الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي في احداث العالم العربي الاخيرة

طلال احمد سعيد

2011 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



على اثر الفشل الذي منيت به الجيوش العربية عام 1948 عندما خاضت حربا ضد قرار تقسيم فلسطين ، قام البعض من قادة وضباط تلك الجيوش بانقلابات عسكرية لتغيير الانظمة الحاكمة باعتبارها هي المسؤولة عن هزيمة الجيوش العربية في تلك الحرب ، وانطلق الانقلاب الاول من سوريا بقيادة حسني الزعيم اعقبته انقلابات عديدة سواء في سوريا نفسها او في مصر والعراق واليمن وليبيا وتونس وغيرها من البلدان العربيه .
لعل اهم ملامح تلك الانقلابات العسكرية هي فقدان الديمقراطية واقامة ديكتاتوريات عسكرية وانظمة للحكم الواحد . وقد شرعت العديد من القوانين واجريت الانتخابات الشكلية والهزيلة لاضفاء الشرعيه لتلك الانظمة , ثم ما فتأت ان تحولت انظمة الحكم العربية الى نمط ثابت ديكتاتوري لايتغير يحكمه اشخاصاً وضعوا لانفسهم صفة الزعامة المطلقة وشرعوا القوانين التي تجعلهم حكاما مطلقين مدى الحياة يورثون الحكم لابناءهم على طريقة الانظمة الملكية . رافق كل ذلك مصادرة لحريات الشعوب وسلباً لارادتها ومسخاً للديمقراطية تحت شعارات زائفة تتصف من الناحية الشكلية بالطابع الثوري او الشعبي والى غير ذلك من المسميات الخادعه والمهيمنه على مسيرة الحكم والمزورة لارادة الجماهير . ووفقا لذلك النهج فان هؤلاء الحكام ظلوا على رأس السلطات عشرات السنين مثل الحكم السوري والمصري واليمني والليبي والتونسي والسوداني . وظلت شعوبهم ترزح تحت مختلف اشكال الاضطهاد ومصادرة اراده الجماهير وحرياتها .
في هذه الحقبة الطويلة والصعبه من تاريخ الشعوب العربية كانت هناك على الجرف الاخر من البحر المتوسط نسائم للحرية والديمقراطية والانطلاق والابداع هبت لتعطي زخما ووعياً للشعوب العربية المضطهدة ودفعا لضرورة التغيير في تلك الانظمة الديكتاتورية الجاثمة على صدور ابناءها . مقابل رياح التغيير ومعطيات الحرية والديمقراطية السائدة في العالم الغربي كانت هناك رياح من نوع آخر تتمثل في تنشيط التيارات الدينيه والرجعيه التي انفقت عليها الولايات المتحدة والسعوديه مليارات من الدولارات كي تكون قوة هدامة للنظام السوفيتي القائم انذاك . غير ان ذلك التيار تحول الى قوة هدامة لكل انواع الفكر التقدمي والديمقراطي وتشكلت جماعات ارهابية لاتؤمن الا بالصراعات الدموية .
في الاحداث الاخيرة التي جرت وتجري في البلاد العربية نجد ان البعض منها متاثرا بالتيار الديني مثل مايجري في اليمن ومن الممكن في هذا المجال ان نلقي ضوءا من الشك حول الحركات الاخرى ففي مصر مثلا تضهر ملامح للتيارات الدينيه المسيطرة على الشارع وفي ميدان التحرير كما هو معروف ولعل من الغريب ان نطلع اليوم على موقف من قبل اكثر الاحزاب المصرية عراقة في الافكار العلمانية والليبرالية فأن هذا الحزب اصدر اخيرا بيانا اعلن فيه تمسكه بمباديء الشريعه الاسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع وبالقيم الروحية السماوية وحزب الوفد هذا يعلن بصراحة رفضه للعلمانيه التي تنادي بفصل الدين عن الدولة ، هذا الموقف يعكس بالضبط تأثر الثورة المصرية ( اذا جازت تسميتها بالثورة) على مدى تاثير التيار الديني الرجعي على مستقبل مصر وقد يكون ذلك نوعا من التراجع الفكري الذي كان قائما خلال حكم الرئيس حسني مبارك .
في القضية الليبيه هناك جدلا حادا دائرا بين دول الحلف الاطلسي وبقية دول التحالف والجدل مبعثه الخوف اساسا من احتمال سيطرة جماعات القاعدة على حركة الثورة الليبيه وبعين الوقت فان دول التحالف وبضمنها الولايات المتحدة تخشى من ان تعيد التجربة العراقية الكارثية عندما جرى تغيير الحكم في العراق
بقوة السلاح لمصلحة مجموعه من الاحزاب الدينيه التي سرعان ماسيطرت على البلاد واستلمت مقاليد الحكم ومازالت حتى الوقت الحاضر حيث تحول العراق الى ميدان للصراعات الطائفية والاثنيه والعرقية بدلا من ان يكون منارا للديمقراطية الحقيقية والليبرالية .
لقد نشرت بعض الصحف بتاريخ 2-4-2011 بيانا صادرا من المجلس الانتقالي الليبي تعهد فيه باعادة بناء دولة ديمقراطية حقيقة في البلاد تستند الى القانون والحريات العامة وانه لابديل عن قيام مجتمع التحرر والديمقراطية وسيادة مباديء حقوق الانسان , واكد البيان على ضرورة اقامة الدولة المدنيه وضمان وكفالة حريه الرأي والتعبير والنشر واستقلال الصحافة وقال البيان بان هذه الدولة المدنيه الحرة هي دولة المؤسسات والقانون تتمسك بقاعدة التعددية الفكرية والسياسية ومبدا تداول السلطة واوضح البيان بان الدولة المدنيه المزمع اقامتها تحترم العقائد الدينيه بعيدا عن التعصب والتطرف والضعف والتزوير , فالانسان في الدولة الليبيه القادمة مخلوق حر طليق يتمتع بكل ميزات المواطنه بغض النظر عن اللون او الجنس او اللغه او المعتقد او العرق او الوضع الاجتماعي .
من خلال قراءه بيان المجلس الانتقالي الليبي نتوصل الى حقيقتين :-
1) ان النظام القادم الذي ينوي المجلس الانتقالي اقامته هو نظام علماني لايخضع للتشريعات الدينيه .
2) ان البيان يؤكد في اكثر من موقع على مباديء الديمقراطية وحرية الفرد والليبرالية
ان المباديء التي اعلنت عنها قيادة الثورة الليبية تبعث الامل في اقامة انظمة ديمقراطية حقيقية تفصل بين الدين والدولة بكل جرأة ووضوح وقد تشكل الثورة الليبيه استنادا الى البيان التي اصدرته تشكل منطلقا حقيقيا لسيادة الانظمة الديمقراطية والعلمانيه ولاول مرة في تاريخ الامة العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف