الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بَرَاثِن الثّوْرَة المُضَادّة

السموأل راجي

2011 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مُصادَرة تفرض نفسَها في الواقع العربيّ الحاليّ بِتَفَاوُت لكنّها واضِحَة:"ما كُلّ من إلتحق بالثّورة يستَمِرُّ فيها للنّهاية"،تنسحِبُ مِنْها مُكوّنات تعتبر أنّ مُجرّد الإطاحة بالرّمز المُكثّف للسّلطة كافٍ ولا ضير في إعادة تقسيم الأدوار مع توجيه حملات تشويه ودعاية مُضادّة للقِوى الثّوريّة الحقيقيّة التي إنخرطت مُنذ تشكُّلِها في النّضال الدّيمُقراطي قصد إضعاف السّلطة القائمة ومن ثمّ القضاء عليها في الوقت الذي كَانت فيه قوى مُعاداة الثّورة التي أصبحَت تُنْعَتُ بقوى الثّورة المُضادّة تُمَارِسُ التّهريج على نِطاقٍ واسعٍ ولا تُعادِي إلاّ من عادى النّظام مُتغلّفَةً بأغلِفةٍ شفّافة ظَاهِرُها ثوريّ لتنكَشِف على مِحَكّ الواقع وكُلّمَا تقدّمت الثّورة إلاّ وكشّرت عن أنيابِها وتسقُط ورقات التّوت التي تغطّت بِها فإذا هي مُنخَرِطة كالقطيع في مُبادَرات قوى الإلتفاف وأذناب مافيات أوروبا وما وراء الأطلسيّ وفُلُول سُلُطات النّهب التي أُطيح جماهيريًّا برؤوسِها.

لَم تَستَطِع في المَقام الأوّل مجموعات واسعة من مُثقّفي وأشباه مُناضلي الثّورة المُضادّة فَهم ما حدث ويحدُث على السّاحة العربيّة فزَجُّوا بحَرَكات إجتماعيّة مُنظّمة ذاتِيًّا نجحت في جرّ كُلّ المُتذبذبين في أواخِر مراحل إنتفَاضاتِهَا في خانة التّلقائيّة والهامِشيّة والمُؤامَرة ورفَعُوا فزّاعات البدائِل الظّلاميّة والفراغ السّياسِيّ وعسكرة السّلطة وهشاشة الإقتصادِيّات وخُرَافَات أُخرى لَكِنّهُم تراجَعُوا تحت وطأة تقدّم مسار الجماهير التي تنَادَت مَيْدَانِيًّا من أجل مسألة جَوهَرِيّة هي:"تغيير جَوهر السّلطة السّياسيّة. حيثُ يتمّ نقلها لقوى دِيمُقراطيّة وَ وطنيّة تَهدِفُ تَوجِيه الدّولة في مرحلة أنتقالية محدودة زَمَنِيًّا، نحو التّحرّر الدّيمُقراطيّ والوَطنيّ والإنعِتاق الإجتماعيّ المنشود والذي دفعت فيه الجَماهير الثّائرة فواتير باهِضة من دِمائِهَا".لَقد قامت الأوسَاط التي إنخَرطت في آخر مراحِل الإطاحة بالسّلطات القائِمة في دَوّامات مفهُومِيّة مِحْوَرُهَا:"نِهَاية الثّورة برحيل رمز الطُّغْيَان" وسَوّقت في غالبيّتِهَا لإجراءات سُلُطات مَا بَعد رَحيل الطّغاة القُدَامَى الذين عَادُوا في أسْمَاء أُخرى بِهَدَف إجهاض أيّ مُكتسبٍ حقّقَهُ الشّعب في هَبّتِهِ، وأدْخَلُت مَعَارِك وَهميّة حَشدُت لها إعلاميًّا مُستفِيدِةً من دَعم وزارات الدّاخليّة التي لا تزال هَيَاكِلها فاعلةً ومن رصيدٍ سابقٍ في إثارة قضايَا لم تنجح في توجيه الرّأي العامّ عن أهدَافِهِ الثّوريّة ومَطالِبِه المَشرُوعة،كَمٍّ هائِلٍ من الشّائعَات والتّضليل وأقلام تسيلُ بلا حُدُود وتَشكيك حتّى في الشكّ نفسِه تَقُوم بها الأوساط الإنتهازيّة التي لم يَكُن من صالحها تغيير الأنظمة لكنّها أُجْبِرت على الإنخراط في الإتّحاد الشّعبيّ للإطاحة بالنّظام لمّا تيقّنَت من حتميّة إنتِصَار الجَماهير والغَرِيب أنّ بعض هذه الأوساط تتغلّف برايات حَمْراء للماركسيّة اللّينينيّة وهي منها بَرَاء،ومنهم من لم ترتفع هُتافاتُهُ يَوْمًا ولم يُوجّه سِلاح النّقد إلاّ للقِوى الثّوريّة التي تنادت بالإطاحة بأنظِمة الرّجعيّة والعَمَالة مُنذ نشأَتِهَا،بل ولقد إنخَرط عددٌ مِنهم في دَوّامة البيرُوقراطيّة وتقزيم مُنظّمات المُجتمع المدنيّ المُناضلة وعَادَوْا تحرّكات إجتماعيّة مَشرُوعة وكَانُوا أبواق دِعاية في ثَوبٍ مُغايِرٍ في الشّكل لسُلُطات الطّغيان المُطَاح برُمُوزِها ولَم يكُن يَومًا التّناقُض الرّئيسي يومًا لدَيهم بين سُلطة وشعب.بَكَى البعض من مُثقّفي الثّورة المُضادّة ومُشتقّاتِهِم وأشبَاهِهِم من مُناضلين دَرجة عاشرة الأنظمة المُطاح بِها في مَرثيّات تُندّد بتوسّع موجة الحِراك المطلبيّ بعد سُقُوط العُرُوش وبظُهُور تنظِيمات سياسيّة كانت إمّا محضُورة أو سِرّيّة ومنهم من عدّدَ مَحَاسِن الطّغاة حاصِرِينَها في مُعطَى الحَداثة دُون تَناول قضايا مِحْوَريّة ذات أولويّة قُصْوَى أهمّها التحرّر الدّيمُقراطيّ والوَطنيّ والإنعتاق الإجتماعيّ والعِلْمَانيّة التي لم يَتَدَاوَلُونَها إلاّ للتّحريض الأمنيّ ضدّ قِوى الإسلام السّياسيّ التي لا يُمكن تحجيمها إلاّ بالقَضَاء على شُرُوط تَوَاجُدها وربط ظُرُوف إنتشارها بمُعطى عِلميّ هو الصّراع الطّبقيّ إذ لا يتَناقضُ خِطاب العَولمة النّيُوليبراليّة الدّمويّة مع خطاب قوى الإسلام السّياسيّ بل ويَتكامَلاَن وأحَدُها سَنَدٌ للآخر ولا سبيل للتحرّر إلاّ بفضح العلاقة العُضويّة بينَهُما وإبرازهما كَمَا هُما فِعْلِيًّا:"الإسلام السّياسيّ يَدحر مُقاوَمة الشّعب لصالِح تركّز مَصَالح ليبراليّة مَافيَاويّة في الأقطار المُحرّرة من نَيْرِ الطّغيان" ولا مُوجِب للحَديث عن حداثة في عَواصِم أوروبا وواشنطن في ظِلّ سيطرة خِطَابٍ مَحكُومٍ بأوهام مُحرّكات للتّاريخ صدِئة مثل صِراع الحضارات وموت التّاريخ.

لقد سالت أقلام أشباه المُثقّفين ونِفَايَات المُناضلين للتّرويج فيمَا مضى لإصلاحيّة النّضال الدّيمُقراطيّ ومَحْدُودِيّة مَعارك حُقُوق الإنسان ولَعِب بعضهم أدوار المَطافئ لِحرائق وهزّات إجتِمَاعيّة ومنهممن عادى حتّى حِراك العَاطِلين عن العَمل ونَرَاهُم الآن يُشرّعُون لعلميّات نصبٍ وتَحيُّلٍ تَقُوم بها عصابات الحُكم في مَرحلة ما بعد رحيل الرّمُوز الأكثر كَثَافة للطّغيان وتَجَاوبهم مع مُبادَرات الإلتفاف التي أطلقتها بقايا مُبارك وبن عليّ مَثَلاً وحتى ترويجهم لإصلاحات جُرذ دِمَشق لا يُمكن أن يدخل إلاّ في خانة التّموقع الطّبقيّ الحقيقيّ لَهُم:"بُورجوازيّ صُغرى وَضيعة" تبحث عن كراسيّ أفرغتها جماهير الغضب المُوحّدة مِن مُحتلّيها ودفعت الدّماء من أجل مطلب التحرّر والكرامة فإذا بالبهائم يعُودُون لمَعدنهم وإذا بهيئات إصلاح يُؤثّثونها في تُونس ومجالس تنقيح دُستُور يملأونها في مصر ونوايا إصلاح لم تَعُد تروي دِماءًا رَوَت دِرعا وبانياس وإذا بمَعارك تُعلَن بهدف التّمويه عن حجم مُؤامرات هذه الأطراف على الثّورات التي لم تنتهي وليست إلاّ في مُنتصف الطّريق ومِثْلَمَا نجحت الجماهير في مَرحلةٍ أولى ستنجح في تعرية تلك المُخطّطات وإعادة تصويب مَسَارات ثوراتٍ تكتمل وترتسِمُ معَالِمَها غصْبًا عن النّفايات.  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس