الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب العدالة و التنمية و الشرعية الديمقراطية

بودريس درهمان

2011 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تصور حزب العدالة و التنمية للإصلاح الدستوري القائم على إنشاء مجلس أعلى بقيادة صاحب الجلالة مكون من رئيس البرلمان و رئيس المجلس الاستشاري بالإضافة إلى ممثل القضاء هو تصور غير دستوري، لأن أول مؤسسة سيصطدم معها هذا التصور هي مؤسسة المجلس الدستوري نفسها التي ستبث فيه على أساس أنه غير دستوري؛ لأن أحد المبادئ الأساسية التي يجب أن تتوفر في كل مؤسسة دستورية هي التمثيلية الديموغرافية.
المجلس الأعلى المقترح من طرف حزب العدالة و التنمية سيبث فيه المجلس الدستوري بلا دستوريته، لأن على الأقل شخص واحد من مكونات هذا المجلس سيكون غير مصوت عليه من طرف القاعدة الديموغرافية و بالتالي كيف يمكن لمن لم يصوت عليه من طرف القاعدة الديموغرافية أن يبث في القضايا العدة لهذه القاعدة. المجلس الأعلى المقترح من طرف حزب العدالة و التنمية فيه أشخاص كثيرون معينون منهم على سبيل المثال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما فيه كذلك رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
المجلس الأعلى المقترح من طرف حزب العدالة و التنمية، لا يساير إكراهات المرحلة بل لا يعي بتاتا الرهانات المستقبلية لمنطقة شمال إفريقيا الممتدة من مصر شرقا إلى المملكة المغربية غربا. المسألة ليست مسألة وطنية داخلية محضة بل هي مسألة دولية كذلك تخص النظام الإقليمي للضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. المجلس الأعلى المقترح من طرف حزب العدالة و التنمية هو مجلس أعلى مقترح تحت هاجس الخوف من المستقبل في حين وضحت التجربة الحالية بأن لاشيء يقي من المخاطر غير الديموقراطية القائمة على فصل السلط و التدبير الجيد لمؤسسات الدولة حتى تكون مذرة للربح و غير سلطوية و مكلفة.
الجمهورية المصرية وعيا منها بأهمية هذه الرهانات المستقبلية قامت بالثورة على نفسها حتى تكون جاهزة لمواجهة هذه الإكراهات الجديدة المتمثلة في التعددية القطبية الدولية و التكتلات الدولية الجهوية المدعمة لهذه القطبية للاستفادة من اقتصاد العولمة عن طريق الانخراط فيها بمؤسسات تمثيلية و تنفيذية قوية مدعمة بمؤسسة ملكية قوية تضيف إلى شرعيتها التاريخية و الدينية شرعية ثالثة هي شرعية المجتمع الدولي المتمثلة في تطبيق النموذج الديمقراطي القائم على فصل السلط و على التداول حول السلطة.
هاجس الخوف هذا الذي يعتري حزب العدالة و التنمية هو هاجس متأتي من معاناته مع الجهة التي كادت تقوم بحله في بداية الألفية الثالثة، ولكن هو كذلك عجز بنيوي متأتي من عدم قدرته مواجهة إكراهات الشرعية الديمقراطية المتمثلة في أداء ضريبة مواجهة الخيارات الغير ديمقراطية كما فعلت ذلك الأحزاب السياسية الديمقراطية المغربية، كالاتحاد الاشتراكي و حزب اليسار الاشتراكي الموحد بالإضافة إلى حزب الطليعة و الأحزاب السياسية الأخرى. الهروب من مواجهة الخيار اللاديمقراطي و التمترس وراء المؤسسة الملكية لتبرير العجز لم يعد خيارا مقبولا من طرف المؤسسة الملكية نفسها. القوى السياسية التي تتستر وراء المؤسسة الملكية من أجل الحصول على حصتها من التمثيلية البرلمانية و التمثيلية المحلية و الجهوية و غيرها هي قوى سياسية ساهمت و تساهم في لا شعبية المؤسسة الملكية و تضر بشرعيتها الديمقراطية.
المؤسسة الملكية هي مؤسسة لكل القوى السياسية و ليس لبعضها، و مثل هذا الخيار الأخير يجعل المؤسسة الملكية في مواجهة القوى السياسية الأخرى و هذا ضد جوهر وجود الملكيات في كل مكان.
حزب الأصالة و المعاصرة ليس هو الحزب الوحيد الذي تمترس وراء صديق صاحب الجلالة من اجل الاستحواذ على الثروات و المناصب بل حتى حزب العدالة و التنمية، لأنه منذ ظهوره على الساحة السياسية وعلى مرتين أثبت أنه حزب فضل هو الأخر التمترس وراء صديق صاحب الجلالة بدل التسلح بالشرعية الديمقراطية و المساهمة في بناء مؤسسات تمثيلية قوية. حصل هذا لما فضل التمترس وراء المرحوم عبد الكريم الخطيب المقرب من القصر و حصل كذلك لما فضل التفاوض من اجل إخراج احد مناضليه من السجن و تعيينه في المجلس الاجتماعي الاقتصادي المحدث بدل الاعتماد على الشرعية الديمقراطية.
حزب العدالة و التنمية يستثمر شرعيته الدينية المعتدلة و يقتصر عليها فقط بدون المحاولة بتدعيم هذه الشرعية الدينية المعتدلة بشرعية ديمقراطية حقيقية. مثل هذا السلوك يشكل خطرا دائما على الساحة السياسية الوطنية لان المكونات السياسية الدينية الأخرى التي لم تحصل على حصتها السياسية التمثيلية من جراء استثمارها هي الأخرى للشرعية الدينية ستقوم برفع أسقف مطالبها و تقوم بتثوير العقيدة بدل تثوير الواقع و بناء مؤسسات ديمقراطية قوية مواكبة للتغيرات الدولية و محترمة لمصداقية المؤسسة الملكية التي هي رمز الوحدة الوطنية و رمز التنوع و الاختلاف السياسيين القائمين عبر التاريخ.
عدم اكتساب حزب العدالة و التنمية للشرعية الديمقراطية يتجلى كذلك في عدم احترامه لتراكمات الحراك الثقافي الإيديولوجي الوطني الذي حسم في عدة أشياء خلال عشرية حكم العهد الجديد و التي أصبحت من المكتسبات التي لا يمكن التراجع عنها، منها على سبيل المثال لا الحصر تدريس اللغة الأمازيغية بحروفها الأصلية تفيناغ. فبعد أن حسمت المؤسسة الملكية و معها جميع القوى السياسية في هذا الأمر سنة 2002 و بعد تهيئ منهاج تربوي وطني أمازيغي مبني على أساس حروف تفناغ الأصلية يخرج حزب العدالة و التنمية عن الإجماع و يطالب بإصلاح دستوري يخص تدريس اللغة الأمازيغية بالحروف العربية. هل هنالك شخص عاقل واحد يمكنه في الظرف الراهن بعد كل هذا التراكم الذي حققه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية المطالبة بتدريس لغة بحروف هي غير حروفها الأصلية، لا أعتقد ذلك و لكن حزب العدالة و التنمية حينما يطالب بتدريس اللغة الأمازيغية بالحروف العربية هو فقط يريد إفساد منطق الشرعية الديمقراطية و الاستهانة بما حققته المؤسسات الوطنية المنبثقة عن هذه الشرعية الديمقراطية و على رأسها النضالات الأمازيغية التي أودت في ما أودت إليه المعهد الملكي للثق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟