الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُتزلِف لرئيس السلطة , ورئيس السلطة المُتزلِف

عادل الخياط

2011 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


حتى لا يضيع الحابل بالنابل ( وإن كان الحابل بالنابل لا يضيع على المُتوقد عقليا ) ستُفسر على هذا القياس : مُتزلِف رئيس السلطة يحتمل نفس عقلية خضوع رئيس السلطة , فبما ان رئيس السلطة يمتلك حاسية وعقلية الخضوع ترى المُتزلِف ينجذب إليه أتوماتيكيا , يعني : شبيه الشيء منجذب له " والأمثلة كثيرة في هذا المنحى , وسوف نورد بعضا , شِعرا وحدثا .

في بيت شِعر للشاعر " مظفر النواب " في قصيدة " بحار البحارين " يقول : فإذا أنت أتيت البصرة , أنكرك الحسن البصري , فآه مما يتقلب هذا الحسن البصري , وآه مما كشفوا فخذيك وكانا مُبتهجين كثور للإتيان بحزب السلطة "

بيت الشعر هذا يرتبط بإنتهازية " الحسن البصري " المشهودة تاريخيا بوقوفه ضد الثورات المناهضة لطُغاة الحكم الأموي , والمُلخصة بأقوال , من قبيل : يجب إطاعة ولي الأمر , والثورات تقود إلى مظالم أكثر , وإصلاح ولي الأمر إذا كان ظالما , وما إليه , ولا داع لمن يذكرنا بموقف " الحسن البصري من " الحجاج الثقفي " لأن تزلف " الحسن البصري " الذي تقره كل المصادر يناقض موقفه المناهض لأكبر طاغية في ذلك العصر , وهذا - التزلف - بالتأكيد هو الذي دعا " واصل إبن عطاء " إلى الإنفصال عن الحسن البصري وليس السبب هو تلك الفقاعة الفقهية التي يشير لها البعض عن مُرتكب الخطيئة . فـ " واصل إبن عطاء " هو مؤسس المذهب المُعتزلي , والراصد للمذهب المُعتزلي يدرك تماما علاقة الفكر المعتزلي بـ " عِلم الكلام " ومفهوم الثورة , والمعروف في " عِلم الكلام " أنه مُقترن بـ كتاب " نهج البلاغة " للإمام " علي " , ومفهوم الثورة أيضا مرتبط بالعلويين او الطالبيين طيلة حكمي الأمويين وبني العباس .. وعُذرا للحسن البصري , فليس مرمانا تذكر التشوه التاريخي , لكني أظنك سوف تتفق معي بأن تشوه التاريخ سوف يقود لتشويه الحاضر والمستقبل , ورغم أننا نتحدث الآن عن فقرة واحدة وهي " التزلف لرأس السلطة " فلا نظن ان مثل تلك الإشارات ستؤدي لإعوجاج التاريخ ومعالجتها أو الإشارة إليها ستقود للإعتدال .. ربما سيجيبنا الحسن البصري " أو الأرجح " واصل بن عطاء " : لا .. لا .. يجب الإشارة لها ومعالجتها لأنها أُس المصائب على الأرض , لأنها تعني النفاق في أوسع مفاهيمه , وبدوره - النفاق - سيقود إلى الكوارث واحدة تلو الأخرى .. وقد يُضيف : أن المُتزلِف , المنافق , المُتملق , الإنتهازي , وغيرها من المسميات قديمها وحاضرها , تعني ما تعنيه , تعني أنه يمتلك بحرفية عقلية العبيد , وليس المقصود العبيد الذين يُكافحون لكسر القيود والمفاهيم التي ترتكز عليها , إنما العبد الذي يرتضي عبوديته ويتلذذ بها نتيجة مرض عضال أدمنه الدهر في تكوينه الخرب , والطبيعي أن مثل هذا يسري على المواطن العادي والآخر المُهتم بالمعرفة , وكلاهما من النوع الذي يحتمل في شرايينه زرنيخ التغذي بالعتيق التقليدي , تراه يمقت أي تجديد وفي جميع صنوف التحضر والتغير الحياتي .

مُحتمل أن الكثيرين تناولوا تلك الفكرة وبإسهاب , لكني أعتقد أن التأكيد عليها دوما يُعد من الأولويات , لأنها تُمثل توليفة من مُروجي الفكر الإنتهازي الذي إرتكزت عليه غالبية النُظم الديكتاتورية في العالم العربي . وأعتقد أن موضوعا حديثا يصب في هذا الإتجاه هو موضوع " محمد غازي الأخرس " على موقع إيلاف بعنوان : حسن العلوي , سوريا ما يهزها الفيسبوك " .. فبعثية أصيلة مثل " بُثينة شعبان " كيف تقنعها بضرورة التغيير , كيف تقنعها ان عائلة الأسد مثلت حكما أبويا ديكتاتوريا لمدة نصف قرن , والعالم اليوم إنفلق على ثورات علمية وتغييرية ويتوجب على سوريا أن تنحى هذا المنحى " . هل تعتقد ان مثل شعبان ستستمع لك أم تضحك عليك , وسوف يضحك عليك كل محرري صُحف نظام دمشق .. وأيضا سوف تتواصل سلسلة الهزء من قبل صحافة ومستشاري " علي عبد الله صالح " وهكذا إلى أن تصل صحافة العراق المالكية , ومستشارو المالكي على مواقع الإنترنت .. لكن , رجاءا , هنا لا بد من التوقف والتمعن لأن عراق الآن لا يمكن وصفه ب صالح وحسني وبشار , كيف ؟ ونحن لا نرد إنما المتزلف حديث الموضوع هوالذي يرد , وبما أنه يحتمل نفس عقلية " بُثينة شعبان " العبودية فإن رأيه سيكون هو الغالب رغم حنك شهداء " درعا وبغداد واللاذقية "

ولنتجاوز نموذج " صدام حسين " وعدد المُتزلفين له , وفي النهاية صار صدام في حاوية الخاضع الذليل للطرف الأكثر قوة .. ولنعرض تزلفا أو مُتزلفاً آخر آنيا نستنشق عفنه في هذه الأيام : رسالة القذافي إلى " باراك أوباما " التي عرضتها وسائل الإعلام عن وكالة "اسشوتس برس " .. كذلك تقرأ مثل ذاك وهذا في دهشة " علي عبد الله صالح " عن تخلي " أميركا عنه " وكأن أميركا مرضعة أبدية له ولأمثاله , ولم يتعظ من سياسات الكاوبوي في مهب التاريخ , وكيف انهم قد تخلوا عن بيادقهم في التحولات الكبرى للبلدان والشعوب !

والأمثلة إنصبت وتصب لتصل إلى البوق والمُبَوَق له , إلى المُتملِق والمُتَمَلق له .. وهكذا .. فمثل " نوري المالكي " رئيس وزراء العراق المُبَوَق له بالأمس القريب كان من أشد الحاقدين على نظام دمشق , بالأمس القريب عرضت شرطته على شاشات التلفزة إعترافات ذوي النفوس القذرة الإرهابيين عن تبني نظام دمشق لهم , بالأمس القريب دخل في مهاترات حتى مع ثلاثي الرئاسة " الطالباني والمهدي المنتظر وصاحب الزمان " عن دمشق وأزلام دمشق ومدى علاقتهم بسواقي الدم في طرقات العراق , بالأمس القريب تتقلب ألوان وجهه من الأصفر إلى البُني إلى النيلي , وتتصبب قحفته ويجف ريقه حدث إثر حدث إرهابي قادم من فاشيي دمشق بحق أبرياء العراق .. وتغيرات لونه وجفافات ريقه ليس لأجل اللحم المفروم بالمُفخخات والعيون المقلوعة والأطراف المُتطايرة و.. إنما لأجل الريش والعرش المُخوزق .. أما اليوم ترى هذا القحف يناصر جرائم نظام دمشق بحق أبرياء " درعا ودمشق واللاذقية وحمص وبقية المدن السورية " , ولا غرابة , فالطيور على أشكالها .. أو ليس على تلك الهيئة بالضبط , بمعنى أنه من الحكمة ان يستتب الهدوء في العراق , الإستتباب الذي يخدم عرشه , وعدم الإستتباب له صلة ربط وثيقة جدا جدا بنظام عاش على مدى عشرات السنوات على الإغتيالات والتفجيرات والتآمرات " نظام دمشق " وعليه لا بد من التزلف له , لأن التزلف في النهاية لا يعني الشظايا المُخترقة للحم العراقي , التزلف يعني أن يظل هذا الأعرابي على رأس الهرم , ألا لعنة السماء على قمة الهرم يا سليل العدم !

لكن سليل العدم سوف يقول لنا بواسطة أبواقه النافخة على المدار : إشربوا من مياه فراتي العراق , ولماذا فراتي العراق على وجه الخصوص ؟ سيقول لنا البوق : لأن مياه الفراتين أشد تلوثا من كل مياه الأرض هذه الأيام , وعندما تتزقمونها سوف تلتهب غلاصيمكم ومعداتكم ومصارينكم ثم تنتابكم حُمى الموت فداءا لأعرابي العراق الجديد , أو ليس فداءا , إنما ليخلص من شروركم هذا النبراس الذي لم تلده الأرحام من قبل , نعم هو صحيح لم تلده الأرحام ولكن في البدونة !

وعلى هذا التأسيس فإن المُتزلف من كلا النوعين , تراه يصير بوقا في التزييف , بوق في التأليه , بوق في المراوغة , في الهلوسة أو الوهواس , وإنعدام الشجاعة والتلقائية ,والتشوش العقلي , و .. و .. وسينتهي لا محال إلى الفضيحة , والزمن حلال المشاكل .. ربما يقول قائل : دائما ما تؤكد على الزمن , هل هي حكمة بالنسبة لك , أما ماذا ؟ " : صحيح إنها حكمة , إنها من أعظم حِكم الحياة , لأن الزمن هو الوحيد الذي سيكشف المخفيات , فمن كان يتوقع قبل بضعة أشهر ما يحدث اليوم في العالم العربي ؟ فهل يتعظ المُتزلفون بيادق مسرحية هذه الموضوعة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA