الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دهاليز... الفقر صنع في مصر؟؟؟ قنابل موقوتة !!!؟؟؟...

مريم الصايغ

2011 / 3 / 31
حقوق الانسان


لم أتجول في الشوارع منذ فترة قد تصل لعام تقريبا فقد كان جدولي اليومي يتلخص في ...
عدد من اللقاءات السريعة المحددة سلفا و عدد من السفرات المكوكية الخاطفة !!!
ولكن بعد التغيير الذي حدث في مصر و تصاعد نبرات كثيرة لتيارات مختلفة وتنامي تيارات بعينها ...
و الحديث عن تهديدات للسافرات !!!
وانتشار بعض من حالات العنف غير المبرر تجاه المخالفين في الرأي أو العقيدة !!! ...
وجدت في داخلي رغبة حقيقة في أن أتجول في شوارع لم أدخلها من قبل لأرى حال سكانها بعد الثورة ؟؟؟
و هل جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي أنفقنا فيها الملايين عن قناعة أم عن جهل ؟؟؟
كما كنت أحتاج بشدة أن أرى القرى التي أعبر فوقها يوميا عبر المحور عن قرب لأعرف المزيد عنهم ...
و في الحقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي أقرر فيها أن اذهب لجولة ميدانية لشوارع مصر الحقيقية ...
فقد تجولت مرارا من خلال تطوعي في العمل المدني و تعاملت من خلال جمعيتي مع شعب مصر النقي في أفقر مناطق مصر...
لكنها المرة الأولى التي قررت أن أذهب لاستطلع رأي الناس في ما يحدث ...
وأن أشاهد بعيني التغييرات التي حدثت لهم لأعرف ...
هل التيارات الغاضبة المتصارعة و التي تهدد و تتكلم و تطل علينا عبر شاشات التلفزيون هي صوت شعب مصر الحقيقي !!!
أم أنها مجرد فقاعات هواء تفرقع فرقعات لحظية فقط ثم سيكرمنا الله وتختفي ؟؟؟
لذا قمت بدعوة صديقتان مقربتان لي وأمليت تعليماتي بارتداء ملابس أقل من العادية وغير ملفته وذهبنا في اتجاه المحور
وكالعادة أطلقت المغامرات الثلاثة لشعرهن العنان ونحن منطلقات في مغامرتنا أسفل المحور وليس فوقه يقودنا مساعد لي يعرف الطرق جيدا ...
عندما اقتربنا من غيط اعتقد أحمد وفاطمة أننا ضللنا الطريق لكني أكدت لهما أننا آتينا خصيصا لنجلس معهما
فنظر لنا احمد بارتياب وخاصة عندما وجد معي الكاميرا الخاصة بي فقال لي انتم أجانب ولا جواسيس ؟
انتم عايزين تصورونا ببلاش كدا ولا إيه ؟؟؟
فالقيت بالكاميرا جانبا و بدأت أتكلم معه و فاطمة صامتة تتفرج علينا وكان ملخص حديثه
: أن حالهم لم يتغير وانه لا يهتم بوجود رئيس أو عدم وجوده أو شرطة أو جيش وان كل ما يهمه فقط هو...
لقمة العيش و العلاج و النقود ليعلم هناء فقد تصبح مثلي و تذهب لتتفرج على الفقراء !!!
و هنا تحدثت فاطمة و قالت : أنها هي من تتفرج علينا وعلى سياراتنا من فوق حماراتها...
و هي تشعر أنها اسعد منا لأنها تعيش مرتاحة البال و نحن مسرعون و قلقون لكن ما يكدر حياتها فقط الفقر و الجوع و المرض .
تجولت في المنطقة وشاهدت المشاهد الغير خافية عنا جميعا من الطرق الغير مرصوفة و التجمعات الرهيبة من القمامة و الصرف الغير صحي
و كم العادات السيئة والروائح الكريهة التي تصيب الماشي والنائم و الواقف بالعديد من الأمراض .
و استقبلتني العيون بالمزيج من الدهشة والتساؤل فأخفيت الكاميرا حتى لا يتحول المشهد لمشهد غاضب !!!
لذا أكملنا تجوالنا في هدوء نحاول أن نقرأ الوضع في المنطقة بدون أن نجلب المضايقات لهم أو لنا!!!
لكن هيهات فقد تصاعدت أصوات التغريد البشري بكل أنواعه ...و المعاكسات بكل تفاصيلها القميئة
و سبابها المفهوم و غير المفهوم !!!
فقلت لنفسي كيف سيدرك هؤلاء أن هناك تغيير وصدورهم مازالت مثقلة بالهموم والأعباء ...
و أنوفهم مزكومة بكل أنواع الفساد والفقر جاسم على أنفاسهم المريضة !!!.
كيف سيختارون من يمثلهم وبعد كام مليون عام ؟؟؟
فخرجنا من مناطق ما حول المدنية مصابون بالإحباط والإعياء الشديد نصرخ بأعلى صوت
- اللي بيحكومنا فين الشعب الحقيقي اهوه بيموت - !!!
ثم قررنا أن نمتع أنفسنا بالذهاب لشبرا معقل السافرات لنرى هل أثرت الأحداث والتهديدات في جمالهن أم أنهن مازلن صامدات ؟؟؟!!!
تجولنا بشارع شبرا فوجدنا عدد من السافرات يظهرن على استحياء في لباس اسود أو ازرق أو ألوان ترابية وشعرهن معقوص بلا رونق أو جاذبية
و لم أشاهد الألوان الحمراء و الزهرية سوى في ملابس المحتشمات فقط !!!
لكن للحقيقة لم أشاهد سوى وجوه حزينة شاردة عابثة مرهقة من الحر و التراب والمرض !!!
و شعرنا جميعا أن الشارع فقد رونقه و أن الحال ضبابي و يسوده الروح الرمادية !!!
فقررنا أن نتجول في الحواري والأزقة التي تفصل بين شارع شبرا و شارع الترعة ...
لنرى شعب مصر البسيط صاحب الضحكة الصافية والقلب الخالي من الهموم !!!
فشاهدنا محال مغلقة و محال مفتوحة لا تبيع و طوابير كثيرة للخبز البلدي المدعم لكن ما شد انتباهي جدا ...
هو ملامح الفقر و الحزن بل والبؤس التي ارتسمت على الوجوه
ثم وجدنا في احد الأزقة زحام شديد و طوابير بشرية كثيرة فذهبنا إليها لنكتشف طبيعة الحال
فوجدنا أن المكان لسجل مدني لاستخراج بطاقات الرقم القومي وتوافد علينا مافيا البلطجة الذين يشترون استمارة البطاقة المستعجلة
بخمسة وسبعون جنيا و يكتبون البيانات بها و يدخلوك للتصوير لتجد نفسك قد دفعت مرتبك الشهري الحكومي لكي لا تقف في الطوابير !!!
ثم وجدت سيدة منتقبه وقد رفعت نقابها و جلست القرفصاء على الأرض تكتب البيانات للسيدات مقابل خمسة جنيهات وترفع شعار لا لاستغلال الغلابة !!!
ولهذا يضايقها البلطجة ويتشاجرون معها !!!
ثم جلست على الأرض بجوار سيدة في عمر جدتي المحبوبة - رحمها الله - قالت لي أنها جاءت لعمل بطاقة الرقم القومي ...
لتحصل على معاش زوجها ولا تملك نقود للاستمارة المستعجلة لذا قاست طويلا في طابور الاستمارة العادية
و كل يوم تأتي لتقف في الطابور لمراجعة استمارتها لكن بلا فائدة والغريب أن المشوار مازال طويلا أمامها !!!
فبعد طابور المراجعة هناك طابور التصوير ثم طابور الاستلام بعد عشرون يوما كاملة !!!
وقابلت رجل مسن أيضا لم يحترم احد شيبته جاء ليستخرج بطاقة أيضا لأنه سمع أن المحافظة ستعطيه بطاقة تموين !!!
فقلت له يا أبي استحلفك بالله اذهب لمنزلك وأبدأ بالصوم أفضل من هذه المهانة !!!
ثم تعرض لي عدد من مافيا البلطجة ليمنعوني من التحدث مع الناس فكلمت احدهم و سألته ...
لماذا لا يشفق على المسنين و يساعدهم مجانا ويكسب الثواب من الله ؟؟؟
فتساءل الرجل وهل الثواب سيفتح بيته أو يطعم أبناؤه و تحجج أن الله يسلط أبدان على أبدان و أن الحكومة لو كانت رحمته ورحمتهم ...
كان سيصبح رجل صالح مثل الناس- بتوع التليفزيون نضيف و منور-
و أضاف أن لو أنا في قلبي رحمة ادفع لهم لأرحم الفقراء من الطابور والذل أفضل من الكلام النظري !!!
شاهدت كم من الناس الحزينة المريضة اليائسة و عدد كبير من الشوارع الخربة الخالية من الأمل و الحب ...
و تساءلت أين اختفت حقوق الإنسان في الحياة الكريمة ؟؟؟
و عرفت كيف حولنا شعب مصر النقي النظيف المحب لعجائن هشة تتقاذفها التيارات المختلفة وتشكل منها ما تريد
فتحول البعض منهم لقنابل موقوتة قادرة على التخريب و فت عضد الوطن !!!
و تذكرت المليارات التي أنفقت في مختلف ميادين الترف بلا فائدة و في توشكي و إنتاج المسلسلات والأفلام الهابطة
و في الأنفاق على ديكورات مكاتب الوزراء والمدراء و الشكليات التافهة
و عدت حزينة جدا رغم أنني لم أقابل كل المصريين فهناك فئات و أنواع كثرة من المصريون ...
مصريون الثورة والفيسبوك والإعلام و الفضائيات والوزارات و الحوارات و التعديلات !!!
لكنني قابلت عدد من المواطنون الذين يصرخون من الفقر والألم و لا يريدون أن نتحدث معهم أو عنهم في وسائل الإعلام والقاعات المكيفة !!!
لكن يريدون أن نسدد احتياجاتهم ونعالج جروح قلوبهم وأرواحهم وأجسادهم !!!
عدت من شوارع ما حول المدنية حيث الفقر والحزن والجوع هم سمات معظم من قابلتهم
لأجد كاتب حر اسمه مايكل نبيل سند يواجه ثلاثة تهم
الإساءة للقوات المسلحة !!! و تكدير الأمن العام !!!
و ترويج إشاعات مسيئة للقوات المسلحة كل هذا في عهد الحرية و الثورة بسبب مقال كتبه لم يقرؤه سوي بعض محبوه وأصدقاؤه !!!
فهل وصل بنا الحال لهذا وهل تقهقرنا للعصر الذهبي الشكلي لحرية التعبير ؟؟؟
و في اليوم التالي وأنا أحاول أن أسترجع بعضا من آدميتي تابعت الحوار الوطني و الإعلان الدستوري المتناقض المواد ...
و الذي يعيد تجسيد دستور 1971 الفاقد للشرعية و يكرس للطائفية بمادته الأولى التي لفظت لفظ المواطنة ولم تعلم الشعب معناها و لم تذكر له حقوقه المترتبة عليها
والمادة الثالثة التي تقول بان الشعب وحده مصدر السلطات لتناقضها المادة الثانية التي تعطي السيف لكل من يريد أن يذبح الدولة المدنية
و تكرس للفرقة و الطائفية وينقض على حقوق الأقلية الدينية ولا يعترف بشريعة الأقلية فيجعلهم بلا حقوق أو مواطنة فلا ولاية لغير المسلم على المسلم
بالإضافة لضياع حقوقه ما بين التفسيرات المختلفة لمباديء الشريعة الإسلامية مما يجعل الحكم حسب هوى من يحكم وليس وفق عقد واضح بنوده و متفق عليه
و تتوالي بنود الدستور مشوهه بلا معايير محدده لانتخاب رئيس الجمهورية ولا تسمح بانتخاب نائبه
و تأتي نسبة الخمسين في المائة عمال وفلاحين لتكرس الفساد و التلاعب السابقين !!!
إعلان دستوري مشوه و متناقض و يعبر عن الحال الضبابي الذي نعيشه الآن و حوار وطني بعد الإعلان لا ادري ما فائدته ؟
سوى انه أعاد لذهني جلسات مجلس الشعب السابق فهو يشترك معه في الكلام والوعود و المداخلات و التعليقات !!!
لكنه أقل مستوى منه فهو يفتقد لحرفية الإقناع !!!
لم أخرج منه سوى بوعود نائب رئيس الوزراء الفقية الدستوري و المعارض السابق الذي غيره المنصب فأصبح يذكر الثورة كديكور
و يجمع حوله جماعات المعارف وشلة الأصدقاء !!!
و الغريب أن من تحاورت معهم الأيام الماضية اتهموني بالتشاؤم و حثوني أن أتحلى بالأمل !!!
وقد أجبتهم أنني غير متشائمة لكني أحاول أن أكون واقعية وأتعامل مع معطيات الحاضر بلا أحلام و لا أمال زائفة
فالفقراء قد زادوا فقرا والجهلاء قد زادوا جهلا والمضطهدين بدءوا مراحل جديدة في مشوار اضطهادهم
و سيطرت الشعارات و الغناوي و الشللية و جماعات المصالح و الحناجر المفتوحة و الأصوات العالية على المشهد السياسي الآن
والصورة تحولت من الضبابية للقاتمة . كان الله في عون مصر وحافظ على شعبي وبلادي . كليوباترا عاشقة الوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاعلان الدستوري باطل
عمرو الصاوي ( 2011 / 4 / 1 - 15:26 )
تحية تقدير دكتور مريم الصايغ على ما قومتي به في مجال الصحافة و الاعلام و ما تقومي به دائما في ميدان العمل المدني و على ما تقوم به جمعيتك جمعية تنمية الإبداع العربي وأنا أوافقك الرأي في أن الاعلان الدستوري باطل وانه مثال للطائفية و احياء لدستور 1971 ونحن قمنا بالثورة و هم ركبوها


2 - الله يكون بعون الشعوب
علي صبري ( 2011 / 4 / 2 - 08:06 )
ما في بالوطن العربي غير الفقراء و المتسلطون نحنا يحكمونا متسلطون و عصابات نحنا محتاجين نكون مردة لنحارب كل الفساد موضوع شائق استمتعت فيه اكتير


3 - الاحرار
محمود خليل ( 2011 / 4 / 2 - 10:02 )
الاحرار كتير في مصر بس الفقر كسر وسطهم عشان كده صوتهم واطي والفسدين ورجالتهم البلطجية صوتهم عالي لكن لازم يجي في يوم تترد فيه المظالم ويكون اسود على كل واحد ذل الشعب العظيم شعب مصر كله بركة وخير و موضوعك جميل اوي وعجبني جدا كل حرف فيه


4 - عندك حق يا دكتورة
رامي زياد ( 2011 / 4 / 3 - 11:36 )
الكبار كلهم بتتكلم عن الثورة و باسم الثورة و محدش حاسس بالناس فين الكيار من العشوائيات مصر بقت كلها عشوائيات و فقرا فين الكبار بتوعنا اللي عمالين يبحتروا في فلوسنا مننا احنا الغلابة اللي مشتغلناش و لا اشتغلنا ولا هنشتغل عندك حق في كل كلام كتبتيه


5 - الفقر بيزيد
سامي رفعت ( 2011 / 4 / 7 - 12:46 )
الفقر بيزيد و الغلب بيزيد و كله بيتكلم و بس هيشغلونا وياكلونا امته بس عايزين حد يجاوب علينا احنا مش عايزين غير حقوقنا و بس ياخدوا المناصب و يظهروا في التليفزيونات بس ما يجوعوناش الموضوع اللي كاتباه جميل و عجبني انا وصحابي

اخر الافلام

.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني


.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط




.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق