الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمنع القوافي - الى سعدي يوسف

الياس المدني

2004 / 10 / 23
الادب والفن


الى الاستاذ سعدي يوسف
1
لن تخترع شيئاً جديداً اذا ناجيتَ ثغرَ النجوم.
فهل ستيحثُ عن رحلة الى ازقة الذاكرة كي تقضي فيها اجازتَك الاسبوعية.
لا يكفي ان تعيشَ جمالَ حياتك في لوحة يومية يرسمها الطيفُ عندما تفتح الشمسُ عينيه صباحاً.
ولا يكفي عبيُر القهوة المهاجرُ من فنجان هندِ كي يلون الابتسامة على ثغر القصيدة.
لما تترك جمالَ اليوم وتبحثُ في احزان رحيلك عن حنين الى عذاب الصور؟
لماذا تهرب الى بكاء الحروف؟
الا يكفي ان تتناول اشعارَ القباني قبل ان تضجع على بكاء الحمام لتمارسَ قافيات ليس لها من وطن غير سرير الاحلام؟
لِمَا تكُنّ لهذا الحزن كل الرغبة وكأنما هو الحبيب المنتظر؟
اسئلةٌ تصارع صمتَك كل مساء وانت تبحث في حنايا الدروب عن بيت بلا احزان، عن باب لم تلون عتباته دموع الوداع. اسئلةٌ رصفت طريق قصتك منذ بدأتْ هجرة الموت من لوحة الشعر الى صورة الحبيب في ملصق معلق على ذاكرة الضياع.
تبحث عن اجوبة لاسئلة عشقتها ذاكرتُك، فتسير باحثا عن ذاكرة المكان في ذِهنِ الرحيل علك تلتقي بابن خلدون ليحدثك عن سرِ اختفاءِ الالهة حينما يهوي فرحُ الطيور تحت وابل امواج الغروب.
لن تخترع شيئا جديدا اذا ناجيتَ ثغر الذكريات، فتبحثُ عن سكونك في افياء ضجيج المدينة. في مقهاً كان يضم ذكرياتك وينهش انامل القصيدة. تبحث عن الرابط المشترك بينك وبين دموع النخيل، لماذا تلوك الشعر وترتشف حبر العواصف؟ لماذا تهاجر شمسَ الرغبة وتختبأ تحت انين العواطف؟ كم من الاسئلة يجب ان تسأل كي يستجيب صدى القوافل؟ كي يرد اليك ثمالة الاشعار؟
لن تخترع جديدا فالقباني قال كل ما يمكن ان يقال.
2
تلتجأُ الى ظلال الذاكرة وتهربُ الى رموش القصيدة كي تراها عندما تغمضُ عينيك تداعبَ فرو الكلمات. لماذا تلاحقك سياط الحب وينهرك صدى الاماني؟ لماذا يغرب نسيمُ طيفها ويظل الدفئُ يغازل الجداول؟ هل اصطنعتها من قيود الوفاء؟ هل وهبتها حريتك و كل حروف الكلام كيلا تستطيعَ غزل قافية لفجر أشرقَ في ضباب حياتك؟ لماذا تسرق منك كل سوسنة وكل زنبقة تنفجر في ربيع احلامك؟
تهربُ من ذاكرة الايام لتلتقي باحلامك على رصيف اغنية. تهرب من ذاكرة المكان كي تلتقي سراً باغنية نضجت في عبير البرتقال. تهرب من كل الماضي كي تنسج عوسجة لتزين بها صدر هند، وتبحث عن رحيق شوقك في دم القصائد. فلماذا تمنّعت عنك رقةُ الكلام ورمتْك باسهم الصمت. تقطر دموعُ قصيدتك فتعري انين الاشعار في بكاء الحَوْر. تمتطي صهوة القلم كي تصفَ البكاءَ فتنتحر كلماتك. ضبابٌ يقتحم المدينة، ضبابٌ يعض الذكريات واصابعَ القصيدة، ضبابٌ ينهش شفاه النافذة يهاجر من سكون الغابات كي يكتسح رحيقَ الصور.
لم يعد للموسيقا لون الغروب، لم يعد شروقُ الشمس اوبرا كارمن، فقد عمرو بن ربيعة خمرَ الاشعار وتابت ليلى العامرية عن ذنوب الليلة الماضية. فهل تجدها بعد اليوم قصيدةً عاريةً على همس الدروب؟
لن تخترع شيئا جديدا اذا ما وصفت ثغر النجوم.
3
عندما تمتنع القوافي عن الرحيل الى الورق، وتعلن الحروفُ صومَها عن الكلام ترى شفاهَ القصائد تضحكُ خبثاً وعبثاً. عندما تهربُ الصورُ من دم اقلامك تبحثُ عن الابدي في رحلة الضياع من يوم ميلادك حتى لقاء المساء، تبحث عن الخالد فيما تبقى من زهور السماء. تقبض على طيفك وهو يقتحم صلوات القمر، تعانق ابتسامها في صورة باقية في الخيال وترمم ما تبقى من احلامك كي تكون معك في الصباح عندما تهاجر رائحة القهوة من فنجان هند لتنام في سرير شوقك موسيقى وياسمين، عل النهار يأتيك بصورته الجميلة بقصيدة تمنعت عيك.

ملاحظة: هذا النص رد على نص الشاعر سعدي يوسف بعنوان "كيف تأتي القصيدة" (الحوار المتمدن - العدد: 993 - 2004 / 10 / 21 ) وهو منولوج داخلي اخاطب به نفسي وليس الاستاذ سعدي يوسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان