الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زهرة من دم

فلورنس غزلان

2011 / 4 / 6
الادب والفن



دماء تستضيف اللغة تسأل القواميس عن معاني القتل ؟ عن ترجمة مايجري في ساحة أرض يغزوها جراد الحقد ، وينثال ترابها عاراً
فوق رؤوس من يرتكب جريمة الموت في وضح النهار.
تطوف الدماء في ساحات المدن العتيقة وتخشع النفوس أمام أحلام لايُسمع صداها إلا من خلال أوردة تفتح أبواباً موصدة لأربعة عقود خلت...منعت نور الشمس أن يدخل بيوتاً حَوَّلها الظلام إلى سجون..
تقف الحروف مدهوشة تحبو أمام طينٍ تكَّون من ملح النفوس وماء القلوب ونبع العيون..حَوَّل الجداول للون القاني..ورسم فوق الغيوم وعلى سحابات الربيع أسماء لم نكن نعرفها من قبل..فتحولت في ساحات المدن إلى رموز لحريتنا..حين فشل جيلنا العاقرفي تبني جرح الوطن..وإبداع لغة جديدة يفهمها شهيق الحرية ويلفظها زفير الألم.
دماء ترفض القيود ولاتنصاع إلا للضوء ..لا تنحني إلا لحدائق الياسمين معرشاً على جدران البيوت الشامية..تخرج خطواتها من دفاتر التبعيث والتحشيد ، التي لم تستطع إغواءها، فتكبر خطوتها من جنوب البلاد حتى شمالها..من شرق الحدود حتى غربها..تعبر بسرعة الضوء عنابر الجنود، وتخترق بسرعة البرق جحافل العسس..توسع خطاها وتمر بباحات السلاطين مشرعة بيارق السلم ، بيارق الأمل في حرية حوصرت ، عوقبت ومورس عليها عذاب الطغاة..لأنها ضوء لايتناسب وعيون الخفافيش.
كانت عيون الدماء تلمع وتشرق ناراً في مداخل المدن الصغيرة، تستهدف جثث مرتكبي المجازر، تستهدف لغة الأخشاب ولعنة التاريخ..تستهدف نهضة الطين من ألم السنين المُرَّة..لتلقي بها أضحية على أعتاب الفرح المنتظر.
خرج المارد من جرحه..هجر الطفل حضن أمه..وامتطى الصبي فرس العشق التاريخي ليخترع نشيداً جديداً لوطن الألم..ليكتشف درباً جديدة نحو بوابة الشرق..ينفذ منها لمعاقل الحرس..المكدسة لحماية غول الرواية ، الذي اتخذ من أرضنا مسرحاً لطقوس إله مُسبَق الصنع سموه " مُسَيلمة الكذاب".
أحاول ترجمة الأيام القليلة الماضية، أحاول قراءة طالع القادم...هل يمكن لشوارع عمَّها الخراب زمناً طويلاً ولقلوب هدَّها الحرمان دهراً، لعقول تم تجريفها بمهارة جراح نازي المُختبر، أن تخترق كل المتاريس ، أن تقتلع كل الأشواك من درب الحلم؟..هل يمكن للأرض أن تنبت زهوراً بعد أن جف رحيقها..أن تخرج ورودها من جرح الصخور ومن أحشاء مياه كانت آسنة حتى الأمس القريب؟.
أيها الماء الرقراق في فم النبع فوق هضبة حوران وعلى ضفاف الغوطة، فوق ساحل الشام وعلى مشارف القامشلي..وزع أهازيج الرسائل، وانشر أشرعة الإبحار نحو أفق كان ضبابي السماء....فانقشعت سحاباته على وقع وميض الدم ينير قلوباً طرقت الصحوة الكبرى أبوابها، وهدمت وإلى الأبد جدار الخوف المطبق على عتبات دور تخرج اليوم من كهوفها إلى صباح يهرب من عتمة الماضي القريب.
أسير فوق جثتي..أسير برفقة أحفادي..برفقة أحلامي..أسجل بدفتر أيامي أجمل صفحات عشتها منذ مولدي..وأعُبُ من خمرة لحظة أحلم بها دائمة ..أرى معالمها واضحة..أرى غيومها تنقشع وترفض الرمادي..ترفض الأسود وتزرع الورد فوق شفاه الحلم..لحظة تمتلك احتمالات لا أريد لبعضها أن يقوى على لحظتي أو ينال من حلمي..وحلم صغاري الناطرين عودة النوارس..إلى الشاطيء السوري.
ـــ باريس6/4/2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-