الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد الصدر يرحل مرتين

حافظ آل بشارة

2011 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الشهيد الصدر يرحل مرتين / حافظ آل بشارة
كلما مرت ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر ، تذكر العراقيون مشروعه التغييري الجذري ، وتنظيره للتنمية الشاملة ، ذلك الفيلسوف العملاق سحب الحوزة والمرجعية ليضعهما في مركز الأزمة مجددا بعد عقود من الاسترخاء ، خرج الصدر بعبقريته من اطار الفكر المدرسي التقليدي ليخوض معركة تأصيل الرؤية الاسلامية في أخطر الموضوعات وهي الولاية والسياسة ، لم يكتف باثبات قدرة الاسلام على ادارة وسياسة العالم بل اثبت بطلان او ضعف اي نموذج بديل يمكن ان تبحث عنه البشرية ، ملأ فراغا كبيرا في الفكر الاسلامي السياسي التطبيقي ، قام بتجديد وتبسيط عملية الدمج بين ثلاثة عوامل اخلاقية وعقيدية ومهنية في القيادة والادارة ، وقد يقترب المفهوم مما نسميه اليوم الكفاءة والنزاهة ، احيا عملية الفصل بين الوسيلة والغاية في الحكم ، وتذكير العالم بأن الرئاسة والسلطة مجرد وسيلة للوصول الى هدف نبيل وهو تحقيق السعادة للبشرية في الدارين ، الشهيد الصدر يرى ان الحاكم هو وريث الانبياء ويؤدي دوره تكليفا لا تشريفا وواجبه اقامة العدل الذي ينتج السعادة للحاكم والمحكوم . كرس الشهيد الصدر رؤية الامام علي (ع) وهو يخاطب سلمان الفارسي وقد دخل عليه سلمان وهو يخصف نعله فقال : والله ان امرتكم لا تساوي عندي هذا النعل الا ان اقيم عدلا او ادحض باطلا ، وفي موقف آخر يقول امير المؤمنين ع : أابيت شبعانا وفي الحجاز او في اليمامة من لا طمع له بالشبع ولا عهد له بالقرص ، الشهيد في مؤلفاته ومحاضراته كان يذكر المؤمنين بأن استقامة الحكام ليست شعارات بل اختبار عسير يعيشه المؤمن عندما تكون لديه دنيا هارون الرشيد ، اثبت علميا استحالة الفصل بين الدين والحكم او الفصل بين الحكم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لان الامر والنهي تقنين ودستور ، كان فكره مؤثرا وعميقا لانه يصدر عن صدق واقتران القول بالسلوك ، فان قرأته فهو مفكر ، وان عايشته فهو سلوكي من الطراز الاول ، لم يكن مفكرا منعزلا عن شؤون الحياة بل كان حاضرا وسط الزلزال ، بدأ بنفسه وعضا وتهذيبا فكان مثالا للزهد ، لم يبحث عن اي مظهر من مظاهر الترف ولم يدخر لنفسه شيئا ولم يفكر بموقع او رئاسة ، كان يريد اداء دوره كعالم دين وقائد ثورة وصاحب مشروع تاريخي ، وتعتبر قصة استشهاده آخر محاضرة بليغة يلقيها على طلبته ورفاقه في طريق الثورة ، العملية السياسية الراهنة في العراق يفترض ان نعثر في داخلها على اصداء لذلك الصوت الخالد ، كثير من تلاميذ واتباع الشهيد الصدر مازالوا يبحثون عن ملامحه في هذه التجربة فلا يجدون ما يدل عليه فتزداد وطأة الفاجعة بفقدانه ثم فقدان اثره في حياة بلده ، أحد الظرفاء قال ردا على انتقاد هذه الحالة : ليس الاسلاميون وحدهم فقدوا صدى الشهيد الصدر في هذه التجربة ، الباحثون عن اصداء لماركس لا يجدونها ، وكذلك الباحثون عن اصداء لمونتسيكيو او جان جاك روسو ، هذه تجربة غريبة ليس فيها ملامح شكل او مضمون لا للاسلامي ولا لليساري ولا لليبرالي نموذج جديد لا يمكن ادراجه في صنف محدد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا