الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في إنتظار النبي

نجاة زعيتر

2011 / 4 / 13
الادب والفن


هذا الصباح يبدو عنيدا كجدي خائف.الأشياء التي أعرفها لم أعد أعرفها ،تلك المعارف التي أجهدت نفسي في حفظها :المأثورات الجميلة،درر الأقوال التي تبدو أكثر من بديهية ،خالطها شك مريب."اليوم سلام و غدا..."كل المساحة صارت لهذه الوجوه النافرة و هذا الضجيج المتبوع بتأوهات متروكة في الغالب لبلادة محتملة.

ما زلت في مكان ما،أنتظر ولادة النبي.بقطعة نقد واحدة أشتري لي زمنا آخر،أحمل جريدة دون النطر إلى عنوانها،أختار لي مكانا في أقصى الحافلة و أقرأ من هذا التسلسل :قطة خنقت صاحبتها.

حمار إفترس راكبه و أكل أحشاءه!

دجاجة نقرت عين ديك!

الحيوانات الأليفة لم تعد أليفة!

أقلب الصفحة:شركة وطنية تسرح آلاف العمال.

مطلوب عاملة نظافة ذات مؤهلات جمالية.

الرجل الأول في البلاد يجهل مكان آلاف المفقودين في العشرية الحمراء؟

الجزائريون يكتشفون إسما جميلا لبناتهم"وئام"اليوم سلام و غدا ...،الكلمات المتقاطعة محاولة أخرى لملئ الفراغ.إمرأة عربية عرفت بحبها لله؟

مازالت بعض معارفي لم تضع.

تتبارى الأشياء حولي،لا ملامح للحظة القادمة،للزمن أيد و أرجل و حفنة تراب أنت تنتظر تشكيلها ،"المرأة تمرة "أمسحها و كلها تلك وصية والدك.للدموع في عينيك لغة جميلة مستحبة،تتكاثر،تتحاور،تجتمع لتتحد،فتستنسخ كائنا حيا ،واضح الملامح طيب القلب،بعينين جميلتين دامعتين،ربما كانت القلوب الطيبة خلاصة لعجينة من دمع ودم"ما في القلب في القلب." تمثال الدمع يدرك أنه جزء آخر مني لي مطلق الحق في التواصل مع صمته ،أقترب منه ،ألمس جبينه الندي أراه شفافا،واضح التقاطيع ينفع للزينة و التبجح،قد أضعه على إحدى الرفوف أو في إحدى الزوايا

اليوم سلام و غدا .ماذا عن هذا الغد؟

ماذا لو أنني أصبحت أنا و أنت و هذا الحب ثالثنا؟إحتمال عبث.

الحافلة تكتظ بالركاب،تتوقف،ينزل بعضهم و يصعد آخرون.

ماذا لو سخروا من حبنا؟

سنكون معا في كل الأزمنة.

ماذا لو أن الله لم يرد؟

الله رحيم بنا.

ماذا لو ولد النبي؟

الحافلة تتوقف عند الجسر،أذكر أنك تخاف إعتلاء الجسور لا تثق بها،تذكرك بقلوب النساء،هكذا كنت تقول.

يخطفني ضوء سحيق،يغطس بي أجدني بعيدة مبللة،تستدرجني الفكرة و يغيضني صرير الباب المفتوح،أحلم بإقتحام صمته و ضجيجه ،هناك قد يولد النبي.

أقلب الصفحة:شاب وسيم يرغب في الزواج من إمرأة لديها سكن و عمل ،لا يهم سنها و لا شكلها يفضلها بجنسية مزدوجة.

لا ملامح لكل الوجوه،أعود إلى صرير الباب المفتوح،أطل على تفاصيله الممتدة ،أتفتت ماءا و دموعا و أشياء أخوى كثيرة،أشكال متغطرسة،ناصعة البياض،يقترب مني أكبرها حجما،يسلمني للإحتجاج،يغمرني،يحملني بين ذراعيه،أراه ناصع الجبين،ممتلأ صحة و رجولة.

تعجبني اللعبة،أصير شفافة ،أندمج فيه،أتألق في أجزائه،أتقمصه أو يتقمصني ،لا أدري؟

ما في القلب في القلب.

أتعمد إصدار حركات مضحكة فلا من ينتبه لي،أفرح ثم أحزن ثم أضحك ثم أبكي.

أصرخ يا الله،أنادي عليه بأسمائه جميعا،أتضرع له أنسل خارج السياج،الجدار يصير بشكل دائرة،تضيق و تتسع،أصبح متفرجة لا حقد لا حزن و لا إحتجاج،تفارقني تلك العادات البشرية السخيفة،تغمرني راحة محببة.

يا الله أية جنة فتحت لي؟

المناظر المؤلمة التي توجع قلبي أراها و لا أراها.

ما في القلب في القلب،هل يعقل أن تنفرج كل إختلافاتي مع العالم في لحظة إندماج واحدة و مفرغة من كل ما بوسعه إغضابي؟؟

أين إختفت تلك الأسئلة المحيرة التي كثيرا ما عذبتني؟

عن العدالة و الحق؟

عن الإنسان و رسالته؟

عن الحب و الصدق؟

عن الموت و الحياة؟

كل ما حولي و مني و لي،خرجت مني أسئلتي و إنتهى الأمر.

ما في القلب في القلب.

صرت خارج ذاتي و قد أدخل الصف لاحقا فأرتاح،أما الآن فأنا بعض من هذا الفراغ،كائنا آخر و مسؤولة عن حماية هذا الكائن الجديد من التلوث مرة أخرى ربما أصير جديرة بلقاء النبي؟

إثني عشرة خانة،إمتلأت كل الفراغات،أقلب الصفحة لم تعد نشوة التقاطع في حرف واحد لعبة تستهويني.

اليوم سلام...

أتفقد كائني الطيب،صمته المالح يحميني من التلوث مرة أخرى ،أختفي فيه،أشعر أنني هو و أنه قد يصير أنا بعد لحظات فقط.

تملأني قوة عجيبة،أتخلص من كل ثقلي،أقف أفرض الهدوء على الركاب،ألزم الصغار بالوقوف للكبار و النساء خاصة،أمسك بعن السائق ،أذكره بأن أرواحا كثيرة إئتمنته على نفسها،و عليه أن يسوق بحذر،أسكت صوت الراديو المتبجح ،و أعود لأجلس في مكاني،صامتة مطمئنة.

هل حقا فعلا فعلت ما فعلت؟

لا أدري؟

تعال نحتكم لدموعك:إشتقت إليك

ما في القلب في القلب.

اليوم سلام و ...

و غدا يولد النبي عند الجسر الثامن

هل للمدينة جسر ثامن؟

النبي لا يخلف وعده،قلبه عجينة دمع و دم.

هل حقا فعلت ما فعلت؟

بدءا قلت تذبذبت كل معارفي.

ربما فقدت عقلي أيضا؟

محض صدفة أن أحبك.

الحياة فرصة لنا لم نغتنمها،قلتها هربا من شرك البوح،ما الفائدة إن أنا قلت لك الآن أحبك؟

أي معنى هذا الذي تقف به الكلمات على حافة جراح؟

الجرح يعرف السكين التي أوغرته و قد يحبها.

المرأة تمرة،تلك وصية والدك.

ليس لي وكن هذا الصباح سواك.

قد أدخل الصف لاحقا،لكن النبي قد يولد في كل حين.

الحزن لما يزل يعصر بقايانا،و ها نحن كبدل بعض من كل،نتبادل هدايا الغفران و الصبر.

النبي يولد طاهرا نقيا وسيما،و محفوفا بالخطر.

ما في القلب في القلب.

الآن أفهم لماذا تخاف إعتلاء الجسور و عشق النساء و حين تمر بسلام ،تكتفي بالإبتسام.

لا تنظر نحوي بعتاب،لست سوى رجل.

لماذا لا تقدر أن تكون سوى رجل،مجرد رجل؟

ما في القلب في القلب،تلك مقولتهم.

اليوم سلام و غدا...

لا كلام اليوم و لا غدا ،فالنبي قد يولد في كل حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إسرائيلي يعيد بناء أنفاق حماس تضامنا مع المحتجزين الإسر


.. صابر الرباعي: أتمنى المشاركة في عمل كوميدي مع أحمد حلمى أو ه




.. البلالين ملت الاستوديو?? أجمل أطفال الوسط الفني مع منى الشاذ


.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????




.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟