الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد منع الحكومة له من رؤية والده قبل وبعد وفاته الدميني يوضح

علي الدميني

2004 / 10 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


( الرياض – 21 أكتوبر، 2004) ... أصدر الشاعر علي الدميني وهو أحد القيادات الوطنية للاصلاح من وراء القضبان بيانا يبين فيه ملابسات منع السلطات السعودية له من اللقاء بابيه قبل وفاته ودفنه اوائل هذا الاسبوع.

للإيضاح..من علي الدميني

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى أبي...

رحمك الله يا أبي وأسكنك فسيح جناته، فقد تعلمت منك كيف أصبح وطنيا شريفا، وإنسانا صادقا وقويا مهما كانت التضحيات.

ولكم كانت تسعدني متابعتك لمطالبنا بالإصلاح السياسي حيث لا أنسى حرصك على الاحتفاظ بنسخه من"وثيقة رؤية لحاضر الوطن ومستقبله" رغم أنك لم تكن تحسن القراءة ولا الكتابة، ورغم تنبهك إلى احتمال اعتقالنا جراء هذه المطالب.

يا أبي...أنطوي لفقدك على حزن مضاعف وألم لا تكتبه الكلمات ولا تعبر عنه الأحزان، ذلك أنك تغيب عني إلى الأبد، وأنا معتقل في قضية عادلة، عرفتها أنت كما يعرفها كل مواطن شريف في هذا الوطن.

يا أبي ... كنت أمني النفس بالخروج من المعتقل لمعانقة حريتي ، والتي يشكل فيها لقائي بك جزءاً خاصا وعزيزا علي ... ولعلي أكشف سراً أبوح به هنا، وهو أنني قد قبلت توقيع التعهد (بإطاعة ولي الأمر بالمعروف) الذي توصلنا إلى صياغته مع الإدعاء العام بعد شهريين من اعتقالي، نتيجة للعديد من الأسباب التي يعرفها البعض، ولكن أحدها بالنسبة لي ، كان ينصب على رغبتي في رؤيتك خاصة وأنك كنت في ذلك الوقت في المستشفى الألماني في جده.

ياأبي... لا أحد يعشق السجن ، ولا أحد يكره نسائم الحرية،ولأن قضيتنا المطلبية بالإصلاح السياسي عادلة وصادقة، فقد تعلقت آمالي بتبرئتي وزملائي من التهم المنسوبة إلينا ، في الجلسة الأولى للمحاكمة العلنية ،التي عقدت في الرياض قبل شهرين من رحيلك ولكن الحسم في القضية ، قد تأخر على حسابنا، وتم تحويل المحاكمة من علنية إلى سرية، فرفضنا ذلك، وهو ما أطال بقاءنا في السجن، وعطل إمكانية رؤيتي لك في فضاء من الحرية والحياة الكريمة.

رحمك الله يا أبي ...، ورفع عنك ألم الجحود الذي تبديه نحوي كل صحف بلادنا حيث لم تنشر خبرا عن وفاتك تعزيةً لزميل وكاتب وشاعر، أسهم بنشاطه الثقافي في معظم تلك الصحف طوال زمن تجاوز الخمسة والثلاثين عاما، بل أن الأمر بلغ ببعض هذه الصحف إدخال فقدك في حلبة المزايدة الرخيصة، فادعى بعضها أنني رفضت حضور جنازتك لمجرد الرفض وحسب؟!!

ياأبي ... إن هذا الموقف الرخيص يؤلمني حتى العظم، ولكن لا عليك، فأنت تعرف مثلي كم هو بائس هذا الوسط الصحفي ،وفقير.

ياأبي ... زارتني زوجتي يوم الأربعاء 14102004م وأبلغتني أنك في العناية المركزة وأن العائلة أرسلت خطابا للمسؤلين لترتيب إمكانية زيارتي لك ، إذ أن ذلك حق من حقوق المعتقل وقمت من جانبي بمحاولة الوصول إلى المسؤلين لإبلاغهم برغبتي بزيارتك ولكن قضاء الله كان أسرع من الجميع، ففاضت روحك الطاهرة إلى بارئها مساء الجمعة 16102004 م وقد تم إبلاغي من قبل المحامي بوفاتك في حوالي التاسعة من ذلك المساء.

يا أبي ... كان الحزن كافيا لاحتوائي، وكان الألم أشد حرقه مما اعتدت، وشعرت لحظتها أكثر من أي وقت أخر في هذا السجن، بفداحة الظلم الذي لحق بي جراء اعتقالي –وزملائي- كل هذه المدة بدون وجه حق، وبدون أي مبرر سوى الرغبة في إذلالي.

ولأنني ، أعرف يا أبي،أنك لا ترضى لي بالإذلال، وأن حضور جنازتك لا يعوضني شيئاً عن رؤيتك حيا ،كما حلمت بذلك طويلا ، ولذا فقد شكرت للجهات الأمنية عرضها ترتيب سفري إلى مكة المكرمة لتشييعك إلى مثواك الأخير، لأن غصة الألم وقسوة الشعور بوطأة الجور قد أفقدتني إمكانية التفكير في أي شيء سوى التفرغ للحزن عليك .

يا أبي ... ليرحمك الله وليكن عزائي فيك ما أحفظه عنك من كبرياء، وصدق، وشجاعة.

أدعوه جل وعلا أن يهبني شيئاً منها لاحتمال ما أنا فيه.

غفر الله لك يا أبي وأسكنك فسيح جناته وإنا لله وإنا أليه راجعون



علي الدميني

سجن عليشه

19 اكتوبر 2004م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس