام السوري، ولكن مطالب انتفاضة الياسمين مرتبطة ومأجورة وتستهدف الأمن والاستقرار بزعم نظام الأسد فيتوقفون عن تأييدها. لن نجادل أحداً ساكتاً عن الحق، يؤيد ديكتاتوريةً شعارها المقاومة، ومفاسدَ دثارها الممانعة، لأنه لن يجني منها إلا قبض الريح وفساد العاقبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع