الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الاحتجاجية في العالم العربي

محمد بهلول

2011 / 4 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إصلاح يجهض الثورة أم ثورة تنتج الإصلاح ؟! ...

الثورة والإصلاح مفهومان مختلفان فلسفياً، سياسياً وواقعياً، هذا بالمعنى النظري المجرد، أما في الواقع العملي؛ فإن الكثيرين يخلطون ما بين المفهومين لدرجة التطابق، أهمية الحديث في هذا الموضوع وفي هذه الأيام بالأساس، تنبع من أهمية المفهومين ومن سائدية كل منهما على الحياة اليومية، فكرياً، سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً في المجتمع العربي.
فالشعوب العربية تعيش حالة ثورية؛ شكلها الانتفاضات، الحركات الاحتجاجية، المظاهرات وكل أشكال الحركة والتعبير الشعبي المُطالب بالتغيير، أما جوهرها وهو الغائب، الحاضر إذا جاز التعبير، هو الضبابية، القائمة عن الجهل بالأساس، للمطالب الحقيقية لهذه الشعوب، ولنقدر دقة المرحلة والظروف، نقول أن هذه الضبابية إنما تقوم أساساً وفكرياً على عدم التمييز بين الثورة والإصلاح.
في الواقع أنها تقوم على أساس التمييز بين مصالح ورغبات أو بالأدق احتياجات كل فئة أو طبقة اجتماعية، علماً أن التمييز أيضاً موجود داخل الطبقة الاجتماعية أو الفئة، وكذلك عبر التعبيرات السياسية والاجتماعية لها، المقصود الأحزاب، النقابات، النوادي ... الخ، حتى داخل الحزب الواحد، هناك تباينات تصل إلى حدود التناقض بين داع للإصلاح، أو داع إلى الثورة.
بالعودة وإن بشكل غير معمق؛ يمكننا الفصل أن الفرق الفلسفي الاقتصادي، الاجتماعي، بين الثورة والإصلاح، يكمن في كون الإصلاح يعبر عن تغييرات لمصالح الفئة المتضررة، لكن في إطار الواقع الاجتماعي السائد، أما الثورة فتعبر عن تغييرات لمصالح الفئات والطبقات الاجتماعية المتضررة "وإن تأخرت نتائج هذه المصالح لوقت زمني أطول نسبياً"، فالإصلاح في إطار النظام القائم تبدو نتائجه سريعة وتُعد إنجازاً للفئات الثائرة، في حين أن التغيير الجذري رغم تضحياته الجسيمة، يبدو أبعد زمناً ومآلاً، ولهذا فإن الإصلاح يتمظهر شعبياً، أي الداعين له أكثر بكثير من الراغبين أو المستعدين للثورة.
فالإصلاح في اللغة عكس أو ضد الإفساد، واصطلاحاً هو الإرادة الباحثة عن الخير وتقويم الإعوجاج، ويمكن تعريفه أيضاً أنه تغيير قواعد "وليس أسس" النظام المجتمعي ومعالجة القصور والاختلال التي تعوق التنمية والنهوض "دون الحديث عن مردوديتها" بالمجتمع من جميع مناحيه الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية ... الخ.
الإصلاح في هذا السياق هو فكرة عامة لدى جميع شرائح المجتمع، لكن له دلالاته المختلفة، بحيث لا يعني نفس المعنى، بل له مفارقات وتناقضات بين مستخدمي تلك المفردة أو ذلك المفهوم، فالشرائح والطبقات الاجتماعية، وتحديداً تعبيراتها السياسية والمجتمعية لها مصالحها المختلفة التي تجعلها في تباين وتناقض في تعريفها، مفهومها، رؤيتها للإصلاح عن الطبقات والشرائح الأخرى، ليس هناك مجال للشك بأن لكل طبقة وشريحة اجتماعية زاويتها ورؤيتها المختلفة للتعامل مع المجتمع والحياة، الرؤية تعني مجموعة القيم والتقاليد والعادات لدى أفراد وطبقات الشرائح الاجتماعية، وأفرادها وقواها المتنورة "نخبها" في التعامل مع ذاتها ومع الآخر.
مما تقدم وبالمعنيين اللغوي والواقعي، نعرف أن الإصلاح هو عملية متعاقبة ومستمرة تفرضها قوانين الواقع الاجتماعي، ومتطلبات البشر، إنه ليس تغييراً في أسس المجتمع أو النظام السياسي المعبر عنه، والتي دلالته "أي جوهره" يكمن في أساسين، الملكية وأساس توزيع الثروات، بل إنه تطوّر "تقدم" من الناحية الموضوعية للمجتمع والبشر وفي سياقه التاريخي.
الثورة هي إصلاح مكثف إذا جاز التعبير، فالثورة لغة ومصدرها ثار، وجمعها ثورات وتعني اندفاع عنيف نحو تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية تغييراً أٍساسياً، أي تغيير جوهر الواقع الاجتماعي وتحديداً مسألتي الملكية وأساس توزيع الثروة والناتج المادي الوطني.
إذاً؛ الفرق الجوهري ما بين الإصلاح والثورة يكمن في طبيعة وجوهرية علاقات الإنتاج القائمة، فالإصلاح يتم في إطار علاقات الإنتاج نفسها، أما الثورة فتتطلب بالضرورة تغيير علاقات الإنتاج.
لهذا فإن التحركات الاحتجاجية القائمة في البلدان العربية، والتي يتعارف عليها القول إعلامياً، إنها ثورات، ما هي إلا حركات إصلاحية، وإن بدت جذرية في بعض البلدان، مصر وتونس على وجه التحديد، فالمطروح والمطلوب في آن، إصلاحات حقيقية تفتح الطريق والآفاق لثورات حقيقية، أما الخطر فيكمن في إطار النظام وفلوله، وإن بدى التعريف بها هنا باهتاً إلا أن هذه الفلول ذات قوّة ونفوذ واسعين، والعديد من القوى، والتي وإن بدت إصلاحية في بعض المنعطفات إلا أنها تنسجم تماماً مع مصالح ورغبات النظام الدولي النيوليبرالي المعولم، لإجهاض الثورة وتبخيس الإصلاحات.
شعار هذه القوى الثلاث إصلاحات تجهض الثورة، أما شعار الشعب أي كتلته التاريخية؛ ثورة تنتج الإصلاح.
مَنْ ينتصر ؟! ... السؤال مشروع والجواب مؤجل، إلا أنه مدار الصراع اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة