الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الديمقراطية العراقية وتأثيراتها على حركات التغيير في العالم العربي

هفال زاخويي

2011 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لقد فاجأت الشعوب العربية العالم برمته وأحدثت حالة من الذهول والدهشة لدى الباحثين ولدى مراكز الأبحاث والدراسات وكذلك لدى حكومات الغرب الديمقراطية بسبب يقظتها العارمة وانتفاضها بشكل مذهل ، انطلقت هذه اليقظة من تونس بفضل الشاب التونسي الشهيد محمد البوعزيزي صاحب عربة بيع الخضار في مدينة سيدي بو زيد الذي أضرم النار في نفسه يوم 17 ديسمبر احتجاجاً على مصادرة السلطات لعربته وكذلك حفظاً لكرامته بعد ان تعرض للصفع على يد شرطية تونسية، فكانت تلك النار التي أضرمها في نفسه الشرارة الأولى والنقية لنار بدأت تلتهم الأنظمة العربية وغير العربية الفاسدة في المنطقة ولا يمكن بأي حال من الأحوال بعد الآن اخماد هذا الحريق الهائل الذي أضرمه البوعزيزي .
ما يحدث حالياً في العالم العربي هي حالة نادرة ولحظة تاريخية ضربت كل التصورات الأخرى عرض الحائط ، اذ كانت الصورة النمطية القائمة في الأذهان ان الشعوب العربية فاقدة للقدرة على التغيير وان من خصائص هذه الشعوب هي الرضوخ والاستسلام للأمر الواقع، لقد أثبتت هذه الشعوب انها تمتلك القدرة على قلب الأوضاع رأساً على عقب وإحداث التغيير الذي تتطلع اليه ، وهذا الأمر حقيقة قضى على تفلسف المتفلسفين من المحللين والمنظرين، فما يحدث في غير حاجة الى تحليل وتنظير عقيم، انها ثورات استعادة الكرامة والحرية والحقوق وتحقيق العدالة الإجتماعية فحسب ... وهذه كلها تجلت في انتفاضة الشاب التونسي البوعزيزي الذي أوقد شرارة الثورة في لحظة شعور عارم بالاحباط قابلتها ارادة صلبة في رفض الاهانة ... فهل يعتبر المنظرون والمحللون ؟! وعن أية ديمقراطية عراقية وتأثيراتها الإيجابية على التحولات الجارية في العالم العربي يتحدثون ؟!
ان التغيير الذي حصل في العراق صبيحة يوم التاسع من نيسان 2003 والذي فر فيه (القائد المقدام والزعيم الأوحد ) واختفى في حفرة صغيرة ، هو تغيير أحدثته العملية العسكرية للولايات المتحدة الأميريكية وحليفاتها ولا يمكن لأي قائد أو زعيم ( وهم كثر) في العراق أن يتبجح ويدعي بأنه ساهم في إسقاط نظام صدام حسين ، بل ان الذين يديرون العراق حالياً قد جاؤوا ووصلوا الى اعلى هرم السلطة بفضل التدخل الأميريكي ... أي ان سقوط نظام البعث في العراق كان بفضل تدخل خارجي وليس ابداً بفضل ثورة شعبية أو بفضل قيادات المعارضة بمجملها وبشتى توجهاتها وانتماءاتها ، وهذا يظهر التباين الكبير والفارق العظيم بين ما حدث في العراق وما يحدث حالياً في العالم العربي ، يقظة الشعوب حالياً ورغبتها في احداث التغيير وإطاحتها بأنظمة توتاليتارية مستبدة فاسدة ،جاءت لتحقيق التطلعات الطبيعية ( العدالة الإجتماعية والحقوق الطبيعية والكرامة الإنسانية) بعيداً عن زيف الشعارات العملاقة التي أثبتت عقمها ودجل أصحابها ونفاقهم وكذبهم... نعم عربة الخضار التي كانت تعود لمحمد البوعزيزي والتي أطاحت بحكم بن علي الآن أكثر جدارة بالإحترام والتقدير من الدبابات الأميريكية التي دخلت العراق وأطاحت بصدام وصنعت ابطالاً مزيفين.
طبعاً كلامي هذا أبداً لا يعني الاستخفاف بالشعب العراقي أو بتلك الدماء التي سالت وبتلك النضالات على مر السنين العجاف في مواجهة الطغيان البعثي الصدامي ، لكن يجب ان لا نتهرب من الحقيقة التي تفيد ( ان اميريكا وحليفاتها اسقطوا نظام صدام) ، وليست مجاميع المعارضة العراقية التي كانت قد وصلت الى مرحلة اليأس ومرحلة من التشرذم الى ان جمعتهم اميريكا من جديد في مؤتمر لندن في 2002عبر جهود منسقها ( زلماي خليل زاد) ، لذا لايمكن لأحد أن يتبجح ويمن على العراقيين بانه حررهم واعتقهم وخلصهم وانقذهم من نظام صدام وطغيانه .
أما فيما يخص الديمقراطية العراقية وذهاب بعض المحللين العراقيين بعيداً بأنها هي التي القت بظلالها على العالم العربي بايجابية لتساهم في احداث هذه التغييرات فهذا محض تخبط ومغالطة وعجز عن التحليل ، فنحن لا نعلم ولا ندري عن أية ديمقراطية يتحدثون والديمقراطية في العراق تسير نحو منعطفات خطيرة وهي بدأت تخرج عن مسارها وتطوق وتحاصر من قبل الإقطاعيات السياسية الكبيرة، فهي ديمقراطية شاخت بسرعة وهي ناقصة عرجاء عوراء ، لا احد بمقدوره ان ينكر ان العراق يغرق في الفساد المالي والاداري والسياسي ، فهل الديمقراطية التي يقصدونها هي ديمقراطية الفساد ؟ وكيف تؤثر الديمقراطية العراقية التي يصاحبها الفساد بايجابية على ما يحدث في العالم العربي من حراك شعبي في حين ان هذه الشعوب تنتفض على الفساد والظلم؟!
قد يحكم أحد علينا بأننا نغالي في الطرح ونطلق الأحكام جزافاً على الديمقراطية في العراق لكن من يريد اثبات العكس فعليه أن يأتي بالدلائل التي تؤكد انه ليس في العراق محاصصة وانه ليس هناك اتفاق بين جميع الاطراف السياسية لتقاسم كعكة السلطة ، وان العراق تحكمه حكومة خدمات وليست اقطاعيات سياسية ، وان مؤسسات الدولة العراقية تبتسم في وجه المواطن لا تصده ولا تغلق بوجهه الأبواب، وان الديمقراطية العراقية في غير حاجة الى نقاط التفتيش التي توقف المواطن وتهينه لكنها ترتعد خوفاً من سيارات المسؤولين المضللة واغلبها لاتحمل الأرقام، وفوهات بنادق افراد الحماية وصراخهم على الناس في الشوارع تعكر صفو الحياة وتجعل من المواطن يندب حظه مع هكذا ديمقراطية ! فهل هذه الديمقراطية قادرة على التأثير بهذا الشكل الساحر على الشعوب العربية كي تنتفض ؟!

ملاحظتان :
* اقترح على الشعب التونسي جعل عربة الشهيد محمد البوعزيزي رمزاً للتحرر واسقاط الطغاة فهي بحق تستحق ذلك.
* الديمقراطية العراقية مثل النعجة دولي شاخت بسرعة غير متوقعة وضربت بكل آمال العلماء عرض الحائط.
* رئيس تحرير صحيفة الأهالي الليبرالية العراقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان