الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقابيل النفسية للتعرض للحروب والارهاب

جواد الديوان

2011 / 4 / 1
الطب , والعلوم


وصف الاطباء عقابيل التعرض للصدمات النفسية والجسدية (الحوادث) يعاني في بداية القرن العشرين في استرجاع تفاصيل الحادث، والاندهاش او الجفل عند الاستجابة لاي محفز (صوت او ضوء او غيرها)، وطبع حاد وفقدان للتركيز وضعف الذاكرة واضطراب النوم مع الكوابيس، وكذلك الكابة والخوف والالم في مختلف انحاء الجسم. ودور الحوادث في تشكيل الاعراض المذكورة اثار نقاشا واسعا. ومدرسة فرويد تشير الى ان الاعراض بمجملها هستريا (رحام). وهناك من اعتقد بان الاضرار للجهاز العصبي سبب تلك الاعراض، وتطرق اخرون لاعتبار الاعراض تمارضا وبحثا عن التعويضات (عصاب التعويضات). وربما اتفق الاطباء والعلماء بان ذوي الشخصيات الغير مستقرة يتاثرون سلبا بالحوادث والصدمات فتتشكل لديهم تلك الاعراض.
وظهرت الاعراض لدى اصحاب الشخصيات السوية بعد الحروب الطويلة (حرب فيتنام كانت محور البحوث)، وعندها اقتنع العلماء والاطباء بتلامر واطلقوا على تلك الاعراض "الكرب التالي للرضح"، وهي ترجمة للانجليزية Posttraumatic stress disorder (PTSD) في التصنيف الامريكي للامراض العقلية DSM-III . وتستمر الاختلافات فيستوجب التصنيف العاشر للامراض ICD-10 التعرض لحادث جسدي او نفسي لتشخيص المرض، اي انه لا تكفي الاعراض لوحدها، والمشكلة في تعريف الحادث.
المزعجات في الحياة كثيرة وممكن ان توصف بالحوادث مثل الطلاق او الفشل في الامتحان وغيرها، ورغم ان نسبة ضئيلة جدا من المجتمع (0.4%) تعاني من الكرب التالي للرضح، فان التشخيص يتطلب تعريفا دقيقا للحوادث. وحددوها باعتبارها ابعد مدى من الخبرة الانسانية الاعتيادية اي مما لا يتعرض له الانسان اعتياديا. وتظهر الدراسات الوبائية بان الكرب التالي للرضح ممكن ان يحصل نتيجة الموترات اليومية مثل حوادث السيارات البسيطة. فيتغير التعريف في التصنيف الامريكي الرابع للامراض العقلية اي الاحدث في ذلك الوقت، ليشمل تعرض الشخص او مشاهدته او تصديه لحادث او حوادث تتضمن التهديد بالموت او الجروح الخطيرة او تشويه الجسد له ولغيره وتعرض لذلك كل السجناء السياسين في العهود السابقة وخاصة ابان حكم صدام حسين، بل عامة الناس عند تنفيذ حكم الاعدام بالشارع! ابان الحرب العراقية الايرانية ثم قطع الالسن والاعناق في تسعينات القرن الماضي وغيرها، وتنفيذ عقوبات جسدية علنا، وفي السنوات السابقة التي تلت 9 نيسان 2003 تم تصوير عمليات الذبح وتوزيعها باقراص مدمجة، او القتل الجماعي بالتفجيرات والخطف وغيرها مما عاشه الشعب العراق ابان الحرب الاهلية العراقية. ويخطو التصنيف ليتناول كذلك استجابة الشخص (الخوف الشديد او الفزع او الشعور بعدم وجود مساعدة عائلية او اجتماعية ولدى صغار السن الانفعال الحاد والسلوك الغير منظم). وهنا يشير الى الفروق الشخصية في الاستجابة للحادث واهميتها في التشخيص.
ويستمر النقاش للتوسع في اضافة احتمالات الاستجابة النفسية للحادث مثل الشلل العاطفي ومشاهدة او المشاركة في جرائم الحرب مثل تعذيب الاسرى او قتلهم او تشويه الجثث وقد شاعت في العراق الجثث المفخخة او المتعفنة او المقطوعة الراس وغيرها ابان سنوات العنف الطائفي والارهاب. وتشيع في المعسكرات سابقا والمدارس كذلك العقوبات علنا مثل الفلقة وغيرها. كما ان الشعور بالخجل او العار او الذنب من التصرفات ممة في ظهور الكرب التالي للرضح. والتوسع كذلك في تعريف التهديد بالموت ليشمل ادراك الشخص لذلك التهديد ومنها الانهزام العقلي حين يفقد الانسان قابلياته على الافعال الذاتية اي المبادرة بعمل ما دون توجيه او امر.
ومن الاعراض السريرية للكرب التالي للرضح استعادة لا ارادية لجوانب من الحادث في صور واضحة ومزعجة لبعض جوانب الحادث، ويتصرف الانسان وكأن الحادث يتكرر! ويبرز ذلك في الكوابيس والصور التي تقتحم ذاكرته. ومن الامثلة الكلاسيكية تتذكر المراة عيون من اعتدى عليها جنسيا، ويسمع الرجل اصوات اصطدام سيارته. وفي العراق لا زال جرحى الحروب العبثية يعانون منها وبالاخص المعوقين منهم وكذلك اسرى الحرب ومن قضى سنوات طويلة في اقفاص الاسر. وبالامكان تصور الاضرار النفسية التي نتجت عن حرب اهلية عانى منها شعب العراق، والدراسات عنها نادرة (الحلقة القادمة تتناول هذا الموضوع). وتصعب استعادة تفاصيل الحادث رغم المعايشة الطويلة له. ويسبب الحادث الالم والاسى مع رد فعل غاضب، يحاول فيها الشخص ابعاد الذكريات ليبقى التامل في الاسئلة حول الحادث والنجاة منه. وتتاثر الذاكرة فيصعب رواية التفاصيل كاملة، ومن الامثلة ما شهدته المواقع الالكترونية قبل فترة من نقاش حول الهروب من سجن الحلة وتفاصيلها واختلاف الرواية في تفاصيل دقيقة، ولكن الاهم حصولها وشخوصها الابطال. اما الحالة العاطفية للمصاب فتتراوح من خوف شديد وغضب وحزن وشعور بالذنب والخجل الى الشلل العاطفي وربما يترك فيها المريض المشاركة في المناسبات الاجتماعية خاصة التي تذكره بالحادث.
ويختلف العلماء في تصنيف الكرب التالي للرضح، فقد وضعه التصنيف العاشر في اضطرابات التكيف للمسبب وتوتر الحوادث، وضعه التصنيف الامريكي الرابع للامراض العقلية في اضطرابات القلق، وهناك من يضعه في اضطرابات الاعتزال. ان الاختلافات توضح الاشكالات القائمة في تفسير اسبابه واعراضه. وهذه مقدمة لتناول الاشكالات النفسية للحرب الاهلية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناتو يخشى إضرار روسيا بشبكة الإنترنت العالمية باستخدام دلا


.. منظمة الصحة العالمية للحرة: الحالة الصحية والحاجة الطبية هي




.. نيكول سابا مابحبش عمليات التجميل وكلنا بنكبر والفلاتر جابت ل


.. تطعيم من تجاوز الـ18 عاما.. فنلندا تتخذ إجراءات احترازية من




.. تشقير الشعر بعصير الليمون.. ترند منتشر على وسائل التواصل الا