الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس والتهدئة الالكترونية

فؤاد ابو لبدة

2011 / 4 / 8
القضية الفلسطينية


تصعيد خطير ومفاجئ شهدته الأراضي الفلسطينية وتحديدا في محافظات غزة تلك الجهة الأوفر حظا لطائرات الاحتلال التي تصول وتجول في سماء الوطن وترتقب صواريخها لتدك مخزون من بنك الأهداف الأمنية , غالبا ما تكون قد رصدت وحددت في أروقة جهاز الموساد وبانتظار الإشارة لتهوي تلك الصواريخ تبث الرعب والفزع لدي المواطنين , الذين اعتادوا علي رؤية تلك الطائرات وغالبا ما يتوقع الجميع أنها ستسقط إما في منطقة الأنفاق جنوب رفح أو احد المقار الأمنية لأجهزة الحكومة المقالة أو تهوي في شمال غزة علي مناطق التماس المباشر مع حدود الاحتلال المصطنعة , أو تصب حممها علي صبية يلعبون لتقتل البراءة فيهم كما حدث أواخر الشهر الماضي , وتخطف البسمة من شفاه من أصيب أو بتر احد أطرافه أو ودع رفيقا له كان يبادله اللهو واللعب وترك له اللعبة تذكارا .
ايا كانت طبيعة هذا القصف سواء كان جوي أو بري عبر المدفعية التي تدك شرق مناطق غزة دائما في حال التصعيد وقصفا تنفذه البوارج البحرية في عرض البحر النتيجة هي واحدة مفادها وقوع العديد من الشهداء والجرحى وتدمير للبنية التحتية وترويع للمواطنين وهذا يعني أن كشف الحساب أو فاتورة التحرير والحرية يقدمها الشعب الفلسطيني دون إبداء أي نوع من الكلل أو الملل أو التذمر , ووفقا لتلك المسلمات لا يجوز لفصيل فلسطيني بعينه مهما كانت قدراته النضالية أو إمكانياته في المواجهة الاستئثار بالقرار الفلسطيني وتحديدا فيما يتعلق بالتصعيد والمواجهة مع الاحتلال , ولا ينبغي لأي فصيل منفردا تحديد الكيفية أو الوقت الذي براه مناسبا وفقا لرؤيته الشخصية دون الرجوع لباقي الفصائل المناضلة التي تؤمن بشرعية المقاومة وتسعي لحمايتها وشرعيتها والحفاظ عليها كون العملية النضالية بمثابة عقد شراكة غير مكتوب لجميع فصائل العمل الوطني , استمد هذا العقد شرعيته من الجماهير الراغبة في تقديم المزيد من التضحيات الجسام من اجل الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال .
ما أقدمت عليه الفصائل الفلسطينية أمس الأول كل فصيل منفرد بالإعلان انه في حل من التهدئة مع الاحتلال بعد ان قامت طائراته بقصف سيارة مدنية كان يستقلها احد القادة الميدانيين لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري التابع لحماس واثنين من مرافقيه , جعل موقف الحركة غاية في الإحراج أمام باقي الفصائل وأمام الجماهير التي باتت تقتنع تماما أن حماس حادت كثيرا عن برنامجها النضالي ليغلب عليه طابع الركود وتعزيز دورها كحكومة والسعي الجاد من اجل فك العزلة السياسية عنها ولا يستبعد عنها أن توافق علي تهدئة طويلة الأمد مقابل الاعتراف بها وبحكومتها وما كان من حماس وللخروج من هذا الموقف المحرج إلا أن تبادر هي بوقف التهدئة مع الاحتلال من خلال فصف جناحها العسكري للمستوطنات شمال غزة وجنوبه , في خطوة من المتوقع ان تكون خروجا عن القرار السياسي , وهذا ما جعل حركة حماس في غزة بعد إدراكها لردة الفعل القوية من جانب الاحتلال أنها علي أبواب حرب جديدة تشبه الحرب الأخيرة علي غزة يناير 2008 تسارع في فرض التهدئة علي الفصائل وتعلنها من طرف واخذ في خطوة تعزز نهج الفصل الديمغرافي والجغرافي ما بين غزة وباقي أرجاء الوطن المحتل , كون هذه التهدئة التي فرضتها حماس علي بقية الفصائل غير شاملة وغير متوازنة وغير مكتوبة لتحقق للاحتلال الهدف الذي سعي لتحقيقه من حرب غزة وهو تحقيق حالة اللا سلم واللا حرب دون توقيع أي شيء ملزم كما هو الحال للجولان المحتل منذ عام 1967 , وهذا ما يشكل استخفافا بباقي الفصائل ان تملي عليهم حماس رؤيتها وموقفها وتحديد الآلية والكيفية والتوقيت للتصعيد مع الاحتلال أو التهدئة وفقا للاعتبارات التي تخدم مصلحتها الشخصية , ويتطلب من اليسار الفلسطيني في هذا المقام ان يبلور لنفسه الشخصية الكفاحية المستقلة وفقا لرؤيته العلمية وتحليله العلمي حتى وان كانت إمكانياته في هذا المجال متواضعة تبقي أفضل من ارتداء العباءة الحمساوية التي لا تليق له ارتدائها لا شكلا ولا مضمونا , وألا يقبل لنفسه للعب دور التابع .
ما يحملنا علي القول بخروج الجناح العسكري بقراره بعيدا عن موقف الحكومة هو تخفيف الضغط الإعلامي والسياسي علي رئيس المكتب السياسي خالد مشعل بعد ان وضعته الأحداث الأخيرة في سوريا ما بين مطرقة الأسد وسنديان الإخوان المسلمين الذين استهجنوا موقف خالد مشعل المؤيد والداعم لموقف الرئيس السوري بشار الأسد في تعاطيه مع الحالة الثورية للشباب ليتعارض بذلك مع موقف الأخوان المسلمين الذي وجد ضالته بهذه الأحداث ليشفي غليل الماضي بحمص وحماة .
وفي محاولة لإخراج النظام السوري من أزمته الخانقة عبر تفجير الصراع وخلق حالة من التصعيد لتسليط الأضواء علي الساحة الفلسطينية وثني الجماهير السورية عن استكمال دورها في استحقاق الحقوق الديمقراطية تحت ذريعة الاستهداف الصهيوني للشعب الفلسطيني , وكذلك محاولة استثمار الحالة الثورية في مصر بعد أن تفتحت أمامها أفاق جديدة بعد لقاء وفد حماس مع مجلس قيادة الثورة الذي ابدي مرونة في التعامل معهم بخلاف الوضع السابق إبان عهد الرئيس المصري المخلوع الذي كان يلعب دور الضاغط , وما جاء علي لسان المتحدث باسم الحكومة المقالة " طاهر النونو " من أن حكومته تعكف علي نقل الصراع الميداني إلي صراع دبلوماسي بتقديم شكوى لمجلس الأمن حول الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة وهذا الدور علي الأرجح أن تقوم به سوريا في الأيام القليلة القادمة لتحمل الشكوى لمجلس الأمن نيابة عن حماس التي لا تمتلك الشرعية لمخاطبة الهيئات الدولية ومن خلال هذا الموقف تضغط سوريا باتجاه عرقلة أي قرار بمجلس الأمن من شانه أن يشكل لها إدانة فيما يتعلق بأحداث درعا واللاذقية .
ما سعت إليه حماس من إنقاذ رقبة الغير ووضع رقبة الشعب تحت المقصلة هو مغامرة سياسية في ظل أجواء سياسية غير مناسبة في المنطقة العربية وفقدانها لبعض حلفائها وفي مقدمتهم إيران التي باتت تحاول فتح علاقات جديدة بعد أن سادت علاقتها بدول الخليج العربي أزمة سياسية ودبلوماسية زادت من الأمر تعقيدا بعد ان نزفت الجراح في سوريا وتغريد قطر خارج السرب وتحرك مجاهدي خلق بحرب إعلامية تهدد بكشف خفايا منشات نووية لم تفصح عنها إيران للجان التفتيش الدولية , لسان حال المرحلة يقول لا مجال للدخول في أي مغامرات سياسية قد تكون نتائجها سلبية وغير محسوبة ويتوجب تغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني والانحياز لقضاياه وهمومه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر