الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا خاطب الأسد الأغنام

فرياد إبراهيم

2011 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عند سماعي لمقتطفات من خطاب بشار الأسد تذكرت رواية (مزرعة الحيوان ) لجورج اورويل فورا. فقد كان أعضاء مجلس الشعب أكثرهم نيام وبعضهم كان يشخر. أظن أن فم الرئيس الملتوي (دلالة على ان امه دللته كثيرا في صباه) وصوته المتاتأ المثأثأ كانا عاملا مهما في سباتهم. نحن في العراق سميناهم ب (مجلس نعم يا سيادة الرئيس حتى وإن لم نعي ولم نستوعب ألغازك يا سيادة الرئيس). وفي اللغة الإنكليزية يطلق على هؤلاء تسمية : ييس مان (Yes man. )
فلو كان صادقا بشار أي ان لم يكن كاذبا كبقية رفاقه في الكذب والمراوغة و الدجل و لو كان شجاعا لخرج لمواجهة ومخاطبة الجماهير وجها لوجه لا امام مجلس شعب هو بمثابة مدرسة شغب أثبتت الأحداث والوقائع على مر السنين انهم لا يمثلون الشعب بل يمثلون جيوبهم وبطونهم وكروشهم فقط. وليس هذا فحسب وانما بتأليههم لسيادة الرئيس افقدوه صوابه بحيث غدى يرى الأمور على غير ما هي عليه في الواقع. اعموه بل افقدوه توازنه، فمنحوه بذلك ثقة زائفة بنفسه ليس اهلا لها. لو كانت له شجاعة القذافي لخرج وواجه الشعب بنفسه. ولكن إختبائه وراء بثينة شعبان طوال أيام الأنتفاضة الهائلة دليل دامغ على جبنه وقلة همته وتخاذله وبرهان ساطع على ان الشعب لا يحبه بل يتقرف منه ومن زبانيته. أما خروج الشعب في دمشق فإنما جاء إما خوفا وإما احتجاجا ضد بطش نظامه الدموي . وقام زبانيته ورفاقه الطفيليين الأنتهازيين بدورهم : فسطوا اعلاميا علي التظاهرات التي كانت في معظمها إحتجاجية فاعلنوها تظاهرة تأييد له لا ضده ورفعوا الأعلام وصوره ماشاهدنا مثلها الا في عراق الثمانينات. فكلما خرج الشعب الكردي في نوروز ليحتفل بعيده القومي قام التلفاز الحكومي في المساء بعرض صور الدبكات الكردية بملابسهم الزاهية مرافقا مع صياح وزعاق البوق البعثي: " هاهي الجماهير الكردية تخرج عن بكرة أبيها معلنا ولاءها المطلق للقائد الضرورة." الشعب الكردي الذي نكل بهم آل أسد وفرقهم وصادر اراضيهم وممتلكاتهم ومحى هويّتهم ما لم يفعله إسرائيل بالفلسطينيين . سمعنا من مصادر موثوقة من المهجر السوري ان عناصر من البوليس السري السوري سطوا حتى على إحتفالات الأعراس والزفّة وصيروها زفة للجرّاح ابن الجزّار: " انظروا حتى العرسان يرقصون ويغنون للقائد ، فارس الفرسان ونادرة الزمان معبرين عن فرحهم بإنتصارات الأسد الخالد على شعبه والذي لولاه لما خلق الله الأفلاك ولما كان لهم شئ من الأرزاق في الارض ولا في الآفاق ولمشوا حفاة عراة ما حيّوا" .
قال بشار في خطابه أمام الأغنام : ان ما حدث في الأيام السابقة كانت مؤامرة وفتنة ضد الأصلاح. آلاف المؤلفة من الجماهير خرجت تنادي بالإصلاح والسيد الرئيس " الفجّ " ابن اعتى جبار طاغ ٍ في التأريخ العربي المعاصر يخاطب اغنامه معلنا انهم كلهم لمتآمرون ضد الإصلاح المزمع تنفيذه عما قريب- (الكذاب يعني انه حقا قد خطط للإصلاحات وسوف يوصي ابنه الوريث بتحقيقها.) آلاف نادت ، صرخت ، طالبت بحرية التعبير ويحسبه الريس مؤامرة؟ فأي استهتار أكبر واستصغار أنكر من هذا بهذا الشعب الأصيل يا ترى؟
لو كان هناك شعب واحد في العالم بحاجة إلى ثورة لتغيير نظامه فهو الشعب السوري لأنه عاش ويعيش في ذل وقهر وظلم لا نظير له الا في النظام الستاليني الجهنمي. لم تداس وتمتهن كرامة شعب كما امتهنت وديست كرامة الشعب السوري لأربعة عقود من الزمن. الأضطهاد الفكري والقمع الوحشي وسياسة التجويع والتركيع ضد هذا الشعب الراقي والواعي بل من ارقى الشعوب العربية واذكاها لا مثيل له في التاريخ الحاضر ولا الغابر.
حسبته مثقفا، حتى سمعت خطابه امام مجلس الأغنام. فضحكت من الحزن. وتساءلت: كيف أستطاع هذا الشعب التليد أن يصبر ويتجلد كل هذه الحقب ويتحمل كل هذا الظلم ولم يتحرك. فهذا بحد ذاته دليل على ان آل أسد لهم أكثر حكام العرب بطشا وتنكيلا ووحشية وقسوة. فمن له ذرة عقل ودراية يدرك ان بشار ونظامه هم المتآمرون على شعب مكبل من كل جانب، يفتقر الى ابسط حقوق المواطنة والحياة الحرة اللائقة الخالية من الفساد المستشري في البلاد حتى صارت سوريا مضرب المثل في تقبل موظفيهم ورفاقهم الرشاوي والأتاوات من المراجعين. حتى ان بعض هؤلاء الرفاق كما علمت قام أخيرا كجزء من نشاطاتهم المشبوهة في الكسب اللا مشروع بإختطاف ابناء بعض الأثرياء وإحتجازهم في مقر الحزب الحاكم ثم اخراجهم لقاء مبالغ طائلة مهددين اهاليهم لو انهم نطقوا بحرف فالويل والهلاك المحتم.
راقبت حركات يد بشار المغرَّر به المخدوع بل الغّر الغرير فوجدته انه حالما نطق في ثغائه بكلمة الشعب لوى فاه ورفع أنفَه درجة أنفة وتقززا. فأدركت للتو مدى احتقاره لشعبه وحطه من قدرهم . درست نفسيته وعرفت الكثير عنه في دقائق معدودات فتبين لي انه متكبر متغطرس ناقص الشخصية متردد ، مهزوز، متذبذب ضعيف الأرادة لا يليق لا بالرئاسة ولاالريادة ولا حتى بالجراحة.
فاخرج يا بشار لا تخف وواجه الشعب، أوَ ليس الشعب يحبك كما تدعي؟
أم أن الجميع متآمرون ضدك؟
اخرج ، أوَلست أسدا ؟ ام احالك ما آلت إليه حال القذافي أرنبا ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA