الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعث.. التأسيس دمشقي والنهاية أيضاً

علي شايع

2011 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لعلّ من نافلة القول إن المشكلة السورية يمكن تلخيصها بخمسة حروف مجتمعة في مفردة (البعث). وهو اسم حزب سوري المولد، تأسس في مقهى صيفي وسط العاصمة، وربما سينتهي في صيف دمشقي أخير.
هذه الإيجاز لمشكلة سوريا بعلّة البعث، والأمنية لنهاية نظام حزبي قمعي؛ استقراء لصورة ما سيحدث، و ليست أمنية عراقي نابعة من يقين التشخيص لقضية شعب يعاني يسير ما كابدنا آلامه في العراق، من كوارث جرّها هذا الحزب على البلاد، نواجه تبعاتها حتى هذه اللحظة.

مواجع عراقية

ما يجري الآن في العراق يتحمّل البعث مسؤولية تاريخية عن أقدم أسبابه. فالعادة الفكرية البعثية جرت على اعتبار الأعداء سببا فيما يحصل، وبالطبع ومثلما يقول أهل الرأي القويم؛ إن فكر الإنسان هو من يقتاده للشر و ليس أعداؤه أو أصدقاؤه، والبعثي الراسخ والراكس بالعقيدة ، يضعها دوماً على عاتق عدو (غاشم) ليخرج منها سالم!. ولو جرّت محاكمة حزب البعث على ما أحدثه من فجوة هائلة بين الإنسان العراقي والمفهوم الحقيقي للديموقراطية، لتمّت إدانته عن مسؤولية تبدأ من تأسيسه لديكتاتورية عطّلت لدى الملايين أو شوشّت الإدراك السياسي الصحيح. وإذا كانت هذه المسؤولية لا يتحمّلها البعث كتنظيم، باعتبار إن صدام حسين تصرّف كشخص منفرد، وتسبّب بكل هذه الأخطاء، فان عليهم إعلان البراءة من كلّ ما حصّل، بل والاعتراف بإدانة صدام وتمجيد القضاء العراقي الذي أدانه وحكم عليه.
إن تجريم الحروب والمذابح والويلات طيلة حكم البعث صار بديهة حتمية إنسانية، يفرضها ذات الشرط الموجب لاعتبار النازية (على سبيل المثال والمقارنة) تنظيماً وفكراً محظوراً في الدول الأوربية، إذا لاحظنا أن هذا الحزب جاء برهان غريب، فبعد هزيمة (الحزب القومي النازي) في ألمانيا واستسلامها غير المشروط في1945، وبعد حرب كلفت البشرية 70 مليون ضحيّة، تأسس حزب البعث ليكرّر التجربة، بعد سنتين من هذا التاريخ، وليعيد رسم صورة هتلر بشخص صدام، وبتفاصيل أشدّ دموية، وصلت حدّ فتك هذا الطاغية بالمقربين منه و بعائلته، وهو مقياس يكشف الهول الحقيقي للكارثة العراقية.

بعث الإرهاب

حكاية إجرام البعث في العراق معروفة، ومقابره الجماعية صاغ بياض عظامها لونا جديدا لخارطة العراق. ويطول الحديث عنها. ولكن لنبدأ من سنوات توسنامي الإرهاب الأخيرة، والفتك والمجازر الكارثية التي اشترك فيها تحالف البعث والقاعدة، ليجرى الحديث بين وقت وآخر عن قائمة مطلوبين للعدالة العراقية يتخذون من سوريا مستقراً لهم..قوائم يحملها المسؤول العراقي معه ليعلن المطالبة برسمية التوثيق، طمعا بعدالة المضيّف، ولكن هيهات منهم العدل. والكلام يعود على الطرفين(العراقي والسوري)، فالأول عقائدي يقول بقول علي بن أبي طالب عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شرّه بالإنعام عليه!. أما الثاني فمنهاجه الرعب، وسبيله البعث. والأول كسلطة تحكم العراق قال سابقاً، وتراجع عن قوله:" إن سوريا متورطة بما يأتي من إرهاب عن طريقها".. وباعتراف إرهابيين اعتقلوا في العراق ودلّوا على أماكن تدريبهم في سوريا، وأظهرت اعترافاتهم الفضائيات والقنوات التلفزيونية الرسمية وغير الرسمية. وربما يجوز للقضاء محاكمة أي شخص قال هذا وأنكره لاحقا، بتهمة تضليل العدالة.
تلك قضية لا يطويها تاريخ أو تعتيم، لأنها موثقة في أرشيف الأخبار،والصحف الرسمية، لمن يريد التدقيق، وسيحصي جرائم تبدأ بالأربعاء الأسود ولا تنتهي برماد الإربعاءات الحزينة حتى هذه اللحظة، معايناً ما تبعها من تصريحات المسؤولين العراقيين. وسيكتشف المتابع لتلك الوقائع إن وتيرة الإرهاب والتفجيرات كانت تزداد ضراوة كلّما أعلن جدول لقاءات الشرق الأوسط من أجل قضية السلام، فالنظام السوري كان يستخدم سياسة ارهب الضعيف تخيف القوي!، ولعل القيادة السورية وجدت في الوضع العراقي معادلاً موضوعياً لما خسرته من موطئ قدم سياسية في لبنان، جعلها تخرج على العالم بصيغة الفارض لشروط لعبة هي أكبر من حقيقة سوريا وقوتها ونفوذها، متوهمين خداع العالم بأن دمشق (الأسدية) لازالت تحمل ذات السطوة والتأثير، وإن لها منافذ أخرى لإيصال رسالة قوتها، حتى وإن خسرت مكانها وزمانها البيروتي.ولكن العراق لا يشابه لبنان في تفاعله، وتلك الهيمنة المفروضة عبر ظروف انتفى مبررها اللبناني في بغداد.

الكلام أعلاه كان حقيقة معلنة لدى الرأي العام منذ سنوات، وتداولته الأوساط السياسية باعتبار إن عدم استقرار العراق، والإشارة إلى التدخل السوري فيه تحديداً، سيفيد (شعاراتياً ) البعث الحاكم في هذا البلد، من خلال تعميق المواجهة المرجوة لديهم؛ عن المؤامرة والعدو(الغاشم)، وعمالة القوى التي تتهم دمشق وتريد إدخالها عنوة في الصراع!.. وهو صراع استثمرته دمشق (الأسد) في ترسيخ نظام طوارئها التعسفي، وخاصة بعد وراثة بشار للحكم الجمهوري، كأخطر حدث في التاريخ الحديث، لتصدق نبوءات العرافين المسبقة، بحدوث كارثة في الأرض سنة 2000، فالكارثة حصلت في سوريا بالفعل.

تآخي التاريخ

ربما لا يوجد عراقي واحد لا يعترف بان الشعب السوري من أكثر الشعوب العربية قرباً للعراق، وهي ليست نتيجة سياسية أفرزتها الشعارات القومية، بل هو واقع حال فرضه تراكم السنوات والامتداد التاريخي. لكن هذه العلاقة بقيت على المستوى العملي، قيد انفعالات وإرتكابات سياسية، وقفت ضد الرغبات الشعبية السورية والعراقية، واستهلكت معطياته السلطات في البلدين، عبر صراعات امتدت لعقود ،لعبوا على أوراقها اللعبة القذرة، وبقي كل جزء من هذين الشعبين رهين محبسه الديكتاتوري، مع فارق بقي يمّيّز الجانب السوري بالقياس وإجرام البعث بجناحه العراقي، المتمثل بطاغية رأى السوريون إن زواله سيبعث بعث العراق مجدداً، ويعيده إلى حضنه الشامي، وهو يفرش أعتابه لقيادات الدمار الصدامي ضمن المعلن القومي.

الحديث عن وجود هذه القيادات في سوريا، حديث عن خبرات دموية، وخطر مبير على الشعبين، يستوجب المساندة والنصرة، فالخراب البعثي ترك لكلّ عراقي أمّاً مكلومة، كأم الفصيل، وللشعر درّ الشاعر السوري القائل:
مثل أم الفصيل ، تَرأم بَوّاً فَرّقوا لحمه على الطُرّاق
لذا نحن نرأم الثورة الفتية السورية، ونرى من يريد تفريق دم شهدائها على الطرّاق.
نرأم سوريا بعيون التاريخ والجغرافيا والأخوّة المشتركة، وحسبنا هذا التواصل الحضاري ليكون مجال وحدة بعيدة عن كل الايديلوجيات والشعارات، فمقومات هذه الوحدة متوفرة بأكثر من مقوماتها بين بلجيكا وألمانيا أو بين ألمانيا وهولندا على سبيل المثال، ومكونات الوحدة منبثقة من تعايش شعبي طويل ومشهود، يوجب على الشعب العراقي أن يكون أو المساندين لحرية سوريا وتحرّرها من نظام الغابة (الوراثي)، و إلا فلا معنى لحريتنا في العراق ما دمنا ندعم حكم أقلية قمعية، ولا معنى لتخوفنا من الحرية والديموقراطية في هذا البلد، رغم المخاطر المحدقة بتلك الأرض نتيجة التراكم القمعي، وغياب مقومات الدولة الحقّة.
الحرية القادمة ستكون رهان شعب عريق، بعيداً عن استئساد (بشار) واستئثاره الوراثي بمصائر الملايين، فسوريا ليست تطلّع السوريين في داخلها فحسب، بل ثمة ما يفوق عدد سكان البلد من المهاجرين المغلوبين على أمرهم عن بعد، تحت نير تعسف الحدود والمطارات وجيوش المخابرات المبثوثة حتى بين المرء وزوجه!.
أعداد المهاجرين السوريين ستشّكل في انتخابات البلد المحرّر عامل موازنة واستثمار لخبرات وتجارب إنسانية عاشت الديموقراطية وأجلت أمنياتها صوب تلك اللحظة التاريخية.
ان الرهان الشعبي السوري يواجه اليوم بقوة فتك وسطوة ديكتاتورية مرعبة، لا تريد الأطراف الدولية الدخول في فلكها، بسبب حساسية الخارطة القريبة من إسرائيل، لكن الأيام ستثبت للجميع إن الشعب السوري أراد الحياة، وإن هي إلا صيحة واحدة. لذا سيكون من العار التخلي عن رغبة أكثرية شعب مقموع، صار يُضطهد من دول أعلنت تأييدها لنظام عشوائي يوزع مع الخبز مناشير الرعب والدعاية وصور أسد كان له من اسمه نصيب افتراس العشرات يومياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط