الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم العراقي يٌلعّن من زمن فيصل الأول إلى ما بعد صدام حسين ..!!

سلام كوبع العتيبي

2004 / 10 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما أن سقط النظام العراقي السابق حتى سقط العلم العراقي من نظر غالبية المجتمع العراقي ؛ وأخذ الجميع ينظر الى العلم العراقي على انه لايمثل العراق ولا العراقيين بشيء ؛ خاصة بعد ان كتب صدام حسين بيده عبارة ( الله اكبر) على العلم العراقي .. كلمة حق اراد بها باطل ؛ لغرض مبهم لا يمت الى حقيقة صدام حسين باي صفة معينة - لا دينية - ولا اخلاقية - ولا انسانية ؛ الامر الذي جعل الجميع يلعن هذا العلم الذي لا يذكرهم الا بجثث شهداء (قادسية جريذي تكريت) التي كانت تبرقع بالعلم العراقي عندما ترسل للدفن ؛ وما اكثر الجثث التي تبرقعت بهذا العلم ( المسكين ) زورا .. وبعد مرور ستة اشهر على سقوط نظام الطاغية صدام حسين صمم احد الفنانين العراقيين علم عراقي هزيل ؛ يشبيه العلم الإسرائيلي الى حدما من حيث التصميم والالوان واعتقد حتى من حيث ( القصد! ) وبعد ذلك وقف غالبية العراقيين رافضين هذا العلم الغريب العجيب الذي لايمت بصلة معينة الى العلم العراقي المتعارف عليه ولا حتى لاعلام الدول العربية المتشابهة من حيث الالوان والمختلفة نوعا ما من حيث التصميم . ولكن ما أن راى العراقيين العلم الجديد ورفضوه حتى عادوا مرة اخرى مطالبين بالبقاء على العلم العراقي القديم بشرط ان يتغير نوع الخط الذي استخدمه صدام حسين في عبارة ( الله اكبر ) وفعلا تم تغيير نوع الخط الان ؛ واعتقد سوف يكون هو العلم الدائم لجمهورية العراق ..
وحادثة العلم العراقي هذه تاخذني الى حادثة مشابهة وقعت بعد مبايعة الملك فيصل الاول ملكا على عرش العراق ؛ ذكرها الدكتور المرحوم علي الوردي في كتابه ( تاريخ العراق الحديث الجزء السادس 1) يقول الدكتور الوردي : حل شهر محرم عا مذاك في 4 ايلول ؛ وهو الشهر الذي يعلن الشيعة حدادهم على مقتل الحسين بن علي . وقد اهتم الملك فيصل بهذا الشهر على نحو ما فعل الانكليز عقب احتلالهم بغداد ؛ حيث ساعد المواكب الحسينية بمبالغ من المال واهدى صفائح النفط لمشاعل المواكب الليلية ؛ كما اوعز ان يقام باسمه وعلى نفقته الخاصة مجلس تعزية في صحن الكاظمية في العشرة الثانية من محرم . وحضر الملك بنفسه مجلس التعزية غير مرة ؛ وجلس في احد اواوين الصحن بين رجال الدين . وفي اليوم العاشر من محرم وهو اليوم الذي تقام فيه تمثيلية مقتل الحسين في صحن الكاظمية ؛ حضر الملك الى الصحن مع حاشيته وكانت قد اعدت له المقصور الكبيرة التي تقع فوق باب القبلة ؛ فجلس فيها واخذت المواكب تمر من امامه ؛ وأمر باهداء الخلع الى النواحين في المواكب والى القائمين بتمثيل الموكب . ومما لفت الانظار في ذلك اليوم وجود العلم العراقي الجديد ذي الالوان الاربعة بين اعلام المواكب ؛ وكانت تلك اول مرة يرفع فيها العلم العراقي في المواكب الحسينية والظاهر ان بعض القائمين بشؤون المواكب امتعضوا من وجود هذا العلم بين الاعلام في ذلك اليوم ؛ فهو في نظرهم العلم الذي رفعه الشريف حسين عند تحالفه مع الانكليز الكفار ضد الدولة العثمانية المسلمة بينما كان المجتهدون في العراق يرفعون علم الجهاد لنصر الدولة العثمانية . ولهذا راينا حامل العلم يسير في اثناء التمثيل الى جانب ممثل شخصية عمر بن سعد وليس الى جانب ممثل شخصية الحسين او اخية العباس او غيرهما من اهل البيت . كان ساطع الحصري حينذاك جالسا في المقصورة الصغيرة المجاورة لمقصورة الملك وقد لفت نظره هذا المنظر ؛ كما اشار الى ذلك في مذكراته فهو يقول فيها : انه لاحظ العلم العراقي محمولا الى جانب ممثل عمر بن سعد وهو قائد الجيش الاموي المعادي للحسين ؛ فكان العلم يسير معه اينما سار ؛ وكانت اللعنات تطلق من حناجر الناس – ومن النساء بوجه خاص – كلما ظهر ممثل شخصية عمر بن سعد. ومعنى هذا ان العلم العراقي كان يسير في موكب القائد الذي يلعنه الناس . اخذ الحصري يفكربالمحاذير العظيمة التي تنجم عن ذلك فرأى بين المرافقين صبيح نجيب ؛ فقال له : ان حامل العلم يجب ان يسير الى جانب ممثل شخصية الحسين وليس الى جانب شخصية عمر بن سعد . فنزل صبيح نجيب من المقصورة ليعطي التعليمات للمسؤولين عن تنظيم الاحتفال . وقد اطاع حامل العلم ما امر به فصار يتباعد عن ممثل عمر بن سعد؛ ويتوجه نحو ممثل الحسين . ولكنه لم يكد يتقرب من ممثل الحسين حتى اخذ الممثل يدفعه بشدة ؛ وكلما حاول حامل العلم السير بجانبه كان ممثل شخصية الحسين يكرر الدفع له ؛ ويظهر علائم الغضب والتانيب الى ان انسحب حامل العلم الى خارج دائرة التمثيل دون أن يشعر الناس . ... لكن السؤال الذي يدور دائما في عقول البعض ...هو : الى متى يبقى العلم العراقي يتغير كل ما تغيير رئيس جديد ؛ وكان العلم العراقي لا يمثل سوى رئيس البلاد وعصابته ؟! وليس العلامة الرئيسية للوطن عندما يرفع في المحافل الدولية ؟!
من خلال زياراتي لكثير من دول العالم شاهدة ان غالبية شعوب العالم من غير الشعوب العربية ترفع اعلام بلدانها عندما تكون هنالك مناسبة وطنية لهذه الدول أو حتى في الملاعب الرياضية عندما يكون المنتخب الرئيسي لهذا البلد يتسابق مع منتخب رياضي من بلد أخر ؛ ولم ارى يوما ان هذه الشعوب رفعت صور رجال حكوماتها مثلما يلاحظ في العراق أوفي الدول العربية بشكل عام عندما ترفع شعوبنا صور الحكام دون اعلام الاوطان ؛ وكأن هذه المناسبات الوطنية هي تعبير عن نفاق المجتمعات العربية لحكامها ؛ في الوقت الذي نعلم ويدرك الحكام أيضا أن كافة الشعوب العربية تمقت حكامها وتكرههم الى حد كبير ؛ ولا نستغرب أيضا عندما نرى احد المواطنين العراقيين أو العرب الذي يرفع صورة الحاكم ( يبصق ) عليها بين فترة واخرى في الخفاء .
أعتقد لو لم يلاحظ العراقيين التصميم الهزيل للعلم العراقي الذي عرضه مجلس الحكم المنحل ؛ لما طالبوا في البقاء على العلم السابق الذي مايزال يذكرهم في آلاف الجثث التي كانت تغطى بهذا العلم البريء . ولكن ياترى هل يستمر هذا العلم في سماء الوطن العراقي أو سوف يلقى به خارجا بعد أن يغضب عليه من يمثل شخصية الحسين الشهيد في طف كربلاء ؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية