الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أياد احمد هاشم( ليس كالامس)

هاتف بشبوش

2011 / 4 / 7
الادب والفن





أياد احمد هاشم.......( ليس كالامس) نص لم يكتب على صفحة المايكروسوفت بل على صفحة من الزمن تكاد أنْ تتحوّل الى وثيقة اجتماعية وسياسية .


نص ( ليس كالامس) بدا فيه الشاعر ليس كأمسهِ فعلا,. اي لم يبدو كلاسيكيا في قصائده كما عودنا بل حداثيا , يتيه بنا الى مغامرة مدهشة , يتحرك بها الشخوص بفعل عواطف شديدة القوة , سامية, نص يحمل ابداع لفظي, بحيث ان القارئ يتوقف مذهولا عند عظمة ( الاستروفيات), وقد اصر الشاعر ان يجعل من الشعر مهنة الاقلية اوالنخبة, , مهنة المتمرد والمعتزل والذي بالضرورة ان ينال رضا الجماهير, كما وان الشاعر قد سعى ان يكون مع المبشرين بالحداثة, لان جل كتاباته هي من الكلاسيك, واليوم هو اراد ان يلعب مع الرمزية , ونجح فعلا , وهذه قلما تحصل لدى الشعراء ,في حالة حصول نقلة نوعية متميزة من الكلاسيك الى الحديث.
تناص شعري يتقاطع في محورين, الاول زماني والثاني مكاني, نص يتطلع الى الرغبة في البقاء والتحدي والادامة نص يحمل رغبة في التشكل , نص جعل من الزمن والتاريخ مكثفا وواقعيا .
الشاعر هنا شيأ آصرة ً عن الكلمة , بين المرئي واللامرئي, بين الفكرة والشئ..بين الموضوع والتجريد..وقد حول معاني الغضب والحب . والعاطفة والعطش والاصرار والتحدي الى شخوص قد صنعهم في مخيلته , واحيانا الى شخوص بكامل أوصالهم وشرايينهم , ليعبر عنهم بالبقاء, وهذه الشخوص لديه تفرقت في وقت ما ومن ثم لم شملها من جديد واختلقت احاديثا فيما بينها كما يفعل بنوا البشر رجالا ونساء... لكنهم في المخيلة ...واراد ان يقول بشكل رمزي (اليغوري).. بما تتطلبه القصيدة الحقيقية’التي تتطلب الرمز والتكثيف والمظهر الجمالي في آن واحد...ولذلك جاءت ثيماته مقدسة وعلى هيئة صور..لكنها تخفي بعض المعاني.....لغاية في نفس الشاعر. ثيمات كلها تحكي لنا ماتعرضت له الساحة العربية والعراق من عاصفة هوجاء هزّت ركائز الانظمة الجائرة ... ورؤى أخرى متشعبة فيما يتطلبه النص بشكل عام , لكي يكون المعنى والمفاهيم مترابطة لكي تعطي بنية القصيدة مظهرها البراق والزاهي على كافة المستويات التي تتعلق بمفهوم القصيدة الحديثة.

ما تبقّى من الماءِ يكفي
على بعدِ مشربةٍ
من ضفاف القرى
وانحسار السحاب
ودمعٍ جرى
تفتَّقَ من نثيثِ الندى
دمُكَ المختفي ولازلت تشرقُ
حتّى سرى من فسيل الرِّقاب

هناك سنين عجاف مرة وحاصرت فئات اجتماعية كبيرة لايستهان بها .....وبالرغم من التخفي الذي كان لابد منه .. نظرا للظروف القسرية التي جعلت من شعوب الشرق الاوسط ,وجعلت شريحة اجتماعية لها وزنها الثقيل في تاريخ العراق الحديث ان تكون تحت ضربات اللوياثان الموجعة مما أدى الى إختفاء ومضها من المشهد السياسي لعقود من الزمن.. لكنها مازالت معطاءة وعادت من جديد بعد السنين العجاف ومن اللاشئ وكانها العنقاء ,,, فعاد سراجها. .
صورة رائعة ..بنبرات متناسقة..... وكذلك التعابير والاحداث التي تؤدي الى الادهاش..والتي تتناوب مثل الموجات الموسيقية في الكونشرتو’..والتي تؤدي غايتها ..في التاكيد والاستمرار ... مثلما خطت يده الرائعة هذا الاستمرار والتحدي في هذه السمفونية , الذي يشير الى البقاء للشعوب ,أو لأرادات عربية وعراقية مناضلة ...انه هنا قد رسم تطلعات جميلة وخيّرة, تطلعات ثورية وتحررية , انها قصيدة تتطلع الى الانعتــاق بعيدا وبعيدا جدا عن الاستبداد والعبودية .

ما تبقّى من الماء يكفي
لغرس المرافئ
وانتظار الشراع
إن فجرَ الشوارعِ ينبئ بالمطر
والبيوتُ القديمة أدارت ظهرها
للعابرين
تحاورُ جدرانَها
تبتكرُ الاعتذارَ،
كي ما يمرّونَ بعدَ اغتراب

الشاعر هنا يريد ان يبني من المستحيل , الشئ لذي يصبو اليه, في سبيل تحقيق مستقبل افضل( لغرس المرافئ) الغرس او الانبات رمز الحياة او المستقبل الذي يتطلع الى الغد المشرق , مستقبل يترك ادران الماضي القديم وماحواه, من مآسي وويلات, وماجلب على الشعوب وعلى الذين سلكوا درب الحرية والنضال ,من شقاء وتعسف على ايدي الحكام الطغاة, واليوم ايظا يشير الشاعر الى ان الكراسي لن تدوم ,حتى لاؤلئك من يتصورون انهم يحكمون باسم الاله , زورا وبهتانا, ولذلك نراهم راحوا يختلقون الاعذارفي سبيل ردع الشعوب ,ووقفوا لهم بالضد كي مايعبروا الى ضفة النجاة, لكن التغيير هو آت لامحال كما يلمح الشاعر( فجر الشوارع ينبئ بالمطر)..

وكلُّ المسامير عادتْ تلوِّحُ
أن الصليب سيحملُ كلَّ مسيح
ليس كالأمسِ
كانت أمانيكَ تأخذنا
والغرابُ الذي علَّمَ القادمينَ
كيفَ يوارونَ سوآتِنا
عادَ
يحملُ قابيلَ
والقرابينُ التي ساقها
تقبَّلَها الآنَ وحيٌ عتيد


ان الشاعر هنا ينبض بالحياة والاثارة وثورة النفس ووعي الذات التي لاتترك مجالا للذاكرة الهشة ان تستقر في راسه, بل يريد ان يكون دائما بمثابة الناقد الليبرالي ,ويضع الدين في مجاله الخاص, ويريد ان يضع التضامن بين المواطنين لا على اساس الفضيلة , بل على اساس القوانين الوضعية التي تجعل من الفرد في حرية تكفل له ان يكون بعيدا عن الارهاب الذي لايخلق سوى الهوة الكبيرة التي تجعل من الضحية والجلاد متنافرين ولايمكن التصالح فيما بينهما .
انه يريد اقامة نظام عقلاني وعادل خالي من النزاع والاضطهاد, ولايريد للولاءات ان تولد اللعنات ,ويريد ان يفرق بين الحب والتفقه, ان يقول للذين كانوا يدعون النضال بالامس ,انكم اليوم ايها السادة حالكم حال روبسبير والرعب الذي خلفه الى وردسوث وتعاطفه الجيروندي.
اذن الموالاة احيانا تكون لحاجة البشر لتصحيح مسار الحياة التعيسة والظلم القائم من الطغاة السابقين. ولكن بفعل الاستمرار, فان المعتقدات والتقاليد القديمة , تهترئ وتنهرش نتيجة كثرة الخرافات , كما وانها ممكن ان تتحول الى اصنام مرعبة ,فالايمان الذي ينشأ في الهوة الفارغة المتخلفة والذي يطعم نفسه على حساب العقل, فانه ايمان قاس وبائس , كما حصل للثورات الدينية بايمانها التعسفي في دول اوربا( 1618ـ1648) بعد الدمار الشامل في عقلية الكائن البشري الاوربي وانسحاقه وتنافره وتخاشنه, ادت هذه الحروب الى ثورة اصلاحات والتي كانت الشرارة والنواة التي بنت على اساسها هذه الشعوب مجتمعاتها ولاتزال تزخر بالرفاهية والامان الاقتصادي والاجتماعي حتى يومنا هذا. بعد ان اجتاحها زلزال من التناحر والتشاحن ادى بها الى ان تصرخ ( كفانا ايمان بالكنيسة , كفانا ايمان , كفانا .. )حتى حصل الانبجاس الحقيقي بعد الانفجار الايماني المتشاحن فادى بهذه الشعوب ان تستقر والى يومنا هذا .

لا تغادروا حواسيبكم
إنهم يتساقطون تباعاً
كانوا يختبئون خلف العربة *2
بدمٍ بارد
يبيدون شعوبَهُم
ويأكلون ما تبقّى
شعاراتُهُم
الحُكّامُ يريدون إسقاط الشعوب
وأنتم تريدون إسقاط النظام

الذي أثار قريحة الشاعرلكتابة هذا النص وهذه الثيمة بالذات هو الواقع العربي والعراقي الجديد , كما وأننا نتذكر من خلال النص الكثير من الشعراء الكبار الين استلهموا من غضب الجماهير كمادة دسمة لكتابة روائع قصائدهم , ومنهم الشاعر العظيم الجواهري في قصيدته( ماتشاؤون فاصنعوا)حيث قال.........
ماتشاؤون فاصنعوا....وفرصة لاتضيعوا
فرصة أن تحكّموا.........وتحطوا وترفعوا
ماتشاؤون فاصنعوا.... لكم الارض أجمع ُ
فهنا نرى الجواهري وما لقصيدته من زعزعة للنفوس واثارة للاعصاب بين الجماهير الملتهبة التي كانت بحاجة الى من يشعل الفتيل بينها ....فكان الجواهري حين يوحد بين نفسه وبين امته وحين يمزج بين غضبه وغضب امته , كان يفعل هكذا شئ , لكي يجعل منه غضب الامة جميعها , فهنا دعوة ساخرة من قبل الجواهري للشعوب الذليلة والمهانة من قبل الحكام الطغاة.
فيبدو ان الشاعر اياد احمد قارئ جيد لتاريخ الادب العراقي واستطاع ان يوظف هذا التاريخ في كتابة مثل هذا النص بنمط حداثي مذهل.
لكن الشاعر اياد احمد قد دعا الغضب الى الجاهير وطلب منها ان تبقى على الاتصال على شبكة الفيس بوك ( لاتغادروا حواسيبكم) حتى اسقاطهم واسقاط انظمتهم المهترئة , وهنا دخلت الحداثة بشكل واضح جدا لان الحواسيب هي رمز الحداثة والرقي في تمييز الشعوب .
كما وانه دعا الى ان تبقى الجماهير الجياع في ساحاتها دون المغادرة حتى تطهير البلاد من سموم الرجعية والتخلف , وهنا اشارة الى ان النص تجاوز حدود بلد الشاعر , ليشمل الكونية العربية وما حصل بها من احتجاجات في الفترة الاخيرة لتدك انظمة الاستبداد.
فالشاعر هنا متوقد سياسيا, وقد دخل مضمار تجربة المجابهة والمقارعة بالقلم المستوحى من غضبه .. ولكنه الغضب الغير ماحق الذي يليق به كشاعر.
الشاعرقد تفنن في رسم هذه الثيمة الرائعة و في وصف الاطار الدرامي الذي ينم عن عمق التوتر والفجيعة, انه شاعرقد نبع غضبه من اغوار الاضطراب والشفقة على مصير هكذا شعوب, ولم يكن روحانيا مستكشفا وفضوليا على دخيلة الفرد , لكنه من الشعراء الذين يدركوا ان الادب المحتقر اليوم في عراقنا والمسمى ( باللاادباء) كما اطلق البعض على هذه الشريحة المهمة في الشعب العراقي. ادرك الشاعر ان الشعر لاينفصل عن الدفاع عن الحرية والمساواة وانصاف صرخة المضطهد, وهو مرتبط بالاهتمامات السياسية التي تنخر في المجتمع بين الفينة والاخرى.
كما وان الشاعر لايريد ان يرى نفسه ومن حوله من الاخرين ذلك الوجود المهان لشعب وقع ضحية مجانية للانظمة الجائرة , وقوف الشاعر هنا ومهما يكن انتمائه الى جانب الحرية والعدل هو بحد ذاته موقف يحسب له , كما قال الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي ( إن كان ليس لديك حزب أو جريدة .. فحروف منشوراتك الخضراء ساطعة جديدة)...
فالشاعر اياد احمد وقف هنا وقفة شجاعة بدون العنتريات التي لاتغني ولاتسمن , وليس بحاجة ان يؤكد الشاعر على دوره بأن يكون بطلا ادبيا ,او اظهار المفاخرة والتحدي المبالغ فيه , لانها تؤدي الى افساد الحداثة , والدخول في الهرطقة والتقليد.
لقد اثبت الشاعر بأنه كان مؤهلا لاختراع غضب جماهيري في ميادين وساحات الشعر , وسبك الابيات الصورية بشكل مذهل, كما وان هناك رغبة ملحة لدى الشاعر للتغيير في نفسه, يكاد يقترب الى (الانا الفولتيرية) , بحيث أنه يريد ان يقول لنا بأنه يقف خارج دنيا الظلم واللاعدالة.

إن الدروبَ التي أخذتنا إليكَ
استدارتْ لتقضي عليكَ
كأنكَ في خيمةٍ للعزاء
تمرِّغُ وجهكَ بالحزنِ
تجترُّ ما قالت الأمَّهاتُ
يا نبياً لم يصدِّقهُ قومُهُ
فاستنجدَ بالإفكِ والخرافات

صورة رائعة لدعم المقصد الدلالي الغير مباشر, والمؤطرة بأناقة متعمدة,لاؤلئك المتزلفين والافاقين, الذين افتضحت امورهم, وغيّهم,فراحوا يبثون التجهيل ومفاهيم الخرافة والخوف التي لم تنقذهم من القوم الذين كشفوا اللثام عنهم وبان المستور الذي يخفي وراءه اللصوصية والفساد , والمزايدات السياسية , فلم يعد يُصدق بهم . ولقد بات الوطن من جراء اعمالهم ملئ بالشوك , مفازة , ومجاري مليئة بالقاذورات ليس لها قرار , وقد استطاع الشاعر عموما ان يوفق في رسم الصورة الساعية لفهم اعمق بين الخرافة والعلم , بين الدين والاسطورة , بين الطوطمية والعصر الحديث.

اخيرا أقول أن الشاعر لم يفقد السيطرة على تصوير المجاز , فلم تظهر لديه صورة منفلته بل جاءت مجسدة , حركية , مذهلة بمذاقها وجدّتها. كما وأن التكرار للشذرة الرائعة(ماتبقى من الماء يكفي ) مهمة جدا وتفرض نفسها دون أن نشعر بتكرارها .. كما قال (أوكتافيو باث) .. ان التكرار هو مبدأ اساسي من مبادئ الشعر ... كما وان هذه القصيدة جعلت من الشاعر في تغيير مفصلي في حياته الادبية ..اذ أنه خاض مضمار القصيدة الحديثة بعد مضمار ليس بالقليل مع القصيدة العمودية وكان موفقا أيما توفيق .
المبدع اياد احمد هاشم يمتلك مطاطية لغوية فائقة , ونفسا فياضا وطاقة شعرية مميزة, وبراعة لايستهان بها في اختيار النص الملائم في الوقت الملائم , واختيار الكلمات اللاذعة بحق من يراهم مخطئون بحق شعوبهم , وحسب مقتضيات الضروب والزمن, كما وأنه يختار المواد الحميمية بكياسة منفردة, بعيدة عن الاستطراد ,لكنها تتسم بقوة اندفاع مدهشة, خالية من الايماءات والاثارات التي تعتمدها قصيدته العمودية ,وخصوصا نحن اليوم في ظل قضايا عربية مصيرية كبرى ولابد للشاعر ان يكون في صميمها.
القصيدة امتلكت الجمال والدلالة المعنوية, والمغامرة الكبرى التي خاضتها القصيدة للتعامل مع الواقع العربي والعراقي على حد سواء,اقتطاف المجازات من جوانب الحياة المختلفة, تجنب التعبير المباشر , لكنه رغم ابتعاده عن الكلاسيكية التي اعتاد عليها الا انه ظل محتفظا بالموروث المتميز برفعة اللغة وموسيقاها المنعشة , والروي الذي لم يستطع التخلص منه بشكل نهائي , ولقد اثبت الشاعر من خلال هذا النص بانه ينتمي بقوة الى هذا العصر, بغضبه المكبوت , الخفيض, وبغلاله الوافرة , وبدرره النادرة ,ونبراته غالبا ماتأتي هادئة مطمأنة , والتماسك الداخلي جاء بشكل جلي بين جميع شذرات القصيدة , وقد اتسم شعره بالادراك العميق , وبصورة غريزية فياضة , متناسقة مع المعنى الشامل للقصيدة, وهذه كلها تعتبر خطوة جادة بحد ذاتها نحو الطقوس الحقيقية لعالم الحداثة .


وادناه النص الكامل لقصيدة( ليس كالامس).........

ما تبقّى من الماء يكفي
ليس كالأمس
وأنتم تجولون حولَ الحواجز
تقولون!!
إن البلادَ التي أنجَبَتْها الروافدُ
لم تعدْ بعدُ بكراً
تُلوِّنُ بِيضَ الثياب
تتنفسُ أهلَها من جديد
تناديهُمُ مَهْجَراً مَهْجَرا
وتنثرهُمْ فوق وجهِ التراب

ما تبقّى من الماء يكفي
لغرس المرافئ
وانتظار الشراع
إن فجرَ الشوارعِ ينبئ بالمطر
والبيوتُ القديمة أدارت ظهرها
للعابرين
تحاورُ جدرانَها
تبتكرُ الاعتذارَ،
كي ما يمرّونَ بعدَ اغتراب

ما تبقّى من الماءِ يكفي
على بعدِ مشربةٍ
من ضفاف القرى
وانحسار السحاب
ودمعٍ جرى
تفتَّقَ من نثيثِ الندى
دمُكَ المختفي ولازلت تشرقُ
حتّى سرى من فسيل الرِّقاب
كما أنتَ
لا تقبلُ الغرباء
إن الدروبَ التي أخذتنا إليكَ
استدارتْ لتقضي عليكَ
كأنكَ في خيمةٍ للعزاء
تمرِّغُ وجهكَ بالحزنِ
تجترُّ ما قالت الأمَّهاتُ
يا نبياً لم يصدِّقهُ قومُهُ
فاستنجدَ بالإفكِ والخرافات

ما تبقّى من الماءِ يكفي
لدرء العناقيد كي لا تطيح
أتحسبُ كلَّ الخطى تحت أقدامنا
أن تميدَ بنا؟
لتُبقي على آخرِ حرفٍ لديكَ
ترممُ بالعريِ قفرَ المكان
أتحسبُ أضلاعنا لا تصيحُ
وكلُّ المسامير عادتْ تلوِّحُ
أن الصليب سيحملُ كلَّ مسيح
ليس كالأمسِ
كانت أمانيكَ تأخذنا
والغرابُ الذي علَّمَ القادمينَ
كيفَ يوارونَ سوآتِنا
عادَ
يحملُ قابيلَ
والقرابينُ التي ساقها
تقبَّلَها الآنَ وحيٌ عتيد
ليسَ كالأمسِ
وأنتم تسيرون مثل الشموع
تحملون نيرانكم فوق رؤوسكم
ولا زال من ماء يكفي؟!
( لنْ نمضيَ ليبقون )*1
لنجمَعَ الفديةَ ولو من بقايا الخبز
ونستقبلَ اليومَ وحياً جديدا

لا تغادروا حواسيبكم
إنهم يتساقطون تباعاً
كانوا يختبئون خلف العربة *2
بدمٍ بارد
يبيدون شعوبَهُم
ويأكلون ما تبقّى
شعاراتُهُم
الحُكّامُ يريدون إسقاط الشعوب
وأنتم تريدون إسقاط النظام
لا تغادروا ..
الساحات لكم مستقرٌّ
الشوارعُ بيوتٌ
والبردُ يحتفلُ معكم دافئاً
لن تخذلَكُمْ الأصابعُ هذه المرّة
لقد انقلَبَت العربة!!!
وما تبقّى من الماء يكفي
.................................
1 (يمضون ونبقى) من الشعارات
2 عربة محمد البوعزيزي

هــاتـف بشــبوش/ دنــمارك/عــراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شذرات على جيد القصيد
أياد أحمد هاشم ( 2011 / 4 / 8 - 18:34 )
الشاعر الجميل والناقد الاجمل
هاتف بشبوش
لك كل احترامي وتقديري وانت تسطر هذا التبر المكنون على جسد القصيدة وتستنفر العبق منها باناملك الخلابة
هذا التحليل الباذخ لا يأتي الا من شخص مثلك عرف المسارات العصية وسلكها منذ ان كان للشعر مهمة الايصال وكان للناقد مهمة الايغال في عمق المعنى أخذت من منهلك عذبا وسطرت من قلمك شعرا
حقا لقد وضعت شذرات على جيد القصيد ليتضح القصد
لا يسعني الا ان اتقدم بوافر شكري على عطائك الباذخ ايها الجميل الشاعر الناقد هاتف بشبوش
دمت محبة وروعة
اياد


2 - تحيتي
هاتف بشبوش ( 2011 / 4 / 9 - 18:58 )
المبدع اياد ... انت اروع من الاروع .. وانت في الذاكرة (ماطول بالرية نفس)

انه نص جدير ان نقف عنده ونتمحص ماهيته .. ونجرده من الرداء كي يظهر لنا نصا حقيقيا في كافة مستوياته ,,, وما فعلت الا لان النص قد جذبني وشدني اليه فتقبل محبتي

هاتف بشبوش....

اخر الافلام

.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع




.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024




.. الفنانة نادين الراسي توبخ أما تعنف طفلها وتضربه