الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة العربية و الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة تساؤل يفرض نفسه بشأن موقع الثورات والإحتجاجات الشعبية المتلاحقة فى واقعنا العربى فى أطار الحركة البديلة والمناهضة لطوفان العولمة الرأسمالية التى تجتاح العالم الآن .
فمما لا شك فيه أن ثورتى تونس و مصر قد ساهمتا فى تعرية نظام الخصخصة وأثبات فشل جهاز الأثمان وآليات السوق وعجزهها عن تحقيق أوجه العدالة والتوازن والرفاه الإجتماعى للقاسم الأعظم من البشرفى كلا البدلين .

ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار المد الثورى العربى الراهن أحد تجليات الضرورة التاريخية التى طرحت على الساحة الدولية أتجاهآ مضادآ ومناهضآ " للعولمية الرأسمالية " فى نموذجها ونسقها وقيمها الأمريكي والغربى المعتمد .

فمظاهرالإستبعاد والتهميش والظلم الإجتماعى والسياسى كانت محركآ للإنتفاضات الجماهيرية العربية , ولكنها فى التحليل النهائى ترتبط أيضآ بأوجه المعارضة المستمرة للإستغلال الطبقى العالمى ولواقع أفقارالجنوب لصالح الشمال الغنى , ولسطوة الشركات متعددة الجنسيات ولعسكرة الإمبريالية ولجشع رأس المال المالى المتزايد .. وغيرها من مفردات العولمة الرأسمالية .

ثمة حاجة للإنتباه لهذا الجانب – فى هذه المرحلة الفارقة من تطورالحركات الإحتجاجية العربية - فمن غير المقبول أن تناضل الجماهير داخليآ ضد أنظمتها وتغفل عن معرفة وتوصيف مواقع الخصوم المناهضين أوالحلفاء الداعمين لها فى الخارج .

ومن المؤكد ان "العولمة الرأسمالية " ستمثل تحديآ حقيقيآ للأجندة الإقتصادية الوطنية المرتكزة على أفكار التنمية المستقلة والمعتمدة على الذات ورفع مستويات معيشة الفقراء و الفئات الوسطى والتى يمكن أن تدشنها وتتبناها الحكومات و الجماعات الوطنية الصاعدة فى مرحلة بناء مجتمع الثورة .

فالثابت أن شرائح عديدة من البرجوازيات العربية التى تدخل ضمن التحالف الطبقى المسيطر على الحكم فى بلادنا العربية تتكامل مصالحها الإقتصادية مع توجهات النخبة المعولمة وهى لم تكن تستطيع الحفاظ على أمتيازاتها واحتكاراتها الداخلية دون زخم و مدد خارجى داعم لها .

فضلآ عن أن الرأسمال العابر كان يعتمد على ذيول محلية هى بمثابة الوكيل المعبر عن أيديولوجيته والراعى لمصالحه وتمدده وأنتشاره .

ولذلك ستستنفر هذه الفئات قواها من أجل الدفاع عن مصالحها الطبقية واجهاض عملية التطور السياسى و الديموقراطى والحقوقى الواعد , ولن تكون رافعة لسيادة الشعب وسيطرته على السلطة والثروة الإجتماعية .

وهى فى ذلك تتوافق مع نهج العولمة الأصيل والذى يختزن فى واقع الأمر عداءآ عميقآ لفكرة " الديموقراطية " – وكما يرصه ذلك " وليم روبنسن " فى كتابه : العولمة تسع سمات مميزة لعصرنا– فما تدعيه النخبة الكوكبية من ديموقراطية هو مفهوم ينتمى لفكرة " البولارشية / التعددية ", وهو نظام تتحكم فيه مجموعة صغيرة بأسم " رأس المال " وتقتصر مشاركة الاغلبية فى صنع القرار على الإختيار بين مجموعات النخبة المتنافسة وداخل عملية أنتخابية تمت السيطرة عليها مسبقآ .

ومن هنا يتعين الربط دومآ فى مرحلة بناء مجتمع الثورة بين قضية الدفاع عن الديموقراطية والعدالة الإجتماعية وبين الخطاب السياسى الداعى لإستقلال القرار السياسى الإقتصادى والرافض للتبعية ومنطق القسر والخضوع الذى تشرعن له العولمة .

وهذا الأمر يستوجب أن ندفع بقضايانا وهمومنا على جدول أعمال الحركة المناهضة لهذهالعولمة وأن نضمن لذلك صدارة الحوار وأولويات الجدل .

فهذا سيدعم صمود قواعد الثورية الوليدة فى مواجهة غطرسة القوى الكبرى وجشع المؤسسات البيودولية , ولاسيما أن المنطقة العربية بمواردها النفطية وفراغها الإستراتيجى وأنظمها الهشة ستظل لفترة طويلة بيئة نموذجية وهدفآ لمطامع ونشاط الإمبريالية الرأسمالية .

وعلى أن يطال ذلك قضايانا الإقتصادية والسياسية الجديدة والتقليدية على سواء . , فعلى سبيل المثال , فقددشنت الحركة المناهضة للعولمة فى ديسمبر عام 2004 – وبمناسبة ذكرى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان – حملة ضمت أعضاء ونشطاء المنظمات والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان جاءوا من بلادهم حتى معبر رفح الحدودى ولأجل مساندة كفاح الشعب الفلسطينى . وكان المعنى الذى حمل دلالة عبر هذا التحرك أن القوافل واللجان الشعبية المحلية الداعمة للإنتفاضة أكتسبت حماية و مشروعية عالمية فى ظل التعاون والتشبيك القائم بينها وبين تيار دولى تبنى موقف الدفاع عن قضية فلسطين .

كما أن الحاجة تبدو ماسة لتنمية الوعى العربى بشأن دور وأهداف الحركة المضادة للعولمة , فالخطاب الإعلامى السلطوى القديم حال دون اتصال المتلقى العربى بفعاليات تلك الحركة وحيث عمد هذا الخطاب للترويج لمحاسن الرأسمالية ولم يقف أبدآ فى خط المقاومة لسيادة العولمية وليبراليتها الشرسة .

كما ستزداد الحاجة أيضآ فى مجتمعات الثورة الصاعدة لأوجه الدفاع عن الهوية والخصوصيات المحلية الثقافية والحضارية الأمر الذى يستوجب مواجهة مع عملية التنميط الثقافى والفنى المعولم الذى يتم فيه تسويق نموذج الحياة الغربية والأمريكية وباعتباره النموذج الإنسانى الأعلى والمتكامل .

وهنا لابد من الإبتعاد عن الاسلوب التقليدى والوعظى بمخاطر العولمة والإنتقال إلى خطاب هجومى يحقق لفعاليات الثورة مزايا المبادأة ويضع ببغاوات العولمة والداعيين لمزيد من أجراءات الخصخصة والإيمان بمجتمع السوق فى جانب الدفاع وزاوية رد الفعل .

وعلى قوى الثورة العربية أن تؤمن بأهمية التنمية الإقتصادية المستقلة والمعتمدة بالأساس عللى تعبئة الموارد الذاتية ورفع كفاءة العمل والتشغيل فى ظل عملية انتاج وتوزيع عادل للثروة القومية , والآ تستسلم للحجج التى يتم ترويجها عن جنة الرفاه الرأسمالى الموعود وعن فرضية أن العولمة هى أحد الحتميات والقدريات الكبرى التى يتعين الخضوع لها و الصلاة فى رحابها .

ولكن ضمن تعاون وتنسيق مع أطياف هذه الحركات الإحتجاجية المناهضة للعولمة الراسمالية ذلك أن كثير من المشاكل الداخلية لن يجد طريقه للحل على مستوى الوحدات الوطنية ولكن سيحتاج لأن يصاغ بلغة الإجراءات العالمية والعلاقات الدولية .

ثمة متغيرات دولية تطرح عديدآ من الإمكانيات التى تنطوى وبشكل ما على فرص هامة للقوى الثورية العربية الصاعدة والساعية نحو مجتمع أفضل لمواطنيها , ولكن عليها أن تدرك جيدآ معطيات المشهد المعولم المعقد والمتشابك وأن تحسن توظيف هذه اللحظة التاريخية الفارقة لصالح مشروعها الوطنى والتحررى .

عماد مسعد محمد السبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمكة الجنائية الدولية : ما مصير مذكرات التوقيف ؟ • فرانس 24


.. ما خطط جنازة رئيسي ومن قد يتولى السلطة في إيران؟.. مراسل CNN




.. قتلى وجرحى بحادث سقوط حافلة في نهر النيل بمصر | #مراسلو_سكاي


.. قبل الحادث بأشهر.. ليلى عبد اللطيف تثير الجدل بسبب تنبؤ عن س




.. نتنياهو وكريم خان.. تصعيد وتهديد! | #التاسعة