الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا اكتشفت عنواني الذهبي - قصة قصيرة

نضال فاضل كاني

2011 / 4 / 12
الادب والفن


قمة الاحلام ان تحلم بالقمة، أنا من أولئك الناس، اغض الطرف عن استعداداتي التي اشعر بأنها أقل شأنا من غيرها، اتجاهل امكانياتي المتواضعة ، لا التفت الى المعوقات ولا اتوقف عندها، ربما هربا من همها، او تجنبا من الشعور بألمها، احلم بأن أكون ذلك الشخص الذي كان لا ذلك الشخص الذي لم يكن..
نعم، حلم القمة ظلا يرافق خيالي، في غفلتي وسهادي ..
يوما من الايام، اثقلت خاطرة نفسي، تلفت حولي فلم اجد الا رصيفا فقيرا من ارصفة بغداد ايام زمانها الجميل، جلست عليه، واطرقت اتفكر فيه، كانت يدي تنكش بعود ملقى في تراب اشقر طري .. ترى هل ترضى بان تَخرج كما دخلت؟
هل ترضى ان تعود الى زمان ازلي لا يُعرف له أول من آخر؟
هل ترضى بأن تتلاشى في ذكريات حزينة حين تشحب صورك فيها يوما بعد يوم .. هل ترضى ان تكون مثل الذين لا تتقد شمعاتهم الا في ومضات خاطفة بين سطور الحياة المتراكمة.. ام تراك تريد ان تكون عنوانا ذهبيا لكتاب عريق، تسرقه ايدي الناشرين، وتفتخر به رفوف الدواوين؟
لا ، لا ارضى بذلك .. ولكن ما حيلتي وحبالي قصيرة ودوائري صغيرة..
ما العمل؟ ما العمل ؟ ماذا أفعل لأخرج من القمقم المطمور تحت رمال بحر من خلفه بحور؟
حُجبت عني اشعة الشمس بظل غريب قد ظهر، رفعت رأسي لاستفسر عن الخبر.
قال: في كلمة واحدة قل : ما الذي تبحث عنه في القمة ؟
قلت: السعادة.
هز رأسه ذات اليمين وذات الشمال وقال : هيهات هيهات ان تجد السعادة في زمان لم يولد بعد، ومكان لم يأت به الوعد.
ثم اردف قائلا: اعلم أن من لم تكن السعادة في ذاته فلن يجدها في أي شيء سواه ..
ثم اعطاني قصاصة من ورق حملتها الريح إلي ، والقتها بين يدي ، وبعدها اختفى كما ظهر ..
قرأت ما مكتوب في القصاصة مثنى وثلاث ورباع..
كانت الكلمات فيها لصاحب ( مائة عام من العزلة ) الروائي الكولومبي الشهير(غابرييل غارسيا ماركيز).
كتب يقول فيها وكأنه آت من عالم آخر، بل لعله كذلك : " لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر ... تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه" .
هل تكمن السعادة في القمة ام في التسلق للقمة ؟
ولكن لِمَ عليّ ان اختار .. لِمَ يجب ان تكون السعادة في احدهما ..
هل لأننا تربينا على ان نتجرع العلقم في الدنيا لكي نذوق العسل في الجنة؟
هل لانا عُلِمنا أن هذه دار المحنة وتلكم دار الرحمة ؟
هل يمكن ان تكون هذه المقارنة قد ولّدت فينا أن السعادة خبأت في النهاية؟
ولكن مهلا ، أوليس هذا قياسا مع الفارق..
تسلق الدنيا وقمة الاخرة شيء ، بينما التسلق في الدنيا وقمتها شيء آخر..
لِمَ عليّ ان اختار ..؟
لم لا تكون السعادة مضمرة هنا وهناك ، في التسلق وفي القمة معا؟
بالنسبة لي ، ابتسمت حينها وسرت وقد وصلت الى قمتي بل الى قممي..
بعد تلكم الجلسة على ذلكم الرصيف في حي القضاة سَرت نشوة السعادة في كوني ووجداني حين عرفت ان الحقيقة تكمن في كل خطوة من خطواتي.. باتت كل خطوة عندي قمة اجد فيها كنزي بل تتجدد كنوزي.
ولا زلت بعد سنين هربت من عمري أحن الى بقعة الرصيف تلك ، فقد كانت زمانا ومكانا اوقفني على حافة وجودين .. ما قبلها كنت شيء وما بعدها اصبحت شيء .
كانت القمة عندي حلم ، فصار الحلم هو القمة .. فعشت في سلام والسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قمة
ابو سجاد ( 2011 / 4 / 14 - 08:50 )
من اللطيف ان يحن الانسان الى مكان وزمان اتخاذ قرار قد يكلفه الكثير لو انه تعجل باخذه


2 - قمة
رائد فاضل ( 2011 / 4 / 14 - 08:54 )
من اللطيف ان يحن الانسان الى المكان والزمان الذي اتخذ فيه قرار قد يكلفه الكثير اذا تعجل باتخاذه ويكون قد سقط من القمة

اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس