الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد ابو الثورات

تميم منصور

2011 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


الكاتب الذي يقول لا يقول "نعم" لما هو صحيح لا يمكن ان يقول "لا" لما هو باطل او زائف ، والكاتب الذي يقول "لا" مطلقة لا يختلف في اثره من الكاتب الذي لا يقول الا "نعم" .
نعترف بأن الشعوب العربية تعيش في هذه الايام في مرحلة مفصلية من حياتها ، لأن الاحداث تتغير وتنقلب بسرعة مذهلة ، تكاد ان تسبق كل التقديرات والتوقعات ، بالتأكيد بأن هذه الشعوب كانت ستقبل بقيام ثورة واحدة في قطر عربي كل سنة او سنتين ، لكن عجلة الثورات دارت بسرعة مذهلة دون إستئذان من احد ، دفعتها قوى خارقة لا احد يستطيع وقفها .
هذه الثورات المتلاحقة جعلت المواطن العربي يشعر بأنه ولد من جديد ، وانه لا يوجد هناك معجزات باستطاعتها منع تحرك الشعوب، اليوم يشعر المواطن العربي بأن هناك دماء جديدة قد ضخت في عروقه ، الشجاعة وانكسار كل حواجز الخوف .
اعتبرنا سنوات الخمسينات من القرن الماضي سنوات ومنعطفات خالدة في تاريخ هذه الأمة ، بسبب تلاحق الثورات التي عصفت بانظمة فاسدة خارج التاريخ ، بدأت بحركة السنوسيين الذين قارعوا الاستعمار الايطالي ، حتى نالت ليبيا الاستقلال سنة 1951 ، تلاها ثورة الضباط الاحرار في مصر ، فحررت هذه الثورة العرب من العبودية وفرضت واقعاً قومياً ووطنياً جديداً ، بفضل هذه الثورة ثار الشعب السوري ضد الطاغية أديب الشيشكلي وعاد الحكم الديمقراطي الى هذا القطر العربي الهام ، في سنة 1956 كسرت هذه الثورة شوكة الاستعمار بعد ان افشلت العدوان الثلاثي على مصر ، هذا الفشل حول بريطانيا وفرنسا الى دول من الدرجة الرابعة .
في سنة 1958 ثار الشعب العراقي وتخلص من التبعية ووضع حداً لنظام نوري السعيد وخلصت العراق والشرق الأوسط من حلف بغداد ، هكذا فتحت وطويت صفحات التاريخ في هذه الفترة ، لكن ما يميزها بأن عمليات تغيير الحكم صنعتها الجيوش وليس الشعوب، وهذا بدوره ابعد الشعوب عن سدة السلطة ، وبدلاً من ذلك سادت الأنظمة الدكتاتورية وحكمت تحت حجج واهية ، مثل محاربة اسرائيل وردع الأخطار الخارجية ، والحقيقة ان هذه الأخطار جاءت من الداخل اكثر منها من الخارج ، بسبب ممارسات الأنظمة العسكرية الدكتاتورية ، تجسدت هذه الأخطار بوقف عجلة التقدم والتطور ، وتفشي الفساد والترهل السياسي وغياب التعددية الفكرية والأعلامية والتبعية للعناصر والقوى الامبريالية .
هكذا صنعت الانظمة التاريخ وحددت مصير شعوبها لمدة اربعة قرون متتالية على الاقل ، خلال هذه الفترة تضاعف اتساع الهوة الحضارية والتكنولوجية بين العرب وبين العشرات من دول العالم في آسيا وفي اوروبا وامريكا .
لم تحتمل الشعوب العربية اكثر من هذه المهانة والتهميش والتغيب من قبل حكامها ، فتحولت هذه الاوضاع الى الزناد الذي قدح اذهان الشعب التونسي اولاً ، فقلب هذا الشعب موازين الأمور وحطم كل حواجز الخوف وعبد طرق جديدة لأنواع الثورات في العالم العربي ، فاستبدل الجيش وألته الحربية بملايين المواطنين الذين هبوا كالطوفان ، وقامت اول ثورة شعبية جماهيرية في العالم العربي .
لم يتأخر زناد الغضب الشعبي في مصر ، فقدح اذهانهم ومشاعرهم ، فتحولت النسائم التي هبت من تونس الى زوابع داخل مصر خلعت جذور النظام المتحجر منذ ثلاثة عقود ، ومن مصر الى اليمن والبحرين وليبيا وشرق الجزيرة العربية والاردن .
اما سوريا فلها مكانة خاصة في الزوايا الشفافة من قلوب العرب ، بسبب مخزونها التاريخي الذي لا يعرف سوى التحدي ، منذ استقلالها حتى اليوم فقد تفتحت من دمشق وقاهرة عبد الناصر اول براعم المناداة باجماع عربي قومي شعبي كادح ، من دمشق والقاهرة تلاقى التاريخ العربي من جديد ورسمت اول خارطة جغرافية وسياسية لاول دولة عربية واحدة ، بعيدة عن التمحور الاصولي الطائفي ، داخل حدود هذه الدولة اعيدت صياغة التاريخ الذي نسجه الخليفة عبدالملك والوليد وهارون الرشيد ، سوريا التي وقفت دائما في( باب البوغاز) تدافع عن حمى العرب ضد المشاريع التي حاولت الولايات المتحدة وحلفائها تصديرها الى الشرق الاوسط بعد ان ضمنت تدجين نظام مبارك وتركيع اسرة بني عنيزة في السعودية وامراء الخليج الفاسدين .
سوريا التي قدمت خيرة شبابها شهداء على مذبح وحدة لبنان ودعم مقاومته هذه المقاومة التي تعتبر أمل العرب ومفخرتهم ونداً لقوى الظلام في المنطقة .
سوريا التي دفعت ولا تزال تقدم ثمن ممانعتها ضد جميع المشاريع الامبريالية والرجعية في المنطقة ،هذا غيض من فيض مما قدمته سوريا، انتظرنا ان تكون سوريا في طليعة مواكب التغيير ورباناً يبحر للوصول الى شواطىء الحرية ، لم يتوقع احد ان تصطدم رياح التغيير بحواجز بعض المتشنجين من القيادة السورية الذين يصمون آذانهم ويغطون عيونهم حتى لا يسمعوا عن أعراس النصر في القاهرة وتونس ، وعما قريب في طرابلس وصنعاء والمنامة،الا يستحق الشعب السوري مزيدا من التعددية والحريات كالشعب اليوناني والتركي والاسباني وغيرهم .
لماذا يجب ان تفرض على الشعب قوانين الطوارىء اكثر من نصف قرن ؟ جميع الاحصائيات تؤكد ان حوالي 60 % من ابناء الشعب السوري هم من الشباب ، من يستطيع الاستمرار بتكبيل هؤلاء ومنعهم من الانطلاق ؟ من يستطيع كسر ارادتهم وخداعهم بشعارات أصبحت خارج دوائر العصر .
الحرية لا تتجزأ وهي حركة فردية داخل دائرة الجماعة ، هذه الجماعة يمكن ان تكون اسرة او قبيلة او جمعية او وطن ، حتى يعطي الشعب ويتفانى في خدمة الوطن يجب ان يرضع من ثدي الوطن لبن العزة والكرامة والحرية المطلقة .
متى يدرك القادة والزعماء العرب بأن قوة الزعيم تأتي من شعبه ودولته وليس من الخارج ، على رأي المثل الشعبي ( المي الغريبة لا تدير الطواحين )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|