الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غيمةٌ تائهة في مذاقِِ العناقِِ

صبري يوسف

2011 / 4 / 9
الادب والفن


غيمةٌ تائهة في مذاقِِ العناقِِ


أريدُ يا صديقةَ الحرفِ أن أمازحَكِ، أن أستنهضَ أفراحكِ الغافية في ظلالِ ذاكرة محفوفة بالآهات، أن أعانقَ روحَكِ المبلسمة بغربةٍ شرهة، توّاقة إلى جنّاتِ العناقِ، تعالي يا جنَّتي الهاربة من دفءِ المساءات الحنونة، أشتاقُ إليكِ بطريقةٍ تخلخلُ تكلُّسات روتين الصَّباح، صباحاتُكِ ضجرٌ مبقَّعٌ بالغبار، كيفَ تراكمَ فوق أحلام الصَّباح كلّ ذلكَ الغبار، أشتاقُ إليكِ كأني أعرفُكِ قبلَ أن تولدَ أوجاعَ السِّنين، كأنَّكِ عِشْتِ معي سنيناً مديدة، كأنكَ فانوسٌ يضيء دكنةَ ليلي، كأني أعرفكِ قبل أن نعبرَ سناءَ النور. تعالي كي أطهِّرَ روحَكِ من غبارِ السِّنين!

أهمسُ لقلبي الملظّى بغليانِ الحرفِ، لماذا هكذا رائعات لا يداعبن روحي ليلَ نهار، قبل أن أتوهَ بينَ تخومِ الحرفِ، بين اهتياجِ الموجِ، بينَ عذوبةِ اللَّونِ. كيفَ لا تغفو هكذا صديقة على خدودِ الحنينِ قبل أن أوقِّعَ على قصيدةٍ من وَرَعِ الانبلاجِ، انبلاجُ الشَّوقِ إلى دنيا من ضياء. تهمسينَ ليراعِ دفئي همسةً منبعثة من صفاءِ البراري، وتنثرين بين تلافيفِ شغفي قبلةً راعشة فوق مداراتِ الحلمِ، تملكين مهارةَ الابهارِ فتسطعُ من عينيكِ خفقةُ عشقٍ، كأنها مستنبتة من دوحةِ الأغاني، من اِهتياجِِ توقِ البحارِ.

كيفَ حالكِ يا جميلتي، هل ما تزالين تبحثين عن مغائر دافئة للروح، بعيداً عن ضجرِ صباحاتٍ مكفهرّة بارهاصاتِ الأيامِ واللَّيالي، هل تبحثين عن صديقٍ من لونِ الحنطة، من هلالاتِ الشَّفقِ الصَّباحي، هل تحلمين بعودةِ البلابلِ في أوائل الرَّبيعِ أم أنكِ رميتِ بعيداً بهجةَ الرَّبيعِ وتغريدَ البلابل؟!

قلبُكِ مبرعمٌ بأزاهير غارقة في نضوحِ ملوحةِ الحرفِ، حرفي يهتاج تدفَّقاً نحوَ شموعِ السَّناءِ، سناءُ قبلةٍ جامحة نحوَ سموِّ السَّماءِ، تعالي يا سمائي قبلَ أن تخفُتَ منارةُ القلبِ، أراكِ قامةُ عشقٍ هائجة على امتدادِ الفيافي، هل يتراقصُ أمامَ محيَّاكِ توقُ عاشقٍ مُرْمَى فوقَ أكتافِ المنافي، تعرَّشي في وميضِ عشقي، لعلَّكِ تصلين إلى هاماتِ الجبالِ، حيث مزارُ عاشقٍ في انتظارِ بهجةِ الاِبتهالِ، ابتهالُ الرُّوحِ لأشرعةِ الوئامِ، أراكِ تعبرينَ فيافي حلمي، تلقِّنين يراعي بحبوحةَ الولوجِ في بهجةِ الانتشاءِ، يرتعشُ قلبي فرحاً كلَّما تضيُ عيناكِ اخضرارَ روضي المبرعم بمذاقِ الهناءِ، تعالي يا أميرةَ البحرِ نرسمُ فوقَ وجنةِ اللَّيلِ نداءَ الأغاني، نرسمُ قلوباً ملتاعة من جورِ هذا الزَّمانِ، تعالي نرقصُ على إيقاعِ نهديكِ سموَّ السَّماءِ، نهدان شامخان كعبقِ الياسمين في ينبوعِ البقاءِ!

تتقاطعُ تلاطمات روحكِ معَ لونِ القصيدة في ليلٍ ممطر، هل تلألأ في روحِكِ حبقُ الدُّفءِ في ليلةٍ قمراء، قبل أن توشِّحَ أمُّكِ خدِّيكِ بأسرارِ البحار، وأنتِ تمعنين في فرحِ النُّجومِ المتهاطل فوقَ ظلالِ الرُّوحِ، هل يراودكِ أن أمَّكِ ياسمينة يانعة، مقمّطة بشوكٍ مكثَّفٍ بمرارةِ الأعشابِ، هل يراودكِ أن ترقصي رغمَ زمهريرِ اللَّيالي، لعلَّكِ تخفِّفي من خشونةِ الآهاتِ المتفاقمةِ فوقَ سهوبِ الرُّوحِ، مَنْ يستطيعُ أن يخفِّفَ من جمرِ الشَّوقِ إلى صديقةٍ من نكهةِ الاشتعال؟!

أيّتها الغابة المرفرفة بينَ هلالاتِ قوس وقزح، هل كنتِ يوماً وردةً شغوفة بالصعود إلى أكتافِ الجبالِ، تعالي أرسمُ فوقَ نهديكِ قبلةً نديَّة مبلَّلة بحليبِ الحنطة، نهداكِ مزارُ عُشقٍ مضمَّخٍ بأريجِ النِّعناعِ البرّي، تعالي يا برّيتي وعانقي بساتينَ روضي قبلَ أن يبدِّدَ توقَنا هديرُ الطُّوفان!

أحببتُكِ وما أزال بطريقةٍ لا أفهمها، ولا أريدُ أن أفهمَها، لأنني حالما أفهمها سيخفتُ بريقُ الاشتعالِ، اشتعالُ وهج الحرف إلى سماءِ عاشقة معرَّشة بألقِ الحنينِ إلى مروجِ الأماني، أحبُّكِ كلَّما يلوذ اللَّيلُ إلى نعاسِهِ، كلَّما تنمو القصيدة في فيافي الغربة، كلَّما يسطعُ القمرُ في سماءِ القلبِ، كلَّما أرقصُ رقصةَ الانتشاءِ على إيقاعِ خشخشاتِ المطر. أحلمُ أن أعانقَكِ يوماً تحتَ رذاذاتِ المطرِ في صباحٍ باكر!

هل نحنُ البشر حفاوةُ مطرٍ متطايرٍ من شهوةِ النَّيازكِ، أم أننا أسرارُ غيمةٍ تائهةٍ في مذاقِ العناقِ؟!

تعالي يا عناقي العميق وعانقي تيهي المنبعث من أجنحةِ الغمامِ، غمائمُ روحي ترفرفُ عالياً، تريدُ أن أزرعَ قبلةً فوقَ وميضِ عينيكِ، هل تتوهَّجُ عيناكِ كلَّما تقرئين حنينَ الرُّوحِ إلى مآقيكِ الغارقتين في روعةِ الانذهالِ، انذهالُ القلبِ لارتعاشِ بهجةِ النَّهدينِ وهما في طريقهما إلى تجلِّياتِ الاشتعالِ؟!

تعالي غداً عندما ينامُ اللَّيلُ على حفيفِ لواعج الحنين، تعالي إلى مرابع ليلي، حيثُ شهوة القصيدة تنيرُ عتمةَ اللَّيلِ، وترسمُ فوقَ خدَّيكِ قبلةَ الخلاصِ، خلاصُكِ من عذاباتِ تساؤلاتٍ لا تخطرُ على بال، هل نحنُ البشر رسائل محنَّطة بأرخبيلاتٍ معرّشةٍ بأنهارٍ منسابة في شفيرِ العذابِ؟!

أرسمُ تفاصيلَ شغفي فوقَ ألقِ التفّاحِ، تفاحتانِ باذختانِ تروي عطشَ الأغصانِ، كأنهما أريجُ بلسمٍ متطايرٍ من عبيرِ الرُّمانِ. يموجانِ في خارطةِ ليلي، يرقصُ قلبي فوقَ حفاوةِ الموجِ، موجُكِ يناغي نضارةَ موجي، تعالي أيَّتها اللائذة من لظى الجراحِ، تعالي إلى مرافئِ روحي، بسمةٌ راعشة تسطعُ فوقَ تخومِ العبورِ، هل كنتِ يوماً قصيدتي الهائجة في وجهِ الرِّيحِ ولا أدري، يحنُّ قلبُكِ حنيناً دافئاً إلى بوحِ القصيدة، تعالي عندما يهفو قلبُكِ إلى شهقةِ البوحِ، كي أزرعَ فوقَ هضابِكِ حرفاً من أشهى المذاقِ، تعالي يا أميرتي كي أتوِّجَ بوحَكِ شِعراً في خضمِّ العناقِ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الفلسطيني الكبير كامل الباشا يكشف لحظة حصوله على جائز


.. جدول ليالي مهرجان الموسيقى العربية?? #معكم_منى_الشاذلي




.. استقبال خاص من منى الشاذلي للفنان كامل الباشا الممثل العربي


.. محمود حميدة بصحبة ابنته في حفل افتتاح مهرجان وهران للفيلم ال




.. في ليلة لا تُنسى.. أوركسترا الموسيقى الغنائية تُشعل أجواء مس