الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العسكر يحظرون الأحزاب الماركسية فى مصر

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 3 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أعلن المجلس العسكرى الحاكم فى مصر عن أجراء تعديلات تتعلق بشروط تأسيس الأحزاب السياسية تمهيدآ للإنتخابات اليرلمانية القادمة فى نهاية هذا العام , وكان أهم هذه التعديلات هو النص على " حظر إنشاء أى حزب سياسى على أساس طبقى " .

ويعنى ذلك أستمرار العمل بنص المادة م 4 /3 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص باجراءات أنشاء الأحزاب السياسية , والتى طالبت القوى الماركسية المصرية بضرورة الغائها ولضمان أحقيتها فى أنشاء حزبها الطبقى العمالى بهويته الذاتية والمستقلة .

ومن البين أن المستهدف من وراء هذا الحظر تحديدآ هو روافد الحركة الماركسية المصرية والتى كانت قد عقدت العزم على تشكيل أحزابها العلنية وخوض غمارالعمل السياسى العام فى مرحلة مابعد ثورة 25 يناير .

تأكيد المجلس العسكرى المصرى على حظر التصريح بأنشاء ( أحزب طبقية ) معناه أن الفصائل الماركسية ستظل محظورة النشاط والعمل من وجهة نظر القانون والسلطات السياسية والإدارية والأمنية , ومن ثمة تقع خارج أطر الشرعية وهو ما سيتيح أتخاذ أجراءات أستثنائية وعرفية فى مواجهتها , كانت تأمل القوى السياسية الفاعلة فى تجاوزها عقب سقوط نظام مبارك .

وكانت أحد أخطائها التاريخية الكبرى للحركة الماركسية المصرية أنها عمدت إلى حل تنظيماتها فى العهد الناصرى فى ضوء تحليل و رهان على مرحلة ( بناء الثورة الوطنية البرجوازية ) وضرورة الإسهام فى أنجازها الثورى وتحولاتها الإجتماعية .

ومنذ تلك اللحظة التاريخية عانت هذه القوى عمليات أنهاك وتراجع و تشويه عمدى من جانب أنظمة الحكم المتعاقبة وتيار الإسلام السياسى الذى منحه السادات صكوك الحضور والإنتشار بالجامعات والنقابات والتجمعات العمالية ولأجل مواجهة النفوذ اليسارى المتزايد بالمجتمع المصرى خلال هذه الفترة .

والثابت من تصريحات المجلس العسكرى الحاكم أنه يبررأجراء الحظر بأولوية الإستقرار وضرورة حماية السلام الإجتماعى الهش من الصراع والتناحر الطبقى فى هذه المرحلة الفارقة من التطورالسياسى والديموقراطى .

الإ أن ظروف ومعطيات القاعدة الشعبية والعمالية الواسعة التى تعانى أوجه عديدة من الجورالإجتماعى والطبقى منذ عقود طويلة , والتى تفتقد إلى الحد الأدنى من كفالة حقوقها ومطالبها الحياتية يعصف بمضمون فكرة ( السلام الإجتماعى ) ويؤكد أحقية القوى المنحازة للكادحين والفقراء فى الشرعية والتمثيل السياسى و العمل العام .

والبين أن هذا الحظر يعصف فى الأصل بمفهوم ( الحزب السياسى ) , وبأعتبار الحزب ( القطاع الطليعى لطبقة أوفئة أجتماعية ) , وتعبيرها السياسى الأخير الذى يذود و يدافع عن مصالحها الإقتصادية .

مطلب التيار الماركسى المصرى فى حزب علنى على الخريطة السياسية والحزبية الجديدة فى مصر هو مطلب مشروع وله ما يبرره , وحيث يسعى من خلاله لإعادة هيكلة تواجده وتأهيل كوادره للعمل السياسى والحزبى والعام .

فالقوى الإجتماعية التى يراهن عليها هذا التيار من ( عمال وشغيلة و فلاحين ومهمشين ) قائمة على أرض الواقع وبما يستلزم وجود تنتظم وحزب مؤسسى يدافع عن حقوقها ومصالحها الإقتصادية والإجتماعية .

كما أنه لاخوف من الطبقة العاملة فى المشهد السياسى المصرى , لأن هناك سياسات مقترحة من جانبها لإحتواء التناقضات التى يمكن أن تنشأ بينها وبين القوى المضادة لحركتها , بل وتحوليها لقوة دافعة وأضافية نحو التحول التاريخى و الثورى المنشود فى هذه المرحلة .

وثمة اجماع على أن الفصائل الماركسية تمتلك فائضآ من المزايا السياسية و الفكرية التحليلية للواقع الإقتصادى والإجتماعى المصرى , وقد راكمت خبرات شكلت أرثآ تاريخيآ فى المجال السياسى و التنظيمى من العبث تجاهله . فهو يمتلك برامج و صياغات أجتماعية وأقتصادية جادة وبديلة تتفوق بها على كثير من الأطروحات الدينية واليمينية التى تموج بها الساحة و تحتل واجهات الإعلام والصحافة المصرية .

والثابت أن أرتفاع أسهم تيار الإسلام السياسى وتصاعد نفوذ السلفيين جاء على خلفية تحجيم الدور التنويرى والتقدمى للتيار الماركسى والعلمانى , وحيث عمدت أنظمة الحكم لحصار هذا التيار وبما مكن القوة الدينية من فرض سيطرتها وتشكيل الوعى العام .

ومن ثمة فأن عملية أحداث توازن سياسى واجتماعى داخل المشهد المصرى يمر عبر اخراج تيار اليسارالماركسى من دائرة التجريم , والراهن على أن وجوده ضرورى لإثراء الحياة السياسية التى تعرضت لعمليات تجريف وتبوير مستمر منذ عقود طويلة .

ومن المعروف أن الماركسيين لم يكونوا فى معزل عن حركة الأحداث الأخيرة فى مصر , فالينينيون والإشتراكيون الثوريون والتروتسكيون ساهموا بدور لايمكن جحده فى خلق وعى مضاد لنظام مبارك وفى التحريض ضده والثورة عليه , ولعبوا دورآ هامآ فى التظاهرات الفئوية وفى ميدان التحرير وفعاليات الثورة .

ناهيك عن أن تأثير اليسار الماركسى المصرى يتجاوز حدود الفعل السياسى وحيث تأثرت أجيال من الحركة الوطنية المصرية بالإنتاج الفكرى والفنى له , وهناك حضور لشبكات من المفاهيم الأساسية للماركسية فى كتابات وأبداعات العديد من السياسيين والأكاديمين .

ولذلك فأن عملية مداواة الجروح البنائية التى عانت منها التركيبة السياسية والحزبية فى مصر, ووهن وضعف هياكلها يظل رهنآ بتحرير السوق السياسى من محاذيره وقيوده , ولاسيما التى كبلت هذه القوى عن الممارسة والفعل السياسى والعام .

ويظل المدخل الحقيقى – فى مصر الثورية - للتصدى لظواهر بنائية وسياسية تمس أفكار الشرعية والسلطة هو منع أحتكار طبقة أو فئة بعينها للسلطة , والحيلولة دون ( حجب وحظر ) قوى سياسية واجتماعية بعينها من التمثيل السياسى والحزبى .

كما أن الحركة الماركسية مارست نقدآ ذاتيآ مسئولآ أنتهت فيه إلى ضرورة العودة الجادة إلى الجماهير , وهى قادرة بحكم خطابها وقدراتها الفكرية و التنظيمية على أستعادة الأرضية و المكانة عبر قواعد اللعبة السياسية الجديدة .

مطلب الشرعية القانونية والترخيص الحزبى الماركسى هو طرح جاد يتعين تقديره وأحترامه من جانب المجلس العسكرى القابض على زمام الحكم , لأن الماركسيين يستهدفون به ( ركن العلانية ) والوصول إلى السلطة بالطريق الديموقراطي وصناديق الإقتراع .

ولذلك أذا ما أرادت مصر التمهيد لبناء ديموقراطى سليم يتأسس على الشفافية وأحترام حضورالفاعليين السياسيين الحقيقيين وآليات المشاركة الصحيحة , فأن عليها ومن الآن السماح للماركسيين المصريين بتأسيس حزبهم الطبقى المنحاز إلى العمال والكادحيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأثير مقتل رئيسي على المشهد السياسي في إيران| المسائية


.. محاكمة غيابية بفرنسا لمسؤولين بالنظام السوري بتهمة ارتكاب جر




.. الخطوط السعودية تعلن عن شراء 105 طائرات من إيرباص في أكبر -ص


.. مقتل 7 فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي بجنين| #الظهيرة




.. واشنطن: عدد من الدول والجهات قدمت عشرات الأطنان من المساعدات