الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 1

مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)

2011 / 3 / 29
الادب والفن



روافد عراقية .. من محافظة الناصرية . علي الشرقي ( 1 )

الناصرية من المحافظات العراقية الجنوبية التي اعطت للابداع الثقافي والفكري والادبي والعلمي الشيء الكثير , وتخرج منها اعلام طالوا بقاماتهم صرح التطور والابداع . كنت قد عزمت على تأليف كتاب خاص عن تلك المحافظة المعطاءة و المحرومة في آن واحد , لكن ولظروف خاصة لا اود ذكرها , توقفت عن الكتابة بعدما اكملت ثلاثة ارباع الكتاب تقريبا ً واليوم قررت ان انشر بعضه على صفحات الانترنت علني انشر شيئا ً من الحقيقة المغيبة عن بعض طبيعة تلك المحافظة الوادعة بأهلها وتاريخها وعطائها . اكتب اليوم عن اهم الشخصيات العراقية الذين ولدوا من رحم تلك المحافظة التي اعطت للعراق وللحضارة والهوية العربية و الاسلامية الشيء الكثير .

قبل ان اتعرض الى اهم الشخصيات التي انجبتها الناصرية و الثناء عليهم وعلى البيئة التي انجبتهم لابد من ذكر بعض الامور المهمة التي عوقت حركة اهالي الناصرية من ان ينموا بشكل اعم و اكبر .
السبب الاهم الذي يجب الاشارة اليه هو ان بعض اهالي المحافظة لا زالوا متمسكين بقيم عشائرية بحتة وهذه القيم تفرض على الشخص ان يلبس اللبس الخاص والجلسة الخاصة وبالتاكيد هناك اعراف اخرى تستتبع هيئة ذلك اللبس ونوعية تلك الجلسة . بعض تلك القيم لازالت بدوية مثل ان ينهى ابن العم على ابنة عمه , ان يأخذ الفرد بجريرة ابن المنطقة كان يكون ان احدا ً من عشيرة فلان اعتدى على شخص من عشيرة اخرى فتقوم العشيرة الاخرى باخذ الثأر من اي شخص منتمي الى العشيرة المعتدية . رغم ان معظم هذه الظواهر صارت تضمحل لكن التنويه عليه واستئصاله خير من تركه ينمو اذا ما لاقى مناخه الخاص .

بعض القيود المفروضة على المجتمع الناصري جعلت من بعض افراده ينمون ويكبرون في بيئة اخرى ولانني لا اريد ان ازعج اهلي واخوتي من المحافظة ساتوقف هنا لكي اتلقى ردود الفعل عن الحلقة الاولى من هذا النشر .

شخصيات كثيرة التي كتبت عنها او سجلتها لكي اكتب عنها لاحقاً لكني اخترت ومن محض الصدفة من بين كل هذه الشخصيات اخترت الشيخ علي الشرقي :



هو الشيخ علي جعفر بن محمد حسن وقد غير لقبه بعد حين لِما رأه من نظرات الشزر التي كانت تلاحق الجنوبيين هناك فغير كلمة ( شروكي ) التي كانت تطلق على القادم من الجنوب غيرها الى ( الشرقي) .
الشيخ علي الشرقي من اسرة تنتمي الى قبيلة الخاقاني العربية وموطن هذه الاسرة قصبة على ضفاف نهر الغراف الهادر بماءه العذب التابعة الى قضاء الشطرة من محافظة الناصرية . لكنه ما برح يتذكر الناصرية والغراف ونقاوة الهواء فيها فينشد مخاطباً الغراف وبيوت الغراف .
زهوالقصور ونزهة الأرياف -- غُرف مطلات على الغراف
أنفت على الغراف فهي مدلة -- لكنها ببساطة الأحقاف
الفارهات بساطة وجلالة -- هذي القصور وغيرهن أثاف
تلقى الحضارة والبداوة عندها -- بازاء فرع او بجنب طراف
نهضت على حمراء دجلة زانها -- صافي الاديم على الاديم الصافي
معمورة الاطراف كم من ليلة -- بجوارها معمورة الأطراف

نشأة الشيخ الشرقي :
ذاق علي الشرقي اليتم في سن مبكرة حيث فقد والده وهو لازال فتىً الامر الذي دعى والدته العيش في النجف فتكبدت امه مشاق كثيرة فبددت عن صغيرها كأبة اليتم ! قال الشرقي في كتابه المطبوع الاحلام : حين مات والدي ترعرعت بحنان والدتي الذي انساني خسارة حدب الوالد . كانت امه شقيقة الشيخ عبد الحسين الجواهري فقد انتقلت وطفلها الى بيت اخيها لتعيش فيه , اي ان اليتيم علي الشرقي سيعيش في كنف خاله والد الشاعر محمد مهدي الجواهري , لكن اليتم والفاقة يكونان مصهرا للمعادن الأصيلة من الناس فتراهم مبكرين ومتفوقين وطموحين في سبر اغوار هذه الحياة المعقدة . لقد كان بيت خال الشيخ علي الشرقي مجلسا عامرا بالأدب وعلوم العربية والدين .
فدرس في مدارس النجف و تعلم الفقه والتشريع والفلسفة الاسلامية، والمنطق وتقويم اللسان والادب العربي بما فيه النحو والصرف والبيان والبديع والعروض، ولما قضى من الادب لبانته واخذ منه حاجته هجرهما الى السياسة .
يقول الدكتور والشاعر صدام فهد الاسدي في وصف الشيخ علي الشرقي :
أسمر نحيف على قسمات وجهه آثار الكد الفكري والكمود الذي يلوح على وجوه الباحثين وله عينان براقتان تدلان على نفسه تماما وهما حقيقة نافذتان لتلك النفس العالية.
شاعر كبير ذو وطنية صادقة وقلب حساس وحساسية مصورة تشعر بخفايا الاشياء ,تنفذ الى اعمق اعماق الوضع، فهي طبيعة خالدة تراها نفوس الشعراء الملهمين والواعين المتطلعين الى الافق الواسع في الحياة السعيدة للمجموع العام وتفكر التفكير الواسع في الدقائق وتحسب حسابها لكل شيء يقع تحت حاستها الواعية .
اسس الشيخ الشرقي مع نخبة من زملائه الناضجين فكرياً مجموعة لمحاربة وباء الجهل المستشري في المجتمع العراقي أنذاك والتي لم يتمكن الشرقي من استأصالها بل بقيت الى اليوم وستبقى الى يوم الدين . فحققوا نشاطا محمودا في طبع الدواوين الشعرية والقصص والمذكرات فجابوا العراق من اقصاه الى ادناه ومن بين جهودهم الشبابية الجبارة جمع شعر محمد سعيد الحبوبي ! كما جمعوا الكثير من المخطوطات بهيئة دواوين ولم يوفقوا في طبعها . وقد صدر ديوانه الذي ضم جل شعره عن وزارة الثقافة والأعلام العراقية عام 1979م . يقع الديوان في 462 صفحة من الحجم الكبير وقد تضمن معظم قصائده ورباعياته ومزدوجاته التي عالجت مختلف شؤون الحياة بلغة شعرية أنيقة ومؤثرة بعيدة عن الحشو والتكلف .
طبيعة علي الشرقي الصريحة لم تترك له متعاطفا , ولقد كتب روفائيل بطي عن علي الشرقي في كتاب الادب العصري الذي لم يطبع منه سوى جزئين الخاصين بالمنظوم , وكتب روفائيل بطي عن علي االشرقي في القسم الخاص بالمنثور بيد ان ما كتبه لم ير
النور مع الاسف ! اذن علي الشرقي عاش ملء السمع والبصر ولم يقدر عليه حساده وشانؤوه فإذا مات صفوا حسابهم معه !.

كان الشرقي يجيد الفارسية قراءة وكتابة ويقرا للشعراء الفرس الكبار فبانت الرقة في قوله والنبرة في جمله والوصف الخلاب في صوره , الشرقي قاريء نهم كدأب جيله من المفكرين والمبدعين فهو يقول في نفسه حين بلغ الخمسين :
لهفي لخمسين من سني قد اندرست __ في الكتب بحثاً كأني دودة الكتب

يكتب الشعر الغزلي فضلا عن الشعر الوطني وهو في الحالين مرب وداعية جمال يصف الاستاذ مير بصري شعر علي الشرقي ( سحر وعطر وهو شعر نابض بالحياة صادق اللهجة واضح السمات ينطق بلسان البلد والجيل ويحمل طابع العصر ورسالته لقد وفق الشرقي لترديد نواح البلبل السجين وصداح البلبل الطليق ولوعة الفلاح في كوخه وترجمته عن نزعات الشعب المتطلع الى الحياة والحرية ودعوة الى الألفة والإخاء ) ويصف جعفر الخليلي شعر الشرقي فيقول ( خطا الشرقي في الادب خطوات جريئة اذ احتوى شعره على جانب كبير من الوخز بالشعائر والتقاليد والنقد والاستهجان خصوصا بعد ان خرج من بيت خاله الى زاوية في احدى المدارس الدينية شعر فيها لاول مرة بنسيم الحرية والاستقلال وعرف الشرقي بطراز نظمه وصيده المعاني وطريقة النسج بكونه من اوائل المجددين في الشعر لا بل لم يكن قد سبقه شاعر في نسج الفكرة وفق النمط المحبب لدى المتذوقين ) ويقول الاستاذ محمد سعيد الصكار ( وكان علي الشرقي بارز الحضور في المجال الثقافي من خلال ما كان ينشره من قصائد في موضوعات مختلفة، عراقية وعربية وعالمية، كقصيدته عن غرق الباخرة تيتانيك وعن الاتحاد السوفييتي، وأوروبا والحرب الثانية وغيرها. وهو أكثر الشعراء العراقيين، وربما العرب، استخداماً لمنجزات الحضارة والتقدم، إذ يحفل ديوانه بذكر السيارة والطيارة والكهرباء والبطارية وماكنة التصوير وغير ذلك.

مصطفى العمري
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة