الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع قانون الأحزاب بين ذهنيتين

جاسم الحلفي

2011 / 4 / 7
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


هناك ثلاثة نماذج رئيسة للأنظمة السياسية في العالم وهي: النظام الرئاسي ونموذجه النظام السياسي في الولايات المتحدة الأميركية، والنظام البرلماني ونموذجه النظام السياسي البريطاني، ونظام الجمعية ونموذجه النظام السياسي السويسري. ومهما اقتربت بقية الأنظمة السياسية في العالم او ابتعدت عن هذه النماذج الثلاثة، فإنها تتفق في كون الأحزاب السياسية أساس المنظومة السياسية فيها. ويمكن الجزم بعدم وجود نظام ديمقراطي واحد في العالم بدون الأحزاب السياسية ونشاطها.
ولا يمكن تصور حياة سياسية مستقرة دون وجود قانون للأحزاب ينظمها، ويضمن التعددية السياسية. وبطبيعة الحال تنطلق فلسفة القانون من نص الدستور وروحه، وبما ينسجم مع حزمة قوانين ديمقراطية أخرى مثل قانون الانتخابات، وقانون المنظمات غير الحكومية، وقانون النقابات والاتحادات المهنية، وقانون الإعلام الحر، وقانون الشفافية وإتاحة الحصول على المعلومة للجميع.
ونظرا لأهمية قانون الأحزاب، يتوجب ان يوفر مجلس النواب فرصة مناقشته وإبداء وجهات النظر بشأنه من طرف كل المعنيين، وذلك قبل الشروع بقراءته في المجلس. ولكن هذا لم يحصل مع الأسف الشديد، فبدا وكأنه يخص القوى الممثلة في البرلمان وحسب، أو انه صمم لتأبيد الواقع الحالي، بينما يفترض ان يكون هدف القانون هو تنظيم الحياة الحزبية والسياسية في العراق الآن ومستقبلا، سواء كانت الأحزاب هي القائمة الممثلة في البرلمان، ام غير الممثلة فيه، او التي يمكن أن تتشكل مستقبلاً. هذه أول ملاحظة على طريقة التعامل مع قانون له مثل هذه الأهمية. ومن جهة أخرى يتوجب ان يشكل هذا القانون قطيعة كاملة مع عهد الدكتاتورية، وان يبتعد عن ذهنية الاستبداد والتهميش والإقصاء.
ومن البديهيات ان لا تكون مؤسسات السلطة التنفيذية هي الجهة التي ترخص للأحزاب، مثلما ورد في مشروع القانون، انما يجب ان تناط هذه المهمة بجهة مستقلة محايدة، بغية ابعاد هيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها عنه بكل الأحوال. من جانب ثانٍ تأتي أهمية تشريع القانون من كونه يترجم قيم الديمقراطية ويتبناها على الصعيد الفكري، وفي البناء التنظيمي والممارسة السياسية، ويجسد الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات والواردة في الدستور، بكل دقة وإيجاز ووضوح، كي يتيح ممارسة الحياة الحزبية بسلاسة وانسيابية وبدون عقبات ( إدارية وسياسية) ومن دون عوائق وتعقيدات مفتعلة. وهذا يتطلب تسهيل الإجراءات واختصارها بإخطار الجهة المسؤولة عن منح الإجازة، والتي ينبغي ان تقوم بإشهار ذلك ونشره في وسائل الإعلام، بعد تدقيق الشروط المطلوبة.
كما يتعين ان يوفر القانون فسحة مناسبة للشباب، عن طريق خفض الحد الادنى لعمر المؤسسين والمنتمين الى الثامنة عشرة، وهو السن الذي اقره الدستور لممارسة الحق الانتخابي. وفي نفس الوقت ينبغي ضمان إشراك المرأة في بناء الأحزاب وتعزيز مساهمتها في الحياة الحزبية، كما ينبغي ان تقام الأحزاب على أساس المواطنة والمساواة، وليس على أساس اثني او ديني او طائفي، وان تقر آليات العمل الديمقراطية في أنظمتها الداخلية، وتعكس ذلك في أنشطتها وعلاقاتها، وتؤكد حق جميع الأعضاء في الترشح لتبوء المسؤوليات في الحزب، وتوفر أجواء المساهمة الديمقراطية في صنع القرار وتنفيذه.
وان على القانون ايضا ان يكون واضحا في ما يخص التمويل والمال السياسي والميليشيات واستغلال مؤسسات الدولة ورموزها ومواردها وعلاقاتها الخارجية. وبطيعة الحال يجب ان يضمن القانون استقلالية الأحزاب وخصوصياتها، وعدم التدخل في حياتها الداخلية الا حينما تتقاطع مع الديمقراطية وآلياتها، لا كما ورد في مشروع القانون الذي يتيح التدخل في أمور تفصيلية، هي من حقوق اعضاء الحزب وحدهم، كما ان من الصحيح تقديم الدعم المالي للاحزاب من ميزانية الدولة، وحسب قواعد العدالة والإنصاف.
الملاحظ في مشروع القانون انه كتب تحت تأثير ذهنيتين: الأولى منشدة للماضي كثيرا، فيما الثانية يتنازعها تأبيد الحاضر والتطلع الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط




.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص


.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل




.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري