الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الطلابية المصرية ومشهد مابعد ثورة 25 يناير

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تتوالى أنتخابات أتحادات طلاب الجامعات المصرية فى أول تجربة أنتخابية حقيقة بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير .

وتكتسب هذه الإنتخابات أهمية خاصة لأنها تضم قطاعآ شبابيآ قدم أسهامآ حاسمآ فى فعاليات الثورة , كما أن مؤشراتها ستعكس - بصورة أو بآخرى - جانبآ من متغيرات الخريطة السياسية والإجتماعية الجديدة فى مصر .

وفى هذه السياق حملت نتائج أنتخابات ( اتحاد طلبة جامعة القاهرة ) – الجامعة الأقدم فى البلاد - نتائج تستوجب التأمل , فقد أكتسح طلاب مستقلون لا يرتبطون بأى تيار سياسي الإنتخابات المذكورة , فى حين تراجع التمثيل الإخوانى بشكل غير مسبوق حيث فازوا فقط - وضمن قائمة أئتلافية - بنحو 92 مقعداً من أصل 336 وبنسبة لا تتجاوز 30% من أجمالى المقاعد .

هذه النتائج تدحض ولا شك وهم وجود سيطرة اخوانية كاسحة وسط الجماعة الطلابية المصرية , وتؤكد أن حظوظ فوز مرشحى تلك الجماعة بالأغلبية تبقى محدودة فى ظل أنتخابيات حرة ونزيهة .

وهكذا تثبت التجربة أن العملية الديموقراطية يمكن أن تكون مدخلآ لتبديد الخوف من الفزاعة الإخوانية الحاضرة دومآ , ومن ثمة الرهان - فى مرحلة ما بعد الثورة - على أمكانية تجديد الشرعية وتدوال السلطة وبمعزل عن تنمية المخاوف من هيمنة التيار الدينى .

ويكشف الإستعراض التاريخى لما حدث بالمجتمع الطلابى عن جانب من المعطيات التى هيأت تمدد التيار الدينى داخل المجتمع العام فى مصر منذ مطلع سبعينيات القرن الماضى . فالثابت أن نظام مبارك عمد إلى تفريغ عمل تلك الإتحادات من مضمونها الحقيقى وأقصاء الطلاب عن الإدارة الفعلية لشئونهم , وعن نقاش وصياغة مفردات الشأن العام .
وحيث دفعت السلطة نحو ( تأميم ) النشاط السياسى للطلاب وحصار هذا العمل الفئوى الشبابى من خلال تدخل الإدارة بأدوات قانونية وأمنية وبهدف تكريس واقع الفراغ السياسى والفكرى داخل الفضاء الطلابى .

ولذلك أستمر مبارك فى العمل بلائحة قانونية لتنظيم العمل الطلابى بالجامعات ( تعرف بأسم لائحة 1979 ) كان الهدف الرئيسى منها : أهدار مقومات أستقلال الحركة الطلابية , ونفى خصوصية أنفراد الطلاب بأدارة شئونهم وتحديد أولويات عملهم .

وحيث حظرت هذه اللائحة على الطلبة أقامة أى أنشطة تعبرعن الرأى السياسى مع منع تشكيل الأسر والتجمعات الطلابية ذات السند العقائدى والأيديولوجى والحزبى . فضلآ عن أشتراط الموافقة المسبقة لنائب رئيس الجامعة أو عميد الكلية عند دعوة رموز سياسية وثقافية للحديث أو للحوار مع الطلاب داخل الجامعة .

المثير فى ذلك أنه فى وقت صادرت خلاله الدولة المصرية حق الطلاب فى الفعل والتوعية السياسية والثقافية داخل الجامعة كانت تسمح لجماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسى بالحركة والنشاط والسيطرة على كل مفردات الشأن الطلابى .

وهكذا عبراللائحة السلطوية وواقعة تجريف وتبوير مناحى النشاط السياسى بالجامعات المصرية أصبحت الفرصة سانحة لسيطرة وحضور التيار الدينى فى دوائر العمل الطلابى .

ففى ظل أجهاض العمل السياسى والثقافى داخل أروقة الجامعات تمكنت روافد هذا التيار من توظيف وتحويل ساحات ومدرجات ومدن إقامة الطلاب إلى منابر موسمية لتجنيد الأتباع والترويج للأفكار والآراء والتأويلات الفقهية بشأن الدين والحياة .

وعلى أرض العراء والموات السياسى تأثرت شرائح طلابية عديدة – بأختلاف أصولها الإجتماعية والطبقية – بالمفاهيم الدينية السلفية الكتابية والشفهية التى تداولت جامعيآ , وحيث تشكلت لدى قطاع طلابى واسع أدراكات تتصل بالغلووالتشدد العقائدى , ورفض قيم التقدم ومعطيات الحداثة والمعاصرة .

فمنذ مطلع سبعينيات القرن الماضى نشأت وتربت أجيال فى الجامعات المصرية على التطرف الدينى وعلى أساليب التوجيه والإذعان لتعلميات المرشد والأمير ووفق قواعد السمع والطاعة . وغابت لغة الحوار والنقد البناء و أفكارقبول الآخر الفكرى فى قاعات الدرس والحرم الجامعى – مما أوجد مجتمعآ طلابيآ لاديموقراطى على مدارأكثر من ثلاثة عقود .

وكان هدف مبارك - ومن قبله السادات - من وراء أطلاق الضوء الأخضر للتيارات الدينية فى الفضاء الجامعى هو تجريف وتبوير الوعى السياسى الطلابى , والقضاء على النفوذ اليسارى الكاسح بين صفوف الجماعة الطلابية .

فى حين حصد تيارالإسلام السياسى نتائج مؤثرة جراء حضوره الكثيف داخل المجتمع الطلابى– يمكن تلخيصها فى النقاط التالية :

1- تفعيل أستراتيجية السيطرة على المجالات النوعية والفئوية التى اتبعتها التيار وكمدخل للسيطرة على ( المجال العام ) المحاصر من جانب النظام السياسى .
2- تكوين قواعد طلابية خلفية فى الجامعات تكون ظهيرآ وسندآ للتيارداخل المجتمع العام خلال أوقات الأزمات .
3- الضغط السياسى المستمرعلى النظام عبر الفعاليات الطلابية الشابة , والتزامآ بالمنحى التاريخى الذى أكد علي ( حسن البنا ) فى ضرورة تجنيد وتعبئة الشبيبة كرصيد حاضر لأى عمل إخوانى اعتراضى واحتجاجى متوقع .

هذا الحضور الإخوانى أعاق أنتقال الخبرات والموروثات التقدمية والديموقراطية التى راكمتها الحركة الطلابية المصرية منذ نشأتها حتى أوائل سبعينيات القرن الماضى وحيث كان المجتمع الطلابى نموذجآ فى ديموقراطية الأداء وطرائق الحركة الواعية , ومثل وعاءآ لطليعة شباب الأمة , ومحركآ لقوى أجتماعية تجاه الإرتباط بالقضايا الوطنية والقومية .

ولذلك ليس بغريب أن رموز الحركات الإحتجاجية التى قادت الإنتفاضة ضد نظام مبارك كانوا هم رموز هذا المجتمع الطلابى – ذى الثقل اليسارى والليبرالى - وحيث تربوا على القيم واللغة السياسية الراقية والباهرة .

مكونات المجتمع الطلابى القائم وأختلالاته تعكس ولاشك جانبآ من عوار الخريطة السياسية المصرية فهى نسق فرعى داخل أعطاب الثقافة السياسية و سلبيات المشاركة والفعل العام . ولكن يظل تحرير السوق الجامعى المصرى من قيوده و أصفاده – القانونية و الواقعية – شرطآ لدفع عملية التطور السياسى و الديموقراطى فى مرحلة مابعد ثورة 25 يناير .

وما قدمته نتائج انتخابات " اتحاد طلاب جامعة القاهرة " يبشر بأن هناك أمكانية لسحب البساط من تحت أقدام قوى التطرف الدينى التى تحكمت فى قوائم أعمال شباب الجامعات المصرية على مدار عقود طويلة .

أعادة التوازن للمعادلة الطلابية , وعودة الطيف اليسارى والليبرالى بأفكاره السياسية وقيمه التقدمية للحرم الجامعى سيحرر حتمآ الوعى الطلابى ويحيى خلايا السياسة التى ضمرت فى شرايين مجتمعه بفعل القمع السلطوى وجماعات الإسلام السياسى .
عماد مسعد محمد السبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد


.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان




.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع


.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار




.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ