الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاءًا لَكُم رِِفَاقًا فارقتُمُونَا

السموأل راجي

2011 / 4 / 8
الادب والفن


مع كُلّ يومٍ يتجدّدُ بتجدّد الصّراع، ومع كُلّ معركة جديدة من معارك التحرّر والإنعتاق، وفي كُلّ خطوةٍ من خطوات نصْرٍ وإن كان بسيطًا تتداعى الذّكرياتُ لرِفاقٍ فارقُونا،وتتراجع مشاهد الزّمن لأزمانٍ تتوالَى بعضُهَا وراء بعض تنطلِقُ من منزِلٍ مُنزوي دخله أفراد لا يعرف أحدهم الآخر فيما عدى أسمَرُ اللّون صاحب الشّارب،كانوا خمسة دخل كُلّ منهم على حدة ليجد غُرفة مُتواضعة إنارتُها صفراء تمّ تقسيمها بحواجز ستاريّة فصلت القاعة لأربعة مُربّعات ليكون كُلّ داخِلٍ مُنفَرِدًا في مُربّعه،تتعالى أصوات القدّاحات لترتفع سحابات دُخان السّجائر ويُعلن الأسمر بصوته من خلف الستائر عن إفتتاح الجلسة التّنظيميّة للشّباب الشّيُوعي ليقوم بالتّعريف بالمُنظّمة وإرتباطها بالحزب ويشرح المَخاطِر الأمنيّة ويقترح عددًا من الكراريس للفهم وينطلق النّقاش والتّساؤُلات حول الماركسيّة والصّراع والطّبقيّة وتَكُون أوّل جلسة لتلاميذ بعضهم دون الثّامنة عشر وتنطلق معها مرحلةً جديدةً وتنفتح أمامهُم آفاق لم يعهدُوها وتتوالى مثيلاَتُها وتتوالى المهامّ ويتحوّلُون بدَورهم لإطارات تقُوم بالإشراف والنّقاش وتنشأ روابط خفيّة قرأوا عنها ولم يفهَمُوها إلاّ عندما عاشُوها وإصطلحُوا عليها كما قام من سبِقَهُم ب"الرّفاقيّة" ويمضي الزّمن وتتقدّم المشاهد فإذا المكان مركز إيقافٍ وإذا الحركة تتحوّل لطُلاّبيّة وإذا بوُجُوهٍ أخرى حالما تُغادر المكان بجُرُوح الضّرب والتّعنيف تتحوّل لغُرفٍ تنعقدُ فيها جلسات وتتنظّم الإحتجاجات وتُكتب الخُطط والمُراسلات التّنظيميّة وتنعقد دورات تكوينيّة في "رأس المال" و"الدّولة والثّورة" وتُدوّن المُلخّصات وتُناقش طبيعة المُجتمع والمرحلة والثّورة وبين كُلّ حينٍ وحين يسقط نبأ وفاة أحد الرّفاق او هجرة آخر أوتَخلّي أحَدُهُم تحت وطأة الضّغط الأمنيّ والتهديد والتّرهيب والمُقايضة بالعائلة،وتأتي أخبار رِفاق السّجُون بدَورها فإذا بُطُولات الصّمُود أمام التّعذيب وإذا إضرابات الجُوع وملاحم حَوّلت الجَلاّد لضَحيّة تعذيبه،وتتوالى الأزمنة وإذا المشهد إطارهُ نقابيّ أثاثُه البشريّ عُمّال مناطق التّصنيع وإذا الخُطب الحماسيّة وأرقام الهواتف يتمّ تبادُلهَا وعناوين المنازل ومواعيد تُضبط والإنتدابات تُناقش وحلقات الحزب تنعقد رغم المُطاردات والمُداهمات ويرتقي النّقاش وتتحضّر مُخطّطات الإنتفاضة تِلوَ الأخرى والحرص على تكتيل القُوى وإقامة الجبهات على أشدّه وتتوالى أخبار رِفاقٌ فارقُونا وينزل خبر موت الرّفيق فُلان كالصّاعقة وتكُون الرّقابة على الجنازة مانِعًا عن الحُضَور وإذا بمواكب العزاء تُمنَع وحتّى الكِتابَة تُمنع،في ذلك الدّهليز كان اللّقاء مع أحد الرّفاق وكان وجهه وجه من لفَحتهُ الشُّمُوس ولوحّت تقاسيمه رياح البرد،صوتُهُ عميق وفي عُمقِه كُلّ الدّفء وحنان ليس بالأبويّ لكنّه مُحبّب وحديثُه نِدِّيٌّ لا إستكبار فيه،أخرج من تحت مِعطفه رُزمة أوراقٍ في كيس بلاستيك قائلاً في هَمس:هذا الإصدار الشّهريّ للجَريدة ومعها بيان الحِزب الأخير...المُساهَمَات الماليّة وَصَلت،كيف حال الرّفيقات والرّفاق؛؛لا بُدّ من المُغادرة سريعًا ولا تركب سيّارات الأجرة الحافلات أضمَن،وفي موعدٍ آخر خبر نعيُهُ يصل ومعه أعداد الجريدة بحسب الإحتياجات ولا تجد الدّمُوع للمآقي من طَريقٍ وتُكبت الآلام لمُواصلة مسيرةٍ تعاهدَ الجَميعُ عليها....
لكُلّ من فارقنا ولم يَعِش ليرى جُزْءًا مِمّا ناضلنا من أجله قد تحقّق لتتواصل المسيرة من جديد بمُهِمّاتِهَا،لمن علّمونَا معنى النّضال والصّمُود والمُواجهة وترتيب التّناقُضات،لهُؤلاء الذين كَبَتْنَا دُمُوعنا يوم فارقُونا ولمن فارقَنا تحت ضغط الإرهاب،لِمَن فتّت ميكانيزمات الدّيكتاتُوريّة في وهم الدِيمُقراطيّة البُورجوازيّة،لمَن علّمنا الإنحياز للكادحين وفارقَنا فجْأةً ولم يفرح يوم فَرِحْنَا،،للرّفاق الذين ألهمُونا وجعَلُوا مِنّا ذات يومٍ مشاريع مُناضلين،لكُم مِنّا الوفَاء رِفَاقَنا.  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي