الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمعة محاكمة المفسدين وسبت عقاب الثوار

محمود عبد الرحيم

2011 / 4 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ما جرى في ميدان التحرير من فض للاعتصام بالقوة المفرطة للمرة الثانية، وبشكل أكثر عنفا
على نحو أسال دماء الثوار من جديد، ليس بالحدث الذي يجب أن نعبر فوقه، ولا نتوقف إزاءه بقلق بالغ وانزعاج شديد، خاصة أنه يجئ بالترافق مع "جمعة التطهير والمحاكمة"، التطهير لكل رموز الفساد، والمحاكمة لجميع المفسدين، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك، تلك الجمعة الحاشدة التى أرسل من خلالها ملايين المصريين في ميادين مصر المختلفة رسالة واضحة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مفادها أننا غاضبون وغير مرتاحين لمسار الأحداث التى تنحرف بالثورة بعيدا عن أهدافها، وحالة التباطؤ غير المفهومة في الاجراءات التى تحدد مصير الثورة، والتى لا تتناسب مع الإيقاع الثوري المتعارف عليه، ولا ما نفترضه في المؤسسة العسكرية من قدرة على الحسم والانجاز، فضلا عن الاستياء العام من إعادة انتاج نمط الادارة السلطوي الذي يمارس الإملاءات دون حوار مجتمعي جاد، ودون مراعاة إرادة الجماهير صاحبة السيادة والشرعية، مع الإبقاء على مؤسسات ووجوه تعلن عن بقاء نظام مبارك، وتتحدى مشاعر جموع الشعب الذي فاض به الكيل.
الأمر الذي يدفع لتساؤلات مشروعة من قبيل ..هل كان استخدام العنف المفرط لفض الاعتصام الليلي فجر السبت ردا على رسالة الميدان النهارية، أو بالاحرى عقابا رمزيا للشعب المصري ولمن رفعوا أصواتهم بانتقاد المجلس العسكري، والالحاح على محاكمة رأس النظام الذي يزدحم ملفه بمئات التهم، إن لم تكن الالآف؟
وبهذه الفرضية، هل المجلس العسكري الذي يتولى إدارة البلاد حاليا بات مؤسسة فوق النقد وفوق الشعب صاحب السيادة؟ ويلجأ إلى نفس آليات نظام مبارك في التعاطي مع المعارضين، معتبرا الرافضين من حماة الثورة من الأشرار أو البلطجية أو الثورة المضادة؟
والسؤال الاكثر خطورة والذي بات يطرح نفسه بقوة، ويتم تداوله في المنتديات الخاصة والعامة.. هل المجلس العسكري يعتبر أنه يستمد شرعيته فعلا من الشعب وثورته، أم يرى انه تولى السلطة بتكليف من الرئيس المخلوع، ويستمد شرعيته منه، ولا يعترف بشرعية الثورة، ويعتبرها مجرد احتجاجات يجرى استيعابها بالتدريج، وفق المفهوم العسكري"الخداع الاستراتيجي"، لذا يسير على أجندته الخاصة، وليس على أجندة الثوار، ويستند على مؤسسات قائمة وشخصيات محسوبة على النظام ؟ وتقريب لفصائل وتهميش للأخرى، وسط مؤشرات على ميل للاستجابة لضغوط قوى اقليمية ودولية لا تريد تغييرات جذرية في بنية النظام المصري، بالإضافة إلى الرغبة في حماية رجلهم الذي جلس على عرش مصر 30 عاما، قدم خلالها خدمات جليلة لمصالحهم ، وإن اضرت بالمصلحة المصرية لسنوات.
والسؤال الأخر، لو ثمة قناعة بأن الشرعية الثورية هي الحاكمة الآن .. فلماذا يتم قمع من اعادوا الشرعية والسيادة للشعب، واتوا بالثورة واسقطوا دولة الفساد المدمر؟ في مقابل التراخي في ضبط الأمن وترك البلطجية وأدعياء الدين ومن ورائهما، يروعون الناس ويبثون الخوف والفزع في نفوسهم؟ ولماذا لا تتم محاكمة عاجلة لكل أركان النظام وحزبه الحاكم، وعلى رأسهم مبارك؟ وحل الحزب الوطني والمحليات، وتغيير حقيقي للقيادات في كل من المحافظات والهيئات والجامعات، وليس الإبقاء على أنصار مبارك، أو الإتيان بالصف الثاني من المناصرين للنظام الفاسد بهذه الصورة المستفزة، بما في ذلك مجلس الوزراء؟
ثم ماذا عن قصة الضباط الذين نزلوا الميدان ليعتصموا مع المعتصمين، وليحتموا بهم، والتى تثير علامات استفهام، فهل هم فعلا متمردون على المجلس العسكري ويناصرون الثورة ومطالبها، وان انشقاقات تجرى داخل الجيش وصراع أجنحة قد نشب؟ أم انه تم الدفع بهم لتحريض الشباب على البقاء في الميدان إلى اخر الليل حتى يتم النيل منهم؟
وهل من يتمرد داخل الجيش ينزل فرادى وليس جماعات وسط المدنيين؟ دون أية مؤشرات على الصدقية والجدية، ودون اجراءات على الارض، وأنما إعتلاء منصة وممارسة الخطابة، أو اصدار بيان مسجل على اليوتويب، أم أن شيئا ما يدبر في الخفاء يتجاوز تصوراتنا، وربما يتجاوز سيناريو الحكم في السودان بتحالف الجيش والاسلاميين الذي بات متداولا، وسط غياب رؤية ومعطيات تساعد على التحليل المحكم؟
أصوات عديدة من بينها اعضاء من المجلس نفسه تتحدث عن مؤامرة ومحاولة للوقيعة بين الجيش والشعب؟ وإذا ما افترضنا أن هذا حقيقي وأمر وارد، فلماذا لا تتم المحافظة على الثقة المتبادلة بحزمة اجراءات عاجلة تؤكد أن الشرعية الثورية هي القائمة، وأن القطيعة مع نظام مبارك حدثت بلا رجعة، وأن مبارك ونظامه لم ينتهيا فحسب، وانما ينال كل واحد منهم أيضا ما يستحقه من جزاء عادل، جراء جرائمهم السياسية والمالية والجنائية.
ولماذا لا تتم مصارحة الشعب، وإشراكه في صنع القرار، واستمداد الدعم والمؤازرة منه حتى يكون الشعب والجيش يدا واحدة في وجه كل المؤامرات التى تحاك داخليا وخارجيا؟
أما الاستمرار في اضفاء حالة من الغموض على المشهد السياسي، وصم الاذان عن سماع نداءات النصح، بل والمناشدات والرجاء من أجل مصلحة مصر وثورتها المبشرة بانقاذ البلاد من المستنقع الذى اغرقها فيه مبارك ونظامه، فمسألة تثير الريبة، وتوفر تربة خصبة للشائعات والقلق على مستقبل هذا الوطن، ومسيرته بإتجاه الديمقراطية ودولة العدل والقانون، وسط إجراءات تدفع فعليا إلى هز الثقة التى أودعها الشعب وطليعته الثورية في المجلس العسكري، والتى أخرها فض اعتصام التحرير، وبشكل أكثر عنفا من المرة السابقة، على نحو خلف عشرات الجرحي وقتيلين، إلى جانب عودة قوات الأمن المركزي، تلك القوات التي كنا ولازالنا نراها أدوات النظام الأمني القمعية، التى تستخدم أموال الشعب لقمع الشعب، وعلى نحو يعيد للذاكرة عنف نظام مبارك وقمعه للمحتجين سلميا .
أسئلة تنتظر إجابة ممن يهمه الأمر، ومن رئيس الحكومة عصام شرف الذي تعهد بأن يعود للميدان إذا لم يتمكن من تنفيذ مطالب الثوار؟ وسط أجواء تدعونا جميعا للقلق وضرورة التفكير بصوت عال قبل الجمعة المقبلة حول مصير ثورتنا التى مازلنا نقدم تضحيات من أجلها، و من أجل وطننا الذي نريده حرا، ويسير للأمام لا الخلف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح