الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة عندما تصبح ثقافة

محمد زهير الخطيب

2011 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كنت أتساءل منذ سنوات لو تسلط حاكم مستبد مثل حكامنا على دولة اوروبية ديمقراطية فماذا يفعلون؟ ولم أعرف الجواب حتى رأيت الثورة التونسية واختها المصرية، فاتاني الجواب، إن الشعب الحر يجب أن يصل إلى درجة من الثقافة والوعي يدرك فيها حقوقه ويكسر حاجز الخوف ويصدع فيها بالحق ويعري فيها الفساد فلا يستطيع بعدها أحد أن يستعبده أو أن يسلبه حريته.
واليوم الشعوب العربية حققت نصاب الثورة المطلوب، وانطلق الشعب في سورية يريد حريته كاملة، والسلطة تريد البلد مزرعة لآل أسد. رغبتان لا تلتقيان ولا بد من منتصر، كفة الشعب لا شك هي الراجحة ولكن هناك ثمناً يجب أن يدفعه، كان يمكن للنظام أن يعيد للشعب بعضا من حقوقه يعلله بها حتى حين ويؤخر بها نهايته المحتومة قليلا، حيث سيطالب الشعب بعدها بالمزيد، لان من ذاق طعم الحرية هان عليه ثمنها - ومن يخطب الحسناء لا يغله المهر- ولكن النظام بتكوينه المخابراتي أصرعلى أنه يريد المزرعة كاملة لانه ورثها دون تعب ولم يدفع لها ثمناً، وسيكون حتفه في خياره الارعن هذا.
في خطاب الرئيس في (سيرك الشعب) قال للدمى التي جمعها لتصفق له مستهزئاً ومستبقاً منتقديه المحتملين، الذين قد يعتبروا أن ما جاء في خطابه من الاصلاحات المتوقعة ليس كافياً: (لا يوجد لدينا ما يكفي لكي ندمر وطنننا) وجملته هذه معناها على أرض الواقع وبالعربي الفصيح: (لا يوجد عند سلطتتا العائلية الحاكمة الاصلاحات الكافية التي يطالب بها الشعب لان هذه الاصلاحات ستدمر حكمنا).
وقال: (اذا فُرضت علينا المعارك اليوم فاهلا وسهلا) وكلامه على أرض الواقع وبالعربي الفصيح: إذا طالب الشعب بحقوقه فهذا إعلان حرب علينا ونحن نرحب بمحاربة الشعب إذا طالب بحريته)
وقال: (من لم يساهم في درء الفتنة وهو يستطيع فهو جزء منها) ومعنى الكلام على أرض الواقع وبالعربي الفصيح أن أي فرد من الشعب يقف على الحياد هو جزء من الثورة وسيناله عقاب الاسرة الحالكمة ولو كان ساكناً في غرفته مدثرا في فراشه ينام تحت لحافه.
وقال: (هم يريدون منا أن نقدم لهم صك استسلام مجاناً عبر حرب افتراضية)، ومعنى الكلام على أرض الواقع وبالعربي الفصيح أن مطالب الشعب المشروعة يفهمها النظام إعلان حرب عليه، وهي حرب افتراضية لانه سيمنع الشعب من مجرد وضع رجله في الشارع للتظاهر بالقتل والضرب والاعتقال والترويع،- رغم ادعائه كاذباً بان التظاهر حق مشروع وأن المتظاهرين لديهم مطالب مشروعة، فهو يمنع التظاهر عملياً ويكذب ويلتف على مطالب المتظاهرين ليجعلها أجندات أجنبية ومندسين وعصابات مسلحة مما لم يعد أحد يصدقه فيه، سيقامر النظام حتى القرش الاخير مما سرقه من أموال الشعب.
واليوم الثورة في سورية تضع رجلها في الطريق الصحيح، إنها تكسر حاجز الخوف، وتمرغ هيبة السلطة المستبدة بتمزيق صور الرئيس وأبيه، وتكسير أصنامهم وتحرق شعاراتهم، وتفضح لصوصهم، وتستخدم وسائل العصروتحول كل مواطن إلى مراسل إعلامي، ينتقد، ويصور، ويكتب، ويجري مداخلات على الفضائيات، بداً من تلاميذ المدرسة الابطال في درعا إلى عشرات المصورين في المسيرات إلى مئات المدونين على الشبكة العنكبوتية، إلى عشرات البيانات التضامنية من مفكرين وادباء وسياسيين كانوا يلوذون بالصمت منذ حين لسبب أو لآخر ولكنهم اليوم انطلقوا يؤيدون الثورة ويطالبون السلطة بالكف عن القتل والضرب والاعتقال، وأصبح لكل شهيد جنازة مهيبة ولكل معتقل مطالبون عنيدون، كل هذا رصيد للثورة لا رجعة فيه ومسامير في نعش السلطة تزداد يوماً بعد يوم.
لم تعد السلطة قادرة على تجاهل الحدث، فهاهي تستعرض في قنواتها عشرات الشباب يشكون البطالة والفقر والفساد المستشري وصعوبة العيش، ولكنها لا تنس أمرين، أن تجعل المتكلمين يستثنون الرئيس من الشكوى وكأنه ليس رأس الفساد، وأن لا تتعرض الشكاوى إلى الحرية والكرامة بل تبقى في رغيف الخبز وفرصة العمل... ومع ذلك فان هذه المقابلات ستبقى محفورة في ذاكرة الشعب يبني عليها ثورته ويزيد فيها صرخته، حتى إذا جاء أجل السلطة فلا يستأخرون ساعة ولا تستقدمون.
وهنا تأتي مسؤولية المترددين والخائفين، بأن لا يحرموا أنفسهم شرف الثورة، وأن يدلي كل بدلوه، ويصدع بكلمة الحق بطريقته، ويرفع سقف مطالباته، حتى يكتمل المشهد وتهتز أركان بيت العنكبوت الذي تأوي إليه حكومة المخابرات التي نهبت البلاد وأشقت العباد، وشتت أبناء الوطن في كل واد. ويومئذ يفرح الثائرون بزوال الطغيان ومحي الفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - -الاسلام - عندما يصبح ثقافة ....
عبد السلام غلونجي ( 2011 / 4 / 5 - 16:53 )
الأحرى بك أن تتسائل لماذا يخاف الأوروبيون الديمقراطيون من أصحاب اللحى !!!
الجواب هنا يارعاك الله : -س: أعرف شخصا يعيش في النرويج ويتحدث عن بلاد شمس منتصف الليل، ويقول بأنها لا تختفي في الصيف، ولا تظهر في الشتاء، فما حكم الشرع في هذا المجنون؟

ج: الشيخ البراك: على المسلم أن يكون حذرا من هؤلاء الجهلة، فكيف تصدق أن الشمس تظهر في منتصف الليل، ثم أين تختفي في فصل الشتاء إلا إذا انتقلت إلى كواكب أخرى تنير لأهلها، ثم تعود بعد انتهاء مهمتها!-

فنحن وصلنا الجواب قبل الثورات وقبل جهاد الفيسبوك ....
والسلام.....


2 - السيد الخطيب المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 4 / 5 - 19:27 )
تحيه وتقدير
سمعت هتاف يقول شهدائنا في الجنه وقتلاهم في النار
هل من توضيح لذلك لطفاً؟...ثم ما حكمكم بحق من يموت في خضم حركة الثوره وهو من الملحدين او من الأيزيديين؟ وانا اعرف ان هناك مله من المسلمين تكفر من يقول لا الله الا الله محمد رسول الله لأنه يختلف معهم في الوضوء او وضع اليد اثناء الصلاة
في مره سابقه قلت انك لم تتطلع على بث قناة الجزيره وصدقتك بشك كبير وقلت انك لم تسمع بفتاوى القرضاوي وكذبت نفسي
اليوم اسألك من المسؤول عن الدماء التي تسيل في ليبيا وعن الفتنه التي سوف لن تنخمد مطلقاً
وما هو رايكم بمن يستعين با الكفار ضد من يشهدوا
وما هو رايكم باحتلال العراق وتدمير الفلوجه
اتمنى ان تجيبني وليس فيما اقول فتوى لم تسمع بها او قناة لم تتمكن من التقاطها في كندا وارجو ان لا يكون الجواب عام فضفاض من قبيل تحريم قتل المسلم او البشر
تقبل احترامي وتقديري


3 - بس الأنترنت ما تكون مقطوعة بكندا كمان.......
عبد السلام غلونجي ( 2011 / 4 / 5 - 20:10 )
السيد عبد الرضا المحترم ...
أنت تطلب الكثير من الكاتب فعلى الأغلب هو ليس- فقيه ديني - و لا يفتي ، ولكنه يطيع ما يقوله العلماء والمشايخ والراسخون في العلم .
أرجو أن لا يكون رده عليك أن ليس لديه أنترنت ....
والله أعلم............


4 - جواب السؤالين السابقين
محمد زهير الخطيب ( 2011 / 4 / 5 - 20:23 )
الى الاخ عبد السلام
شكرا لاهتمامك، العلوم اختصاص، وعلم الجغرافيا والفلك اختصاص يجيب على اسئلته علماء الجغرافيا والفلك، والشيخ البراك ليس منهم، وانا لست منهم
ولا شك ان تصدي الشيوخ الى الاجابة فيما لا يعلمون غير مقبول

والى الاخ عبد الرضا
التوضيح لهتاف يقول (شهدائنا في الجنه وقتلاهم في النار) أنه حسب معلوماتي المتواضعة معنى حديث منسوب لرسوله الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك ان كل من مات في الثورة بطل وطني، يفخر به الوطن، وهذا هو حديث السياسة، اما حديث الاديان والطوائف والفرق فالناس فيه مختلفون، والله يحكم بينهم يوم القيامة.
الذين يكفّرون على الوضوء ووضع اليد مغالون لا يأبه بهم أحد
الوضع في ليبيا معقد، واتمنى ان يستقر قريبا وان تعم ليبيا الحرية والديمقراطية والمحاكم النزيهة وعندها سيحدد القضاء العادل من المسؤلين عن الدماء السائلة وقد تكون جهات كثيرة،
الاصل عدم الاستعانة بالكفار، وعلى العرب والمسلمين نجدة اخوانهم المظلومين
في كل مكان، واحتلال العراق مرفوض وتدمير الفلوجة جريمة، ودمتم بخير

اخر الافلام

.. إيران: أسطول جوي قديم ومتهالك؟.. تفاصيل عن مروحية الرئيس رئي


.. الصور الأخيرة للرئيس الإيراني رئيسي قبل تحطم مروحيته وموته




.. الحرب في غزة: هل من تأثير على قطاع السياحة في مصر؟ • فرانس 2


.. تساؤلات في إيران عن أسباب تحطم مروحية الرئيس من بين 3 مروحيا




.. سيناريوهات وأسباب محتملة في تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟