الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية العلاقة بين المؤلف والمخرج المسرحى - بقلم د/محمدعبدالمنعم بقسم المسرح - كلية الآداب - جامعة الأسكندرية

محمدعبدالمنعم

2011 / 4 / 11
الادب والفن


جدلية العلاقة بين المؤلف والمخرج المسرحى - بقلم د/محمدعبدالمنعم بقسم المسرح - كلية الآداب - جامعة الأسكندرية



إن الوظيفة الإخراجية كانت موجودة دائماً منذ أن نشأت الظاهرة المسرحية عند اليونان وقبل ظهور المخرج بشخصيته الفنية التى نعرفها اليوم، لكنها كانت تقتصر على تنظيم مفردات العمل المسرحى وإدارة عناصره، وكان الشاعر المسرحى- مثل إيسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس وغيرهم - يضطلع بوظيفة الإخراج، فيسجل فى النصوص التى يكتبها ملاحظاته الإخراجية التى تشرح الحالة النفسية، وتصف الحركة المسرحية، وتصور المنظر المسرحى. وباعتباره المسئول عن تجهيز العرض وتقديمه، فقد اتسعت مهامه الوظيفية لتشمل اختيار الممثلين وتدريبهم على أداء الشعر، وإدارة تدريبات الجوقة ورقصاتها وملابسها وغير ذلك من المهام الإخراجية المتعددة.

وإذا تجاوزنا العصر الإغريقى إلى العصر الرومانى، لوجدنا المسرح قد تحول إلى معزوفات صاخبة للرقص والاستعراض مليئة بالمناظر المثيرة للدهشة، لذلك خرج العرض المسرحى من يد الشاعر، وانتقلت مسئولية قيادة العمل إلى شخص آخر.

أما العصور الوسطى – وهى مرحلة ارتباط المسرح بالكنيسة – فقد أُسندت مهمة قيادة العرض وتنظيمه إلى أحد رجال الدين المسيحى، وكان يضطلع بمهمة تعليم الأداء التمثيلى والإنشاد يعاونه فى ذلك اثنان، أحدهما للخدع والآخر لتجميع الممثلين وتوجيه دخولهم وخروجهم من المسرح ، وقد استمر الأمر على هذه الحالة حتى النصف الأول من القرن الثامن عشر.

وما أن نصل إلى عصر الإحياء ومرحلة المسرح الشكسبيرى فى إنجلترا، وعصر النهضة ومرحلة المسرح المولييرى فى فرنسا، والعصر الذهبى حيث المسرح الأسبانى عند لوب دى فيجا والمسرح الإيطالى عند كارلوجولدونى، نلاحظ انتقال عصا القيادة إلى يد المؤلف المسرحى ثانياً، حيث توحدت شخصية المؤلف ومنظم العرض المسرحى وتمثلت فى رجال أمثال (شكسبير – موليير – راسين – لوب دى فيجا – كارلوجولدونى) وغيرهم.

لكنَّ أول إرهاص لمفهوم المخرج بالمعنى المعاصر قد تمثل فى ليون دى صومى الإيطالى الذى كتب أول دراسة حول إدارة وتنظيم العرض المسرحى مؤكداً – خلالها – أهمية عنصر الممثل إزاء جميع العناصر المسرحية الأخرى، وقد اهتم بالصدق الواقعى فى أداء الممثل، وركز على الدقة التاريخية فى المنظر المسرحى، وآثر خلق الجو النفسى بالإضاءة.

وفى مرحلة تالية فى المسرح الأوروبى انتقلت عصا القيادة من يد المؤلف مرة أخرى إلى الممثل الأول للفرقة فيما عرفت بمرحلة (الممثل – المدير) حيث كان الممثل الأول فى الفرقة يتحمل مسئولية قيادة العمل المسرحى، ويدرب الممثلين على الأداء التمثيلى ويوجههم. وفى هذه المرحلة يسجل الباحث أن هذه القيادة قد انحصرت جهودها فى ربط عناصر العرض المسرحى معاً دون الالتزام بأسلوب محدد، ومن أمثال هؤلاء جيمس بورباج، ودافيد جاريك.

وهكذا يمكن أن ندرك أن شخصية المخرج كانت موجودة بالفعل طوال تاريخ المسرح لكنها غير محددة أو مسماة، وقد تمثلت فى بعض شخصيات العمل الفنى، المؤلفون تارة والممثلون يقومون بدور المخرج تارة أخرى.
لكن الميلاد الحقيقى للمخرج بالمعنى المعاصر جاء مع ظهور الأمير جورج الثانى دوق مقاطعة ساكس ميننجن الألمانى، وبالتحديد فى عام 1874، فمع ظهوره نشأ ما يسمى بمسرح المخرج .

وبالتالى فإن بروز شخصية المخرج بالمفهوم المعاصر يُعتبر أمراً حديث العهد بالمسرح، إذ إن الدور الرئيسى للمخرج المسرحى بدأ يتبلور فى أواخر القرن التاسع عشر حين شعر المسرحيون بضرورة خلق شخصية قيادية تتحكم فى عناصر العرض المسرحى لتكسبه الوحدة الفنية والتماسك.

وإذا كان المخرج القديم قبل الأزمنة الحديثة لم يصل إلى مرحلة الإبداع المسرحى؛ لأنه كان مُنَفِّذاً للتعليمات والإرشادات الواردة بالنص المكتوب، فإن ميننجن أكسب الإخراج المسرحى وجه الحداثة، فتأكدت سلطة المخرج وأهميته، واكتسب الإخراج المسرحى صفتى الخلق والإبداع؛ لأنه أصبح مرتبطاً بتغيرات فى المجتمع والفلسفة والفنون الأخرى.

فمن أهم منجزات ميننجن أن فُقِدَتْ النجومية على يديه، واهتم بمراعاة النظام فى عروضه، وأزاد فترة التدريبات قبل العرض، وحظيت مشاهد المجاميع بخيرة جهوده المثمرة بعد أن كانت تُتْرَك لأحد أعضاء المسرح .

ويُعتبر أول من حاول الوصول إلى وقد لَعَب دوراً هاماً فى التأكيد على أهمية الرؤية البصرية للعرض فى كليته، حيث جعل ممثليه يتعاملون مع قطع الأثاث والإكسسوار فكانت فرقته من أهم الفرق التى أكدت أهمية المخرج.

ويدرك الباحث أن المنطلق الأساسى للإبداع فى عمل المخرج قد أصبح منذ تلك اللحظة قائماً على التفسير، إذ إن أفكار ميننجن قد أوجدت الحاجة الماسة للمخرج المفسر- الذى اعتمد عليه المسرح المعاصر فى قيادة العرض المسرحى - كمرحلة منفصلة عن مرحلة إبداع النص، كما ألهبت كذلك تلامذته من بعده فى مختلف بلدان أوروبا.


•• ومما سبق يلاحظ الباحث أن الرواد السابقين على ميننجن لم يتمكنوا من خلق شخصية المخرج كشخصية مستقلة عن العمل الفنى، لكن أفكارهم قد مهدت لظهوره، فارتبط اسمه فى تاريخ الإخراج المسرحى بظهور شخصية المخرج، وبفضله ترسخت شخصيته ومهامه الوظيفية والإبداعية، بل اتسعت مهامه من مجرد تنظيم مفردات العمل المسرحى وإدارة عناصره إلى التفسير الإبداعى للعمل الفنى الذى يقوم على رؤية وفلسفة واضحتين.

مع تحياتى
د/محمدعبدالمنعم
قسم المسرح بكلية الآداب
جامعة الأسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب