الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير في المنطقه قانون أجتماعي سياسي مستحق

هادي الخزاعي

2011 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


التغيير في المنطقة قانون إجتماعي سياسي مستحق

هادي الخزاعي


التغيير مفردة شاملة في ميادين استعمالها المختلفة ، وهي في ذات الوقت مفردة محددة المعنى والإستعمال في مجال أسقاطها على مشهديات يكون التغيير فيها ظاهرا وملموسا .
أن موضوعة التغيير ليست مجرد مقوله ، بل هو واحد من حزمة قوانين فلسفية تمس المجتمع والطبيعة والعلوم .
فالتغيير يرتبط بهذه العلوم حين يكون نتيجه لمجموعة من التراكمات الكمية ، فالنار لا تشتعل بدون تراكم كمي للحرارة ، والقطار لا يتحرك بدون تراكم كمي للبخار في مرجل الماكنه ، والركض السريع لا يتم بدون تراكم كمي للطاقة في العضلات ، والسيل لا يكون جارفا بدون تراكم كمي في مقداره ، والأمثلة لاتحصى على إمكانية التحقق من صدقية هذا القانون في مجال الطبيعة والعلوم ، فالمجالات التطبيقية لهذا القانون هي الطبيعة والعلوم وكذلك المجتمع .
على الصعيد المجتمعي يمكن أن نقول بأن العالم او الباحث او البناء او الحداد او الطبيب أوالخطيب .. إلخ ؛ لايتمكن من مهنته ، بدون أن تتراكم لديه معارف ومعلومات ومهارات ؛ تحيله من إنسان غير مهاري الى مهاري ، ومن جاهل الى عالم ، ومن أمي الى متفوه . والمجتمعات تتغير وتنتقل من حالة مجتمعية الى أخرى بفعل التراكم ، فالظلم المتراكم الذي يقع على مجتمع او طبقة او شريحة إجتماعية لابد وأن يؤدي إما الى ثورة او تمرد أو إنقلاب ، والذي يقود بدوره الى التغيير في هيكلة المجتمع وآليات وقوانين إدارته . وكلما تطورت معارف الشعوب وإزدادت مدارك أبنائها ، كلما تغيرت طبيعة المجتمع الى مستوى من الرقي يفوق ما كانت عليه ، وكلما تطورت أدوات الأنتاج فيه ، تطورت فيه علاقات الأنتاج التي تفضي الى وضع أجتماعي ينتج علاقات سياسية وإقصادية وأجتماعية متطورة قائمة على الديمقراطية وأحترام الرأي الرأي الآخر .
والعكس صحيح ، فكلما عاش المجتمع او الطبقة الأجتماعية حالة من تراكم الجهل والركود والتخلف في الوعي الثقافي والأجتماعي ، كلما عاش حالة من التراجع ويستحيل الى مجتمع رجعي بالضرورة .
والتعبير الكتابي العام للتغيير كسبب ونتيجه هو إن ( التراكمات الكمية تؤدي الى تغييرات نوعية ) .
وحيث إن منطقتنا بما فيها العراق ، تمر بتغيرات نوعية في الوضع الذي يتصل بشكل الدولة وآليات وقوانين أدارتها للوصول الى حالة من التكافيء الأجتماعي والأقتصادي والسياسي بين مكونات المجتمع وتبني النهج الديمقراطي في التعامل مع كل الظاهرات التي يفرزها الحراك الأجتماعي والسياسي .
في مثل هذه الأحوال ، لابد من فهم الأسباب التي أدت الى ذلك التغيير .

وبعيدا عن مبدأ السكولائية أقول أن نتائج استقراءات ما يجري الآن من تغيير ، حيثما نراقب أو نعيش ، نجدها متغيرات جذرية نوعية عميقة تتمخضها المنطقة بقوة . ولا يجد المتابع أي صعوبة في معرفة إنها لا تخرج عن فلك ذلك القانون ( التراكم الكمي يؤدي الى تغير نوعي ) رغم إن هناك تباين ملحوظ في شكل آليات التراكمات ومن ثم شكل آليات التغييرات عما كان عليه سابقا ، غير إنها تدفع في النهاية الى نفس النتيجة .. وهي التغيير .

إن الأنظمة الشمولية التي تداعت كما في تونس ومصر ، ومثلها التي تتداعى الآن ، كما في اليمن وليبيا وسوريا ، ناهيك عن وجود أنظمة مرشحة للتداعي كلبنان والسودان والمغرب والأردن والبحرين وربما العراق مستقبلا إذا لم يتخل عن المحاصصة ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات للمواطن ، فهذه الأنظمة قد أوصلتها ظروفها الذاتية الى حالة من الأستعداء الوحشي على شعوبها الذي أدى بدوره الى التقاطع مع القسم الغالب من هذه الشعوب ، التي تراكم لديها الرفض والغضب من سلوك الدولة في معالجة مشاكلها ، فأخذت تعيش حالة من الحراك الأجتماعي والسياسي بفعل تراكم حالات الرفض تلك ، بل أن هذه الأنظمة قد همشتهم وصولا الى الحرمان من حرية التعبير عن الرأي ، وبالمقابل نجد إن هذه الأنظمة قد جندت لنفسها جيوش جرارة من النفعيين والأنتهازيين والشرطة والأمن والمخابرات والأعلام ، وفي مختلف الميادين كي يغيبوا الأكثرية الأجتماعية ، ويمنعوا صوتها إذا ما تنادا الى المطالبة بالأصلاحات أو تحسين الخدمات ، أومطالبتها بالتوزيع العادل للثروة الوطنية ، أو المطالبة بالممارسة المتكافئة في آليات تداول السلطة وأدارتها عبر قوانين يكفلها دستور يستمد شرعيته من التوافق الأجتماعي العام .

إن تراكم الثروات عند القلة القليلة من مسؤولي هذه الأنظمة وتنفذ الموالين لهم في مختلف مؤسسات الدولة من جهة ، وأزدياد حالات الفقر والقمع والتهميش للطبقات والشرائح الأجتماعية الفقيرة أصلا من جهة ثانية ، قد أوصل الأمر في بلدان تلك الأنظمة الى نهاية نفقها ، والى وجوب التغيير في طبيعة النظام السياسي بفعل حالة هياج او حراك الجماهير المطالبة بالتغيير بعد تراكم غضبها ورفضها لتلك الأنظمة ، والسعي لتكوين أنظمة أجتماعية سياسية ديمقراطية بديلة تسود فيها العدالة الأجتماعية والمساواة والتداول السلمي للسلطة وأحترام حرية الرأي .
إن الأمر برمته هو عبارة عن وجوب التغيير في طبيعة انظمة دول المنطقة ، لأنه قانون أجتماعي مستحق ، فحين يبرز التناقض الأجتماعي في نظام دولة اٍستبدادي تتقاطع مصالحه مع مصالح الجماهير ، ويبلغ هذا التناقض أشده ، يتشكل موضوعيا ، وضعا ثوريا تكون المبادرة فيه للجماهير ، ولها أن تختار وسائل التعبير عن ذلك الوضع من أجل التغيير، فإما سلميا كما جرى في تونس ومصر وكما يجري الآن في اليمن ، وإما يضطرها الأستبداد الى حمل السلاح للدفاع عن وجودها كما يحدث الأن في ليبيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر