الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية إلى ثورة أكتوبر

عبد المعين الملوحي

2004 / 10 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يحق للإنسان، لكل إنسان، أن يتمنى وجود عالم أفضل من عالمنا الحاضر.
ما تزال حياة الإنسان قصة، ويجب عليه أن يتمّها، أن يستدرك ما فيها من نواقص، أن يتخلص مما في العهود السابقة من آثار سلبية:
الاستعمار، الاستغلال، العبودية، الفقر، الجهل، المرض...
تلك هي الآفات التي ما تزال تفتك بالإنسانية، والتي يجب أن تنقذ نفسها منها إلى الأبد، هذا حقنا و واجبنا الإنساني، فإذا تخلينا عنهما لم نكن بشراً.
كل العهود التي تتابعت على الإنسانية لم تضمن للإنسان أن يكون إنساناً كاملاً.
تتابعت الأنظمة وتوالى الحكام، ملوكاً ورؤساء وزعماء، وعاشوا في نعيم،
و لكننا ـ نحن الفقراء ـ عشنا وما نزال نعيش في جحيم.
عندما كنا عبيداً، كنا نُقتل دون عقاب، ونَخدم دون ثواب، ونصارع الأسود لتسلية السادة، كانت نساؤنا إماء، و كان شبابنا غلماناً.
عندما صرنا أقناناً، كان سادتنا الإقطاعيون لا يعملون ويشبعون ، وكنا نعمل ونجوع، كانت حتى نفوس أمواتنا تحسب من أملاك سادتنا.
عندما غدونا عمالاً كان سادتنا يفرضون علينا ساعات طوالاً من العمل لقاء لقيمات لا تسد رمقنا ولا تكفي عيالنا وأطفالنا.
وعند ذلك ثرنا، رفضنا أغلال العبودية والإقطاعية والرأسمالية، ثرنا لنكون، نحن الفقراء، أصحاب الأرض التي نفلحها، أصحاب المعمل الذي نعمل فيه.
وعانت الشعوب في ظل هذه النظم مثلما عانى الأفراد.
شعوب يغزوها الأقوياء ليستولوا على أراضيها.
شعوب يستعمرها الأقوياء ليسرقوا خيراتها ويجعلوها طعمة للمدافع في حروبهم القذرة.
وعند ذلك قالت الشعوب: كفى، كما قال الأفراد من قبل.
و عندئذ قام الشعب بقيادة لينين بثورة مباركة في أرض مباركة.
حطم القيصرية
أنهى الإقطاعية
ألغى الرأسمالية
أقام الاشتراكية
أسس دولة الفلاحين والعمال،
وانضمت إليها شعوب روسيا القيصرية لتبني "الاتحاد السوفياتي"،
وانتقلت هذه الشعوب جميعاً من عصر "المحراث اليدوي" إلى عصر الذرة،
وأعادت قوى الظلام الكرة، فهاجمت الاتحاد السوفياتي.
وهبت شعوبه بقيادة ستالين لحمايته فقدمت 20 مليون شهيد، فأنقذت نفسها وأنقذت الإنسانية. وأعادت بناء ما هدمته الحرب الضروس في سنوات قلائل.
وبدأ الاتحاد السوفياتي بعد النصر يحرر شعوب الأرض، ويفرض على مستعمريها الخروج منها.
في عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى كانت المستعمرات وأشباه المستعمرات تبلغ مساحة أراضيها 104.5 مليون كم2 و كانت سكانها 1230 مليون إنسان .
بعد الحرب العالمية الثانية تضاءلت المستعمرات وأشباه المستعمرات فبلغت مساحة أراضيها 7.7 كم 2 ، و بلغ سكانها 45.8 مليون إنسان*.
و توالى تحرير الشعوب .
الاستعمار عار على الإنسانية، و هذا العار يقع كله على عاتق النظام الرأسمالي الذي استعبدت فيه حفنة من الدول الإمبريالية الأكثرية العظمى من سكان الأرض.
ثم جاءت ثورة أكتوبر، (و تمّ نصرها في حرب التحرير العظمى) فأيقظت شعوب الشرق، و ألهمتها القوة للنضال ضد الظالمين**.

و بدأ الاتحاد السوفيتي يتراجع يوماً بعد يوم. وتسرب خلال ذلك إلى قيادة الحزب بقايا البرجوازية والإقطاعية وعملاء الدول الأجنبية، و هذا التسرب هو الذي دعا المفكرون الأوائل للحذر منه.
وتعاون التفسخ الداخلي، و التدخل الأجنبي في انهيار الاتحاد السوفيتي فانهار.
جاء في كتاب "العلم و الناس"ص 440:
كان الناس يصورون السعادة بصورة طير أزرق يفلت منا في الساعة التي نظن أننا قد قبضنا عل جناحه...)
وقد ظننا أننا قبضنا عليه بقوة حين قام الاتحاد السوفيتي، ولكن هذا الطائر ـ و اأسفاه ـ أفلت منا مرة أخرى بعد سقوطه.
و أصبحت الشعوب الضعيفة دون حماية و لا معونة، و تفرد (الشيطان) بالأرض يملؤها عدواناً و طغياناً:
و قد كنتَ لي جبلاً ألوذ بظلــه
فتركتني أضحى بأجرد ضاحــي
قد كنت ذاتَ حميّةٍ ما عشتَ لي
أمشي البرازوكنتَ أنت جناحي
فاليوم أخضعُ للذليـل و أتــقـي
منه و أدفع ظالمي بالراحـي
و أغض من طرفي و أعلم أنـــه
قد بان حدُّ فوارسي و رماحـي ***

لقد ولدت عام 1917 سنة ولدت ثورة أكتوبر .
وهاأنذا أعيش، وها ذي ثورة أكتوبر وقد ماتت.
أليس عجيباً أن يعيش إنسان واحد أكثر مما تعيش ثورة شعوب؟
ماتت ثورة أكتوبر، و خلا الجو للشيطان الرجيم.
وها هو أخيراً يترك الصهاينة في فلسطين المحتلة يملكون القنابل الذرية وأسلحة الدمار الشامل، و يرفضون تنفيذ قرار واحد من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن و الأمم المتحدة، فلا يحاسبهم، بل يمدهم كل يوم بسلاح جديد، وهو في نفس الوقت يهدد شعوبنا بالعدوان و الدمار إن أرادت امتلاك بعض الأسلحة للدفاع عن النفس.
أرأيتم طوال العهود التي مرت بها البشرية مثل هذه الوقاحة؟

و لكن:
هل زالت الأسباب التي دعت إلى قيام ثورة أكتوبر؟
ما أظن.
بل إنها زادت قسوة و عنفاً.
الرأسمالية تزداد جشعاً و نهباً للشعوب.
الرأسمالية زادت وحشية في اضطهاد الشعوب.
الفروق بين الأغنياء والفقراء ازدادت أضعافاً مضاعفة.
في أفريقيا يموت الملايين من الأطفال جوعاً ومرضاً

إذن فالأسباب التي دعت إلى قيام الثورة الكبرى عام 1917 ما تزال قائمة، ولذلك فستفجر ثورات كبيرة أخرى في العالم.
وسيعود نور الاشتراكية لينتصر على ظلام الرأسمالية السوداء.
لا يمكن أن تكون هذه الرأسمالية السوداء آخر مراحل تطور الإنسانية.
كل حر يؤمن أنّ مستقبل الإنسانية هو الاشتراكية.
والمستقبل كشاف...
عبد المعين الملوحي
عضو مجمع اللغة العربية
دمشق 20/2/1998
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة كتاب "من خفايا ثورة أكتوبر" ـ ترجمة وإعداد شاهر أحمد نصر ـ مطبعة قوس قزح ـ طرطوس ـ 1998
*** - شاعرات العرب : 296-297
* - كتاب العلم و الناس و المجتمع ( دار التقدم ) ص : 399
** - المصدر نفسه ص : 399-400








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام


.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا




.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال


.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل




.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو