الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 4 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


البرادعي ، وفي أثناء معركة الإستفتاء ، وصف توظيف الخطاب الديني من أجل دعم نعم ، بإنه مرعب ، و ذلك في تعليق له .
يبدو بالفعل أن الخطاب الديني كان شديد الوقع عليه ، لدرجة أن الرعب منه جمده ، فلم نشاهد له حملة حقيقية لشرح الموقف للشعب المصري ، فكانت قيادته الضعيفة الواهنة لحملة التصويت بلا سبباً في تلك الهزيمة الثقيلة التي منينا بها في مارس 2011 .
أنا أعلق على ذلك التعليق برغم أن الأحداث تجاوزت معركة إستفتاء مارس 2011 ، لأن تعليق الدكتور محمد البرادعي ، رغم قصره ، يكشف جانباً مهماً من شخصيته ، و أفكاره ، و يلقي الضوء على المستقبل ، سواء مستقبل حملة البرادعي ، و حظوظه في الفوز ، أو مستقبل مصر في ظل قيادة البرادعي لو فاز - لا قدر الله - بمنصب الرئاسة .
تعليق البرادعي يكشف التالي :
أولاً : البرادعي يبدو إنه غير متصل بالواقع المصري ، فهو يتصور أن السياسة في مصر هي على النمط النمساوي ، و ربما نسى نفسه فتصور إنه يتنافس على منصب الرئاسة ، أو منصب المستشارية ، في النمسا .
يبدو أن الحماية التي لازال يسبغها عمر سليمان - حاكم مصر الحقيقي في الوقت الراهن - على البرادعي للآن ، جعلته لا يعرف أن كل شيء في الحقيقة مباح إستعماله في الإستفتاءات ، و الإنتخابات ، المصرية ، و ذلك من الضرب تحت الحزام ، بالتشنيع ، و ترويج الإشاعات القذرة ، إلى إستخدام المال لشراء الأصوات ، إلى إستعمال أرباب السوابق ، و العاهرات ، و أن كل ذلك كثيراً ما تم تحت إشراف الأجهزة الأمنية الرسمية ، التي يفترض إنها تابعة للدولة ، أي للشعب ، و ليس للنظام الحاكم .
ثانياً : إرتعاب البرادعي من الخطاب الديني دليل أخر على إنه لا يفهم المجتمع المصري حق الفهم ، و أنا هنا لا أعيب عليه إنه قضى شطر كبير من حياته خارج مصر ، فأنا شخصياًً في المنفى منذ سبع سنوات ، و لازلت ممنوع من العودة لمصر لليوم ، و لكني - و بعكس البرادعي - ملم بالمجتمع المصري ، بمشاكله ، و بتطلعاته ، على السواء .
الشعب المصري أكثر الشعوب تديناً في العالم بحسب دراسة حديثة ، و هي حقيقة تدعمها المشاهدات ، و تدعمها الشهادات التاريخية ، لعل أشهرها - و ربما أقدمها - شهادة المؤرخ الإغريقي هيرودوت .
شعب مصر ، بمسلميه ، و مسيحييه ، و غير ذلك من المعتقدات ، هو أكثر الشعوب تمسكاً بالدين ، فطبيعي أن يشكل الخطاب الديني جزء من خطابه العام ، و بالتالي جزء من خطاب فصائله السياسية ، و خطاب قادته الشعبيين .
النصوص القانونية التي يُراد بها تحجيم الخطاب الديني في مجتمع متدين بطبيعته ، لدرجة أن الدين يجري في دمائه ، لا يمكن أن تفلح ، لأنها لا تتماشى مع طبيعة الشعب التي تريد أن تتحكم فيه .
لهذا لا يمكن أن يفلح سياسي مصري يرعبه الإستماع للخطاب الديني الصادر عن خصومه السياسيين ، خاصة في مرحلة يتطلع فيها الشعب المصري إلى تغيير إيجابي حقيقي .
هذه النقطة - و هي الثانية في الترتيب في هذا المقال - تدفعنا للنقطة الثالثة .
ثالثاً : القضايا المتعلقة بالدين في مصر حالياً لا تقل في الأهمية عن تلك المتعلقة بالإقتصاد ، و ماء النيل ، و العلاقات الخارجية ، الإقليمية ، و الدولية ، و في مجتمعنا المصري المتدين بطبعه ، لا يمكن التعامل مع القضايا المرتبطة بالدين ، و منها تلك التي كانت سبباً في الكثير من التوترات الطائفية ، و لا أيضاً السير بالمجتمع المصري قدماً للإمام ، أي لا يمكن إحداث تغيير إيجابي ملموس ، و له صفة طول العمر ، و ذو حجم كبير ، بدون أن يكون قائد الدولة قادر على الخوض في المسائل الدينية ، خوض عارف ، و لا أقول خوض فقيه ، أو عالم .
لكي يحدث تغيير إيجابي حقيقي في المجتمع المصري ، تقوده الدولة ، و بإسلوب مسالم ، فعلى قائد الدولة أن يكون قادر على أن يخوض ، و أن يدير ، حوار ديني محترم ، و عميق ، مع من يتفق معه ، و مع من لا يتفق معه ، من علماء الدين ، و مع السياسيين من بعض التيارات السياسية ذوات الصبغات الدينية التي تتبنى فكر مدارس فقهية مختلفة ، و أن يكون قادر على شرح الموقف للشعب المصري مباشرة ، و هذا الحوار ، و ذلك الشرح ، لن يكونا أبداً من جانب شخص يرعبه الخطاب الديني ، لدرجة إنه يجمد أوصاله ، و يعقد لسانه .
البرادعي بخصائصه الشخصية السلبية في ميدان التواصل الإجتماعي ، المشابهة لخصائص جمال مبارك ، و منها ضعفه في النقاش ، و المناظرة ، و فقده للقدرة على التواصل مع الجمهور ، و إفتقاره لصفات القيادة ، مضافاً لذلك إرتعابه من الخطاب الديني ، هو هدف سهل للنظام ، و لن يقود أي تغيير لو فاز .
البرادعي هو مرشح الأمن لشغل مقعد مرشح المعارضة ، في الإنتخابات الرئاسية القادمة ، لأنه الأضعف ، و حتى لو حدث و فاز بالرئاسة - لا قدر الله - فإن عهده سيكون إستمرار لتحكم الأمن في الشأن الداخلي المصري ، تماماً كما في حال فوز مرشح عمر سليمان ، أي في الحالين إستمرار للأوضاع الداخلية كما عهدناها في زمن مبارك المظلم ، لأنه سيكون أسير لمستشاريه الذين سيقدمهم له الأمن ، كما قدم له بعض أعضاء جمعية التغيير الداعمة له ، و مثلما يدعم الأمن حملته في فيسبوك حتى يكون مرشح المعارضة .
الأمن يريد من الشعب المصري التصويت لواحد من إثنين ، البرادعي ، أو المرشح شبه الرسمي للنظام ، أي لواحد من إثنين لا يمسان نفوذه .
دعمكم لحملتي للترشح للرئاسة ، و الذي يبدء بدعمكم لحقي في تجديد جواز سفري المصري ، و هو جواز سفري الوحيد ، و حقي في الخروج سالماً من رومانيا ، التي يتعاون جهاز إستخباراتها مع جهاز إستخبارات عمر سليمان ضدي ، ثم لحقي في العمل السياسي بحرية في مصر دون التعرض للإعتقال ، هو دعم للتعامل بجدية ، و حسم ، على أساس المصلحة العامة للشعب المصري ، مع القضايا المصرية ، الداخلية ، و الخارجية .
لازال هناك وقت .
إستعيدوا مصر .

03-04-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً