الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بذكري يوم الأرض لا سلام ولا مقاومة

فؤاد ابو لبدة

2011 / 3 / 30
القضية الفلسطينية


تطل علينا ذكري يوم الأرض وقد طوت خمسة وثلاثون ربيعا علي مرورها , ولكن تأتي هذه المرة وسط أجواء عاصفة , رياح تغيير ألمت بالمنطقة العربية شرقها وغربها ووسطها حركت المياه الراكدة وأضفت علي مجتمعاتنا العربية حالة ثورية كانت متأججة بالقلوب لعقود من الزمن تكبر وتترعرع وتزدان علي الأمل , أمل الانعتاق من الدكتاتورية وتنفس عبق الحرية والديمقراطية بغض النظر عن تسميتها ملكية أو جمهورية أو إسلامية , وتكبر تلك الحالة وفقا لمدي الحالة القمعية التي وصلت لها الأنظمة وثبت بالملموس أن تلك الأنظمة رغم قوة الآلة الأمنية التي تستند إليها في الدفاع عن عروشها لا تعدو كونها نمر من ورق , واستبان بشكل لا يقبل الشك مدي هشاشة تلك الأجهزة البوليسية أمام الضغط الجماهيري المتسلح بالإرادة والعزيمة كونه هو الأداة المحركة لعجلة التاريخ التي لا تعرف الرجوع للخلف مهما تكالبت قوي الرجعية في تحالفاتها من اجل إعاقة تقدمها لن تستطيع .
في مثل هذا اليوم الثلاثين من آذار لعام 1976 انتفضت قري المثلث في الجليل المحتل تدافع عن الأراضي التي حاولت قوات الاحتلال في محاولة لتهويد منطقة الجليل من خلال مصادرتها واقتلاع أشجارها وطرد سكانها والاستيلاء علي بعض الأراضي المشاع والمملوكة علي العموم لأهالي القرى للانتفاع بها وتحديدا في مناطق عرابة وسخنين ودير حنا والتي عرفت بعد ذلك باسم مثلت يوم الأرض لما تميز به أهالي هذه المناطق الثلاث من عفوية وتلقائية بالخروج للشارع لمواجهة قوات الشرطة التي استعانت بتعزيزات من الجيش لتقدم ستة شهداء وعشرات الجرحى في تطور نوعي لكونه يعتبر المرة الأولي التي يعبر فيها سكان المناطق المحتلة عام 1948 رفضهم الاحتلال في شكل نضال شعبي وإعلان الإضراب العام ليشمل كافة المناطق بالتنسيق مع لجنة الدفاع عن الأراضي ووصل الأمر لحد الاقتراب من العصيان المدني الشامل في خطوة وان لم يكن مخططا لها مسبقا إلا أنها مزجت ما بين البعد المدني والبعد الوطني ولا انفصال بين البعدين فهي من جهة كانت تطالب بالحقوق المدنية لسكان المناطق المحتلة عام 1948 في إطارها الوطني والحفاظ علي الأرض الفلسطينية من الاقتلاع والتهويد والحفاظ علي الطابع الديمغرافي ليبقي متفوقا في المناطق العربية لإحباط خطة كيننغ والتي سميت باسم متصرف لواء المنطقة الشمالية الإسرائيلي ( يسرائيل كيننغ ) وهي كانت بمثابة وثيقة سرية قد أعدها هذا الأخير لحكومته وجاء فيها بخطة من اجل مصادرة الأراضي الفلسطينية في قري ومناطق الجليل والاستيلاء عليها بهدف ضمها وتهويدها , حيث أوصي بتلك الوثائق لحكومته من اجل الإسراع بالتنفيذ للخطة محذرا من خطر الازدياد السكاني للفلسطينيين في اللواء الشمالي وهذا من شانه أن يشكل خطرا علي طبيعة يهودية المنطقة , ودعاهم لاستيعاب اكبر عدد من المهاجرين اليهود ليقطنوا تلك المناطق التي تتم مصادرها لضمان التفوق السكاني لليهود في مناطق الجليل .
الآن وبعد أن اقتربت تلك الذكري من عقدها الرابع فما زالت مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 تعاني من التمييز العنصري في شتي ميادين الحياة الاجتماعية , ففي الوقت الذي ترتفع به البنايات لليهود يقابله ملاحقة للمواطن الفلسطيني الذي يقوم ببناء طابق في بيته بعد أن يعجز في الحصول علي ترخيص للبناء وسرعان ما يداهمه قوات من الشرطة ومدعومة بفرقة من قوات حراس الحدود تحمي آلات الهدم الكبيرة تحت ذريعة أن الطابق أو البيت تم إنشاؤه بدون ترخيص ويستوجب الهدم بناء علي قرار قضائي لا يتردد في إصدار أوامر الهدم والإزالة بينما يتغيب تماما حينما بقدم مواطن يهودي علي ارتكاب جناية في احد الأحياء العربية , وما زال أيضا التمييز في مجال التعليم حيث لا ينفق علي المدارس العربية من اجل تطوير خدماتها ليقتصر هذا الدور علي التبرعات ودعم أهالي المدينة من اجل الحفاظ علي الهوية العربية من الضياع والتبديد وضمان بلورة أجيال تبقي علي لغتها العربية كلغة سائدة ومتداولة والعمل علي استمرار برامج تربوية تتناسب والشخصية الوطنية الفلسطينية المتشبثة بأرضها وهويتها وتراثها , كما لا تزال التفرقة في مجال الخدمات والتطوير للبني التحتية ليتم تضييق الخناق علي سكان المناطق العربية للرحيل منها بسبب رداءة الخدمات العامة فيها وقضايا التطوير , وفي تطور لاحق ما أصدره الكنسيت الإسرائيلي أمس الأول قرار يجيز التسهيل في سحب الجنسية من المواطنين مما يجعلهم عرضة للتهجير الطوعي والقسري , وهو ما يعتبر ضرب بعرض الحائط للقرارات الدولية وتحديدا الفرار 194 والذي يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم والتعويض .
ووفقا للحالة الثورية التي تعصف بالمنطقة العربية ينبغي علي سكان مناطق 1948 أن يتأثروا بتلك الرياح لترتفع سقف مطالبهم في ظل ما تمارسه معهم إسرائيل التي تدعي أنها واحة من الديمقراطية ولكنها مستنقع من الديكتاتورية , ويتطلب من السكان أن يبدءوا بالنضال الجماهيري المطلبي لرفع حالة التمييز ما بينهم وبين سكان باقي المناطق بوصفهم يحملون نفس الجنسية وتنطبق عليهم نفس الحقوق المدنية .
أما في الضفة الغربية وحكومة رام الله التي استقالت من فترة وما زالت تعيش حالة الفراغ القانوني واتخذت من مسار التفاوض الخيار الوحيد لتحقيق برنامجها الوطني عبر سلسلة من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية ربطت اقتصادنا الوطني الهش بالاقتصاد الإسرائيلي لتجعل من الضفة اكبر سوق استهلاكية للمنتجات الإسرائيلية , لم تحقق أي شيء علي ارض الواقع من خلال هذا المسار بل علي العكس أمعنت إسرائيل في غيها عبر التوسع الاستيطاني وابتلاع أجزاء كبيرة من أراضي الضفة العربية لتحتفظ لنفسها بالأرض والسلام معا وتحقق نظريتها القديمة الجديدة الأمن مقابل السلام , وهذا ما يتطلب من حكومة رام الله الإسراع في إيجاد برنامج وطني شمولي توافقي يحقق تطلعات وأمال وأحلام ورغبات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة مجتمع مدني تقدمي ديمقراطي يكفل للإنسان العيش فيه بكرامة وإعادة النظر بطبيعة المفاوضات السابقة التي لم تجدي نقعا سوي تكريس الواقع ألاحتلالي وإعطاؤه الصبغة الإنسانية انه شريك في السلام ويسعي من اجل تحقيقه مع شريكه الفلسطيني .
أما حكومة غزة التي ترفع من شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة فهو ما زال شعارا طوباويا خياليا لا يلامس الواقع , فهي ما زالت تحاول قدر الإمكان الحفاظ علي تهدئة مع الاحتلال مقابل عدم القصف من طائرات الاحتلال لمؤسسات الحكم في غزة , وهي بتلك الخطوة ساهمت بدرجة كبيرة في ان يحقق الاحتلال ما سعي إليه من خلال حربه الأخيرة علي غزة يناير 2008 في ( جولنة ) قطاع غزة أي جعل مناطق غزة نموذج آخر من الجولان حالة اللا سلم واللا حرب دون ان تطلق طلقة واحدة أو يبرم اتفاق مكتوب , وما يحصل عليه الاحتلال من تهدئة مجانية هو ترجمة واضحة لنموذج الجولنة , وتحاول دوما التفرد بالقرار الفلسطيني عبر فرض رؤيتها علي باقي الفصائل المقاومة تحت شعار المصلحة الوطنية العليا , وتارة تلوح بمصطلح التكتيك وتارة أخري باسم الأهداف الإستراتيجية في خطوة لإذابة الاثنين معا وفقا لمصلحة حزبية شخصية للهروب من استحقاق وطني شعبي بإنهاء الانقسام نحو تحقيق الهدف الاسمي وهو دحر الاحتلال , وتحاول مؤخرا فتح علاقات مع الأنظمة العربية لتقوم هذه الأخيرة بفك العزلة الدولية عنها دون الانتباه للقضايا الداخلية والمطالب الملحة للشعب الفلسطيني في غزة الذي يناضل الآن بوتيرتين , الأولي تتمثل بالتصدي للاحتلال الجاثم علي قطاع غزة الذي بانسحابه فقط تخلص من الحقوق المدنية لسكان غزة ليطبق عليها الحصار برا وجوا وبحرا وعلي الصعيد الأخر يناضل من اجل بناء مجتمع مدني ديمقراطي تقدمي وهذا لن يكتب له النجاح الا بتوافق وطني شامل وفق برنامج يحمي المقاومة ويكفل شرعيتها والإسراع في انتخابات تشريعية ورئاسية تحت مراقبة مؤسسات المجتمع المدني ورقابة دولية لضمان نزاهتها , وهذا ما يتطلب من حكومة غزة أن تقف أمام مسؤولياتها وعدم الانصياع لضغوطات ثلة قليلة تنتفع من حصار غزة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ربي
إبن الفتح ( 2011 / 4 / 3 - 17:09 )
ما فض فوك و لا عاش كارهوك يا ابو محمود قراءتك للشارع صحيحة 100% و الله كلامك صحيح

اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و