الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول توفير منطقة آمنة للمسيحيين فى ألعراق

كمال سيد قادر

2004 / 10 / 23
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لا شك بأن وجود ألمسيحيين فى ألعراق كديانة و كجماعات عرقية هو ألآن فى خطر حقيقى سواء خلال عمليات قتل أفرادها أو أجبارهم على ألهجرة ألى خارج ألعراق. هذا واقع لا يمكن أخفائه و ألا لتكررت مآسى ألحرب ألعالمية ألأولى و ما بعدها ألتى حصدت أرواح ألعشرات ألآلاف منهم و أظطر ألناجون ألى ألهجرة من مدنهم و قراهم فى مناطق هكارى و أورميه و ألموصل و هم ألسكان ألأصليون بانى حضارة وادى ألرافدين ألتى تعتز بها ألبشرية بأجمعها. ما يحدث فى ألعراق ألآن هى كارثة لا تهدد ألمسيحيين و ألقوميات ألتى تدين بهذه ألديانة فقط بل كل ألعراق لأن ألعراق بدونهم سيفقد رويدا رويدا تنوعه ألثقافى و ألدينى و يتحول ألى صحراء ثقافية قاحلة. أذن فأنه من مصلحة كافة ألأطراف فى ألعراق وضع حد لهذه ألجرائم ألتى ترتكب ضدهم وحمايتهم على ألمدى ألبعيد. ألتهديد ألخطير ألذى يواجهه مسيحيوألعراق ألآن ليس ألا مثالا على جرائم مماثلة أرتكبت فى ألماضى و ترتكب ضد شعوب و ديانات أخرى كألأرمن و أليهود وألبوسنيين و ألبانى كوسوفو و ألتوتسى و ألأكراد و ألخ، أدت ألى أبادة قسم كبير من هذه ألجماعات. و لم يكن ألمجتمع ألدولى قادرا أو راغبا فى كثير من ألحالات للتصدى لهذه ألجرائم ألا فى حالات نادرة. و لكن بعد أنتهاء ألحرب ألباردة أخذت ألسياسة ألدولية فى هذا ألمجال أتجاه أكثر أيجابية لحماية ألأقليات كما رأيناه فى ألبوسنة و كوسوفو و كردستان و هذا يجعلنا متفائلين أيضا بألنسبة لحالة ألمسيحيين فى ألعراق.

ألمسيحيون فى ألعراق كأقلية دينية و قومية:

لعل مصطلح ألأقلية هنا لا يدل ألا على تفاوت عددى بين جماعة أو جماعات مع جماعة أخرى متفوقة عدديا. و هذا ألفرق ألعددى هو نسبة غير ثابتة تتغير حسب ألزمان و ألمكان. فألقوميات ألمسيحية العراقية كانت يوما ما تشكل أكثرية فى مناطق شمال و وسط ما يعرف ألآن بألعراق. و يمكن لأقلية أن تشكل أقلية و و فى نفس ألوقت أكثرية داخل حدود بلد معين. فمثلا فى ألهند يشكل حوالى 120 مليون من ألمسلمين أقلية بألمقارنة مع ألأكثرية ألهندوسية فى ألهند ألبالغ عدد سكانها أكثر من مليارد نسمة و لكنهم يشكلون أكثرية فى ولاية كشمير ألهندية بألمقارنة مع ألهندوس فى هذه ألولاية. و حتى فى ألعراق فأن ألعرب ألسنة كطائفة دينية يشكلون أقلية لا تتجاوز نسبتها 15% من عدد سكان ألعراق و لكنهم فى نفس ألوقت يشكلون كقومية عربية ألأكثرية السحاحقة فى ألعراق. و كون قوم أو دين أو طائفة ما أقلية لا تقول شيئا عن نفوذهم ألحقيقى داخل دولة فى مجالات ألسياسة و ألأقتصاد و ألثقافة و غيرها. ألطائفة ألسنية ألعراقية أنفردت بحكم ألعراق لمدة أكثر من ثمانين سنة و مسيحيو ألعراق كانوا دائما يشكلون ألطبقة ألمتوسطة و ألمثقفة و تركمان ألعراق معروفين بنفوذهم ألكبير فى ألأقتصاد العراقى.
كلمة ألأقلية ليست ألا مصطلحا فى ألقانون ألدولى ظهر فى بعد ألحرب ألعالمية الأولى فى أتفاقيات باريس للسلام عام 1919 . ألقانون ألدولى يعرف ألأقلية بجماعة من الأفراد تعيش مع جماعة أو جماعات أخرى داخل حدود دولة معينة و كنها تتميز عن هذه الجماعات من خلال ألخواص ألتالية: أقلية عددية نسبية، أللغة أو ألقومية أو ألعرق أو ألثقافة أو ألدين و كذلك من ألمهم جدا بأن ألأقلية هذه ترغب فى أبراز هويتها ألخاصة لآن هناك ألكثير من ألأقليات أنصهرت بمرور ألوقت فى بودقة ألأكثرية كما نراها فى أمريكا و تركيا. و كذلك يجب أن تكون لهذه ألجماعات ألعرقية جذور تأريخية فى هذا ألبلد فمثلا ألملايين من ألعمال ألمهاجرين فى دول الخليج لا يشكلون أقلية حسب ألقانون ألدولى و لا تشملهم حقوق ألأقليات بل حقوق ألأنسان أى كأفراد و ليس كجماعات لأن ليس لهم جذور تأريخية فى بلدان ألخليج.
و أذا أخذنا هذا ألتعريف كمعيار فنادرا ما توجد دولة بدون أقليات. فى دراسة أجراها معهد ألقانون ألدولى فى جامعة فينا شملت 132 دولة ممن يفوق عدد سكانها ميلون شخص تبين بأنه كانت هناك فقط 12 دولة بدون أقليات عرقية و فى كل أوربا ألبرتغال هى ألدولة ألوحيدة ألتى لا توجد فيها أقليات عرقية و كما أن هناك بعض ألدول ألعربية لا توجد فيها أقليات عرقية أو دينية.

مشكلة ألأقليات هى أصلا مشكلة ظهرت مع ظهور ألدول ألعصرية بحدودها ألسياسية ألتى قسمت فى كثير من ألأحيان شعوبا و أقواما الى قسمين أو أكثر و خلقت نزاعات جمة راحت ضحيتها الملايين لحد ألآن. و تخصيص دولة خاصة لكل أقلية هو عملية مستحيلة لأن هناك ألآن فىألعالم على ألأقل 3000 لغات و 5000 جماعات عرقية و هذا يعنى من ألناحية ألنظرية بأن ألمشكلة لا يمكن حلها ألا بأزالة ألحدود ألسياسية للدول.
و بما أن تخصيص دول لكل هذه ألآلاف من ألجماعات ألعرقية وألدينية عملية مستحيلة و غير منطقية و فى نفس ألوقت تطالب حقوق ألأنسان بألمساوات بين ألشعوب و الأفراد، أتجه ألمجتمع ألدولى ألى أيجاد حل بديل لهذه ألمشكلة ألمزمنة ألتى تهدد حياة ألملايين من أفراد ألأقليات و ذلك خلال توفير مناطق آمنة لهم داخل ألدول ألتى يعيشون فيها.

فكرة ألمناطق ألآمنة:

فكرة ألمناطق ألآمنة نشأت أصلا نتيجة ألحروب ألتى تخوضها ألبشرية بعضها ضد ألبعض بدون سبب منطقى ربما بسبب خلل فى تكوين ألعقل ألبشرى حيث كان ألمدنيون دائما ألضحايا ألرئيسيين لهذه ألحروب و ذلك من خلال أعلان مناطق معينة كمناطق محايدة حيث تأسست أول منطقة من هذا ألنوع فى ثلاثينات ألقرن ألماضى فى شانغهاى لأكثر من ربع مليون صينى فى ألحرب ألصينية أليابانية. و ثم تطورت هذه ألفكرة بعد أنتهاء ألحرب ألباردة لتشمل أيضا حماية ألأقليات من ألملاحقة و جرائم ألأبادة ألجماعية خلال أنشاء مناطق آمنة لها و ذلك من أجل هدفين رئيسيين:

1- أنقاذ حياة أفراد ألأقلية
2- أبقاء ألأقلية كجماعة فى مناطقها لأن غالبا ما يكون هدف ألعنف ضد ألأقليات أجبارها للهجرة و ألأستيلاء على ممتلكاتها.

هذه ألسياسة ألجديدة طبقت بنجاح فى ألبوسنا و كوسوفو و رواندا و كردستان ألعراق. فى ألحالة ألبوسنية تم أعلان ست مناطق آمنة لحماية ألمدنيين حسب قرارى مجلس ألأمن رقم 819 و 824 و هى ساراييفو، توزلا، بيهاج، سربرينجا، كوراجى و زيبة. و فى رواندا أنشأت منطقة آمنة سنة 1994 بقرار من مجلس ألأمن رقم929 شملت خمس مساحة رواندا أشرفت على حمايتها ألقوات ألفرنسية و ألسنغالية.
و أكبر منطقة آمنة أنشأت لحد ألآن كانت فى ألجزء ألأكبر لكردستان ألعراق حيث قامت ألقوات ألأمريكية و ألفرنسية و ألبريطانية و بمساعدة تركية بحماية أكثر من ثلاثة ملايين أفراد فى كردستان ألعراق منهم ألكلدوآشور و ألتركمان و ألعرب أيضا و بألأستناد على قرار مجلس ألأمن رقم 688.

هذه ألتجارب أثبتت بأن ألمناطق ألآمنة هى فى ألواقع ألوسيلة ألفعالة ألوحيدة لحماية أقلية ما من ألأبادة و ألأظطهاد و لهذا فأن فكرة أنشاء هذا ألنوع من ألمناطق هى فى أنتشار مستمر و تؤيدها ألآن بعض ألدول ألتى كانت يوما ما تخوض حرب أبادة ضد ألأقليات. ألبرلمان ألصربى مثلا أصدر فى نيسان 2004 قرارا بأنشاء ست مناطق آمنة فى كوسوفو تتمتع بألحكم ألذاتى كألوسلية ألوحيدة لحماية ألأقلية ألصربية فى كوسوفو ألتى لا تتعدى نسبتها 10% من مجموع سكان كوسوفو ذات ألأكثرية ألمسلمة.
و كما أن هناك دول أخرى كسريلانكا و كولومبيا أتبعت أسلوب أنشاء مناطق آمنة لحل نزاعاتها ألعرقية و ألسياسية. و لهذا فأن حل مشكلة ألمسيحيين فى ألعراق و لأمد طويل خلال أنشاء منطقة آمنة لهم هو فكرة منطقية جدا تتناسب مع ألأتجاه ألجديد فى سياسة ألمجتمع ألدولى فى حل ألصراعات ألدينية و ألعرقية و هى أصلا ليست فكرة جديدة.

منطقة آمنة كحل لمشلكة ألمسيحيين فىألعراق:

مسيحيوألعراق يشكلون ككل أقلية دينية بألمقارنة مع ألأكثرية ألمسلمة فى ألعراق و لكن هذه ألأقلية تشمل بداخلها جماعات عرقية أيضا و هذا يعنى بأنه يجب ألتعامل معهم كأقليات دينية و طائفية و قومية. و ما يجمعم هو دينهم ألمسيحى و ألتهديد ألذى يتعرضون له كمسيحيين على أيدى جماعات أرهابية. ألعمليات ألتى تستهدف ألكنائس هى موجهة ضد دين معين و بدون تميز بين ألهوية ألطائفية أو ألقومية للمصلين. و لذلك يتركز ألنقاش هنا فى هذا ألبحث على أنشاء منطقة آمنة للمسيحيين و ليس لقومية معينة داخل هذا ألدين.
أنشاء منطقة آمنة لهم ليس عطاء من ألعراقيين بل يقع ضمن وفاء ألعراق بألتزاماتها حسب ألقانون ألدولى لحمايتهم كمواطنين سواء كأفراد أو كجماعة.
كأفراد و مواطنين عراقيين لهم كافة ألحقوق ألسياسية و ألمدنية و ألأقتصادية و ألثقافية و ألأجتماعية ألتى تضمنها ألمعاهدات ألدولية لحقوق ألأنسان كمعاهدتى ألأمم ألمتحدة لحقوق ألأنسان لسنة 1966 و قانون أدارة ألدولة ألعراقية للمرحلة ألأنتقالية. و كجماعات دينية و قومية تلزم ألمعاهدات ألدولية ألمختصة ألعراق بحمايتهم و على رأسها ميثاق ألأمم ألمتحدة و بألأخص ألمادة ألأولى ألفقرة ألثالثة و ألمادة ألخامسة و ألخمسون فقرة س حيث يمنع ألتميز ألعنصرى على أساس ألعرق و ألدين. و هناك لجنة خاصة داخل منظومة ألأمم ألمتحدة تراقب وضع حقوق ألأقليات أسست سنة 1947 و تسمى بلجنة ألأقليات. و فيما يخص ألمشكلة ألرئيسية للأقليات أى ألتميز ألعنصرى و ألتى يعانى منها بألأخص مسيحيو ألعراق فأن ألأمم ألمتحدة قامت بأعلان أتفاقية خاصة لمنع كافة أشكال ألتميز ألعنصرى فى سنة 1966 و ألعراق عضو فى هذه ألأتفاقية أيضا. هذا بألأضافة الى ألعديد من قرارات ألجمعية ألعامة للأمم ألمتحدة و مجلس ألأمن بهذا ألصدد كأعلان ألجمعية ألعامة للأمم ألمتحدة حول حقوق أعضاء ألأقليات ألقومية و ألدينية و أللغوية لسنة 1992 . حقوق ألأقليات يمكن أن تعنى أكثر من تعاملهم بألمساوات بألمواطنيين داخل دولة معينة و ذلك خلال أعطائهم أمتيازات كتعويض لظلم تعرضوا له فى ألماضى كحجز حصة معينة لهم فى بعض ألوظائف و ألكليات و هذا ألنظام هو معمول به ألآن فى ألولايات ألمتحدة ألأمريكية لصالح ألأقليات و يعرف ب Affirmative Action .
و حول ألألتزامات ألدولية ألتى تخص ألعراق بألذات حول حماية حقوق ألأقليات، تشكل ألمذكرة ألتى قدمتها ألدولة ألعراقية لهيئة عصبة ألأمم فى 30.5.1932 كشرط لأنهاء ألأنتداب ألبريطانى على ألعراق و قبول ألعراق فى ألعصبة و ألتى تحتوى على ضمانات لحماية حقوق ألأقليات ألدينية و ألعرقية ألمصدر ألأساسى للمطالبة بمنح وحماية حقوق ألأقليات فى ألعراق. جاء فى ألفصل ألأول ألمادة ألأولى لهذه ألمذكرة بأن ألعراق يعتبر حماية حقوق ألأقليات على أراضيها من ضمن قانونه ألأساسى. ألمادة ألثانية فى فقرتى 1 و 2 تذكر من ضمن هذه ألحقوق ألمساوات فى حماية كل ألعراقيين بغض ألنظر عن ألأنتماء ألدينى و حرية ألعقيدة.
و فيما يخص ألمسيحيين بألذات فألتزم ألعراق فى هذه ألمذكرة فى ألمادة ألسادسة و ألسابعة بحماية حقوق ألأقليات ألغير ألأسلامية و كنائسها.

ألألتزامات ألتى جاءت فى هذه ألمذكرة هى ألتزامات دولية لا يكمن للعراق ألتصرف بها من جانب واحد و يمكن للأقليات ألمطالبة بها أمام ألأمم ألمتحدة لكونها ألوريثة ألشرعية لعصبة ألأمم.

ألخطر ألذى يهدد ألمسيحيين ألآن فى ألعراق يتطلب مراجعة مدى تمتع ألأقليات بحماية حقوقهم فى ألعراق طبقا لهذه ألمذكرة حيث ألدولة العراقية تمر بظروف صعبة جدا و لا تستطيع ألوفاء بضماناتها ألدولية ألا بمساعدة من ألمجتمع ألدولى و كذلك يجب ألتفكير فى أفضل وسيلة لحماية ألأقليات فى ألعراق و بألأخص ألمسيحيين بصفتهم ألأقلية ألمهددة حاليا. من ضمن ألوسائل ألمتاحة لحماية ألمسيحيين فى ألعراق هو أنشاء منطقة آمنة لحمايتهم و وضع حد لأعمال ألعنف ضدهم و من أجل بقائهم داخل العراق لأن ألهجرة هى من ألناحية ألنظرية كقتلهم لأنها تؤدى أيضا ألى نقص أعدادهم أذ فقد ألمسيحيون فى ألأشهر ألأخيرة فقط 7% من أفرادهم خلال ألهجرة ألى ألخارج.

وفكرة أنشاء منطقة آمنة للمسيحيين فى ألعراق هى أصلا ليست بفكرة جديدة أذ كانت قد سبقت لعصبة ألأمم أن طرحت فكرة أنشاء منطقة آمنة للآشوريين بعد ألحرب ألعالمية ألأولى فى مناطق بين شمال ألموصل و هكارى ألواقعة ألآن ضمن ألحدود السياسية لتركيا و ذلك من أجل أعادة أسكان ألعشرات ألألوف من ألأشوريين ألذين أجبروا على ألنزوح من ديارهم فى مناطق هكارى و أورميه خلال ألحرب ألعالمية ألأولى حيث تعرضوا لحرب أبادة حقيقية و قتل منهم عشرات ألألوف. و لكن ألفكرة لم تتحقق بسبب معاهدة لوزان و تحديد خط بروكسل كألحدود ألحالية بين ألعراق و تركيا حيث تم ضم منطقة هكارى ألى تركيا. و خابت كل آمال ألآشوريين بألعودة ألى ديارهم بعد أعلان ألقنصل ألعام ألتركى فى بغداد حزيران 1928 بأن ألمسيحيين لا يسمح لهم بألعودة ألى تركيا.
لذا فكرت عصبة ألأمم بأيجاد حلول أخرى لهم و كانت هناك فكرة أعادة أسكانهم فى ولاية بارانا ألبرازيلية و لكن ألبرلمان ألبرازيلى أصدر قرار بتقيد ألهجرة أليها و و كانت هناك فكرة أخرى لأسكانهم فى غرب أفريقيا و هى لم تكن ألا محاولات غير واقعية تدعمها بريطانيا و فرنسا لغسل يدها من ذنب ترك ألمسيحيين فى ألمنطقة يواجهون مصيرهم لوحدهم.
بعد فشل هذه ألخطط قامت عصبة ألأمم بطرح فكرة أخرى و هى أسكانهم فى منطقة متجانسة خاصة بهم داخل ألعراق. يبدوا بأن هذه ألخطة كانت أكثر واقعية و لذا قامت عصبة ألأمم بتعين مفوض خاص لهذا ألغرض زار ألعراق سنة 1930 و لكن لم يكن بأستطاعته جمع عدد كافى من ألآشوريين ألراغبين فى ألسكن فى منطقة كهذه لآن ألمسيحيين بعد فقدان آمالهم بألعودة ألى موطنهم كانوا قد أنتشروا فى كافة أنحاء ألعراق.
قلق ألمسيحيين حول مستقبلهم بدأ من جديد بعد ظهور مؤشرات حول أنهاء ألأنتداب ألبريطانى للعراق ولذلك بدأ ألآشوريون بألتحرك دوليا حيث وجهوا سنة 1931 ثلاث مذكرات ألى هيئة عصبة ألأمم أظهروا فيها عن مخاوفهم على مستقبلهم فى ألعراق و طالبوا بأسكانهم فى منظقة آمنة داخل ألعراق أو خارجها و تبين لاحقا بأنهم كانوا على حق فى مخاوفهم.
و كان ألبريطانيون كانوا ينحازون دائما للدولة ألعراقية ضد ألمطالب ألآشورية و لذا أنتهى ألأمر بتقديم ألعراق لضمانات ألى عصبة ألأمم حول حماية حقوق ألأقليات فى ألعراق فى 30.5.1932 كما ذكرنا سابقا و تم فعلا رفع ألأنتداب عن ألعراق و قبل ألعراق كعضو فى عصبة ألأمم فى 3.10.1932 .
مباشرة بعدا أعلان أستقلال ألعراق بدأ ألمسيحيون فى ألعراق يشعرون بمضايقات لهم و لهذا طالبوا ألحكومة ألعراقية بأيجاد حل عادل لهم. ألحكومة ألعراقية ردت على مطالبهم بطرح فكرة توفير منطقة أمنة لهم داخل ألعراق و قامت لهذا ألغرض بتعيين ألعقيد ألبريطانى تومسون ألذى كان قد جمع تجارب أدارية كبيرة فى ألسودان. و لكن ألمسيحيين رفضوا ألتعاون مع هذه ألفكرة لأن ألأراضى ألمخصصة لأسكانهم كانت غير صالحة للحياة فيها و تنتشر فيها ألأمراض كألملاريا. بعد فشل هذا ألمشروع بدأت مذابح ألمسيحيين تعود من جديد حيث قتل ألآلاف منهم فى مذابح جماعية شمال ألموصل و مناطق أخرى داخل ألعراق أمام أعين ألقوات ألبريطانية سنة 1933.
بعد هذه ألمذابح عادت عصبة ألأمم ألى ألمسرح من جديد و شكلت لجنة حاصة متكونة من ستة أعضاء من أسبانيا، ألدانمارك، فرنسا، أيطاليا،ألمملكة ألمتحدة و مكسيكو لأعادة أسكان ألمسيحيين فى منطقة آمنة. أول منطقة آمنة من هذا ألنوع أنشأت فى وادى خابور على مساحة مقدارها 1000 هكتار و تم بألفعل أسكان حوالى 9000 مسيحى فيها كخطوة أولى. و بما أن هذه ألمساحة ألصغيرة لم تكن كافية لأستعاب كل ألمسيحيين ألراغبين للسكن فيها قامت لجنة عصبة ألأمم بطرح مشروع ألغاب سنة 1935 و نشرت دراسة مطولة حول كل جوانب هذا ألمشروع.
مشروع ألغاب كان يستهدف أسكان ألمسيحيين فى منطقة ألغاب ألسورية ألقريبة من مدينة لاذقية تبلغ مساحتها أكثر من 20000 هكتار و بكلفة 62 مليون فرانك فرنسى يمولها ألمجتمع ألدولى و سوريا نفسها كانت آنذاك تحت ألأنتداب ألفرنسى و لذلك كان للمشروع أن يتم بألتعاون مع فرنسا. هذا ألمشروع تأخر تنفيذه أولا لأسباب مالية و ثم فشلت أخيرا بسبب أنتهاء ألأنتداب ألفرنسى لسوريا.

مع فشل هذا ألمشروع أيضا بدأ طريق طويل ملئ بألآلام و ألويلات للمسيحيي ألعراق لم ينتهى ألى يومنا هذا و سوف لا ينتهى ألا بأيجاد حل عادل يرضى ألمسيحيين فى ألعراق. فى ألماضى كان أظطهاد المسيحيين يتم على أيدى ألأنظمة ألأستبدادية فى ألعراق و هو أليوم يتم على يد ألأرهابيين لأن ألحكومة ألعراقية بسبب ألظروف ألخاصة ألتى تمر بها غير قادرة ألآن بصورة كاملة لحمايتهم و لهذا يجب أن يساهم ألمجتمع ألدولى فى جهود ألحكومة ألعراقية لتوفير هذه ألحماية.
و بما أن أتجاه ألمجتمع ألدولى فى هذا ألأطار يتركز على أنشاء مناطق آمنة لحماية ألأقليات، يجب ألتركيز على هذا ألخيار بألنسبة لحماية ألمسيحيين ألعراقين أيضا.

منطقة آمنة لحماية ألمسيحيين فىألعراق أما تكون حل مؤقتا أو دائميا. منطقة آمنة دائمية هى ألسبيل ألوحيد لحماية ألمسيحيين فى ألعراق على ألمدى ألبعيد لأن ألتجارب ألماضية أثبتت بأن ملاحقة ألمسيحيين تعود كلما سنحت ألفرصة ذلك أما من قبل ألحكومة ألمركزية أو بسبب ضعف هذه ألحكومة. و كل منطقة من هذا ألنوع لا يكتب لها ألنجاح ألا بحماية دولية طويلة ألأمد و بأن ألمنطقة يجب أن تكون قادرة على ألبقاء أقتصاديا و أستيعاب كل من يرغب من ألمسيحيين ألعراقين ألراغبين للسكن فيها أى ألأسكان فيها يتم على أساس أختيارى. و حتى لو لم يكن ألتهديد تهديدا جسديا ضد ألمسيحيين فأن منطقة من هذا ألنوع هى ضرورة حتمية للحفاض على ثقافة و لغة ألأقليات ألمسيحية و تطويرها. فمثلا فى ألوقت ألحالى يظطر ألمسيحيين فى ألعراق بألدراسة أما بأللغة ألعربية أو ألكردية ما عدا عدد قليل من طلاب ألذين يذهبون ألى مدارس آشورية فى كردستان ألعراق و لا توجد جامعة واحدة تمكنهم من ألدراسة بأللغة ألتى يرغبون ألدراسة بها و لكن هذا يصبح ممكنا فى منطقة آمنة حيث يمكنهم فيها أتباع نمط حياتهم و عاداتهم ألدينية و ألقومية و كما أن للكورد و طوائف أديان أخرى مناطق خاصة بهم كألشبك و أتباع ألديانة أليزيدية. صحيح أنه من ألصعب بألنسبة لكل ألمسيحيين ألعراقين ترك مناطق سكناهم ألتأريخية و دورهم و كنائسهم و لكن هذا ليس مطلوبا أصلا أذ يكفى وجود منطقة آمنة لهم يسكن من يرغب فيها و لكى يطمئن ألآخرون خارجها بأنهم يمكنهم أللجوء أليها فى ألحالات ألضرورية و أرسال أبنائهم و بناتهم ألى مؤسساتها ألتعليمية لكى يلقوا ألتعليم بلغتهم ألأصلية.

و أذا وقع ألخيار على توفير منطقة آمنة مؤقتة للمسيحيين لمساعدتهم فى ألظروف ألصعبة ألراهنة، فأن ألأمر هنا أسهل بكثير حيث توجد مناطق كثيرة آمنة فى ألعراق ألآن لا تصلها أيادى ألأرهابيين ككردستان مثلا. كردستان ألعراق تشكل ألخيار ألمثالى لأيواء كل ألمسيحيين ألذين يشعرون بألخطر ألآن لأنه يتوفر فيها ألأمن و ألخدمات ألأساسية و كما أن ألمجتمع ألكردى مجتمع متسامح بطبعه وخير مثال على ذلك هو وجود طوائف و أديان عدة فى كردستان تتمتع بكامل حقها فى حرية ألعقيدة. فهناك ألمسيحيون بطوائفهم ألمتعددة و أليزيدية ألأكراد و ألكاكيين و ألداوده ألشيعة و أهل ألحق و كل من يصوم و يصلى على طريقته.
و ليس هنا ألغرض منح ألمسيحيين حق ألأقامة فقط فى كردستان لأن هذا ألحق هو مضمون لكل ألعراقين فى قانون أدرارة ألدولة ألعراقية بل ألقصد هو توفير مأوى مؤقت لهم أى توفير ألسكن و مستلزمات ألعيش لهم لأن من يظطر ألى ترك داره يفقد عادة كل شئ و هنا يأتى دور أدارتى أقليم كردستان لكى تردا ألجميل حيث تمتع ألأكراد لمدة أكثر من عقد بحماية دولية و جاء ألآن دور ألأكراد بتوفير ألحماية لغيرهم من ألمظطهدين. كخطوة أولى لكان من واجب ألجامعات ألكردية ألأربعة و ألمؤسسات ألتعليمية ألأخرى فى أقليم كردستان دعوة كافة ألطلبة ألمسيحيين ألذين أظطروا ألى مقاطعة دراساتهم بسبب ألأرهاب بمواصلة دراساتهم فى كردستان و بدعم مادى من حكومتى أقليم كردستان. من ألمتأكد بأن ألأدارة ألكردية سترحب بمقترح من هذا ألنوع لأظهار مدى تقيد ألأكراد بألتضامن بين ألشعوب، هذا ألتضامن ألذى أنقذ حيات ألشعب ألكوردى حيث ضحى ألمئات من المسيحيين و ألعرب والتركمان بحياتهم من أجل ألقضية ألكردية.

شرعية ألمناطق ألآمنة:

شرعية ألمناطق ألآمنة هى أساسها ألقانون ألدولى ألأنسانى و لكنها لا يمكمن أنشاءها ألا برضى ألحكومة ألعراقية بكونها حكومة ذات سيادة كاملة و تتمتع بكافة حقوقها كعضو مؤسس فى ألأمم ألمتحدة.
أتفاقية جنيف ألرابعة فى مادتها ألخامسة عشر كما ذكرنا سابقا تنص بصراحة على أمكانية أنشاء مانطق آمنة للمدنيين فى أوقات ألحرب و هذا ألشرط هو متوفر ألآن حيث هناك حرب أرهابية تشن على ألعراق و تستهدف كافة ألعراقين ولكن بألأخص ألمسيحيين و أماكن عبادتهم و لو أنها حرب داخلية و لكن أتفاقيات جنيف ألتى عراق عضو فيها و تعتبر من ألقانون ألعرفى ألدولى تطبق أيضا على ألحروب ألداخلية وليس ألأرهاب ألا نوع من أنواع ألحروب. و كذلك هناك ألمعاهدات ألدولية لحقوق ألأنسان تلزم ألعراق بحماية أقلياتها بكل ألوسائل ما عدا ألألتزامات ألدولية ألتى أعلنها ألدولة ألعراقية فى مذكرتها ألمقدمة ألى عصبة ألأمم فى 30.5.1932 حول منح و حماية حقوق ألأقليات فى ألعراق. أنشاء منطقة آمنة للمسيحيين فى العراق ليس ألا تجاوبا مع هذه ألألتزامات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه