الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام والطائفية وتكرار الوجوه !

جمال الخرسان

2011 / 4 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رغم كل ذلك التنوع والاختلاف الذي يصل في بعض الاحيان الى حد التباين بين وسائل الاعلام العربية الرسمية وغير الرسمية في طبيعة تعاطيها مع الاحداث والمتغيرات السياسية .. الا ان الطيف الاكبر منها يلتقي من حيث يشعر او لا يشعر في نقطة واحدة الا وهي تقديمه للنقد السياسي على طبق من المحاصصة الطائفية! حتى اذا كان ذلك الخطاب الناقد يستهدف معالجة الظاهرة الطائفية او العرقية نفسها، فيما لا يخفى على الجميع ان النقد السياسي يرتكز في طبيعته على مجموعة من الاسس والضوابط .. من بينها التوازن والحيادية في الطرح.
واذا ما كانت وسائل الاعلام المنحازة مسبقا والمحسوبة على طرف سياسي معينّ ترتكز في ابعاد نقدها على هفوات الخصوم وتعمل لصالح اطراف بعينها فتلجأ في مقابل ذلك الى تلميع صورة الطرف الذي تدعو اليه فان وسائل الاعلام التي تحاول تسويق استقلاليتها بشكل او بآخر لاتمتلك ايّ مبرر اذاما حاولت ان تكون منحازة بهذا الشكل الطائفي الفاضح لطرف على حساب الاطراف الاخرى!! فهناك وسائل اعلام تعلن عن نفسها بانها ( مستقلة ) لكنها في ذات الوقت لاتوزع نقدها الا على اطراف محددة مسبقا فيما تعصم نفسها عن انتقاد الجهات الاخرى سواء كانت تلك الجهات بلدانا او حتى احزاب وشخصيات سياسية بل تقوم احيانا بتلميع الصورة المشوهة اصلا.

هذه المشكلة التي ترقى الى مستوى الازمة ليست مقتصرة على المادة المقدمة في البرامج السياسية الحوارية بل ايضا تشمل المنتج الاعلامي الترفيهي كذلك المسلسلات الدرامية او الكوميدية او ماشابه ذلك، بمعنى انها تحولت الى سرطان يستشري في الجسد الاعلامي بشكل مخيف ويعبر عن نفسه باشكال وطرق مختلفة.

من وجهة نظر بعض الفضائيات فان جهات سياسية او حتى ثورات شعوب مغلوب على امرها تبحث لها عن افق للحريات العامة ان تلك ليست الا عملية ومخوّنة لانها مرتبطة بالدولة الفلانية، فيما جهات اخرى وطنية جدا لانها مرتبطة بالدولة الاخرى! جهات اعلامية تصرخ عاليا متظلمة من تدخلات دول الجوار البحريني مثلا ولكنها في نفس الوقت تطالب بلدانا اخرى بضرورة التدخل العسكري لحسم الموقف على الارض.
ظاهرة الطائفية والانحياز الفاضح للعرق والطائفة على حساب جميع الاعتبارات الوطنية والانسانية الاخرى اصبحت سياسة اعلامية مع سبق الاصرار والترصد ولم يعد هناك ثمة مساحة حتى للمجاملات البسيطة التي كانت في فترة من الزمن تستخدم من اجل ذر الرماد في العيون وتزويق الخطاب الاعلامي. الكل يتحدث بمليء فمه طائفية ولايخجل من ذلك رغم معرفته بان ما يقوم به مخالف لمواثيق الشرف الاعلامي. القائمون على هذا المجال حتى وان كانوا على معرفة بدواعي ذلك الا ان شحنات الصراع المستفحل التي تمتد الى اروقة وسائل الاعلام تقف حاجزا بينهم وبين التفكير في معالجة هذه الظاهرة الخطيرة، ولهذا اصبحت السلطة الرابعة باهتة وفاقدة لدورها الفاعل. ومع انك تلاحظ تعددية وتنوع في مجمل الطيف الاعلامي العربي الا ان ذلك التنوع ناتج اساسا عن تعدد وسائل الاعلام ولم يكن ناتجا عن توفر التعددية في كل وسيلة اعلامية على حدة ولهذا فمن الطبيعي جدا ان تكون الاسماء والمواقف مكررة في كل وسيلة اعلامية طالما كانت هذه الاخيرة تسوق وجهة نظر لون واحد له دائرة معروفة من المدافعين عنه!
ان تلك الظاهرة تثير الاشمئزاز وتدعو للملل بل تعتبر بمثابة طلقة الرحمة على مستقبل الاعلام في المنطقة العربية، وذلك لضرورة التنوع والافق المفتوح الذي ينبغي ان تتمتع به الوسيلة الاعلامية الواحدة اذا كانت تهدف النجاح والانتشار، فالمشاهد بات يعرف تماما توجهات الضيوف في كل وسيلة اعلامية ولا يجد ذلك التلاقح الاعلامي المطلوب الذي ينضج الفكرة ويغني ثقافة المتلقي حول مختلف الاحداث السياسية، ولذلك فان وسائل الاعلام اصبحت تكرر ذاتها بشكل مفضوح وليس ثمة جديد رؤية جديدة في طبيعة تعاطيها مع الحدث.
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل عرضت على السلطة تسلم معبر رفح والسلطة رفضت| #غرفة_ال


.. السلطة الفلسطينية ترفض الطروحات الإسرائيلية بشأن معبر رفح




.. على وقع التقدم الروسي.. كييف تستبدل القائد العسكري المسؤول ع


.. كييف تقر بتقدم القوات الروسية في خاركيف




.. مسن فلسطيني يسجد لله بعد الإفراج عنه والاطمئان على عائلته