الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق – البحرين والانسحاب الامريكي القادم

دياري صالح مجيد

2011 / 4 / 11
السياسة والعلاقات الدولية


مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية والثورات الجماهيرية في العديد من دول الشرق لاوسط وبالذات منها تلك التي بدأت تتلبس ثوراتها , بفعل التدخل الاقليمي والدور المخرب لوسائل الاعلام , بلباس طائفي لتفرقة الشعب الواحد الى فئات يسهل السيطرة عليها والتحكم بمطالبها وتوجهاتها وبالتالي القضاء على طموحاتها بالتغيير او الاصلاح , تبرز العديد من التساؤلات الملحة ذات العلاقة بما يجري اليوم وما يحمله المستقبل في ضوء هذه الاحداث , ومن بين هذه الاسئلة الحرجة في اهميتها هي " هل سيؤثر ما يجري في المنطقة على خطة الانسحاب الامريكي من العراق ؟ " .

لقد اصبحت هنالك قناعة لدى الادارة الامريكية اليوم من ان التنافس الاقليمي سيقود الى امتداد حريق الطائفية , باعتبارها واحدة من الاوراق السياسية الهامة , الى العديد من دول المنطقة ذات المكانة الجيوبولتيكية المميزة خاصة في ضوء موقعها الجغرافي او مواردها النفطية كما هو الحال مع البحرين والعراق , ليعكس ذلك الامر تنامي نوع من التخوف الامريكي من ان تؤدي مثل هذه المنافسة الى الاضرار بشكل سلبي بالمصالح الامريكية في المنطقة .

هنا نود الاشارة الى انه من المقرر ان تكمل القوات الامريكة سحب المتبقي من قواتها من العراق في نهاية العام الجاري على اعتبار ان هنالك اتفاقية امنية وقعت بين الطرفين في وقت لم تكن فيه بعد اي بوادر لحدوث ثورات وانتفاضات جماهيرية كتلك التي نشهدها اليوم , وعلى اعتبار ان الحكومة العراقية ستكون قادرة على حفظ الامن والاستقرار لكونها ستكون حكومة قوية وفقا للتقديرات الامريكية المتفائلة في هذا الجانب . ووفقا لهذه الرؤية كانت الامور حتى وقت قريب تجري تبعاً لما هو مُخطط لها من قبل اطراف هذه الاتفاقية , لكن تغييراً ما لابد انه سيطرأ على هذه الاستراتيجية التي تهدف الى الانسحاب نحو افغانستان في اكبر عملية اعادة توزيع جغرافي للقوات العسكرية الامريكية في المنطقة منذ البدء باحتلال العراق .

مثل هذا التغيير الذي نتوقعه كانت له العديد من المدخلات المحلية والاقليمية التي حتماً ستقود الى اعادة النظر في موضوع الانسحاب , فلقد اصبح الوضع الداخلي للعراق مُحرجاً نوعاً ما في ظل الوعود التي اطلقت من قبل الحكومة ويراد منها اصلاح الحال في مائة يوم , في وقت لا توجد فيه مؤشرات مشجعة لحدوث التغيير الذي تنشده الجماهير , وهو ما يعني ترشيح العراق الى اضطراب داخلي لا قبل بعد للحكومة العراقية على التصدي له , خاصة وان تجارب الشعوب المماثلة قد اثبتت بان حكومات طويلة الامد وجيوش كثيرة العدد لم تتمكن من ايقاف جموح الشعوب نحو التغيير فكيف بالوضع الفتي في العراق ؟ .

اقليميا هنالك الوضع المتصاعد في البحرين والخوف من ان ينفلت الى حرب طائفية جديدة بين القوى الخليجية وايران , ليشعل الساحة الشرق اوسطية بالكامل وبالذات في المناطق التي تعد بطناً رخوة للمصالح الامريكية , هذا كله يحصل في الوقت الذي لا تريد فيه الادارة الامريكية تشتيت جهودها في التعاطي مع كل هذه الملفات المعقدة في ان معاً , لان هنالك قضايا لا بد وان تُحل كالملف الليبي مثلاً او الملف المصري ذي الاهمية الاستراتيجية البالغة لامريكا .

ما يجري اليوم يعني بشكل واضح ان الادارة الامريكية بحاجة الى الاختيار بين اما تقليص مجالات نفوذها وتأثيرها في العراق والخليج او العمل على الاحتفاظ بما يمكن الاحتفاظ به رغم ما مُنيت به من خسائر هنا او هناك , فخسارة جزئية هي افضل لها من خسارة كلية مطلقة , وهو ما سيتخذ من موضوع الانسحاب الامريكي من العراق اساساً له في اعادة رسم الاستراتيجيات ووضع الخطط التي يمكن من خلالها التعامل مع التنافس الايراني – السعودي في العراق والخليج عموماً , اذ لايمكن ان تُترك موارد النفط عرضة لهذا التنافس الايديولوجي في العديد من دول المنطقة من دون ان تكون للادارة الامريكية القدرة على التحكم بآليات ضبطه او على الاقل التخفيف من حدته , وهي امور ستقود بمجملها الى التأثير في خطط الانسحاب الامريكي القادم .

في هذا الصدد نود الاشارة الى ما قاله الجنرال اوديرنو في حديثه عن خطط الانسحاب التي بدء تطبيقها منذ اشهر قليلة حين قال " بأن التطورات الايجابية في مجال الامن هي التي سمحت لنا بالمضي قدماً في عملية الانسحاب كما هو مخطط لها " , فهل ما زالت هذه التطورات على صعيد العراق والاقليم هي ذاتها حين طرح اوديرنو هذا الرأي في بداية عام 2010 ؟ .

ولعل هذا الامر هو ذاته الذي يبرر الزيارة الاخيرة لوزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس , التي جاءت بعد التغيير الذي طرأ على خطط البنتاغون الامريكي فيما يتعلق بالانسحاب من العراق والتي قال بصددها غيتس " إذا أراد العراقيون أن يكون لنا وجود في بلادهم , فإن الأمر يتطلب أن نفعل ذلك بسرعة من حيث التخطيط وقدرتنا على تحديد من أين سنأتي بالقوات ونوع تلك القوات التي سنحتاج إليها , مؤكداً أن ذلك يستوجب أيضاً نوع المهام المطلوب أن نقوم بها على وجه التحديد. وأعرب غيتس عن وجود اهتمام بأن يستمر وجودنا في العراق مدة أطول مشيراً إلى أن السياسة تقتضي أن ننتظر لنرى ، لأن المبادرة يجب أن تأتي من العراقيين". مما يعني بان المنطقة عموماً قد دخلت في فترة اعادة الحسابات والتكتيكات لما يخدم مصلحة القوى ذات التاثير والنفوذ فيه , خاصة في الساحات ذات الثقل الجيوبولتيكي الكبير وبالذات منها في العراق , وهو ما يؤكد يوماً بعد اخر فرضية الترابط بين ما يحصل في دول المنطقة بشكل عام في ظل تفاعل المعطيات الاقليمية والدولية التي تشتبك بمجملها في لعبة التنافس على الشرق الاوسط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة