الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبق رمضان في الفضائيات العربية

أمين الكنوني

2004 / 10 / 20
الادب والفن


جريا على عادتها في إطلاق شبكة برامج جديدة مع قدوم شهر رمضان المعظم، تتباهى إحدى الفضائيات العربية بتقديمها لأكثر من نصف دزينة من المسلسلات العربية خلال رمضان، وإذا كان من التجني تقييم منتوج الفضائيات العربية خلال شهر رمضان قبل انتهائه،فلأن المتأمل لخريطة برامج الفضائيات العربية خلال رمضان يدرك سعيها الحثيث لتحقيق أكبر نسبة من المشاهدة وأكبر ربح مادي ممكن، ومن أجل استهواء المشاهد العربي، تحول الفضائيات العربية، التلفزيون خلال رمضان، إلى مطبخ يشتغل ليل نهار،لا يكل من إعداد أطباق رمضانية ولا يمل من إنتاجها في سرعة قياسية،تمنح المشاهد الاعتيادي ما يرغب به من حركة وإثارة،ودم،وحب، مع شيء من النكتة،ومذاق الجنس،وتوابل الانفعال والكثير من الهروبية.

يرى الكثيرون في شهر رمضان،محطة لمراجعة النفس،وفرصة لللإقاع عن العديد من العادات السيئة،غير أن الفضائيات العربية تستمر في فرض هيمنتها وقمعها السافر للمشاهدين العرب،عن طريق تدفق سلسلة من البرامج الترفيهية الخاصة برمضان،والكم الهائل من المسلسلات التي أنتجت باستعجال من أجل عيون رمضان، حيث يندمج الإشهار والترفيه والدراما الضحلة والكوميديا النائية عن المواقف، في خلطة تشكل أجندة جديدة للمشاهد العربي يملأ فيها وقت فراغه بثقافة غير فعالة،يصبح من خلالها "إنسانا متسوقا" تحركه دوافع استهلاك البضائع والخدمات،وكما هي الفضائيات العربية دائما تحاول در الرماد على العيون،فإنها تتحفنا خلال رمضان بالقليل من البرامج التاريخية، الدينية، والثقافية.

ثمة اختلاف في قراءات المشاهدين العرب لبرامج الفضائيات العربية خلال شهر رمضان،فهناك قراءة المشاهد الموافق الذي يساير الفضائيات العربية وبرامجها بكامل الرضى، وهو الذي نسمع ضجيجه ومشاركاته في برامج الفضائيات العربية،وهناك المشاهد المفاوض والذي يستعمل جهاز التحكم التلفزيوني، والذي يرتمي في أحضان تلفزيونية أخرى ما إن تنغص قعدته فضائية ما،وهناك قراءة المشاهد المعارض لبرامج الفضائيات السائدة والذي لا يملك سوى الصمت مع غياب آليات تواصلية، يسمع (بضم الياء) فيها صوته... إن تقصير الفضائيات العربية خلال شهر رمضان واهتمامها بما هو فرجوي/ترفيهي مع استهتارها بمشاعر الصوم، وتكريسها للرداءة،ينم عن تقصير خطير، يهم القائمين على هذه الفضائيات،وضعف ملكات تفكيرهم في إيجاد أفكار،وتقديم مشاريع برامج،واقتراح انتاجات تناسب شهر رمضان وتواتيه، لتلافي ما تسببه بعض البرامج والمسلسلات من إحراج لدى بعض الأسر العربية.

إن الظن ليساور المتتبع لتسارع تناسل الفضائيات العربية،بحدوث ما يشبه القطيعة وفقا للتعبير الماكلوهتي بين النظام الإعلامي الوطني والنظام الإعلامي العالمي،الذي ترعاه وتتحكم فيه مجموعة من الشركات العربية والعالمية المستثمرة في المجال الإعلامي تصنيعا وتأطيرا، ومع ذلك، فإذا كانت البجعة تنشد أروع أغانيها حين تحس بدنو اجلها،فإن الفضائيات العربية لا تقدم حتى مثل هذا الغناء،وهي تترك الساحة التلفزيونية تدريجيا لسيطرة البرامج التلفزيونية الخفيفة،والبرامج المستنسخة الهزيلة،والمسلسلات المكررة،الفيديو كليب،والموسيقى التي تصم الآذان،وإذا كان التلفزيون قد كسر الكثير من عادات المجتمع العربي، وخاصة خلال رمضان، وإذا كان الملاحظ هو استسلام المشاهد العربي أمام سطوة الفضائيات العربية وهيمنتها،ومحاولة نشرها للسلوك الاستهلاكي المبني على دفع المشاهد العربي لاستهلاك بضاعة لا تستقيم مع الزمن طويلا،فإن على الفضائيات العربية أن تسعى بالإضافة إلى البحث عن المال واستنزاف جيوب المشاهد العربي إلى تحسين برامجها ودفعها إلى المستوى الذي يلائم تطلعات المشاهدين ورغباته،والعمل على تحقيق توازن بين حجم اهتمامات الجمهور، وحجم البرامج التي تتصل بهذه الاهتمامات وتتركز عليها،وإذا ماذهب لوي دولوك1890-1929إلى القول بأنه :"يجب على السينما الفرنسية أن تكون سينما،ويجب على السينما الفرنسية أن تكون فرنسية" فإن على الفضائيات العربية التي تغرد خارج سرب رمضان،أن تصل بالتلفزيون العربي إلى المستوى الذي تنطبق عليه كلمة تلفزيون، وأن على التلفزيون أن يكون عربيا،وذلك من اجل مواصلة الأمة لمشروعها الحضاري الممتد في أعماق التاريخ الإنساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي