الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومتنا وحكوماتهم: الأختلافات والتشابهات

شاكر الناصري

2011 / 3 / 30
حقوق الانسان


الأحداث والتحركات السياسية والأجتماعية التي حدثت وتحدث في دول العالم العربي ، الثورات والأنتفاضات التي قمعت أو نجحت أوتلك التي تواصل المسير من أجل تحقيق ما أنطلقت من أجله ، الأنظمة والحكومات الدكتاتورية العتيدة التي تهاوت كأنها هياكل هشة لا تتناسب مع خديعة القوة والهيبة التي تلتصق بالسلطة ، لا بد وأن تدفعنا للبحث عن المتشابهات التي تجمع الأنظمة الحاكمة في عالمنا العربي هذا أو الفروق والتمايزات التي يقول هذا النظام أو ذاك أنها تميزه وتعطيه الحصانة والأستمرارية .

الأعتداءات والأنتهاكات المختلفة التي قامت بها الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة العراقية ضد المتظاهرين في بغداد منذ بدء موجة التظاهرات المطلبية وحتى يوم الجمعة الماضي، تكشف إن الأختلاف والتمايز الذي يقال ان نظام الحكم في العراق يتميز به عن الأنظمة الحاكمة في دول العالم العربي ماهو الا عنصر من عناصر الحكاية المخادعة التي عادة ما تتمسك بها السلطات وأجهزتها الأعلامية فتكون الراوي والمفسر في نفس الوقت . التمايزالذي يتم الحديث عنه من قبل أطراف كثيرة هو في قضية الحكومة المنتخبة والممارسات الديمقراطية في العراق وكأن وجود حكومة منتخبة سوف ينزع عنها طابع العنف وسيجعلها أكثر أستجابة لمطالب الناس من أجل حياة أفضل .

ما شاهدناه في تونس ومصر، البحرين وعمان والسعودية والاردن، ليبيا واليمن وسوريا ، من ممارسات قمعية وترهيبية ، لاتختلف عن كل ما ارتكب في بغداد وباقي مدن العراق . الاساليب والممارسات واحدة والمسعى واحد أيضا خصوصا ما يتعلق بتشويه المطالب المرفوعة وأتهام كل من يقوم بالاحتجاج بأنه مخرب ومرتزق ومدسوس ومنفذ لمخططات وأجندات خارجية أوينتمي الى جماعة ارهابية أو حزب محظور يسعى لحيازة مكاسب سياسية او تشويه مسار العملية السياسية في العراق . الحكومات في العالم العربي أبدعت في أتهاماتها للمطالبين بالحقوق والحريات وأنهاء الفساد والأستئثار بالسلطة . في العراق فأن الحديث عن أن من شاركوا في التظاهرات هم من البعثيين والصداميين والتكفيرين واتباع القاعدة لم يتوقف وأن هناك قيادات من حزب الدعوة وقائمة دولة القانون تواصل طرحه في كل مناسبة أو لقاء مع وسائل الأعلام .

لعل السؤال الذي يطرح هنا ، أذا كان القول بأن الحكومة الحالية في العراق ، هي حكومة منتخبة من قبل الشعب وانها وصلت الى سدة الحكم عبر صناديق الأنتخاب وأن أدعاءات القوى السياسية التي تنافست من أجل الفوز في تلك الأنتخابات بأنها ستكون حكومة لتحقيق آمال من أوصلوها الى السلطة وشاركوا في أنتخابها بعد عقود من القمع والدكتاتورية الصدامية البغيضة ، فلماذا كل هذه التجاوزات والممارسات التي تظهرالجانب القمعي في منظومة السلطة بما يدفع الجميع لأستشعار مخاطرعودة سلطة الخوف والقمع مرة ثانية واستعداد هذه الحكومة لممارسة كل ما يضيق الخناق على التظاهرات والحركات المطلبية ، اللجوء الى العنف بكل اشكاله وتسخير المؤسسة الأعلامية لتشوية الاحتجاجات ومن يقفون خلفها أو أضهار عدم تأثرها بكل ما حدث ويحدث ؟

سيكون السؤال حاضرا دائما عن مدى أختلاف وتمايز الحكومة العراقية الحالية عن الحكومات الأخرى في العالم العربي ومكانة المواطن -الناخب الذي أعتقد ان مشاركته السياسية ممثلة بممارسة حقه الأنتخابي سوف تنتج حكومة تستجيب لمصالحه وآماله وأولها أن يعيش بدون خوف أو قمع وأن يمارس حقه في التظاهر والتجمع والمطالبة بتحسين أوضاعه ومعيشته التي أفترض أنها ستتحسن وستكون بوضع افضل بكثيرمما كان عليه خلال حكم دكتاتورية البعث ، فكل ما تم الترويج له بعد سقوط ذلك النظام ، ان الحرية والرفاه الاقتصادي والعدالة الأجتماعية والمساواة أمام القانون ستكون ملامح العصر العراقي الجديد لكن ما تحقق كان خرابا ووبالا على العراق والعراقيين . الحريات والحقوق أخلت مكانها للفساد المريع ولأنفراد قوى المحاصصة الطائفية والقومية في التحكم بمقدرات البلاد ورسم الأوضاع السياسية فيه وفقا لمصالحها ولما تمليه عليها ضرورات ومتطلبات المحاصصة كأحد أسوء أشكال الحكم التي تستند الى التعصب والأنقسام الطائفي والقومي وتعزيز الشعور بالظلم التاريخي وكأنه واقع ممارس في كل حين ولا يمكن للأنسان في العراق التخلص منه أو العيش بدونه . ان كل ما تم الترويج له ليس سوى أوهام سعت نخب سياسية وأعلامية معينة لترسيخها في اذهان الناس البسطاء . أوهام أنهم يشاركون في تغيير ملامح حياتهم نحو الافضل غير أن الوقائع تقول أنهم اعطوا اصواتهم لقوى سياسية ستفعل كل ما يمكنها من الأنفراد بالسلطة التي أتخذتها وسيلة لتحقيق مصالحها .

الأجابة على ذلك السؤال تبين ان الحكومة في العراق حالها حال جميع الحكومات في العالم العربي التي تخشى الحركات المطلبية وتخشى التجمعات والتظاهرات لأنها تتوجس من تطوراتها بشكل واضح تماما . اللجوء للعنف والممارسات القمعية بداعي الحفاظ على الامن والاستقرار وحماية أرواح المواطنين هو أعتراف من هذه الحكومة أو تلك بأحقية المطالب المرفوعة وبمشروعيتها والتي تقوم الحكومة بأستلابها ولذلك فأن كل ما يطلق من وعود أو تنازلات سوف يزيد الوضع تعقيدا بالنسبة للحكومة ويبين ارتباكها . يبدو واضحا عدم قناعة المحتجين بكل وعود حكومة نوري المالكي وبالجدول الزمني الذي تم الاعلان عنه ونقصد هنا فترة ال 100 يوم التي تم تحديدها لتبيان جدية وزارات حكومة المالكي و كفاءتها في تنفيذ مهامها الاساسية . الاصل في موضوع الوعد الزمني الذي تم الأعلان عنه أنه لم يكن من أجل تنفيذ مطالب أساسية مرفوعة من قبل العراقيين في حركاتهم المطلبية المتواصلة والتي دخلت شهرها الثاني ، بل كان محاولة من الحكومة لكسب الوقت لممارسة كل ما يمكنها من أنهاء الأحتجاجات وخروجها من هذا المأزق . هل تختلف هذه الحكومة عن باقي الحكومات المأزومة في العالم العربي ؟؟ ما شاهدناه ولمسناه من ممارسات وعنف وأحتقار للمطالب الشعبية يؤكد عدم وجود أختلاف أو تمايز، وإن فسادها وقمعها يجعل منها نسخة من تلك الحكومات البائسة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناجون من الهولوكوست يتظاهرون في بريطانيا رفضا للعدوان الإسرا


.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى




.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين