الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف سنكافح الفساد في سورية؟

نادية حسن عبدالله

2011 / 4 / 7
الادارة و الاقتصاد


احتلت سوريا المرتبة الـ127 عالميا من أصل 180 دولة، والمرتبة الـ15 عربيا في قائمة منظمة الشفافية العالمية لعام 2010، ولم يتحسن ترتيبها إلا بمقدار درجة واحدة عن المرتبة الـ126 التي احتلتها عام 2009.

وعكس تقرير منظمة الشفافية العالمية الأخير انتشار الفساد على نطاق واسع في سوريا وتحوله من مشكلة سطحية إلى مشكلة مزمنة يهدد اقتصاد الدولة. حيث تشير التقديرات الاقتصادية والحقوقية المستقلة إلي أن الفساد تغلغل في معظم مؤسسات ودوائر الدولة من الجمارك والشرطة وقطاعات رخص البناء والتهرب الضريبي وصولا إلى سلك القضاء.

ويأخذ الفساد في سورية بشكل عام صورا مختلفة من أكثرها شيوعا التلاعب في المشتريات وأعمال المخازن والمهمات، والمبالغة في أوجه الإنفاق الحكومي وتمرير الاتفاقيات والعقود لقاء عمولات خاصة مجزية يقبضها القائمون على تنفيذها.

كما تشمل صور الفساد تلقي الرشاوي بغرض غض الطرف عن تجاوز القوانين، والتلاعب في إرساء المناقصات والمزايدات الحكومية على من يعطي أكثر، واستخدام الوظيفة العامة –تهديدا وابتزازا– لجني ما يمكن تحصيله من عطايا أو إتاوات مالية من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمتاجر.

ولا توجد في سوريا إحصائيات رسمية منتظمة يمكن الاستناد إليها في رسم صورة محددة المعالم للفساد في هذه الدولة.

في عام 2010 أصدرت وزارة المالية للمرة الأولى إحصائية معتمدة قدرت فيها حجم الفساد المكتشف في 19 شهرا -سابقة لصدور الإحصائية– بخمسة مليارات ليرة سورية (134 مليون دولار ). وذكرت الإحصائية أن عدد قرارات الحجز المالي الاحتياطي التي أصدرتها الوزارة خلال نفس الفترة بلغت 2007 حالات.

لكن تقديرات مؤسسات اقتصادية مستقلة أشارت إلي أن حجم عمليات وصفقات الفساد وهدر المال العام المعلن عنها من السلطات أقل بكثير من الواقع الحقيقي.
وقد تحدث الكثيرون عن الفساد المتفشي في مرفأي اللاذقية وطرطوس، حيث يتحقق الفساد والرشاوى بطرق عديدة من أهمها: إدخال بواخر قبل الموعد المحدد لها على حساب تأخير بواخر أخرى تحمل بضائع, ينتج عن ذلك أن الشركة تدفع خسائر سنوياً ملايين الدولارات /10/ عشرة آلاف دولار للباخرة عن تأخير كل يوم، حيث تخسر شركة المرفأ الملايين. وتتحدث التقارير أيضاً عن فئة أخرى من الفاسدين في المجتمع موجودون في أوساط الطبقة الرأسمالية من الصناعيين والتجار الذين يدفعون رشاوى لبعض المسؤولين في الدولة في وزارة الاقتصاد ووزارة المالية من اجل التهرب الضريبي، حيث صرح وزير المالية منذ عامين, ان التهرب الضريبي يقدر سنوياً بـ /200/ مئتي مليار سورية, والفساد مستمر, وينتشر بسرعة. وقد تسلل الفساد لكافة مؤسسات الدولة والمجتمع, للقضاء والتعليم والصحة، كما تقدر الأموال التي هربت لخارج الوطن /150/ مليار دولار حيث أضعفت الاقتصاد الوطني.

أما بالنسبة الى الفساد في مؤسسة الجمارك فهناك من يقبضون رشاوى, مبالغ كبيرة من التجار والصناعيين الذين يستوردون بضائع مختلفة ومواد مختلفة, من خلال تغيير مواصفاتها لقاء التهرب من دفع الضرائب القانونية.

ان الفساد ليس محصوراً في أجهزة الدولة العليا ومؤسساتها, بل موجود ايضاً في أوساط التجار والصناعيين, الفساد في غش البضائع والمواد الغذائية التي تباع للمواطن, وموجود لدى شركات ومتعهدي البناء والجسور والسدود (عدم التزام بوضع الكميات الحديد والاسمنت المقررة في العقود, الأمر الذي يؤدي إلى انهيارات في بعض الأبنية والجسور).

أما بالنسبة الى فساد أصحاب العمل والتجار الذين يلزمون العمال على توقيع عقود إذعان في العمل يحرمون العمال من أتعابهم وحقوقهم القانونية والتي تتمثل في
حرمان مليوني ونصف عامل من التسجيل بالتأمينات الاجتماعية يؤدي إلى خسارة العمال ومؤسسات التأمينات الاجتماعية أكثر من /12/ مليار سنوياً ، و حرمان مليون عامل في القطاع الخاص من العطل الأسبوعية والأجازات السنوية. وتقدر خسارة هؤلاء العمال بأكثر من /10/ مليارات ليرة سورية.

من خلال عرض هذه الوقائع عن الفساد المستشري وسرقة الأموال العامة نعتقد أن الحجم الحقيقي للفساد هو اكبر بكثير مما عرض حيث ينتشر الفساد في كافة أجهزة الدولة العليا ومؤسساتها الاقتصادية والإدارية, بدون مراقبة جدية من أجهزة الرقابة المركزية وبدون محاسبة جدية.

وقد برزت الكثير من الأصوات في سورية تطالب بمكافحة الفساد أو محاربة الفساد الذي ينبغي أن يبدأ بإصلاح القضاء كقضية مركزية وأساسية، وآراء تتحدث عن ضرورة القيام بحملة وطنية تنشر القيم الأخلاقية بين المواطنين لمحاربة ظاهرة الفساد، وآراء تتحدث عن ضرورة زيادة الرواتب والأجور للقضاة والموظفين والعمال، وذلك لتحسين المستوى المعاشي لذوي الدخل المحدود.

ولكن هل ممكن محاربة الفساد والقضاء على هذه الظاهرة بهذه الطريقة؟

ان الطريق الصحيح لمحاربة الفساد لا يبدأ من خلال أفكار وقرارات مجزئة لمكافحة الفساد. ان الفساد يتطلب تضافر كافة الجهود الحكومية والقطاع الخاص، والمجتمع الأهلي، وافراد المجتمع من خلال استراتيجية شاملة لمكافحة كافة أنواع الفساد المستشري وعلى كافة المستويات.

وهنا نؤكد على أهمية سياسة وطنية واستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، تركز عىل تحديد أولويات استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وأهدافها وأنشطتها ومجالاتها وآلياتها من خلال البرامج المعتمدة على النتائج ..... وللحديث بقية

المراجع المستعملة
- سورية من أكثر دول العالم تراجعاً في الشفافية المالية والاقتصادية، مجلة الاقتصادي
-قناة الجزيرة
- منظمة الشفافية العالمية
- عمر قشاش، مافيا الفساد الكبير في مرفأي اللاذقية وطرطوس
- الفساد في سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - محاربة ماذا
monsef ma ( 2011 / 4 / 7 - 11:31 )
الفساد سيدتي اصبح جزء من الحياة في سوريا بفضل راعي التغيير وقائد العالم فلا تتعبي حالك في التحليل وكيفية علاجه


2 - السيدة شذى ظافر الجندي المحترمة
ليندا كبرييل ( 2011 / 4 / 8 - 10:41 )
من أين وأين وأين سنبدأ ؟ البلد كله خبيصة معجونة بالفساد ، ومثل هذا الواقع لا يلزمه إلا التطهير ، ولا أعرف أفضل من الحرق للتطهير . كما قال لك الزميل منصف : احرام التعب على اقتراح العلاج . شكراً لجهودك على كل حال


3 - الطريقة المثلى لاصلاح البلاد
سيلوس العراقي ( 2011 / 4 / 8 - 12:32 )
سيدتي المحترمة
ان الطريقة المثلى في مكافحة الفساد وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا هو الاقتداء بالمشاريع الاصلاحية الاقتصادية والاجتماعية لدولة ايران العظمى الحليفة لسوريا، أوليس من واجب الحلفاء التضامن في حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية فيما بينهم؟ أو يمكن ايضا حل المشكلات بمسيرات مليونية بصياحات بالروح بالدم نفديك يا مخلص البلاد وأسدها؟ بصراحة سيدتي لا يمكن الاصلاح، والمطلوب هو التغيير الشامل، وهذا مسيرة طويلة لا تبدأ بالقرارات بل بالقناعات الحرة للشعب، وشعوبنا هل لديها قناعات حرة لتغيير شامل ليبرالي وهي التي لا تعي لأكثر مما يقوله اعلامها الموجه وخطباء جوامعها من أن التغيير فتنة ضد الدين والعباد والبلاد ؟ انا لا اعتقد بوجود هذه القناعات السامية والحرة لدى شعوبنا ، الا اذا كان بامكان الاسلام السياسي تحقيق ذلك الامر المستحيل وذلك بحكم علاقاته الالهية ، مع تقديري الكبير


4 - لمكافحة الفساد يجب ان نعود الى نقطة الصفر
اسامة الشريف ( 2011 / 5 / 3 - 07:59 )
الصديقة العزيزة
محاولة مكافحة الفساد المنتشر بين طبقات الشعوب بدون الاقتلاع هو محاولة نقل صور الفساد من جهة الى اخرى .
لابد من اقتلاع اصول الفساد ليس من سوريا فقط و لكن من المواطن العربى الذى كان يتسم بصفات الشهامة و الضيافة و الكرم و حب الاخر سيدتى هذة صفات العربى الذى اصبح لايحب الا نفسة و لا يتعامل الا لمصلحتة اذا لابد من تغيير ثقافة الفرد لتعود الى اصلها لذا لابد من محاربة البطالة والحث على العمل من خلال لمس تاثيرة على الفرد مباشرا البدء من اليوم و ليس غدا فى ارساء مبادىء الحق و الفداء فى اطفالنا و عدم العبث فى اصلاح كهولنا المنتهية صلاحيتهم والابتعاد عنهم مجتمعيا .

اسامة الريف

اخر الافلام

.. شبكات | إحباط تهريب أطنان من الذهب خارج ليبيا..


.. فرص كبيرة لتنمية التبادل التجاري العربي




.. محمد علي ياسين: غياب السلام أضاع فرص ثمينة على اقتصادات المن


.. غزة تشهد نقصا حادا في السيولة المالية بسبب تعرض البنوك للتدم




.. عرض الحرير الذهبي وحرفة النسيج القديمة في قطر