الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتور لا دكتاتور رسالة إلى بشار الأسد

حسان الجمالي

2011 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تركة أبيك ثقيلة يابشار! أنت الذي أردت أن تكون طبيبا لا رئيسا٬ وإذا بالقدر (مقتل ولي العهد باسل) وتصميم أب أراد لسلطته الخلود عن طريق توريثها لأحد أبنائه دفعا بك لتصبح أول رئيس وراثي للجمهورية السورية. ولم يكن الأمر عسيرا في بلد يعدل فيه الدستور بدقائق وتستمر فيه حالة الطوارئ نصف قرن٬ ولكن صفات وطباع الدكتاتور التي كانت جزءا من شخصية أبيك لا تورث٬ والجامعات التي تخرّج عشرات الآلاف من الدكاترة لا تملك أن تؤهل دكتاتورا واحدا.
جديتك لم تنجح في إخفاء الطيبة المرسومة على وجهك والتي تنطق بها عيناك٬ وليست محض صدفة أنك اخترت زوجة من مدينة عرفت بطيبة أهلها وسذاجتهم إلى درجة جعلت منهم مصدر تندر وفكاهة.
أذكر كيف اعترتني حالة من الاضطراب لرؤية صورة لك ببنطال الجينز (مثل أي شاب معاصر) منهمكا باللعب مع أطفالك وقلت لنفسي: « هذا الشبل ليس من ذاك الأسد»!
كتبت مقالا بعد استلامك للرئاسة تحت عنوان« بشار الأسد والطريق المسدود» ردا على المتفائلين بأقوالك التي أعلنت حلول ربيع دمشق٬ توقعت فيه أنك ستكون أسير النظام ورهينته. ذلك أنه كان عليك اختيار أحد الطريقين: العمل على وضع سوريا٬ ولو تدريجيا٬ على طريق الديموقراطية أو الرضوخ لمراكز القوى العسكرية والأمنية التي اعتادت خلال حكم أبيك أن تروّع مواطني سوريا عن طريق الرصاص والقذائف والقتل الجماعي والتعذيب ان دعت الضرورة ، او بصورة اكثر " سلمية " عن طريق القمع المخابراتي والتعذيب في السجون والمعتقلات.
ولكن الخوف الذي سكن شعب سورية وشاركه لعقود مديدة قيامه وقعوده وحتى أحلامه: الخوف من القمع ومن التعذيب في أقبية المباحث- وهو الخوف الدائم الذي أضيف إليه الخوف الظرفي من القتل على الهوية والخوف من أن يحل بسوريا ما حل بالعراق٬ لم تعد له فعالية اليوم بعد ما جرى في تونس ومصر وما يجري اليوم في ليبيا. اليوم الخائف هو الحاكم لا الشعب٬ وحين يتحرر الشعب من الخوف يخسر الحكم المستبد ورقته الوحيدة الرابحة!
أي إدمانا يحتاج إلى جرعات أقوى مع الوقت حتى تبقى فاعليته. اليوم٬ في عصر العولمة والانترنت٬ لم يعد بقدرة أي حاكم أن يزيد من جرعة الخوف.
لسنا بحاجة إلى دراسات وتحليلات لندرك أن جيلا جديدا انطلق كالمارد ليقول لحكام العرب ولأبناء جيلنا (جيل الهزيمة) أنه يريد أن يعيش كما يعيش شباب باريس ولندن ونيويورك وقبرص واسطنبول. هذا جيل مارس الحرية بأعينه وأطراف أصابعه بفضل وسائل المواصلات الحديثة: قرأ بالخفية المقالات والأشعار الممنوعة وشاهد الصور والرسوم الكاريكاتورية الممنوعة، وتواصل مع أناس ممنوعين من دخول بلادهم.
لقد قضيت عمرا أخوض معارك حول الحداثة والديمقراطية والعلمانية٬ وضد الأصوليات الدينية والأنظمة الشمولية٬ آملا أن تنتشر أفكار الحداثة والتنوير يوما ما (قد لا أكون فيه على قيد الحياة) ، وإذا بي أفاجأ بجيل دخل الحداثة من الباب الواسع٬ يطالب بدولة ديمقراطية وزواج مدني وديمقراطية عصرية ( كما هي مطبقة في الغرب) رافضا أن يضيع وقته في البحث عن طريق عربي أو إسلامي للوصول إليها.
اليوم لم تعد عمليات التجميل تجدي نفعا (إلغاء حالة الطوارئ أو تعديل هذه المادة أو تلك من الدستور). شباب اليوم يريد الحرية بالألف واللام والحاء والراء والياء والتاء المربوطة ويريدها كاملة سياسية وفكرية وحتى جنسية!
إنني أخاطبك مباشرة لأنني من المتأكدين٬ رغم خطابك الأخير٬ وربما بسببه٬ الذي أصاب حتى مؤيديك بصدمة كبيرة٬ أنك دكتور لا ديكتاتور وأنك مثل شعب سوريا سجين قوى أصبحت خارج التاريخ. كما أنني من الذين يعتقدون أنك ما زلت قادرا على التحرك وأن بإمكانك مخاطبة الشعب مباشرة والدعوة إلى مؤتمر لمصالحة وطنية مهمتها وضع دستور جديد ديمقراطي لسوريا المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل: نتنياهو و-التسريبات- الأمنية • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ترامب: لا أمانع إذا أطلق شخص ما النار عليّ من خلال الأخبار ا




.. هل تتحول سوريا إلى ساحة حرب إسرائيلية جديدة؟ | #التاسعة


.. تحليل عملية استهداف 4 جنود ودبابة ميركافا في حي القصاصيب بمخ




.. هاريس من ميشيغن: أتعهد بإنهاء الحرب على غزة