الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستفيدون من عدم قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2004 / 10 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد نفذ صبر تركيا من الإنتظار الطويل لتلقّي الضوء الأخضر لركوب القطار للحاق بأوروبا ، هذا الأنتظار الذي طال أكثر من اللازم بسبب التقد م البطئ السلحفاتي الذي احرزته معاملات طلب نيل العضوية طوال هذه الفترة . فقبل أسابيع قرر المجلس الأوروبي، وعلى مضض، و كأبغض قرار السماح لتركيا لإجراء معاملات العضوية في النادي الأوروبي. و قد ارتفعت الأصوات العنصرية من المانيا و فرنسا لعرقلة دخول تركيا لأوروبا ، بالمطالبة بإجراء استفتاء شعبي يصوت فيه الاوروبيون بالرفض أو القبول ، و يرجح أن تكون الأكثرية المصوتة ب"لا" عنصرية كبيرة . و قد قام الحزب الديمقراطي المسيحي فعلا بجمع تواقيع من الألمانيين لأجل رفض قبول تركيا في الإتحاد. فبعد الاصلاحات الكبيرة في تركيا في مجالات حقوق الإنسان ، و القضية الكردية ، وارتفاع وتيرة الإنتاج لم تبق من حجج لعدم قبولها في الإتحاد الاوروبي.
و السؤال الذي يبرز هو من يسفيد من عدم قبول تركيا ، و من يخسر؟
إن المستفيدين الأكبر كثيرون ، وتأتي في مقدمتهم القوى القومية المتطرفة و الاسلامية السلفية الرجعية ، سواء داخل تركيا أو محيطها العربي و الإسلامي. فهذه القوى ماانفكت تهاجم تركيا لعلمانيتها و انفتاحها على العالم ، و تتهم نظامها بالخيانة و الغدر بالإسلام ، و تخليها عن قيمه وتعاليمه. أنهم يريدون تركيا يمزقها التخلف والفقر و الجهل و التطرف . لهذا فالرفض يمكن ان تستغله هذه القوى لرفع درجة العداء للاوروبيين و العالم من جهة ، و تشديد خطابها الرجعي و حتى الدموي ضد التقدميين و العلمانيين . ففي الظروف التي تدفع بتركيا و العالم الإسلامي إلى القطيعة أو الإبتعاد عن اوروبا و الغرب وفي فترات الأزمات الصعبة ، والشعور بالتمييز عن بقية العالم ، يمكن للاثنيات المختلفة أن تبلور خطابها القومي العنصري ، وأن تعيد عقارب الساعة إلى وراء ، و تخلق قوادها الكاريزميين مرة أخرى في عصرنا ، عصر الانفتاح و و اشتباك المصالح و الاندماج .
و هذا الهاجس الخطير لا يستوعبه أكثر الاوروبيين ، فلا يدركون مدى الخطر الذي سيداهم العالم المتمدن في حالة تصاعد النزعات القومية و السلفية في الشرق . فأكثر الاوروبيين يسيطر عليهم هاجس الخوف من زوال هويتهم المسيحية و ثقافتهم المختلفة عن ثقافة الشرقيين و المسلمين خاصة وقد عبر بابا روما عن هذا الهاجس العنصري بصراحة بالغة . و يعتبرون دخول تركيا في اوروبا قياما آخر للامبراطورية العثمانية ، عدوهم اللدود. لكنهم يتناسون أن ملايين المسلمين يقيمون في اوروبا ، أكثرهم اندمجوا في حياة الاوروبيين ، ويعيشةن مثلهم .
فرفض تركيا من نيل عضوية النادي الاوروبي يصب الماء في طاحونة التطرف القومي و الديني سواء في العالم الاسلامي ، أو الغربي. وإن تركيا الأوروبية ستكون بوابة العالم العربي و الاسلامي للعالم الغربي ، و و ستزيد من التبادل الثقافي و الحضاري بين شعوب العالم. و ستكون اوروبا جيراننا و سنتبادل المفاهيم المتمدنة بسهولة لخير شعوبنا، و سيضمن الأمن والسلم في العالم.
و القضية الكردية التي قطعت شوطا كبيرا في طريق الحل بعد الإصلاحات الواسعة التي جرت في مجالات حقوق الإنسان و الحريات ، ستتحول إلى مسألة اوروبية ، و لن تستعصي عن الحل آنذاك ، ففي اوروبا حلت قضايا أكثر تعقيدا و اشكالية . لذا يرى المرء مدى استقبال الأكراد و فرحهم لتركيا الاوروبية والعلمانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق