الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دوني جورج وخبرتنا في خسارة المبدعين

صالح الحمداني

2011 / 4 / 8
سيرة ذاتية


دوني جورج وخبرتنا في خسارة المبدعين
دعونا لا نتحدث عن السياسة ، فالملل منها قد أصاب الجميع ، دعونا نتحدث اليوم عن دوني جورج يوخنا ، هذا الكائن الجميل ، والودود ، والشجاع ، والمتفاني ، الذي سيصادف اليوم مرور شهر على وفاته ، ولا بأس من التذكير بأنه سيصادف أيضا : ذكرى مرور ثماني سنوات على (جريمة القرن ) – على حد تعبير السيد يوخنا – حين نهبت 15 الف قطعة أثرية من المتحف العراقي الوطني ، لأن الجنرال تومي فرانكس : " ليس ( لديه ) الوقت لهذا الهراء " !.
هذه الشخصية الآثارية العالمية ، تم مضايقتها بشكل غير مسبوق ، وقد إشترك المتطرفين من كلا الطائفتين بفعالية ، في جعل هذا البروفيسور ( الكتابي ) يترك عمله وبلده ، لتتلقفه جامعة نيويورك في ستوني بروك ، وتوفر له كل ما يحتاجه إلا وطنه وأصدقاءه ورقمه الطينية.
كان في صباه لاعبا على الدرامز في فرقة روك ، ثم أمسى في مشيبه أفضل عازف على قيثارة أور الشهيرة ، درس على يدي الأسطورة طه باقر ، وأشرف على عمله في هيئة الآثار (1976) العباقرة : فؤاد سفر وبهنام أبو الصوف.
ولد في الحبانية يوم 23 تشرين الأول 1950 لعائلة من الموصل . عاش ودرس في بغداد ، وأشرف على أعمار آثار بابل ، وساهم في أعمال توثيق ومسح وصيانة وتنقيب في : نينوى ، وسد بخمة ، وسامراء ،وأم العقارب ، وأور . يتحدث الإنكليزية والآرامية والآشورية وبالطبع العربية . ألقى محاضرات في بروكسل ، وكوبنهاجن ، وبرلين ، وفرانكفورت ، وميونخ ، وعمان ، وروما ، ومدريد ، وجوتبيرغ ، وأستمع له طلبة من جامعات : شيكاغو ، وهارفرد ، و نيويورك ، ويشيفا ، والميثودية الجنوبية ، وكلية غوستافوس أدولفس . وكان له حضور فاعل في مؤتمرات في المانيا ، وبريطانيا ، وتركيا ، والأردن ، وكوريا الجنوبية ، وفرنسا ، والولايات المتحدة الأمريكية.
أرسلوا لولده الأصغر مارتن ، رصاصة كلاشنكوف في مظروف ، خافت زوجته نجاة ، وأصاب القلق ولده الأكبر ستيفن ، والأبنة مريم ، فقرر الجميع ترك ( الدورة ) ، وبغداد ، والعراق ، إلى غير رجعة. قدم استقالته من عمله ، فقبلت في ساعتين ، ومن دون أن يناقشه أحد ، هل قلت أننا خبراء في خسارة المبدعين ؟ .
قال مرة للغارديان البريطانية : " لم يعد بمقدوري العمل مع هؤلاء الناس ، الذين قدموا للعمل مع الوزارة الجديدة ، ليست لديهم أية معلومات عن علم الآثار" وقالت عنه المؤتمر البغدادية مرة : " إن الحكومة لم تتعامل معه بما يستحق من احتضان وحماية ، بما كان يمكن أن يحول دون هجرته ".
الرئيس جلال الطالباني – الذي لم يفعل شيئا ليحول دون هجرته – قال معزيا : " فقدت الثقافة العراقية واحدا من أعلامها ، وأحد أكبر دارسي وصائني التراث الأثري الثر لوادي الرافدين " . وقال عنه البطريرك مار أدي الثاني – الذي لا يستطيع ان يفعل شيئا يحول دون هجرته - : " فقدنا ثروة وطنية وقومية (...) ونقدم التعازي لعموم الشعب العراقي والإنسانية ". بينما أكتفى وكيل وزير الثقافة جابر الجابري بالقول : " نقول وداعا والدموع في عيوننا " !!.
في مطار تورنتو ، سكت قلبه الصغير ، قبل أن يلقي محاضرته عن " سر الخلود في الحضارة العراقية القديمة " ، وقبل أن يسأله أحد : هل لسقوطه على أرض المطار، علاقة بزلزال اليابان الذي حصل في نفس اليوم ، أم أنها الصدفة ؟
" أنا هو القيامة ، والحياة .. من آمن بي وإن مات فسيحيى "
في أمان الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رحم الله الدكتور دوني جـــورج
كنعـــان شماس ( 2011 / 4 / 8 - 22:38 )
وتحية الى الاستاذ صالح الحمداني على هذا الوفاء وهذه المرثيـــة اللائقة بهذا الرمز العراقي الكبير ارقد بسلام يادوني جورج و تخرق الر صاصة التي ارسلت لابنك عين المسول العراقي المنافق الذي وافق على استقالتك في ساعتين


2 - شكرا كنعان شماس
صالح الحمداني ( 2011 / 4 / 8 - 23:04 )
ممنون
الاستاذ دوني رحمه الله عملاق عراقي حقيقي ، يستحق الكثير .

اخر الافلام

.. رفح والعلاقات بين مصر واسرائيل .. بين التوتر والحفاظ على الم


.. الجدل المتفاقم حول -اليوم التالي- للحرب في غزة.. التفاصيل مع




.. حماس ترد على عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-.. فما انعكاس


.. قتلى ومصابون في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #ر




.. جدل مستمر وخلاف إسرائيلي وفلسطيني حول مستقبل حكم غزة | #التا