الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمى السلاسل السينمائية

احمد ثامر جهاد

2004 / 10 / 23
الادب والفن


درجت العادة على أن ذاكرة الجمهور تحتفظ من حين إلى آخر بنكهة فيلم ما دون غيره ، كان قد ترك انطباعا جميلا أو آسى محببا جعله قريبا إلى النفس . وبذات الحماس يحدث أيضا أننا ننسى بمرور الوقت أو بغيره من الأسباب هذا الفيلم أو ذاك ، حتى نفاجأ بجزء ثان منه يشتغل على إحياء خيوط تلك الحكاية مرة أخرى ، أو بنسخة جديدة لفيلم قديم ، غالبا ما تكون صياغة أو قراءة سينمائية ، مغايرة أو نمطية ، سيئة أو جيدة ، لكنها بأفضل الأحوال تسعى إلى أن تكون رؤية أخرى تفارق نسخة الأصل . ويلاحظ جليا أن جهات الإنتاج السينمائي العملاقة تمتلك كوادرا متخصصة في دراسة أذواق الجمهور وميوله وتقلبات مزاجه في فترات مختلفة ، يمكن لنتائجها البحثية أن تحدد – أن لم توجه عن قصد - وفقا لذلك نوع الأفلام التي يرغب الجمهور بمشاهدتها ويندفع إليها بحماس عاطفي اكثر منه فني . لذلك نرى كيف تتباين اسهم تلك المواسم السينمائية من حين إلى آخر ، بين أفلام الرومانس أو الحركة أو الرعب ، وكذا الاجتماعي والكوميدي والخيالي والتاريخي الخ …
وهذه العميلة بمجملها لا تخرج بشكل عام عن قانون لعبة الأرباح ، الذي يمكن لفيلم مؤثر بمواصفات الشباك أن يجنيها ببساطة إذا ما أتقن اللعب على اغراءات الحواس أيا كانت . واليوم بات هذا الأمر اقرب إلى المبدأ الثابت منه إلى احتمالية الرهان السينمائي ، خاصة بالنسبة للذين يجهدون لجعل السينما السائدة حقلا للمتع العابرة والفرجة الرخيصة ! ولا يعني ذلك بالطبع إن أحدا يرغب بتجريد السينما من سمتها الترفيهية إذا ما تجاوبت مع ضرورة الإدراك والتفكير الذهني التي بوسع الفيلم الجيد اجتراحها بوصفه وسيلة حديثة لفهم العالم عبر لغة حساسة تعتمد الجمال البصري المبهر فيما يسمى بالسينما الخالصة .من جهة أخرى لنفكر بمغزى النجاح الساحق الذي حققه في أواخر السبعينيات المخرج والمنتج ( جورج لوكاس ) في سلسلة أفلام ( حرب النجوم ) التي استمرت أجزاؤها إلى اليوم بذات الشهرة والتأثير والنجاح .
أما عن السلاسل السينمائية التي يشتد الاهتمام بها والحنين البالغ إليها حاليا ، فهي مع مشروعيتها النسبية من ناحية متطلبات الصناعة السينمائية ، تبدو غير موفقة أحيانا في تمرير أفلامها في مناخات مغايرة واذواق مختلفة لا تراعي مسار التغيرات تلك . إلا أن النجاح حليفها أحيانا في حال جاءت بأسلوب جديد ومؤثر يقدم محتوى متميزا خلال لحظات عرض مناسبة . ولابد لنا من الاعتراف انه بقدر تمسك غالبية من المشاهدين بالنسخ الأولى لبعض الأفلام وبالانطباع الذي تركته في حينه ، نجد في المقابل إن العديد من الأجزاء اللاحقة استطاعت بجدارة أن تتخطى ما سبقها من أعمال لتحظى بإعجاب الكثيرين ، وعلى وجه الخصوص الأفلام التي تعتمد في صناعتها على التقنيات السينمائية المتطورة بتطور العصر ، حيث تصبح لدى المخرج إمكانيات وحيل واسعة لمعالجة موضوعاته بطرائق اشد إقناعا وتأثيرا ، لاسيما أفلام الرعب والخيال العلمي وربما بدرجة اقل أفلام الحركة . ويمكننا تصنيف السلاسل هذه إلى نوعين رئيسين : الأول يأتي بعد النجاح الجماهيري للنسخة الأولى ، أي إن المخرج لم يكن يفكر بإنتاج جزء ثان قبل رؤيته لإقبال الجمهور على مشاهدة فيلمه الأول ، ومن تلك السلاسل المعروفة التي حصدت نجاحا متفاوتا في هذا الباب لاسباب فنية وموضوعية عدة : حرب النجوم ، غرباء ، العراب ، انديانا جونز ، السلاح الفتاك ، الفاني ، الرجل الوطواط ، العودة إلى المستقبل ، اللعبة ، غريملاينز ، وحيدا في البيت ، الحديقة الجوراسية ، صمت الحملان ، إضافة إلى السلسلة الأشهر عالميا لمغامرات العميل السري جيمس بوند . والنوع الثاني هو العمل السينمائي الذي يباشره المخرج وفي ذهنه منذ البداية فكرة إنجاز الأجزاء الأخرى لفيلمه بعد حين ، إما بسبب أن لدى المخرج مشروع سيناريو كبير يحتاج لاكثر من عمل ولعدة ساعات تستوفيه على الشاشة ، مثلما حصل مع المخرج ( بيتر جاكسون ) الحائز على الأوسكار عن الجزء الثالث من ثلاثية ( سيد الخواتم ) بعد إتمام جزئها الثاني المعنون ( البرجان ) قام بصناعة الجزء الثالث والأخير من الرواية . أو بسبب أن للمخرج رؤية خاصة تكتمل تباعا في فيلمين أو اكثر ضمن مشروع سينمائي مكتمل الرؤية يخُطط له بتأن ، مثال ذلك ثلاثية الحرب للمخرج أوليفر ستون ( الفصيل ، بين الأرض والسماء ، وُلِد في الرابع من تموز ) كذلك المخرج كوينتين تارانتينو ( مستودع الكلاب ، بالب فكشن ، جاكي براون ) وكذلك عمله السينمائي الجديد ( اقتل بل ) وبالتأكيد الثلاثية الشهيرة للمخرج البولندي كريستوف كييسلوفسكي ( ازرق ، ابيض ، احمر ) وغيرها كثير . وهناك بلاشك أسبابا أخرى تتباين من مخرج إلى آخر . ومع التغير الملحوظ في أسلوب كل فيلم ضمن ما يسمى بالسلسلة السينمائية من نواحي الإخراج ومعالجة الموضوع والجودة والفنية ، تتغير عادة أسماء الأفلام وبعض شخصياتها وافعالها ورؤيتها للأحداث ضمن الإطار العام للقصة ، ناهيك عن تبدل المخرجين والممثلين .
ما لم نتطرق إليه هو ذلك النوع من الأفلام الذي يعاد إنتاجه بين فترة وأخرى ، ما بين سينمات دول عدة لشهرته الكبيرة وتأثيره القوي على وجدان الجمهور ، وعلى يد غير مخرج طموح يجرب حظه مثلا مع حكاية السير دراكولا أو فرانكشتاين أو عصابة بوني وكلايد وحتى شخصيات شكسبير وسواه من الكتاب والقائمة تطول هنا بالنظر إلى شمول حقل التاريخ والاسطوريات والحكايات الشعبية من قبيل يوليسس وهرقل وروبن هود . إن هذا النوع من الأفلام يتطلب لضمان نجاحه رؤية إخراجية تجرب بث الدماء مجددا في كافة عناصره السينمائية ، لكي يبدو أمرا مسوغا الأقدام على إعادة إنتاجه بعد أن اصبح في صف الكلاسيكيات السينمائية بطيف سحرها الخاص .
ربما من غير المناسب لعرض سريع كهذا ادعاء الإحاطة بكل ما تضمره فكرة السلاسل السينمائية من نتائج عملية واشارات فنية مثيرة تستحق من الناقد بحثا منهجيا أوسع يمكنه من الوصول إلى قراءات تحايث خطاب الواقع السينمائي العالمي إن لم تتخطاه نحو قراءة أفق التحولات الثقافية والسوسيولوجية ومن زاوية تفترض أن الوثيقة السينمائية دليلا مرجعيا ناجعا لفهم عالمنا في صورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: تكريمي من الرئيس السيسي عن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: نفسي ألعب دور فتاة




.. كل يوم - دوري في جمال الحريم تعب أعصابي .. والمخرجة قعدتلي ع


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بنتي اتعرض عليها ب




.. كل يوم-دينا فؤاد لخالد أبو بكر: أنا ست مصرية عندي بنت-ومش تح