الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 4 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ بدأ التدخل العسكري الأمريكي في ليبيا لمساندة الشعب الليبي ، و أنا أتخوف من أحد مسارين يمكن أن ينتهي لهما الحال في ليبيا .
المساران اللذان أعنيهما ، مبنيان على متابعة للتدخلات الأمريكية في النزاعات الداخلية للدول ، منذ حرب تحرير الكويت ، و إلى اليوم .
المسار الأول ، و يمكن أن أطلق عليه مسار كوسوفو - أو كوسوفا كما تُكتب أحياناً - و فيه لا تترك الولايات المتحدة النزاع حتى تحسمه ، لينتهي لصالح الطرف صاحب الحق ، و يمكن أيضاً إتخاذ البوسنة و الهرسك كمثال سابق على مثال كوسوفو من الناحية التاريخية ، و إن كنت أفضل تسميته مسار ، أو نمط ، كوسوفو ، لأن في كوسوفو كانت العملية سريعة ، و حاسمة .
المسار الثاني ما حدث في العراق في التسعينيات من القرن الماضي ، حيث شجعت الولايات المتحدة ثورة ، ثم تخلت عنها ، ثم عادت فإكتفت بعقوبات دولية ، و مناطق لحظر الطيران ، ليبقى نظام صدام ، و إن تم تقليم مخالبه ، و ليعاني الشعب العراقي من ذلك الوضع الصعب .
مسار العراق في التسعينيات من القرن العشرين هو ما أخشى حدوثه في ليبيا ، و مسار كوسوفو هو ما تمنيته ، و أتمناه .
لا أقول بالطبع أن أي من المسارين ينطبق بالتفصيل على ليبيا ، لأنه لا توجد نسخ كربونية في التاريخ ، و لكن هو تشبيه في الخطوط العامة ، فمثلا أعني بالمسار العراقي في التسعينيات من القرن الماضي ، التدخل غير الحاسم ، لتتمزق نتيجته سلطة النظام القائم ، أو تضعف جداً ، دون أن يظهر بدلاً منه نظام جديد أفضل ، فتكون النتيجة معاناة الشعب .
المسار العراقي - كتشبيه في الخطوط العريضة كما نوهت في الفقرة السابقة - يبدو إنه هو الذي سيكون في ليبيا لو إستمرت الأوضاع بوتيرتها الحالية ، لأن أوباما غير حاسم في هذا الشأن ، و يبدو أن السيدتين اللتان أقنعتاه بالتدخل لحماية الثورة الليبية ، لم توفقا في إقناعه بضرورة إستكمال العمل الذي شرع فيه .
لا يمكن إجبار الولايات المتحدة ، أو حلف الناتو ، أو أي دولة مشاركة في العمليات الحالية ، على أن تحسم النزاع الليبي الداخلي ، و لكن مصر من الضروري أن تتدخل عسكرياً ، و بسرعة ، لنصرة الثورة الليبية ، للأسباب التالية ، دون شرط أن يكون في ترتيبي لها أي علاقة بالأولوية ، و على العموم هي حزمة مترابطة من الأسباب :
أولاً : لأسباب إنسانية .
الشعب الليبي هو من سيدفع ثمن إستطاله النزاع ، و دخوله مرحلة الصراع المزمن ، أو حتى مرحلة الركود غير المحسوم ، أو حتى مرحلة تقسيم ليبيا ، و نحن كمصريين ، لا يجب أن نسمح بهذا لأسباب إنسانية تتشارك فيها كل الإنسانية ، و تزداد قوة بإخذنا في الإعتبار أن الشعب الليبي هو شعب شقيق ، تمازج مع الشعب المصري منذ فجر التاريخ المصري ، و إلى اليوم ، و تداخل تاريخهما معاً في مراحل كثيرة من تاريخ الشعبين .
ثانياً : لإنهاء وجود هذا الحجم الكبير من التواجد العسكري الأجنبي بالقرب من حدودنا الغربية .
التدخل المصري لإنهاء النزاع لصالح الثورة الليبية ، سوف يلغي أي مبرر لحلف الناتو للإبقاء على تواجده في المياه ، و الأجواء الليبية ، و بالقرب من الحدود المصرية ، و أرى أن هذا يهمنا .
ليس من مصلحة مصر تواجد نزاع مزمن بجوارها ، و تمركز كبير لقوات أجنبية بالقرب منها .
ثالثاً : لتقويض فرص الإرهاب .
الولايات المتحدة الأمريكية ترفض تزويد قوات الثورة الليبية بالسلاح خوفاً من أن يقع ذلك السلاح في يد تنظيمات إرهابية .
ربما تكون لوجهة النظر هذه ما يدعمها ، لكن أيضاً يجب الأخذ في الإعتبار أن عدم الحسم سيعني وجود درجة ما من الفوضى ، و الفوضى هي أفضل بيئة لنمو الإرهاب .
كما أن عدم الحسم سيعني بقاء نظام القذافي ، و لذلك النظام تجارب سابقة في دعم الإرهاب ، و تبنيه ، و أعتقد إنه سيعود لإستعمال نفس الإسلوب لو بقى في الحكم ، خاصة ضد مصر ، و تونس ، اللتان هبت منهما رياح الديمقراطية على ليبيا .
لهذا فإن التدخل السريع للجيش المصري لحسم ذلك النزاع لصالح الثورة هو الحل الأفضل ، لأن السلاح سيظل في يد الجيش المصري الموثوق به ، و سيعني التدخل السريع تشكيل نظام حكم ليبي ديمقراطي ، بما يعني إنعدام الفوضى ، و تقوض فرص الإرهاب ، الرسمي ، و غير الرسمي .
رابعاً : لدعم المد الديمقراطي في الدول العربية .
قبل ثورات 2011 ، أشرت في مقالات عديدة إلى تحالف الأنظمة العربية الحاكمة ، أكانت تنعت بالمعتدلة ، أو بالمتطرفة ، لمواجهة أي تجربة ديمقراطية عربية ، و القضاء عليها .
أشرت لتجربة موريتانيا ، و للتجربة السودانية في الثمانينيات من القرن الماضي ، و التي وأدها إنقلاب البشير ، و في أكثر من مقال للحرب التي شنتها ، و لازالت ، الأنظمة العربية الإستبدادية ، بكافة تصنيفاتها ، على الديمقراطية العراقية .
السكوت الحالي لنظام عمر سليمان ، و رفضه دعم الثورة الليبية عسكرياً ، سواء بالمشاركة في العمليات ، أو حتى بإرسال السلاح ، و الخبراء العسكريين ، هو في الحقيقة دعم لنظام القذافي ، إي إستكمال لسياسة حرب الأنظمة العربية الإستبدادية على الديمقراطية .
إنتصار الثورة الليبية هو إنتصار للشعوب العربية التائقة للديمقراطية ، و خسارتها - لا قدر الله - أو بقاء الوضع غير محسوم ، أو تقسيم ليبيا ، إنتصار للإستبداد العربي ، لأن في الخسارة ، أو عدم الحسم بسرعة ، أو التقسيم ، ليس فقط وأد للديمقراطية الليبية ، و حسر للمد الديمقراطي العربي ، بل و أيضاً لأن ذلك يعطي مثال سيئ لما يمكن أن يحدث نتيجة للثورات ، و ترويج لفكرة أن الإستقرار ، و لو كان تحت حذاء الإستبداد ، أفضل من الفوضى الناتجة عن الثورة .
معركة الشعب الليبي من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان ، هي معركة كل الشعوب العربية ضد الإستبداد ، و الإنتصار الحاسم ، و السريع ، للشعب الليبي على الإستبداد مثلما هو دعم للديمقراطية في العالم العربي ، فإنه أيضا دعم للإستقرار في المنطقة ، و العالم .
لهذا فإن أول قرار سأتخذه لو حظيت بدعم الشعب المصري في الإنتخابات الرئاسية القادمة ، و كان الموقف في ليبيا لم يحسم بعد ، أو تم القضاء على الثورة ، لا قدر الله ، هو التدخل عسكرياً لنصرة الشعب الليبي ، حماية لمصر ، و للقيام بواجبنا تجاه شعب شقيق ، و جار .

06-04-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً