الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو كان الزحف عبر الحدود ... بديلا عن الزحف على البطون

طلعت الصفدى

2011 / 4 / 8
القضية الفلسطينية


ماذا لو كان الزحف عبر الحدود ... بديلا عن الزحف على البطون

دعوني لأول مرة أن أكون غير واقعي، فلقد ثبت أن الواقعية الاستسلامية لا تجلب سوى التنازل، والتراجع أمام سياسة فرض الوقائع على الأرض التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي، وحكوماته العنصرية المختلفة على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية . سياسة التفوق والعصا الغليظة والعدوان بدعم وتغطية وتواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية، وأنظمة حكم الاستبداد والقمع العربية المشغولة بتضخيم ثرواتها، تحت حماية أجهزتها البوليسية والعسكرية والمخابراتية، والتي لم تمتلك سوى تصريحات الإدانة والاستنكار على كل جريمة ومجزرة أو غارة ضد الفلسطينيين أو العرب، أو إقامة مستوطنة أو وحدة سكنية للمستوطنين، أو نسف بيت وتحويل مسجد أو كنيسة أو مقبرة إلى ماخور وكباريه إسرائيلي ... الخ. في حين أن الإسرائيليين يتبنون مقولة آبائهم الصهيونيين " دعونا ننفذ مخططنا على الأرض، ودعوهم يستنكرون ويتظاهرون فسرعان ما يتراجعون ويقبلون بالأمر الواقع ".

المتأمل للتاريخ الفلسطيني منذ قرن، وعلى الرغم من مسيرة الكفاح الطويلة، فالكارثة موغلة بالأرض الفلسطينية ، وبالجسد الفلسطيني المنهك، تغلغلت في كل خلايا الجسم، إلا من خلايا الدماغ التي تختزن الإرادة والوعي. الشعب الفلسطيني الذي يخوض معارك وطنية، تميز ببطولاته وثوراته، وبمعاركه الكفاحية المتواصلة ضد قوى الاستعمار القديم والحديث والصهيونية والرجعية العربية. مئات الآلاف من الشهداء قضوا، ومئات الآلاف من المعتقلين في السجون والمعتقلات الصهيونية، ومعاناة طويلة من التشرد والغربة، وحجم القتل بالمفرق فاق الجملة، وما زال الجيش الإسرائيلي جاثما على الأرض الفلسطينية والعربية يمتلك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل، والخبرات التكنولوجية، والتخطيط العسكري، والتطور التقني، يخيف بها تلك الأنظمة الديكتاتورية والشمولية الفاقدة للشرعية الشعبية والدستورية، وغير المؤهلة للتصدي لمهمات المرحلة الحالية، ولقيادة شعوبها نحو التقدم والتحديث العلمي والديمقراطية السياسية والشعبية، ولم تنجح كل الاتفاقات والمبادرات الدولية والعربية في شراء السلام مع إسرائيل، ورضاها برغم التنازلات، ولا زالت تمعن في غطرستها تغتصب الأرض يوميا، لتصل أكثر من 4 مليون دونما من أراضي الضفة الغربية لوحدها منذ عام 1967، وتتنكر لقرارات الشرعية الدولية التي منحتها عضوية في الأمم المتحدة، مشروطا بدولة فلسطينية، بل وتهدد الأمن القومي لكل الدول العربية بما فيها مصر ولبنان وسوريا والأردن والسودان، وتحاول الزحف كالإخطبوط والسرطان لمواقع جديدة في أسيا وإفريقيا وجنوب السودان، وسقطت مقولة أوراق الحل بيد الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تنجح سياسة الإذعان والخنوع والزحف على البطون للسياسة الأمريكية، ونصائح وشروط البنك الدولي، واقتصاد السوق، والالتحاق بالنظام الرأسمالي العالمي وبالعولمة المتوحشة .

إن الشعوب العربية انتفضت بملايين البشر من كل الفئات العمرية، والطبقات الاجتماعية المختلفة في العالم العربي، في مقدمتهم الشباب غير المشوه، يبحث عن دوره الحقيقي في صياغة المستقبل، وتطلعه لمجتمع خال من الظلم والاستغلال والاستعباد، باحثا عن الحرية والعدالة الاجتماعية، ودفعت الشعوب العربية ثمنا غاليا من الشهداء والضحايا، بسبب تمردها على واقعها، وأعلنت رفضها لسياسة أنظمة الحكم الاستبدادية، وانتزعت الواقعية الثورية زمام القيادة والمبادرة والقدرة على التغيير الثوري استعدادا للمعارك الوطنية والطبقية، وحماية الوطن والمواطن، واسترجاع حقوق الشعب المغتصبة في الخبز والكرامة والحرية السياسية والاجتماعية، ورفضت سياسة الزحف على البطون والاستسلام للضغوط الخارجية والداخلية التي تمتص مقدرات الوطن، وتستنزف شبابه ومفكريه في صراعات طائفية ومذهبية.

لقد منحت انتفاضات الملايين العربية الحافز للشعب الفلسطيني من جديد لإعادة الاعتبار لقضيته الفلسطينية كقضية تحرر وطني، وليست محورا للصراع الدموي بين أبناء الوطن الواحد، ولدور المصالحة الوطنية في الحفاظ على الوجود الفلسطيني على أرضه، وإمكانية إحداث التغيير على صعيد المواجهة الحقيقية مع الاحتلال الإسرائيلي، واستخلاص العبر والدروس من الذاكرة الفلسطينية المنسية لدور الجماهير الفلسطينية وقواها السياسية في المعارك الوطنية والانتفاضات الشعبية، وباستحالة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في ظل سيطرة الاحتلال، وبقاء المستوطنات على أرضه, واستمرار اختلال موازين القوى لصالحه. فهل يمكن إعادة النظر والبحث عن خيارات جماهيرية جديدة لتحييد الآلة العسكرية الإسرائيلية، وتعطيل تأثيراتها الدموية.... فماذا لو تم استبدال الزحف على البطون، والاستكانة للواقع الذي يفرضه الاحتلال على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، بسياسة زحف الجماهير الفلسطينية نحو الحدود من كافة المناطق التي تحيط بإسرائيل، من غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان، مدعومة بحركة جماهيرية عربية لكسر حالة التراجع والتشرد واللجوء والعودة للوطن، وتخطي الحدود والسدود والموانع المختلفة نحو فلسطين، رغم التأكيد بأن حجم الخسائر البشرية سيكون باهظا جدا، والضحايا ربما بالملايين، وهذه المرة سيكون الدفع من اجل فلسطين بالجملة، وليس بالمفرق ؟؟؟؟!!!!

ملاحظة: هل هذه الأفكار شطحات خيالية ووهمية تعكس العجز الذي أصاب العالم العربي، وقواه السياسية القومية والإسلامية والتقدمية خصوصا الفلسطينية، وغياب رؤية إستراتيجية موحدة لمواجهة المشروع الامبريالي الصهيوني في المنطقة، والانقسام على الساحة الفلسطينية، وفقدان مشروع عربي تنموي بأفق تقدمي يساهم في إحداث خلل في موازين القوى لصالح الشعوب العربية؟؟ وهل يمكن تطبيقها ليس الآن بل في المستقبل على ضوء التغييرات والتبدلات التي تحدثها الثورات المليونية في العالم العربي؟؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة