الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية اجلال وتقدير وشكر وامتنان

سليم نجيب

2004 / 10 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


نشرت ايلاف رسالة الأستاذ علي الشطي بعنوان "كنيسة قبطية في الكويت لتأكيد التسامح الديني" بتاريخ 15 أكتوبر 2004، جاء فيها ما يلي:-
"وافقت الحكومة الكويتية على تشييد كنيسة قبطية جديدة في خطوة تعد من نوعها في المنطقة. ان هذه الموافقة جاءت استجابة لرغبة بعض أبناء الجالية المصرية من الأقباط وضيق الكنيسة القديمة. ولقد حمل الأنبا ابراهام مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى رسالة شكر وتقدير من قداسة البابا شنودة الثالث بابا وبطريرك الكرازة المرقسية الى أمير الكويت لموافقته على توفير أرض لبناء كنيسة قبطية في الكويت، كما أعرب قداسة البابا في رسالته عن تقدير مصر لدولة الكويت لرعايتها لأبناء الجالية المصرية المقيمة بدولة الكويت. ولقد أشار الأنبا ابراهام خلال اللقاء مع الشيخ ناصر المحمد الصباح وزير شئون الديوان الأميري الى احتضان الكويت لأول كنيسة قبطية تنشأ خارج مصر وحتى قبل دول المهجر عندما وافق أمير الكويت عام 1960 على انشاء أول كنيسة قبطية لأقباط مصر يمارسون فيها شعائرهم الدينية.

واستطردت رسالة الأستاذ علي الشطي قوله بأن الكويت تكفل لجميع المقيمين على أرضها ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية لأن الكويت تعمل على تعميق مفهوم الدين الاسلامي الذي يحض على التسامح بين الأديان بعيدا عن التعصب أو التزمت.

وبالمناسبة فان دولة الكويت قدمت دعما لا محدودا للكنيسة القبطية منذ انشائها في عام 1960 ويمارس الأقباط شعائرهم الدينية بحرية كاملة في أمن وأمان ويحصلون على مختلف أوجه الخدمات والرعاية ووفق الدستور الكويتي الذي ينص على تعدد الأديان والحريات في حدود القانون وأن المواطنين المسيحيين يحصلون على كافة حقوقهم الوطنية من الدولة من منطلق المواطنة حسب الدستور الكويتي.

ان الهيئة القبطية الكندية بل جميع الهيئات القبطية في المهجر تقدم لسمو أمير دولة الكويت أسمى آيات الشكر والامتنان والعرفان للحرية الدينية الكاملة التي يتمتع بها المسيحيين الأقباط تحت رعايته في كل أمن وأمان.

ياليت مصر –زعيمة الدول العربية- تتعلم وتحذو حذو شقيقتها دولة الكويت فيما يخص ممارسة الشعائر الدينية للمواطنين الأقباط. ان دولة الكويت لا تعرف الخط الهمايوني الصادر من الباب العالي –في فبراير 1856- وهو فرمانا سلطانيا لتنظيم دور العبادة لغير المسلمين واقامة شعائرهم الدينية ولا تعرف أيضا ما يسمى بالشروط العشرة التي أصدرها وكيل وزارة الداخلية العزبي باشا في فبراير سنة 1934 وهو القرار الوزاري المطبق حتى الآن في مصرنا المحروسة. وقد سميت بالشروط العشرة لأن القرار الوزاري المذكور يشترط عشرة شروط مجحفة وعجيبة لأنه لا يمكن توافرها جميعا في أية حال من أحوال بناء الكنائس أو ترميمها. لقد كتب كثيرين من الكتاب الأقباط والمسلمين عن الخط الهمايوني والشروط العشرة نذكر على سبيل المثال لا الحصر من بين ما يشترط في الترخيص باقامة كنيسة توافر مسافة معينة بينها وبين أقرب مسجد "يمنع بناء الكنائس على مقربة من المساجد ولا يمنع بناء المساجد على مقربة من الكنائس أو حتى ملاصقة بها" (الشرط الثاني من الشروط العشرة). هذه مصر الحضارة في ظل النظام الحالي.

ان الأقباط يعتبرون أن الاجراءات المتعلقة ببناء الكنائس أو ترميمها يعد تعذيبا معنويا حقيقيا وانتقاصا للمواطنة الكاملة المتساوية مع كافة المواطنين (المادة 40و46 من الدستور المصري).

وكما أشار مراسل صحيفة لوموند الفرنسية "جان بيير بيرونسيل هوجوز" ان هذا القانون كان سببا في عدد كبير من الحوادث التي كان بعضها دمويا في كثير من الحالات والأماكن.

هذا القانون والشروط العشرة يعد الرمز الواضح للحالة المهينة التي يعيشها الأقباط في مصر. وقد ورد في تقرير أعدته لجنة برلمانية لتقصي الحقائق برئاسة د. جمال العطيفي وكيل المجلس وقتها في عام 1972 عقب أحداث الخانكة "بأن القرار الوزاري عام 1934 كان سببا في كثير من الاضطرابات وطالب التقرير تنقيحه واعادة النظر فيه ولكن هذه التوصيات ذهبت سدى مما يوضح بجلاء ووضوح سوء النية المتعمد من النظام في اصلاح وحل ما يسمى بالملف القبطي.

هذا ولا يفوتنا أن نذكر بأن في كثير من الحالات أن بعض الأفراد المسلمين كثيرا ما يقفون عائقا في سبيل تنفيذ مبادرات الأقباط الرامية الى انشاء كنائس وذلك ببناء مساجد في أرض قريبة من الأرض التي تكون مخصصة لبناء كنيسة جديدة وبذلك فان بناء الكنيسة يصبح ممنوعا لأنها على مقربة من مسجد.

الحقيقة المرة ان كل هذه العوائق لبناء أو ترميم كنيسة ما هي الا بقايا العصور البالية المظلمة ووجودها حتى الآن يبين سوء نية النظام الحاكم تجاه الأقباط. فلا يبت في طلب انشاء أو ترميم كنيسة الا بعد مدة طويلة قد تستغرق سنوات وتقام في سبيل مقدمي الطلب عراقيل مصطنعة من تسويف ومماطلة وتعطيلا بل اعراضا واضحا عن اجابة طلب الترخيص.

هذا وعلى فرض صدور قرار جمهوري أو قرار من المحافظ بالترخيص لبناء أو ترميم كنيسة فلا ينفذ هذا الترخيص على أرض الواقع فكم من قرارات جمهورية أو قرارات محافظين صدرت ولم تنفذ نتيجة عراقيل وضعها رجال مباحث أمن الدولة التابعة مباشرة لرئيس الجمهورية طبقا للدستور. اذ أن هذه الأجهزة الأمنية تعوق تنفيذ كل هذه التصاريح الرسمية فالمشكلة ليست في صدور تراخيص بل في تنفيذ تلك التراخيص مما يبين لنا سوء النية بشكل أو بآخر. فهكذا نرى بوضوح أن لفئة من المواطنين الحق المطلق في التعبد والصلاة في المساجد وليس هناك حق لفئة أخرى في التعبد والصلاة مثل اخوتهم في الوطن.

أليست دوافع الأقباط في بناء الكنائس هي ذات دوافع المسلمين في بناء المساجد؟ فكيف اذن نميز بين هذه الدوافع وتلك فتشجع الدولة على بناء المساجد وتضيق على بناء الكنائس؟ هذا ووفقا للأرقام الرسمية المعلنة فان نسبة عدد الكنائس أقل من 1% من عدد المساجد والزوايا رغم أن تعداد الأقباط يتراوح ما بين 15% الى 20% من تعداد سكان مصر.

هذا وللذكرى والتاريخ نود أن نذكر أن في ظل دستور 1923 أي في ظل النظام الديمقراطي المدني ما قبل ثورة العسكر لم يكن يطبق ما يسمى بالخط الهمايوني والشروط العشرة فاننا لم نسمع أو نقرأ أن هناك كنيسة قبطية وضع لها عراقيل لبنائها أو ترميمها بل على العكس فلقد أصدرت محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة برئاسة الفقيه القانوني العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا في 16 ديسمبر 1952 في القضية المقيدة بالجدول العمومي بمجلس الدولة رقم 538 لسنة 5 قضائية بالآتي: "ان اشتراط ترخيص انشاء دور العبادة على نحو ما جاء في الخط الهمايوني لا يجوز أن يتخذ ذريعة لاقامة عقبات لا مبرر لها دون انشاء هذه الدور لا يتفق مع حرية اقامة الشعائر الدينية اذ أن الترخيص المنصوص عليه في هذا الخط لم يقصد به عرقلة اقامة الشعائر الدينية بل أريد به أن يراعي في انشاء دور العبادة الشروط اللازمة التي تمكن هذه الدور من أن تكون قائمة في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها. ولذلك حكمت باقامة الشعائر الدينية في أي مكان يتخصص لهذا الغرض ولا حق لوزارة الداخلية في وقف أو تعطيل هذه الشعائر".

ان هذا الحكم التاريخي ليس الوحيد بل هناك أحكام عديدة صدرت من مجلس الدولة من رجال عدالة آمنوا ويؤمنون برسالتهم السامية.

يا حضرات السادة الأفاضل،
أليس عيبا على مصر الحضارة، مصر زعيمة البلاد العربية أن تنتهك حرية العبادة وحرية اقامة الشعائر الدينية التي التزمت مصر باحترامها وفقا لما تضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 والاتفاقيتين الدوليتين بشأن الحقوق السياسية والمدنية الصادرتين في عام 1966 والتي صدقت مصر على احترامها بالقرارين الجمهوريين رقمي 536 و 537 لسنة 1981.

كيف تنتهك مصر –في ظل الرئيس الراحل السادات وفي ظل الرئيس الحالي- حرية العبادة وحرية اقامة الشعائر الدينية في الوقت أن معظم البلاد العربية الأخرى تحترم تلك الحريات فنذكر على سبيل المثال لا الحصر: سوريا – لبنان – الأردن – الكويت – قطر – دبي.. الخ. أليس عيبا ألا تحترم زعيمة البلاد العربية تلك الحرية لأقليتها المسيحية فلا تحذو حذو شقياتها الصغرى سالفة الذكر؟

لقد آن الأوان أن تنتهج مصر سياسة احترام حقوق الانسان عامة وحقوق الأقباط الانسانية خاصة فيما يتعلق بحرية العبادة واقامة الشعائر الدينية كما آن الأوان للأقباط أن يسلكوا كل السبل القانونية المتاحة سواء في ظل الدستور المصري والقوانين المصرية أم في ظل المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي تعهدت مصر باحترامها. لقد آن الأوان للأقباط بدلا من الشكوى ولطم الخدود أن يتحركوا لالغاء ما يسمى بالخط الهمايوني وما يسمى بالشروط العشرة فنقترح الآتي:
1- أن يقدم الأقباط طلبا رسميا الى المجلس القومي لحقوق الانسان الذي أنشأه الرئيس مبارك وعين الدكتور بطرس غالي رئيسا لهذا المجلس. وسيظهر أمام العالم هل هذا المجلس هو مجلس جدي وحقيقي أم هو صورة أو مظهر ديكوري مظهري فقط.
2- أن يعد ويحضر عدد كبير من المحامين الأقباط والمسلمين ان أرادوا عريضة قانونية مسببة لاقامة دعوى قضائية أمام مجلس القضاء الاداري طالبين فيها الغاء الخط الهمايوني الصادر في 18 فبراير 1856 والغاء القرار الوزاري الصادرة في 1934 المسمى بالشروط العشرة لعدم دستوريته.
3- المطالبة باصدار قانون موحد لبناء دور العبادة (المساجد والكنائس) يطبق على المساجد والكنائس على السواء بلا تفرقة.
4- وفي حالة فشل كل هذه الاجراءت فما على الأقباط الا اللجوء الى الدوائر الدولية طبقا للمواثيق الدولية لحقوق الانسان وطبقا للقانون الدولي العام.

ان الحقوق تؤخذ ولا تمنح وما نيل المطالب بالتمني فيا أيها الأقباط تحركوا واستعينوا بكل الوسائل القانونية المتاحة محليا ودوليا ولن يضيع حق وراءه مطالب.

ونكرر شكرنا وامتناننا لأمير دولة الكويت ودولة الكويت على سماحتهم ونتمنى أن نشكر يوما النظام المصري لاحترامهم الحرية الدينية واقامة الشعائر الدينية. فالقبطي في مصر مواطن أصيل وليس مقيم أو مهاجر ومن العجيب أن الأقباط يحصلون في دول المهجر على حقوق أكثر من التي يحصلون عليها في وطنهم الأم مصر. متى نكسر قاعدة "ليس قبطي بلا كرامة الا في وطنه مصر".


د. سليم نجيب

رئيس الهيئة القبطية الكندية
دكتوراه في القانون والعلوم السياسية
محام دولي وداعية حقوق الإنسان - قاض سابق
عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف
Fax: (514) 485-1533
E-mail: [email protected] or [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية